تحليل: مآلات الحملة الكينية على ما يسمي الأرهاب

بقلم: عبدالنور معلم محمد

التقرير التمهيدي للجنة الوطنية الكينية لحقوق الإنسان حول تحقيق إنتهاكات  حقوق الإنسان فى الحملة الجارية لمكافحة –مايسمي- بالإرهاب.فى كينيا،يحمل فى طياته حقائق ومعلومات مفصلة تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان فى البلاد.

يضم هذا التقرير أكثر من 115حالات تشمل،الإعتقال التعسفي، والتعذيب الممنهج، والإخفاء القصري، وإعدامات بدون محاكمات، والمثير للدهشة ان أغلب الضحيا فى التقرير كلهم او جلهم مسلمون، ومن الضحايا فتيات تم إختطافهن من منازلهن واقتيادهن الى جهة غير معروفة.

وصدر هذا التقرير وسط أنباء تتحدث عن العثور على مقابر جماعية،بالقرب من مدينة وجير-شمال شرقي كينيا- وتعود هذه المقبرة لأفراد من المواطنين المفقوديين أثناء هذه الحملة،حسب وكالات الأنباء العالمية والمحلية.

و هذاالتقرير المعنون ب “خطأ محاربة الإرهاب بالإرهاب ”

“The Error of Fighting Terror with Terror” المكون من واحد واربعين صفحة يتحدث باسهاب عن إنتهاكات صارخة لحقوق الإ نسان إرتكبتها أجهزة الأمن الكينية،أثناء حملتها هذه، وخاصة بعد حادثة الهجوم على المركزالتجاري وست غيت(البوابة الغربية)”west gate “

فى سبتمبر من عام 2013م و والتي راح ضحيتها 69من المدنيين، وما تلاها من هجمات متفرقة حدثت فى مناطق مختلف من كينيا أشدها ضرواة كانت فى أبريل من عام2015م عندما هاجمت مجموعة من الشباب على جامعة غاريسا و راح ضحيتها أكثر من 148 شخصا أغلبهم من طلاب الجامعة.

الحملة العشوائية الكينية ضد حركة الشباب الصومالية ولّدت لدى المسلميين فى كينيا شعورا بالخوف من مستقبلهم،وأنهم معنيون بهذه الحلمة،واثارت فى نفوسهم الرعب والقلق إزاء الحملة الأمنية المشددة ضدهم.

ونناقش فى هذه العجالة عن هذه الحملة وما صاحبها من انتهكات جسيمة للحقوق الإنسان  وما ستئوول اليه هذاه الحملة إذا ما ستمرت على هذا النحو.

أزمة إرهاب أم إرادة انتقام

يري كثير من المحللين ان الحكومة الكينية هي التي افتعلت أزمة الإرهاب، ولم تكن كينيا من بين الدول التي تعاديها حركة الشباب الإسلامية،بدليل ان الشريط الحدودي بين الصومال وكينيا كان تحت سيطرت حركة الشباب. وكانت المناطق والمدن الحدودية فى كينيا تشهد حالة من الهدوء والإستقرار،ولم تحدث اي اعتداء يذكر من قبل الشباب،واستمر الوضع على هذه الحالة حتى  إبريل/نيسان من عام 2011م،حيث اندلعت اشتباكات على الحدود الصومالي-الكينية بين حركة الشباب وقوات ما بت يعرف لاحقا بادارة”جوبا”والتى تساندها قوات من الجيش الكيني.

من المؤكد ان كينيا لم تتدخل الى الصومال لمساعدة الشعب الصومالي،ولا مساندة الحكومة الإنتقالية برئاسة شيخ شريف وقتها،ولا لحماية المناطق السياحية فى الساحل الكيني،ولم تكن من قوات حفظ السلام الإفريقية.

بل تدخلت من أجل مصالحها الخاصة،وتكوين كيان صومالي مواليا لها فى منطقة وادي جوبا،وخلق حزام أمني داخل الصومال بهدف حماية نفسها،كما يقول الكاتب والمحلل السياسي الصومالي أنور أحمد ميو.

وكيفما كان الأمر فان كينيا لم تكن طرفا فى الصراع الدائر فى الصومال،وانها اقحمت نفسها فى وقت لاحق للأسباب التى ذكرنا طرفا منها قبل قليل،كما افتعلت وجود عنصار من الشباب على أراضيها،قبل بداية الأزمة،وربما بإيعاز من قوى إقليمية ودولية.

وهذه الحملة لاتخدم لمصالحها القومي،بل تخلق أجواء من التوتر بين الحكومة والمسلمين.ومن أبرز ما يمكن أن يتولد عن هذه الحملة مايلي:

1– انعدام الثقة بين الحكومة والمسليين،مما يشكل خطرا على العلاقات التأزمة اصلا،فالمسلمون فيى كينيا مهمشون،فوضعهم السياسي لا يتناسب مع حجمهم الطبيعي والوضع الإقتصادي مزري للغاية،كما لم تجد مناطقهم حظها من التنمية و التطوير،فهم يحسون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية فى البلاد،إضافة الإنتهاكات الجسيمة فى مجال حقوق الإنسان كتلك التي تحدث عنها التقرير.

2-العنف الطائفي بين المسلميين والمسيحين

فى مثل هذه الأجواء المشحونة بالعدواة والكراهية  يمكن ان يتطور هذا العداء المتنامي الى عنف طائفي بين مكونات الشعب الكيني،خاصة وان النسيج الإجتماعي الكيني هش للغاية كما أظهرت بعض الدراسات.

وبما ان العنف لا يولّد الا عنفا،فان الحلول الأمنية التي تعتمد عليها أجهزة الأمن الكيني،والأسلوب القمعي الممنهج الذي تتبعها للإنتقام من المسلميين عند تعرضها لهجمات من قبل حركة الشباب،لا يؤدي الا الى مزيد من العنف.

3- ظهور جماعات مسلحة تقوم بحماية المدنيين من هجمات أجهزة الأمن الكينية واعتداءتها المتكررة على الأهالي،وقد تحدث صدامات مسلحة بينها وبين القوات الكينية.

وما لم تغير الحكومة الكينية سياستها تجاه المسلمين فان وضعا جديد سيظهر على السطح،وتدفع كينيا فى سبيل حله ثمنا باهظا.

 

زر الذهاب إلى الأعلى