النفوذ الاقتصادي للصوماليين في أوغندا

لتحميل الدراسة على صيغة pdf دراسة عن أوغندا

مقدمة

قدم أوائل المهاجرين الصوماليينإلى يوغندا خلال العهد الاستعماري في أفريقيا ، حيث وفد مهاجرون صوماليون إلى يوغندا منذ ذالك العهد ،ويشار إلى أنه كان هناك جنود صوماليون مع المستعمر البريطاني في يوغندا وعملوا تحت مظلته.

ويشير مجمود جامع عبدي ـــ مدير شركة جامع للصرافة المحدودة ـــ أن أوائل الصوماليين وفدوا إلى يوغندا خلال القرن التاسع عشر ، وكان هؤلاء هم الجيل الأول للصوماليين الذي وصلوا إلى يوغندا ، إلاأنه لم يكن هناك لهم تاثير كبير في مجال التجارة ، ويضيف إلى أن الجيل الثاني للصوماليين وفدوإلى يوغندا خلال القرن العشرين وكان من بين هؤلاء جده المسمى ( حسين عبدي مومن ) الذي جاء إلى يوغندا عام 1956م أي قبل الاستقلال الصومالي عن المستعمر ، ويرى محمود جامع أن هذا الجيل نجح في تأسيس لبنة قوية للمجتمع الصومالي، وساهم في بدء التجارة الصومالية ورواجها ، حيث أسس بعض التجار الصوماليين مجال المواصلات والنقل ثم أنشئوا الفنادق والمطاعم ثم الحوالات والصرافات والنفطإلى أن تطورت التجارة الصومالية بأنواعها المختلفة ، ويشير عبدي أن الجيل الثالث من الصوماليين وصل خلال العقود الخمسة الأخيرة ، وساهم هذا الجيل الأخير في تطوير التجارة الصومالية وتوصيلها إلى ما وصلت إليه الآن من قوة وتأثير ونفوذ قوي في يوغندا.

وتمكن الصوماليون من تأسيس مراكز إسلامية وتعليمية للجالية الصومالية في يوغندا، وكان مركز التوحيد الاسلامي من أهم المراكز التي سعت إلى نشر الدين الإسلامي وكان المجلس الكبير الذي يجتمع فيه التجار والمواطنون الصوماليون ، ولعب هذا المركز دورا كبيرا في ارساء دعائم وتقوية الراوبط الأخوية وجعله القلب النابض للامة الصومالية والإسلامية في يوغندا.

ومنذ ذالك الحين،أصبح للصوماليين دور كبير في التجارة والاقتصاد اليوغندي، حتى أنهم شاركوا في بعض المراكز المهمة في المجتمع اليوغندي ، ومن أمثلة هؤلاء أن التاجر الصومالي عمر حاج أحمد هو الآن وزير المالية في مملكة مانغوا التي تحتوي العاصمة اليوغندية كمبالا ، وهي لقبيلة البوغنداي الذني يسكنون في العاصمة كمبالا والمناطق القريبة لها .

وبعد انهيار الحكومة المركزية الصومالية وهجرة التجار الصوماليين إلى جميع أقطار العالم خاصة أفريقيا ، كانت يوغندا من أهم المحطات والدول التي نزح إليها الصوماليون بما فيهم التجار الصوماليون الذي استأنفوا تجارتهم من جديد هنا في يوغندا ، وتحولوامن نازحين إلى تجار لهم تأثيرهم ونفوذهم القوي في الاقتصاد اليوغندي.

لذا أصبح للصوماليين شأن كبير في الاقتصاد والتجارة عموما ، وسنحاول في هذه الدراسة معرفة خبايا الدور والنفوذ الاقتصادي للصوماليين في يوغندا ، وسنتناول المجالات التي يسيطر عليها الصوماليون في مجال التجارة ، وأسباب نجاح التجارة الصومالية ، والعقبات التي تواجه التجارة الصومالية في يوغندا.

