مظاهر احتفال العيد في المجتمع الصومالي

العيدان من المناسبات الدينية المهمة لدى المسلمين، وكل واحد من العيدين يأتي بعد أداء ركن من أركان الإسلام، فعيد الفطر المبارك يأتي عقب أداء فريضة الصيام، بينما عيد الأضحي يأتي عقب أداء فريضة الحج، وهما بمثابة الشكر على نعم الله وآلائه، لأن النعمة تستوجب شكر المنعم، {…ولتكبروا االله على ماهداكم ولعلكم تشكرون} [الآية 185من سورة البقرة] وهذا في عيد الفطر ، {كذلك سخَّرها لكم لتكبِّرُوا الله على ما هداكم} [الآية 37 من سورة الحج] وهذا في عيد الأضحى.

ولعل أبرز مايميز العيد عند المجتمع الصومالي كونه مجتمعا مسلما 100%، وهذه ميزة لايشارك الشعب الصومالي غيره من الدول الإسلامية الإفريقية إلا ليبيا،فحب الأعياد الدينية ومظاهرها الاحتفالية متأصلة فى نفوس الصوماليين وموغلة فى القدم يعود تاريخها منذ وصول طلائع المهاجريين الأوائل الى أرض الحبشة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة المنورة قبل 1435 عاما.

ومن مظاهر العيد عند المجتمع الصومالي مايلي:

1- الاستعداد للعيد:

قبل أيام حلول العيد، يأخذ الاستعداد أشكالا متعددة منها ما يكون قبل العيد بأيام مثل:

أ) شراء الأضاحي وخاصة فى هذا العيد أي عيد الأضحي المبارك، فأسواق المواشي مشغولة جدا في هذه الأيام ومزدحمة براغبي شراء الأضاحي، ولهذا السبب يشهد السوق نشاطا ملحوظا مما يؤدى إلى تحسن وضع السوق وتعافيه من الركود الإقتصادي.

ب) شراء الملابس، يقوم الناس بشراء ملابس العيد لإطفالهم لمناسبة العيد،إضافة إلى ألعاب الأطفال، وهي من المظاهر التي انتشرت فى البلاد مؤخرا، وتتعدد أنواع الألعاب منها ألعاب نارية قد تسبب أضرار ا للأطفال، وأخرى بلاستيكية، وتضيف هذه الألعاب مبهجا لمظاهر العيد عند الأطفال.

ج)إعداد الحلوى والبسكويت والكعك،و بعض هذه الحلويات يصنعها الأمهات والفتيات فى المنازل، وخاصة فى الأحياء القديمة فى العاصمة الصومالية مقديشو وبعض المدن الساحلية مثل”مركا”حاضرة إقليم شبيلى السفلى ومدنية”براوى” التي تقع على المحيط الهندي على بعد 200كم جنوب العاصمة، وغيرها من المدن الساحلية مثل مدينة “كسمايو” ومن هذه الحلويات المحلية “إعن” – بضم العين – بمعنها بالعربية “كلنى” وهي من الحلويات اللذيذة، و”شوشومو” وهو نوع آخر من الحلويات المحلية الذيذة، وغيرها من الحلويات الكثيرة، ويتم تقديم هذه الحلويات مع القهوة للضيوف والزوار من مختلف الجنسين.

2- صلاة العيد

صلاة العيد فى الصومال غالبا ما تقام فى المساجد بخلاف ماعليه بعض البلدان العربية والإسلامية حيث تقام صلاة العيد فى المصلى، والمصلى ساحة كبيرة وسط المدينة أو أطرفها مخصصة لهذا الغرض، أو لغيره، على أننا لا ننكر أن بعض الناس فى الصومال يصلون العيد فى الساحات أو ملاعب الكرة التي تسع لآلاف الأشخاص، وتجدر الإشار إلى أن جموع المصلين لا يبكرون الى المساجد هنا كما هو الحال فى بعض البلدان العربية مثل السعودية.

وبعد انتهاء الصلاة ينصرف الناس إلى منازلهم وتبدأ الزيارات المتبادلة، فى كل الأحياء، ومن العادات المنتشرة فى بعض الأحيان “أكل البن” حيث يتم إعداد حبات البن المقلي بزيت السمسم، ويؤكل “بالعنبولو” وهي عبارة عن ذرة مخلوطة بالفول المحلي بعد طبخهما جيدا قبل تقديمها ويقدم هذه الوجبة الذيذة الى كبار السن من الرجال والنساء على السواء، كمايقدم الى الشباب من الذكور.

