سطور من العمل الأدبي للأديب الصومالي الراحل محمود عبدالله عيسى (سَنغب)

توفي بمستشفى في مدينة أديس أبابا يوم الثلاثاء 18/يونيو –حزيران/ 2019م، الأديب الصومالي الشهير السيد محمود عبدالله عيسى (سنغب) بعد صراع مع السكري في الفترات الأخيرة من حياته، تغمّده الله بواسع مغفرته ورحمته.

وإنّه يجدر بنا الوقوف على محطات مهمة من السيرة الذاتية والأدبية للأديب الراحل، إذ نستعرض في السطور الآتية جزءا من سيرته الذاتية والأدبية:

مولده ونشأته:

ولد الأديب الصومالي محمود عبدالله عيسى (سنغب) ببادية مدينة طغحبور إحدى مدن مديرية جرر التّابعة لإقليم الصومال الغربي (أوغادينيا) في أواخر عام 1943م[1]. وكغيره من أقرانه آنذاك التحق محمود في صغره بمدارس تحفيظ القرآن الكريم التي تشتهر بها المناطق الصومالية، حيث لم يكن متوفّرا آنذاك التعليم الأكاديمي الحديث، مما جعله يمارس حياة أقرانه المتمثلة في محاولات تأليف الأشعار، وهذا ما كان يحاوله سنغب منذ الخامسة من عمره[2]

مسيرة حياته الأدبية والشعرية:

يمثّل الأدب دعامة أساسية في ثقافة الشعب الصومالي، حيث أنّه يمثل لبعض المجتمعات الصومالية أداة للتواصل ووسيلة للتعبير عن الرغبات والحاجات الأساسية، وقد اشتهر في الصومال أدباء وشعراء ساهموا في تنمية الأدب الصومالي وإثرائه بكلّ ما يخدم لصالحه، وفي الوقت نفسه جابهوا المحاولات التي تستهدف إلى القضاء عليه، ويمثل أديبنا محمود عبدالله عيسى (سنغب) أحد الدّعائم الرّئيسية لتنمية الأدب الصومالي وتنقيته وإثرائه بكلّ ما يحتاج إليه.

ظهرت ميول (سنغب) الأدبية منذ الخامسة من عمره كما أسلفنا، حيث ترعرع في محيط أسري مشهور بالأدب والشعر، فأبوه وأخواله وإخوته كانوا شعراء مرموقين في مجتمعهم، بل إن أحد أخواله ويدعى أفلو (Aflow) ، جاء في بعض أشعار الشاعر الصومالي الشهير سلطان تمعدي الّذي قال في إحدى أشعاره: (Mudanihii Aflow iyo sidii Muxumed maw sheeg) و(أفلوAflow) هذا هو شقيق لوالدة سنغب[3]، وبدأت تبرز ميوله الشعرية في ريعان شبابه يوما بعد يوم حتّى اشتهر في تلك المرحلة بالرقصات التقليدية المعروفة لدى الصوماليين بطانتو (Dhaanto) إذ أنه كان فارسها المغوار في ريعان شبابه مشتهرا بها[4].

في أوائل عام 1961م، أي بعد عام من استقلال الصومال، انتقل سنغب إلى مدينة هرغيسا، عاصمة الأقاليم الشمالية الغربية أو ما يسمى الآن بجمهورية أرض الصومال التي أعلنت انفصالها من الصومال من جانب واحد عام 1991م، حيث عمل هناك فترة قصيرة بصفة غير رسمية في إذاعة راديو هرغيسا  ثم انتقل في نفس السنة إلى مقديشو وانضم رسميا إلى موظفي راديو مقديشو[5].

وقد ساعد أدباء صوماليون آخرون الأديب سنغب ليكون نابغة زمانه، ومنهم عثمان آدم المعروف بعثمان عسكري الّذي درّبه على كتابة الروايات المسرحية التي اشتهر بها الأديب سنغب مؤخرا، كما أفاد بذلك الأديب سنغب نفسه[6].

 إنتاجاته الأدبية والفنية

يعتبر الأديب الصومالي الراحل محمود عبد الله  عيسى (سنغب) من أكثر الأدباء الصوماليين تأليفا وإنتاجا للأدب، وخاصة في مجال كتابة الروايات المسرحية.

