تحية للأستاذ هيكل في عيد ميلاده الـ 93

اعتذر أولا من الأستاذ ومن محبيه بأنني لست في موقع الكتابة عن عميد الصحافة العربية محمد حسنين هيكل، والسطور التالية هي عبارة عن تحية من القلب للأستاذ ولمحبيه.

في هذا اليوم من سبتمبر يحتفل الأستاذ محمد حسنين هيكل بعيد ميلاده الثالث والتسعين، متعه الله بالصحة والعافية، وقد قضي الأستاذ عمره في الصحافة والكتابة،وتتلمذ علي يديه الكثير من العاملين في هذا الحقل، ولي الشرف أن أكون واحدا من الصحفيين العرب الذين تتلمذوا على يديه عن بعد، فقد تابعت إنتاجه الغزير منذ أن عرفتها في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي.

وأستطيع القول – إذا جاز التعبير -أنني أعرف الأستاذ منذ ما يزيد قليلا عن ربع قرن، وكان ذلك عندما قرأت كتابه “مدافع آية الله”. في ذلك الوقت لم يكن الحصول على الكتب متاحا لواحد مثلي نشأ في بادية الصومال، ولم تكن له صلة له بما يحدث في العالم الخارجي الا عن طريق المذياع الذي يفتح ويغلق بأمر الوالد فقط، رحمه الله.

منذ ذلك اليوم شغفت بقراءة كتب الأستاذ، وقدر لي أن أقرأ له كثيرا عندما انتقلت الي مقديشو في بداية التسعينيات، وحصلت على كثير من كتبه عن طريق أصدقائي الذين كانوا شغوفين بمتابعة الأستاذ هيكل، وبعدها تابعت معظم كتبه التي ألفها، وتابعت أيضا مقالاته في مجلة ” وجهات نظر”.

وأتذكر عندما استأذن في الانصراف لدي بلوغه الثمانين، كنت حزينا كغيري من المعجبين، ولم نكن نعرف المفاجأة التي كان يخبئها الأستاذ، حيث فتحنا أعيننا بعد فترة قصيرة على الحلقات التلفزيونية التي حكي فيها جوانب مهمة في حياته في المهنة والمواقف التي تعرض لها منذ بداياته وحتى تاريخ بث الحلقات، وكانت هي الأخرى دروسا ممتعة للمشاهدين العرب سواء المختصين منهم والعاديين.

عندما زرت القاهرة لأول مرة، تشرفت بزيارة “الأهرام” وتعرفت الي كثير من تلاميذ الأستاذ الذين كانوا قامات في مواقعهم، ودهشت بكم الاحترام الذي يكنه مواطنو “جمهورية الأهرام” للأستاذ، سواء الذين عملوا معه أو الذين لم يعلموا معه، وتعرفت على عدة أجيال رافقت الأستاذ في مسيرته الطويلة، وكل منهم يحتفظ بحكايات خاصة معه.

وأتذكر عندما ذهبت الي ميدان طلعت حرب بوسط القاهرة كان أول سؤال لي في مكتبتي” الشروق” ومدبولي” عن كتب الأستاذ التي لم أقرأها في الصومال، واشتريت مجموعة منها، قال لي شاب في إحدى المكتبتين ” حضرتك مش عاوز غير هيكل ليه؟ قلت له أنني أنتظر كتب هيكل لسنين طويلة فأريد أن أستفيد من الفرصة.

وبعدها بأيام وقعت لي قصة ظريفة مع موظف مصر للطيران وأنا راجع الي مقديشو، حيث زاد وزن حقيبة الكتب التي كانت معي عن الحد المسموح بقليل، وعندما طلب الموظف دفع ثمن الوزن الزائد، رجوته ان يتسامح معي لأنني صحفي فقير وطالب، وبعيد عن مصر، وأحتاج الي هذه الكتب ولن أجدها بسهولة مرة أخري، وفتحت الحقيبة وكانت كتب هيكل في الصف العلوي، فقال لي انت تحب الـ “جورنالجي”؟ (ولم أستوعب معني الكلمة الا فيما بعد) وتصادف أن مرّ أحد مسؤولي مصر للطيران، وشرحت له الموضوع وقال لي “خلاص نعديها لك المرة دي ” وسلامي علي الأستاذ هيكل” قلت له “يوصل بإذن الله “.وشكرت الأستاذ علي الغيب.

قرأت لصحفيين وكتاب عرب وأجانب كثيرين، ولكن الذي أعجبني في الأستاذ هو أسلوبه الجزل ومعارفه الموسوعية، وتواضعه الجم، وتعمقه بالأدب العربي والعالمي، وحرصه على الرجوع الي الوثائق، وأشعر عند قراءة كتبه بأنه ينثر الذهب وأنا ألتقطه حتى أتعب، ولا يزال أمامي كم من الذهب المنثور ….

وأود قبل أن أختم مقاتلتي بأن أبعث التحية الي أصدقائي الصوماليين الذين يشاركونني في حب الأستاذ، بعضهم من جيلي وآخرون أسبق، وأذكر منهم الروائي الكبير أويس شينو، والكاتب أبوكر شيخ نور، والصديق العزيز عبد الرحمن غوري، ويوسف شدور، وعبد الرزاق حسن، وكلهم كانوا مصدري في التعرف علي الأستاذ أكثر.

عيد ميلاد سعيد يا أستاذنا الفاضل وكل عام وأنت بخير…

على حلنى

صحفي صومالي يعمل ويقيم في مقديشو، ورئيس نقابة الصحفيين الصوماليين، عضو المكتب الدائم لاتحاد الصحفيين العرب، يعمل حاليا مراسلا لتلفزيون وراديو ال بي بي سي عربي.
زر الذهاب إلى الأعلى