عمليات القتل خارج نطاق القضاء ضد المسلمين في كينيا

مقدمة:

استمرت أحكام القتل دون محاكمات ضد شباب مسلممين وعلماء ودعاة وأئمة مساجد في كينيا، حيث وصل عدد المقتولين خارج القانون العشرات من الدعاة منذ عام 2012م حتى اليوم، ووفقا لمنظمات حقوق الإنسان ” فإن جميع عمليات القتل والاغتيالات ارتبطت تهما  بالإرهاب والدعم لحركة الشباب الصومالية، وما زالت عمليات الاختفاء الغامض والقتل مستمرة. وكآخر ضحايا القتل تم العثور على ثلاث جثث لشباب مسلمين ملقاة في نهر في ميرانجا قبل أسبوعين، وقد أثارت هذه الحوادث الجدل حول إحتمالية الاستمرار  في عمليات القتل خارج نطاق القضاء.

علاقة الاغتيالات بوحدة مكافحة الإرهاب

في تقرير صدر في 5 آذار/مارس 2014م  عن الوحدة الطبية القانونية المستقلة – وهي منظمة غير حكومية مقرها نيروبي، تعمل على تعزيز حماية حقوق الإنسان – فقد قتلت الشرطة 143 شخصاً في عام 2013 أُعدمت غالبيتهم من دون محاكمة، وذكر التقرير أن 93 شخصاً ممن قُتلوا في 2013 أُعدموا من دون محاكمة، وأطلق النار على 15 منهم بحجة الدفاع عن النفس وقُتل 30 آخرين في ظروف غامضة، كماتمت عمليات مماثلة في هذا العام، وقد أعلن المدير التنفيذي للمنظممة السيد/ بيتر كياما أن البيانات تعكس زيادة ملحوظة بالمقارنة مع العام 2012 الذي قُتل خلاله 62 شخصاً، وجاء في التقرير أيضاً أن 48 شخصاً قُتلوا خلال العام2014م كما عبّر كياما عن قلقه حيال ارتفاع عدد الاعتداءات وعمليات القتل الخارجة عن القانون التي ترتكبها الشرطة مما يزعزع ثقة الشعب بالإصلاحات التي طال انتظارها في جهاز الشرطة.[1]

على الرغم من هذه التهم الموجهة للأمن الكيني فقد رفض المتحدثة باسم الشرطة الكينية السيدة/ زيبورا غاتيريا مبوروكي، التعليق على الانتقادات التي شملها التقرير،و قالت “إن الوحدة الطبية القانونية المستقلة لم تُشرك الشرطة عند إعداد التقرير وبالتالي فمن الصعب الرد على تلك الانتقادات.

تحدث أيضا المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة السيد/ فيلب ألستون أيضا بشأن الإعدامات خارج القانون والإعدامات السريعة والتعسفية حيث أعد تقريرا حول المئات من الوفيات التي وقعت بعد انتخابات كينيا عام 2007، وقال: “تجري عمليات القتل خارج القانون بمعدل خطير جدا، فيما أصبحت اعتيادية جدا، لدرجة أن الحكومة لا تشعر بأن هذه القضية تستحق منا أن نقف عندها” وخلص في تقريره إلى توجيه إدانة صريحة للشرطة الكينية، وانتهى المسؤول الأممي السابق القول” إن القتل شائع جدا.

وبحسب منظمات حقوق الإنسان، فإن عمليات القتل خارج القانون أصبحت شائعة في كينيا، وقد وثقت منظمة “حقي أفريقيا” 21 عملية قتل، يعتقد أن الشرطة نفذتها بحق مسلمين يوصفون بالتطرف منذ عام 2012.

من جانب آخر فقد أدانت منظمة “هيومن رايتس ووتش”،  القتل  خارج نطاق القضاء الذي تمارسه الأجهوة الأمنية، وقد أكد تقرير “هيومان رايتس ووتش” على وجود أدلة قوية توضح أن وحدة شرطة مكافحة الإرهاب في كينيا  (ATPU)  قد نفذت سلسلة من عمليات القتل خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري، وأضاف التقرير بأن المنظمة رصدت على وجدت أدلة على الاعتقال التعسفي وإساءة معاملة المشتبه بهم بالإرهاب واللذين هم في رهن الاحتجاز، مضيفاً إلى أن قوات مكافحة الإرهاب الكينية تسببت في قتل واختفاء الناس بمعرفة من كبار المسؤولين الحكوميين والسفارات الكبرى، وهذا السلوك مريع لا يحمي الكينيين من الإرهاب  ببساطة إنه تقويض لسيادة القانون”

وفي الأبحاث التي أجريت في كينيا بين نوفمبر 2013 ويونيو 2014، وثقت هيومان رايتس ووتش على الأقل 10 حالات قتل و 10 حالات اختفاء قسري، و 11 حالات من سوء المعاملة أو التحرش من المشتبه بتورطهم في الارهاب وأن هناك أدلة قوية على انخراط وحدة مكافحة الإرهاب في عمليات القتل بشكل رئيسي في نيروبي منذ عام2012م، واستنادا لـ 22 مقابلة مع أفراد الأسر، والضحايا والشهود والصحفيين والمحامين والأئمة، وضباط الشرطة، والمتهمين بالإرهاب في حي ماجينغو نيروبي، تقول هيومان رايتس ووتش إن الباحثين وجدوا أن المشتبه بهم قتلوا رميا بالرصاص في الأماكن العامة، وتعرضوا لضرب مبرح أثناء الاعتقال والاحتجاز وحرموا من الاتصال مع عائلاتهم أو الاتصال بمحامين.وفي بعض الحالات، تورط أفراد من قوات مكافحة الشغب المعروفة باسم وحدة الخدمات العامة (GSU)، الاستخبارات العسكرية وجهاز المخابرات الوطني (NIS) أيضا في انتهاكات من قبل وحدة مكافحة الإرهاب”.ودعت هيومان رايتس ووتش أيضا الجهات المانحة لخفض التمويل على دعم السلطات الكينية من أجل إجبار الحكومة على تحمل المسؤولية من حالات الاختفاء.[2]