وتشمل الإنتاجات الأدبية للأديب سنغب: الروايات المسرحية، الأغاني العاطفية والوطنية، الأشعار الحماسية، كما كان يقوم الأديب بأدوار تمثيلية، ويعتقد بعض الأدباء الصوماليين أنّ إنتاج سنغب الأدبي لم يكن منحصرا في المحيط الجغرافي للصوماليين فقط، بل تعدّت إنتاجاته الأدبية إلى القارة الأفريقية، يحذّرها من غدر المحتل وينبّهها إلى مكائد الاستعمار والتي تستهدف إلى محاربة أي تقدّم تحرزه الأفارقة في مجال حياتهم.

ومن تظاليله المستحبة في مسيرته الأدبية مايلي:

  1. مسرحية “ارحل عنّا= Naga Guur“: وهي عبارة عن رواية مسرحية تخاطب الاحتلال البريطاني الّذي كان يحتلّ آنذاك أجزاء من قارة أفريقيا.
  2. مسرحية ” اعتُقد لكنها لم تكن= Lamood Noqonseweyday“: كتبها في 1964م.
  3. مسرحية “الدنيا مسرحية ممثلوها الناس= Waa Maadays Aduunyada Dadkuna Way Matalayaan“:وتعدّ من أشهر رواياته المسرحية التي اشتهر بها.
  4. وهناك العديد من المسرحيات العاطفية التي ألفها أديبنا الراحل محمود عبدالله عيسى (سنغب)، منها:مقبرة الحب (Qabrigii Jeceylka) التي تم عرضها في 360 ليلة[7]، ذكرى الحب (Xuskii Jeceylka)، وحوت يبتلع الحبّ (Xuudbaa Liqay Jeceylka).
  5. لم يتوقف الإنتاج الأدبي للأديب حتى بعد سقوط الحكومة المركزية في الصومال حيث ألف مسرحية “قبيو= Qabyo” في سنوات التيه وهو في المهجر.
  6. ويعدّ فرقة وابري الغنائية من أعمال سنغب الأدبية حيث كان يدرّب الأجيال الناشئة على الفن، كما جاء في تقرير لإذاعة (في أو إي الصوماليةVOA) حول وفاة الأديب[8].
  7. كان يشغل حتّى لحظة وفاته منصب رئيس مجلس الشعراء الصوماليين الّذي يتّخذ من مقديشو مقرّه الرّئيس.

وفاته:

توفي الأديب محمود عبدالله عيسى (سنغب) بعد قضاء معظم عمره في خدمة الأدب الصومالي سواء في الدّاخل أو في الخارج، حيث كان الأديب ممن فرّوا خلال فترة الحرب إلى كينيا ثم إلى كندا فالولايات المتحدة الأمريكية، إلاّ أنّه عاد في السنوات الأخيرة من عمره إلى جيبوتي ثم إلى مقديشو مواصلا أعماله الأدبية لتنمية الأدب الصومالي وإثرائه، رغم معاناته لمرض السكّري الّذي هدّ جسمه وأضعف قواه.

سافر سنغب في أواخر شهر رمضان المبارك إلى البلاد المقدّسة لأداء مناسك العمرة، وبعد أدائه للعمرة استضافه رئيس الإقليم الصومالي التابع لإثيوبيا أو ما كان يعرف بالصومال الغربي (أوغادينيا) لتلقي العلاج حسبما أفادته وسائل إعلام محلية.

لكن، وفي يوم الثلاثاء 18/يونيو- حزيران/2019م، وافته المنية في مستشفى بأديس أبابا عن عمر 76 عاما، مطويا بذلك مسيرة حياة أدبية ثرية، غفر الله له وتغمّده بواسع رحمته. آمين، آمين، آمين.

[1]. https://www.bbc.com/somali/war-48677443

[2]http://www.hawraar.net/taariikh-nololeedka-abwaan-maxmuud-cabdilaahi-sangub/

[3]المصدر السابق

[4]. https://www.bbc.com/somali/war-48677443

[5]. https://www.bbc.com/somali/war-48677443

[6]. https://so.wikipedia.org/wiki/Maxmuud_Cabdilaahi_Ciise(Sangub)

[7]. الشاعر حرسي طوب نائب مجلس الشعراء الصوماليين في مداخلة له لتقرير VOAحول وفاة الأديب سنغب، https://www.voasomali.com/a/4963844.html

[8]. https://www.voasomali.com/a/4963844.html

زر الذهاب إلى الأعلى