وسيكون ذالك كالتالي:

اولا:  القطاعات التي يسيطر عليها الصوماليون في مجال التجارة

سنتناول فيما يلي أهم القطاعات التجارية التي يسيطر عليها الصوماليون ولهم تأثير واضح عليها، وسنوردها فيما يلي:

  1. مجال الصرافة والحوالات

يعد مجال الصرافة والحوالات من المجالات التي اشتهر الصوماليون بها عموما ، حيث برع الصوماليون فيها وأصبحت من المجالات التي حققوا فيها نجاحا باهرا.

إذأنه بعد سقوط الحكومة المركزية الصومالية ، سقطت معها جميع المؤسسات الحكومية بما فيها المؤسسات المالية وخاصة البنك المركزي حيث لم يعد له أي وجود بعد سقوط الحكومة المركزية ، لذالك سعى الصوماليون إلى إيجاد حلول أخرى لتفادي وتجاوز هذه المشكلة.

ومن هنا جاءت فكرة تأسيس الحوالات والصرافات الصومالية التي تبوأت منزلة البنك، واستطاع الصوماليون أن يفتحوا مكاتب لهذه الحوالات في معظم أقطار العالم سواء  في اوروبا وامريكا واستراليا وآسيا وافريقيا ، واستطاعوا من خلال هذه الحوالات أن يجذبوا انتباه الامم الأخرى غير الصومالية ، حيث وجدت شعوب هذه الدولة ضالتهم في الحوالات الصومالية التي تتسم بالسرعة والأمانة وبوصولها الى جميع أقطار دول شرق افريقيا خاصة.

ويعد الكينيون ، الاثيوبيون ، والارتيريون، وشعب جنوب السودان من أكثر المستخدمين لهذه الحوالات الصومالية ، حيث أن بإمكانهم أن يرسلوا أموالهم عبر هذه الحوالات إلى بلدانهم التي يوجد لمعظمها فروع في جميع ولايات هذه البلدان.

وفي يوغندا يعتبر مجال الصرافة والحوالات من المجالات التي يسيطر عليها الصوماليون، والتي أثروا من خلالها على الاقتصاد اليوغندي.

وفي مقابلة مع الاستاذ شافي آدم ورس ــــ مسؤول في شركة كاه للحوالة(hak) يرى أن هذه الحوالات تدر دخلا كبيرا على يوغندا من خلال عمليات الإرسال والتسليم لمئات الآلاف من الدولارات التي تستخدمها هذه الحوالات ، وتدر هذه الاموال النفع العام على يوغندا عموما حيث تستخدم هذه الاموال في يوغندا ، وتستفيد الحكومة اليوغندية من خلال الضرائب التي تفرضها على هذه الحوالات .

واشار الاستاذ شافي أنه مما سهل لهذه الحوالات أن تتصرف بهذا الشكل القوي هو سهولة التعامل اليوغندي مع الصوماليين، والتسهيل لهم بمزاولة هذه المهنة دون قيود وشروط عقيمة ومضرة لمصالح هذه الحوالات ، حيث أنه يمكن لهذه الحوالات أن تحصل على التصريح والترخيص اذا التزمت بما يتطلبه القانون اليوغندي.

ويوجد في يوغندا ـــ حاليا ـــ حوالي 15 حوالة صومالية تقوم بأنشطتها بالطرق المشروعة، ولهذه الحوالات جمعية عامة يتمكن من خلالها أصحاب هذه الحوالات مناقشة القضايا التي تخصهم .

وتتسم هذه الحوالات بسرعة ارسالها للاموال المطلوبة إرسالها وإيصالها إلى المكان المحدد الذي يراد أن تصل إليه ، وذالك لأن معظم هذه الحوالات لها فروع ـــ كما اشرنا ــــ الى الأماكن المراد أن تصل إليها هذه الأموال.