ويقام بعض الأحيان حلقات الذكر وخاصة المديح النبوي ويغني علماء الطرق الصوفية بالبردة للإمام البوصيري والتى مطلعها:

أمن تذكر جيران بذي سلم***** مزجت دمعا جرى من مقلة بدم

أم هبت الريح من تلقاء كاظمة** واومض البرق فى الظلماء من أضم

3- الزيارات المتبادلة:

كما أن العيد مناسبة دينية فهي أيضا مناسبة اجتماعية، وفرصة لتبادل الزيارات بين الأهالى والأسر، فالمجتمع الصومالي من المجتمعات المتماسكة اجتماعيا لذا لايزال الأهل والأحباب يمارسون زيارات العيد، فترى أيام العيد أسرا بأكملها تذهب إلى الأحياء البعيدة فى العاصمة او الواقعة فى ضواحيها لزيارة صديق أوقريب أو حبيب أو زميل فى العمل أو فى الدراسة، وهذه العادة اختفت فى كثير من مجتمعات العالم العربي، وخاصة الدول الخليجية بعد الطفرة الاقتصادية التي شهدتها هذه الدول بعد اكتشاف البترول، وتغير أنماط الحياة الاجتماعية فيها.

4- زيارة منتجعات الشواطئ-خاصة فى المدن الساحلية:

وبما أن البلاد لا يوجد بها ملاهي، ودر السينماء بعد الحرب الأهلية فإن معظم الأهالي يقضون أوقاتهم أيام العيد فى الشواطئ، ومن هذه الشواطئ “منتجع ليدو” فى حي عبد العزيز فى العاصمة الصومالية مقديشو، وشاطئ “منتجع جزيرة” الواقع فى الضاحية الجنوبية من العاصمة، وقد ازدهرت هذه الشواطئ بعد تحسن الوضع الأمني فى البلاد، ويرى الزائر لشاطئ “ليدو” مثلا شبانا من كلا الجنسين وأطفالا بمختلف الأعمار، وهم يسبحون فى هذا الشاطئ،أو يلعبون كرة القدم على الشاطئ أو يقضون وقتا ممتعا في المحادثات والتقاط الصور، أو يأخذون وجبات خفيفة من المطاعم المنتشرة على طول الشاطئ.

كما تم افتتاح حديقة السلام في حي حمروين عند تمثال (SYL) وهي من المظاهر الجديدة التي أصبحت منتجعا جديدا يذهب الناس إليها في الأعياد، وأيضا تم افتتاح العديد من ملاهي الأطفال في حي عبد العزيز على الطراز العالمي.

5-إقامة الحفلات والمهرجانات.

تقوم بعض الجهات فى تنظيم حفلات أثناء عيد الأضحى المبارك، وتقام هذه الحفلات بعض الأحيان فى الفنادق،أو فى قاعات مخصصة لهذا الغرض، وقد تكون الجهة المنظمة جمعية خيرية أو شبابية، أومؤسسات علمية أو تعليمية او اجتماعية أو غيرها من منظمات المجتمع المدني، وهذه الحفلات لاتكون صاخبة فى أكثر الأحيان.

وقد ظهرت في السنوات الأخيرة وخاصة بعد الاستقرار النسبي للعاصمة مقديشو تنظيم حفلات ذات طابع تقليدي ومهرجانات شبابية تتخللها الأغاني والشعر الصومالي، وتقيم هذه الحفلات أو المهرجانات منتديات أدبية أو فرق غنائية معينة أو شخصية مشهورة، ويتم حجز التذاكر في بعض الفنادق المحصنة أمنيا والكبيرة مثل فندق سيتي بلازا.

6- تبادل التهاني:

تبدأ التهاني مع غروب شمس يوم التاسع من شهر عرفة أو يوم التاسع والعشرين أو الثلاثين من شهر رمضان المعظم حسب انتهاء الشهر، ويتبادل الناس التهاني مباشرة أو عبر الهاتف أو بالرسائل النصية أو عبر الإذاعات المحلية وصيغة التهنئة بالصومالية أو بالعربية: “عيد مبارك” أو” عيد وناغسن” بالصومالية والتي تعني بالعربية: “عيد سعيد” وبعض المرات: “كل عام وأنتم بخير”، ولا تسمع هنا: “من العائدين ومن الفائزين”، أو عبارات مثل: “ربنا يحقق الأماني”وغيرها من العبارات المنتشرة فى بلدان العالم العربي.

زر الذهاب إلى الأعلى