أصدرت خلال شهر نوفمبر 2014م منظمتان حقوقيتان – هما: “مبادرة العدالة الاجتماعية المفتوحة”، و”مسلمو كينيا لحقوق الإنسان” – تقريرًا يتهم الأمن الكيني – وخاصةً وحدة مكافحة الإرهاب – بالتذرع بقانون مكافحة الإرهاب لاعتقال وتعذيب وقتل المسلمين دون إدانة قانونية، وأشار التقرير إلى أن الأمن يقوم بالعديد مما يُعد انتهاكًا لحقوق الإنسان على المستوى الدولي والإقليمي، وأيضًا مخالفة القوانين المحلية، وأن ذلك تضمن الضغط على المعتقلين الأبرياء لإجبارهم على الاعتراف بعلاقاتهم بجماعات العنف المسلح، وخاصةً عقب مشاركة كينيا في عمليات تعقب مقاتلي حركة الشباب بشرق إفريقيا، ووقوع تفجيرات المركز التجاري بـ”ويستجيت”

مشاركة المخابرات الغربية والإسرائيلية في عمليات القتل

كشف التقريرالوثائقي الذي بثته الجزيرة في 8/12/2014م عن خبايا وأسرار القتل خارج القانون بتوطئ غربي واسرائيلي، حيث كشف الضباط الذين تحدثوا للجزيرة عن وجود تواطئ بريطاني أميركي إسرائيلي بعمليات التصفية خارج القانون في كينيا مشيرين إلى أن أميركا وبريطانيا تتوليان عمليات التدريب والتمويل والتجهيز العسكري، بالإضافة لتوفير المعلومات الاستخبارية.[3]

أما إسرائيل وفقا لاعترافات أحد الضباط فإنها تقدم التدريب النوعي لضباط مكافحة الإرهاب الكينيين، وأقر الضباط الذين تحدثوا للجزيرة بأن العمليات الاستخباراتية -التي يتم على ضوئها إعداد تقارير أمنية مثل ما تضمنته الوثائق المسربة- تعتمد في مصادرها على جهاز الاستخبارات الأمنية في كينيا، وأجهزة استخبارات بلدان غربية على غرار أجهزة الاستخبارات الداخلية البريطانية (إم إي 5)، والخارجية (إم إي 6) وجهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد).

الخلاصة

الاعتقالات الجماعية العشوائية للنشطاء المسلمين قد تدفع الكثير من الشباب المسلم في كينيا إلى الانضمام إلى تنظيم الشباب، أو التعاطف معه على أقل تقدير، في أن النظام الكيني لا ينتوي بالفعل تقديم أي تنمية حقيقة للمناطق المسلمة، ولا إدماج المسلمين في مؤسسات الدولة بما يكافؤ تعدادهم على الأرض،ومع ذلك فإن الحكومة الكينية سوف لن تبدي أية مرونة حيال هذا الموضوع حسب تقديري على الرغم أن قادة المسلمين في كينيا هددوا أكثر من مرة بأنهم سيتوجهون للمحكمة الجنائية الدولية إذا لم تتحرك الحكومة للتصدي للاختفاء‏ والاختطاف الذي يتعرض له الشباب المسلم من قبل أشخاص يعتقد أنهم من ضباط الشرطة.، باعتبار أن عمليات القتل خارج نطاق القضا جرائم ضد الإنسانية وفقا لبرامج بثه تلفزين كي 24 الكيني.

 

[1] موقع الوحدة القانونية الطبية https://www.newtactics.org/ar/tactic/%D8%A5%D9%8A%D8%AC%D8%A7%D8%AF-%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%B0%D9%8A%D8%A8-%D9%88%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%AD%D8%A7%D9%8A%D8%A7

 

[2] رايتس ووتش”: شرطة مكافحة الإرهاب الكينية نفذت عمليات قتل خارج نطاق القضاء، أسماءعبد الفتاح أغسطس 20, 2014  |http://elbadil.com/2014/08/20/828375

[3] وثائقي الجزيرة(فرق الموت) http://www.aljazeera.net/programs/al-jazeeraspecialprograms/2014/11/30/%D9%83%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AA

علي جبريل الكتبي

من مواليد عام 1982 بمدينة منديرا في شمال شرق كينيا، أنهى المرحلة الثانوية في معهد نور الإسلام عام ٢٠٠١م ثم حصل على بكالوريوس في التربية و التاريخ من جامعة إفريقيا العالمية بالسودان أكتوبر ٢٠٠٦م والماجستير من معهد الخرطوم الدولي لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها أغسطس ٢٠٠٩م. عمل مع الجزيرة والبي بي سي كصحفي مستقل في فترات مختلفة، باحث في قضايا إفريقيا الشرقية ومنطقة البحيرات. يكتب في عدد من المواقع العربية والمجلات العلمية، وله مجموعة من البحوث والدراسات حول المنطقة
زر الذهاب إلى الأعلى