الا أنه ورغم ذالك، يرى عمر شيخ علي ـــ وكيل شركة تاج للحوالة (jaT)أن هناك بعض العقبات والتحديات التي تواجه الحوالات والصرافات الصومالية ، ومن أهم هذه العقبات التنافس الحاد بين الصوماليين والهنود في هذا المجال وخاصة في مجال الصرافة التي يتحكم فيها الهنود بالسوق ، ومما يساعد الهنود في هذا المجال هي قوة اتحادهم والخبرة والدراية التي يتمتعون بها أكثر من الصوماليين ، وقربهم للحكومة اليوغندية ، نظرا لأن للهنود تأثير واضح وكبير على السياسة والاقتصاد اليوغندي ، وأن لهم ممثلين في البرلمان اليوغندي وبعض من دوائر الحكومة بينما لا يتمتع الصوماليون بهذه الخاصية ، ومما يواجه الصوماليين أيضا هي ضعف ترابطهم والتنافس بين بعض التجار خاصة بعض إدارات هذه الحوالات .

إلا أنه وبالرغم من هذه الصعوبات والتحديات يعد مجال الصرافة والحوالات أحد المجالات المهمة لدى التجار الصوماليين والتي يسيطرون عليها في معظم الأماكن التي افتتحوا فيها هذه الحوالات ومنها يوغندا.

  1. مجال النفط

مجال النفط من أهم المجالات التجارية التي تعمق فيه الصوماليون وساهموا فيها بقوة واستثمروا فيها بأموال طائلة ، حتى أصبح من أهم المجالات التي أثر فيها الصوماليون بوضوح على الاقتصاد اليوغندي.

ويرى الاستاذ عبدي خدر علي طوح ـــ الخبير في شركات النفط الصومالية ــــ أن الشركات الصومالية تستورد النفط بجميع أنواعه سواء كان البترول او الغاز الطبيعي أو نفط الطيران الجوي ، وتعد شركة هاس (ssaH)من أهم الشركات المستوردة للنفط بالاضافة الى شركات عين شمس (smahs nyA) وسيتي اويل)(lio ytiC) والومبك (cipmylO)وحريد (deraH)شري(erihS) الصومالية ، حيث أن لهذه الشركات فروع في جميع الولايات اليوغندية تستثمر فيها بمجال النفط وتبيعه للمجتمع وللشركات والافراد.

ويضيف علي طوح بأن هناك المئات من الشباب الصوماليين والذي يعملون في هذه الشركات الضخمة ، حيث تمكن لهم هذه الشركات من الحصول على فرص عمل ، بالاضافة الى العاملين اليوغندين الذين يعملون في هذه الشركات ، ويشدد على طوح علىأن الشركات النفطية الصومالية تتسم بسياسية الترحيب ورعاية بالعمال والرفق لهم وتحسين معاملتهم وتامين أمورهم الصحية ومساعدتهم بأفضل طريقة ممكنة.

وتستفيد هذه الشركات من خلال الاستثمار في مجال النفط بأرباح طائله ، وهو من أهم المجالات التي جنى الصوماليون منها أموالا وتقدموا فيها حتى أصبحوا من الرواد في هذا المجال.

ويوصل الصوماليون النفط إلى كل من جنوب السودان ورواندا والكونغوا وبروندي وزامبيا.

ورغم ان للصوماليين باع كبير في مجال النفط إلا انه يوجد منافسة حادة في المجال بين الصوماليين وبعض الشركات الاخرى مثال شركات شيل (lehs) و توتل(lotat) العالمية والتي تتميز عن الشركات الصومالية بأنها شركات عالمية ليست محصورة في يوغندا أو أفريقيا فقط بل هي شركات عالمية لها نظامها الخاص وتعاقداتها مع الشركات الأخرى، الا أنه ما يجذب انتباه المشترين والزبائن إلى الشركات النفطية الصومالية هي الأمانة التي تتصف بها الشركات والتعامل الطيب الذي يتلقونه من إدارة هذه الشركات.

وتستفيد الحكومة اليوغندية من خلال الضرائب المفروضة على هذه الشركات ، حيثأن هناك ضريبة مفروضة على كل شخص عامل في هذه الشركاتإضافة الى الضريبة العامة على الشركة مما يساهم في أن تدر أموال طائلة في ميزانية الحكومة اليوغندية.

  1. مجال المواصلات و النقل

هذا المجال هو إحدى المجالات التي برع فيها الصوماليون ، حيث أسسوا مكاتب ووكالات لسيارات المواصلات والنقل وكانوا الأوائل في إانشاء هذه الوكالات في إفريقيا عموما وفي يوغندا خصوصا .

