مستقبل العلاقة بين مقديشو وجوبالاند بعد تنصيب أحمد مدوبي (تحليل)

نشأة جوبالاند:

لم يبدأ مشروع جوبالاند منذ سقوط كيسمايو بيد القوات الكينية الصومالية في شهر أكتوبر عام 2012م وبروز أحمد إسلان مدوبي كزعيم سياسي، وإنما كان حلم مشروع جوبالاند موجودا أثناء الحرب الأهلية الصومالية غير أن المشروع ظهر بقوة في سبتمبر 2008م بقيادة محمد عبدي غاندي وزير الدفاع الأسبق في الحكومة الانتقالية في زمن عبد الله يوسف الذي كان يطمح إلى دولة إقليمية اسمها أزانيا.

لكن المشروع تحقق بعد أن دخلت القوات الكينية (التي توصف بأنها ثاني أقوى جيش في المنطقة بعد إثيوبيا) وبمساعدة القوات الصومالية ومليشيات كانت متحالفة معها مدينة كيسمايو في شهر أكتوبر 2012م، من جهتين:

أولا: غرب الإقليم/ جوبا السفلي، حيث سيطرت مدنًا كثيرة، منها طوبلي ثم قوقاني ثم تابتا.

ثانيا: جنوب الإقليم، حيث سيطرت القوات الكينيةعلى مدن هوزينجوي ورأس كمبوني وبور جابو.

أهداف الحكومة الكينية من الحملة

وكانت الأهداف المعلنة من قبل الحكومة الكينية في ذات الوقت تتركز على ما يلي:

أولاً: منع عناصر حركة الشباب من التسلل إلى داخل الأراضي الكينية وتعطيل المناطق السياحية.

ثانياً:إقامة منطقة عازلة بطول 100 كلم داخل الأراضي الصومالية المتاخمة للحدود الكينية.

ثالثاً: هزيمة حركة الشباب واستئصال وجودها في الأراضي المتاخمة لكينيا.

رابعاً: السيطرة على ميناء كسمايو، الذي كان يشكل شريان الحياة لحركة الشباب.

وبعد أن تم الاستيلاء على كيسمايو ظهر دور أحمد مدوبي كأحد أهم أركان مشروع جوبالاند، وتم الإعلان عن مؤتمر محلي على وجه السرعة تم انتخاب مدوبي رئيسا لجوبالاند في منتصف مايو 2013م إلاأنه عقب فوز مدوبي تباينت ردود الافعال بين التأييد والرفض كماتصاعدت الخلافات السياسية بين مقديشو وكيسمايو،حيث أعلن برى آدم هيرالى وهو زعيم حرب سابق من جانبه انتخابه رئيسا لإدارة جوبالاند في مؤتمر آخر عقد في نفس مدينة كيسمايو، كما أعلن إفتن حسن باستو أنه رئيس شرعي، مما أدى إلى انلاع اشتباكات دامية بين الأطراف المتصارعة في كيسمايو والتي انتهت بانتصار مدوبي علي الأطراف الأخرى.

وقد رفضت الحكومة الصومالية في مقديشو تشكيل إدارة من طرف واحد في مدينة كسمايو داعية إلى مصالحة شاملة، واستمرت الأزمة لشهور عدة، إلا أن الضغوط التي مارست دول الجوار على مقديشو أجبرت على الاعتراف بأحمد مدوبي رئيسا انتقاليا لجوبالاند لمدة عامين، وذلك في اتفاقية وقعت في أديس أبابا في أواخر أغسطس 2013م، والتي حظيت بترحيب المجتمع الدولي.

مستقبل العلاقة بين الحكومة الفيدرالية وبين إدارة جوبا

وفي ظل انطلاقة مراسيم تنصيب أحمد مدوبي الذي فاز في الانتخابات الرئاسية في إدارة جوبا منتصف شهر أغسطس الماضي بحضور وفود من الحكومة الصومالية وإدارة بونت لاند وغيرها فإنه يتوقف مستقبل العلاقة بين الحكومة الفيدرالية وبين إدارة جوبا المؤقتة على مدى التزام الطرفين بما تم الإتفاق عليه سابقا، بيد أن الحكومة الفيدرالية تتملص من التزاماتها حيال قضية جوبا وتغض الطرف من ممارسات أحمد مدوبي أحيانا.

وبعد إعادة انتخاب أحمد مدوبى لولاية رئاسية ثانية فإنه يمكن أن تتحسن العلاقة بين إدارته وبين الحكومة المركزية، خاصة إذا ما نجح في إجراء إصلاحات فى القضايا الجوهرية التى كانت تثير الخلافات مثل كيفية تشكيل البرلمان الإقليمي، واقتسام السلطة بين القبائل الصومالية القاطنية فى مناطق وادى جوبا.

ومن جانبها على الحكومة الفيدرالية اتخاذ التدابير اللازمة للإرتقاء بمستوى العلاقة بينها وبين الإدارات الإقليمية، وأن تأتي برؤية واضحة لتحسين صورتها أمام العالم.

وإذا ما استمر تضخيم المشكلة وتصعيدها أكبر من قدرها، فإن الأمر يزداد تعقيداً يوما بعد يوم، خاصة في ظل إصرار أحمد مدوبي على مقاطعته لمقديشو، ويمكن أن يؤدي هذا إلى إعلان جوبالاند إدارة مستقلة عن الحكومة الفدرالية ربما تؤيده جهات داخلية وإقليمية ودولية لتضعيف الحكومة المركزية وعدم إنجاح رؤية 2016م لانتقال السلطة في الصومال.

زر الذهاب إلى الأعلى