ويشير عبدالغني يونس طاهر ـــ عامل في احدى الشركات الصومالية في يوغندا ــــ ان بعضا من التجار الصوماليين اسسوا وكالات لنقل المسافرين والأشخاص المتجولين في دول شرق افريقيا حيث أن للصوماليين مكاتب للمواصلات في كل من كينيا ويوغندا وجنوب السودان ، ويضيف أن أهم هذه الوكالات وكالات (yaw etag) (sub nworc).

ولا يقتصر دور هذه الوكالات على نقل الأشخاص ، بل تتعداه الى الشحن وإدخال البضائع التي يحتاجها التجار الصوماليون داخل يوغندا او التي يصدورنها الى الدول المجاورة ليوغندا، حيث أن لهذه الوكالات سيارات وعربات ضخمة مخصصة من أجل نقل البضائع من كينيا إلى يوغندا وإلى البلدان الإفريقية الأخرى.

وتستفيد هذه الوكالات أموالا طائله خلال هذه العمليات التي تقوم بها من خلال نقل الأشخاص والمسافرين ومن خلال نقل البضائع إلى داخل يوغندا وإلى خارجها.

وتستفيد يوغندا من خلال الضرائب التي تفرضها على هذه الوكالات حيث تدر بالنفع العام على الدخل العام في يوغندا وتساهم في حصول الحكومة على أموال طائلة من هذه الضرائب.

  1. بعض المجالات الأخرى

ولا تقتصر التجارة الصومالية في يوغندا بهذه المجالات السابقة التي تناولناها فيما مضى، بل تتعداهاإلى ما هو أكثر من ذالك ، حيث بامكاننا أن نقول أنه قلما يوجد مجال من مجالات التجارة في يوغندا لم يشارك الصوماليون فيها .

لذالك يوجد أصناف أخرى من التجارة التي يتاجر بها الصوماليون ، ومن هذه الأصناف من التجارة استيراد وشراء البضائع  حيث أنه يوجد محلات كبيرة ومتوسطة للصوماليين في يوغندا يبيعون فيها هذه البضائع سواء كانت مأكولات أو مشروبات او ملبوسات ، ويجد هذا المجال اقبالا كبيرا لدى الشباب الصومالي والذي لم يبلغوا بعد درجة التاجر الغني، حيث أن معظم الشباب الصوماليين المتواجدين في المدن اليوغنداية يسعون الى تاسيس دكاكين ومحلات تجارية يبيعون فيها ما يمتلكون من البضائع ، ويتمتع هذا المجال بإقبال كبير حيث يتوافد إليه الكثير من المواطنين اليوغنديين والذين يجدون ما يجتاجون إليه في هذه الدكاكين والمحلات.

ويضيف الشيخ حسين محمود جمعالي ـــ تاجر صومالي في كمبالا ــــ أن بعض التجار الصوماليين يعملون في مجال استيراد البضائع وإرسالها إلى الدول المجاورة ليوغندا مثل جنوب السودان ، ومن البضائع التي ينقلونها إلى جنوب السودان السكر والزيت والارز والصابون حيث يبيع الصوماليون هذه البضائع في مدن جنوب السودان ، ويعتبر الصوماليون بارعين في هذا المجال ويساعدون شعب جنوب السودان على الحصول على البضائع التي يحتاجونها.

ومن هذه الاصناف أيضا المطاعم الصومالية التي توفر معظم أصناف الطعام المعروفة لدى اليوغنديين والصوماليين ، بالاضافة إلى الفنادق الصومالية في يوغندا ، حيث أن لها سوقا ورواجا كبيرا هنا في يوغندا.

ويشير عبد الغني يونس طاهر  أن الفنادق الصومالية لدىيها شعبية كبيرة وسمعة طيبة داخل يوغندا ، لأن المواطنين والنزلاء يعتبرون هذه الفنادق أماكان آمنة ومحصنة من عمليات الاحتيال والخيانة التي قد يتعرض لها بعض النزلاء في بعض الفنادق الأخرى في يوغندا ، حيث يتسم الصوماليون بالأمانة ويتحلون بها ويكرمون الزبائن والضيوف وبذل كل الجهود لتكريمهم وتشريفهم والحرص على أمانة امتعتهم وممتلكاتهم خلال سكنهم في الفنادق الصومالية.

ثانيا: اسباب نجاح التجارة الصومالية في يوغندا

وبعد ان سردنا النجاح الباهر الذي حققه الصوماليون في المجالات التي تناولناها بالتفصيل فيما سبق ، سنشير فيما يأتي الاسباب التي أدت الى نجاح التجارة الصومالية والعوامل التي ساعدتها على ذلك ، وسيكون ذالك كالتالي:

  1. سهولة دخول الصوماليين ليوغندا

يعد يوغندا ـــ كما اشرنا سابقا ــــ من أهم الدول التي رحبت بالشعب الصومالي بعد انهيار حكومته المركزية ، حيث أن دخول يوغندا ليست بالشكل العسير للصوماليين عموما ، حيث تسمح يوغندا لحامل الجواز الصومالي بالحصول على التأشيرة اليوغندية، بينما تمتنع دول أخرى بالمنطقة من أجل إعطاء حامل الجواز الصومالي بتأشيرتها أو تقرر لمن يطلب التأشيرة بالمرور بإجراءات صعبة، وفي بعض البلدان بإنفاق رشوة من أجل الحصول على التأشيرة.

أيضا من المهم تناوله هنا أن الحكومة اليوغندية تسهل للصوماليين الحصول على ورقة اللجوء ، حيث أن الحصول عليها سهل الوصول إليه ، ولم تقيد الحكومة اليوغندية بالحاصل على ورقة اللجوء بأن يتواجد في المناطق المخصوصة للاجئين بل اتاحت له حرية العيش في جميع مناطق يوغندا، وأتاحت له حرية العمل والاستثمار بالبلد.

لذالك استفاد الصوماليون من هذه الخاصية ، وحولوا جزءا كبيرا من رؤوس أموالهم الى يوغندا، ونجحوا في تأسيس شركات، وقاموا باعمال تجارية ناجحة داخل يوغندا .

وقد رجع كثير من التجار الصوماليين المغتربين في الدول الأوربية أو أمريكا إلى يوغندا من أجل الاستفادة من هذه الوضعية المميزة  والتعامل الطيب الذي يلقاه الصوماليون من الحكومة اليوغندية ، لذالك حولوا كثيرا من أسهمهم إلى يوغندا ودخلوا في المشاريع والمجالات التي ذكرناها سابقا.

ويضيف الكاتب والأكاديمي الصومالي عبدالفتاح شيخ محمد محمد ( مثقف) أن بعض التجار الصوماليين في كينيا حولوا جزءا كبيرا من رؤوس أموالهم إلى يوغندا بعد تدهور الأوضاع الأمنية في كينيا وبعد استهداف التجارة الصومالية في كينيا من مضايقات للتجار وإغلاق للحولاات والصرافات الصومالية،وذالك بعد حدوث عمليتي ويست غايت والهجوم على جامعة غاريسا التي راح ضحيتها العشرات ، لذا تحول بعض هؤلاء التجار إلى يوغندا والتي وجدوا فيها بابا متسعا لتجارتهم.

ويشير عبدالفتاح أن طبيعة المجتمع اليوغندي وحسن تعامله مع التجار والمواطنين الصوماليين المقيمين في يوغندا لعب دورا كبيرا في إثراء التجارة الصومالية في يوغندا وتمكنها من الوصول إلى ما وصلت إليه اليوم ، حيث أن اليوغنديين لا يميزون الصوماليين ولايضايقونهم في تجارتهم وإنما بالعكس يرجبونهم ويكنون لهم احتراما ، وقد وجد الكثير من اليوغنديين فرص عمل من الشركات الصومالية التي فتحت أبوابها للعمالة اليوغندية.

  1. الامانة لدى التاجر الصومالي

من أهم الصفات التي يتميز بها الشخص الصومالي عموما هي صفة الأمانة ، حيث أنه قلما يوجد صفة الخيانة والتحايل لدى الشخص الصومالي ، وقد شهدت الأمم الأخرى للصوماليين هذه الخاصية ، حيث أنهم رأو التعامل الطيب والأمانة التي يتحلى بها الصوماليون.

ومن أهم صفات التاجر المسلم الناجح صفة الأمانة لذالك نجح الصوماليون في استقطاب الشعوب وقبول هذه الشعوب للتجار الصوماليين والسماح لهم بمزاولة مهنة التجارة بالطريقة الصحيحة والقيمة والتعامل معهم بطريقة شفافة ونزيهة ومحترمة.

  1. النشاط وسرعة التواصل مع الشعوب الاخرى

يعد الشعب الصومالي من الشعوب النشطة والمخترعة ، حيث يتميز هذا الشعب منذ القدم بعلاقاته القوية مع العالم الخارجي ومسايرة الواقع والأحداث الجارية بدءا من العلاقات بين الصوماليين والدولة العباسية والعثمانية والدول الأوربية.

وبما أن الصوماليين شعب كثير التنقل والحركة لا يلبثون في أماكن معينة حيث يتواجدون في جميع اقطار العالم ، لذا يحاول الشخص الصومالي أن يخترع ويبدع وخاصة في مجال التجارة.

حيث حقق الصوماليون في هذا المجال نجاحا باهرا كما أشرنا ، وأحدثوا مشاريع تجارية ضخمة للشعوب التي وصلوا اليها وخاصة شعوب المنطقة الافريقية بالذات شعوب شرق افريقيا ، حيث استثمروا في مجالات عدة ومكنوا لبعض من هذه الشعوب تعليمهم كيفية التجارة وأصبحوا الشعلة الحقيقية لهذه الشعوب.

  1. التكافل والصدقات

يعتبر الشعب الصومالي من الدول القليلية التي تكون فيها نسبة الاسلام 100% ، حيث أن الصومال بلد جميع ابنائه مسلمون ، ولا توجد أقلية تنتمي إالى أي دين يمكن لها أن تصل الى نسبة معلومة.

لذالك دأب الصوماليون منذ الصغر على الأخلاق الإسلامية القيمة والنبيلة ، ويعد الشعب الصومالي من الشعوب الملتزمة بالدين الاسلامي .

لذا يعتبر قضية التكافل بين الصوماليين من أهم القضايا والمميزات التي تميز الصوماليين بها، ويسعى الصومالي دائما الى كفالة أخوته وأاقربائه، حيث أن التاجر الصومالي يسعى إلى تشغيل الاقرباء والعاطلين عن العمل حتى يتمكنوا من الحصول على تجارتهم الشخصية.

وأتت فكرة الحوالة الصومالية أصلا من خلال أان الصوماليين الذين فروا من الحروب الأهلية الصومالية إلى بلدان العالم ، بعد أن تمكنوا من الدخول إلى هذه البلدان والعمل فيها ، أراد كل منهم أن يرسل بعض المال لأقربائه في البلد، لذالك روجت هذه الحوالات وأصبحت لها فروع في جميع المناطق الصومالية ، وتكافل فيها الصوماليون بالطريقة المثلى.

ويعدّ مجال الصدقات من أهم المجالات التي يحبها الصوماليون ، حيث أن الصوماليين يذمون البخيل الذي لا يحب أن ينفق من ماله ، لذا يحرص التاجر الصومالي على النفقات العامة والصدقات في سبيل الله ،

وبما انني اعيش في يوغندا ـــــــ حالياــــــ فانه للجالية الصومالية مسجد يسمى مسجد التوحيد وعقب دبر كل صلاة يقوم الإمام ويعلن عن وجود فقير أو مسكين في البلد يحتاج الى المساعدة ،فترى الصوماليين والتجار الصوماليين يتسابقون من أجل مساعدة هؤلاء المساكين ، وينفق الصوماليون على المراكز الدعوية الإسلامية في يوغندا ويبنون المساجد لإيمانهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم.

ثالثا: العقبات امام التجارة الصومالية في يوغندا

بما اننا اشرنا النجاح للتجارة الصومالية في يوغندا ، فانه ايضا يوجد هناك تحديات وصعوبات ومعوقات واجهت التجار الصوماليين خلال مسيرتهم التجارية ، وسنتناول فيما يلي بعضاً من هذه العقبات :

  1. ضعف الخبرة لدى التجار الصوماليين

تعدّ هذه الإشكالية من الإشكاليات الرئيسية التي تواجه التجار الصوماليينعموما بما فيهم التجار الصوماليين في يوغندا خلال مزاولتهم لمهنة التجارة .

حيث أن معظم التجار الصوماليين لا يتمتعون بخاصية الخبرة والدراية الكافية والمطلوبة للتجارة ، والكثير منهم لم يحصلوا على التعليم الكافي .

وبما أنه يوصف بالصوماليين بأن معظمهم من أهل البدو والريف وأنهم لا يتمتعون بالتعليم الكافي ، فإن التجار الصوماليين الذي زاولوا مهنة التجارة لم يكونوا على دراية كافية بهذه التجارة ، حيث تعرض الكثير منهم لعمليات الاحتيال والخيانة من قبل شعوب دول أخرى ، لان التجارة الحالية تستلزم الكثير من الحداثة والدارية في مجال الحوسبة والتكنولوجيا.

وقد شهد كثير من التجار الصوماليين حالات الإفلاس نتيجة دخولهم بالتجارة بطريقة حسن النية وحبهم لها دون معرفة كثير من خباياها.

إلا أنه ومن الملاحظ في الآونة الاخيرة أن هناك مثقفون صوماليون ساهموا وشاركوا في إثراء وتحديث التجارة الصومالية في هذه البلدان التي تفوق الصوماليون فيها بالتجارة، وساهمت خبرتهم ودرايتهم لعلم التجارة في انجاح التجارة الصومالية في هذه البلدان ومنها يوغندا، التي يتواجد فيها حاليا المئات من المثقفين والمدراء الصوماليين لهذه الشركات التي يملكها الصوماليون ، رغم أن هذه المحاولات لم تصل بعد إلى السقف والطموح العالي للتجار الصوماليين.

  1. عدم وجود تنسيق بين التجار الصوماليين

ساهمت الاوضاع السياسية الصومالية الضعيفة والمبنية على القبلية والتعصبية الى تأثر التجار الصوماليين بها ، فكما ان الصوماليين لم يتمكنوا بعد من اعادة الامن والاستقرار لبلدهم والتوحد من اجل صومال موحد ومستقر ، فشل التجار الصوماليون في تقوية روابط الاخوة والتعاون الحقيقي بينهم .

فترى الكثير من المنازعات والاختلاف بين التجار الصوماليين في المنطقة عموما بما فيها يوغندا ، فإلى الآن لا يوجد جمعية عامة توحد التجار والتجارة الصومالية في يوغندا تقوم من اجل المصالح الصومالية ومن اجل مصالح هؤلاء التجار وحماية تجارتهم ، والتاثير على السياسية الاقتصادية في يوغندا نظرا لضخامة التجارة الصومالية في يوغندا.

وقد حاول بعض التجار الصوماليين تأسيس جالية أو جمعية للتجار الصوماليين في يوغندا الا ان هذه المحاولات باءات بالفشل نظرا للاحتكاكات والاختلافات بين التجار انفسهم.

3. التنافس غير المحمود بين التجار الصوماليين وتشابه مجالات الاستثمار

يعد مبدأ التنافس الشريف أهم المبادئ الاقتصادية في علم التجارة ، حيث أن التنافس الشريف بين التجار يجلب المنفعة العامة للتجار أنفسهم وللشعب وللتجارة نفسها.

إلا أن الشيء الملاحظ أن بعض التجار الصوماليين فهموا عكس ذالك ، وباتوا يمارسون التنافس غير المحمود في التجارة ، حيث يضع بعض التجار العراقيل لبعض التجار الصوماليين من أجل ألا تنجح تجارتهم وأن يتعرضوا للخسارة بأي ثمن كان.

وقد أدت بعض هذه الحالات إلى تنافر بين التجار الصوماليين وكره البعض لبعضهم الآخر .

ويسعى بعض التجار الصوماليين الاحتكار على السوق بالدول التي وفدوا إليها لذا يسعونإلى عدم حصول أي تاجر أو شركة صومالية أخرى على رخصة العمل ويضعون العراقيل لها حتى يتم افشال هذه الشركات .

ومن الأشياء المعابة على التجار الصوماليين ما يسمى بـ( تشابه مجالات الاستثمار)حيثأن التاجر الصومالي لما يرى أن اخاه التاجر نجح في مجال معين يسعى إلى تقليده والعمل على تقليل ربحه ، فلا يسعى إلى أن يأتي بما يحتاجه السوق بل يسعى إلى إفلاس اخيه والعمل على نفس ما يعمله مما يؤدي إلى خسارة الاثنين وعدم ربحهما بالطريقة المطلوبة.

  1. الضرائب العالية

من الصعوبات التي تواجه التجارة الصومالية في يوغندا الضرائب العالية المفروضة على التجارة والشركات الصومالية في يوغندا.

حيث يرى الكاتب والأكاديمي الصومالي عبدالفتاح شيخ محمد محمد (مثقف) أن الحكومة اليوغندية تفرض على التجارة الصومالية في يوغندا ضرائب عالية ، نظرا لأن يوغندا لاتتمتع بالموانئ البحرية لذا تضطر إلى الإستيراد من الموانئ الكينية ، ويعد ميناء ممباسا أهم ميناء تستورد من خلاله يوغندا، وكذالك التجار الصوماليين الذي يستوردون تجارتهم من الموانئ الكينية،  لذا تفرض الحكومة اليوغندية ضرائب مرتفعة على التجارة الصومالية المستورة من كينيا مما يؤثر سلبا على التجارة الصومالية وخاصة التجار الصوماليين أصحاب الدخل المحدود أو أصحاب رؤوس الاموال القليلية ، ومما ينعكس سلبا على نسبة الفائدة التي يتحصل عليها التجار الصوماليون.

خلاصة الدراسة:

وفي ختام الدراسة يمكن لنا أن نستنتج من هذه الدراسة:

  1. أن التجارة الصومالية في يوغنداتطورت وحققت نجاحات باهرة ، وأصبح للتجار الصوماليين نفوذ كبير في الإقتصاد اليوغندي.
  2. أن التعامل اليوغندي الطيب مع الصوماليين وفتح باب التجارة أمامهم ساهم في نجاح التجارة الصومالية في يوغندا بالإضافة إلى القيم الأخلاقية الإسلامية النبيلة التي تعامل بها الصوماليون مع الشعب اليوغندي وسرعة ونشاط الصوماليين ونجاحهم في الترويج لتجارتهم في يوغندا.
  3. شارك الصوماليون في معظم المجالات التجارية وحققوا فيها نجاحا ملحوظا ، وأصحبوا روادا في معظم هذه المجالات سواء كانت في مجال الصرافات والحوالات أو مجال النفط والبترول ومجال المواصلات والنقل واستيراد البضائع إلى غير ذلك من المجالات التي تضمنتها الدراسة.
  4. التجارة الصومالية في يوغندا تواجه الكثير من المشاكل والصعوبات ، حيث أصبحت الخبرة الاقتصادية الضئيلة عند الصوماليين عائقا أمام التجارة الصومالية في يوغندا بالاضافة إلى التنافس الشرس بينهم وبين التجار الهنود والذين لهم باع طويل في التجارة وكانوا أقدم من الصوماليين في دخولهم إلى يوغندا.
  5. ساهمت الأوضاع السياسية الراهنة في الصومال إلى تاثر التجار الصوماليين بها ، فاصبح التفرق وعدم وجود تنسيق قوي بينهم من أهم الصعوبات التي واجهتهم في يوغندا.

عبدالله عبدالقادر آدم

كاتب وباحث صومالي، خريج كلية الشريعة والقانون بجامعة افريقيا العالمية، حاصل على درجة الماجستير في القانون من جامعة الزعيم الازهري
زر الذهاب إلى الأعلى