تحليل : دواعي إنعقاد المؤتمر التشاوري حول الإنتخابات المقبلة

بقلم: عبدالنور معلم محمد

إفتتح المؤتمر التشاوري حول نظام إجراء إنتخابات  فى2016م أعماله مساء يوم السبت فى القصر الرئاسي بمقديشو،وحضر اللقاء الذي افتتح بعد ظهر أمس السبت الى جانب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود كل من رئيس الوزراء ونائبه، ورئيس مجلس النواب السيد/محمد شيخ عثمان جوارى، وبعض وزراء  الحكومة الفيدرالية ورؤساء الإدارات الإقليمية فى البلاد،ومبعوث الأمين العام للامم المتحدة الخاص بالصومال السفير نيكولاس كاي،ومبعوث الإيغاد لدى الصومال السفير محمد عبد أفي،وضيوف آخرون.

وتم التباحث حول القضايا ذات الصلة بكيفية ونوع الإنتخابات التي يمكن إجراءها،بعد إنتهاء  فترةالمؤسسات الحالية فى أغسطس من عام 2016م،وكان من المقرر إجراء إنتخابات فى ذلك الموعد يدلي كل فرد بصوته ،الا ان الحكومة الفيدرالية أعلنت فى وقت سابق عدم إمكانية إجراء هذا النوع من الإنتخابات فى البلاد لأسباب يعود بعضها الى الظروف الأمنية وبعض الآخر الى الإجراءت الفنية،وكانت 29 من شهريو ليو /تموز الماضي عندما عقد فى مقديشو مؤتمرا تشاوريا مماثلا،الا انه لم يحضر كل من رئيس ولاية بونتلاند عبد الولي محمد على “غاس” وحليفه أحمد محمد إسلان “أحمد مدوبى” زعيم إدارة جوبا  لأسباب سياسي.

وفى أثناء مراسيم تنصيب أحمد مدوبي لولاية رئاسية ثانية والتى شاركها الرئيس الصومالي بنفسه،كان فكرة عقد اللقاء التشاوري هناك” فى مدينة كسمايو”تراود الرئيس ولكنه قوبل برفض قاطع من رئيس ولاية بنتلاند الذى أصرّ عدم مشاركته لأنه حسب  المراقبين لم يأتي الى كسمايو لحضور مؤتمر تشاوري،وإنما لمشاركة مراسيم تصيب “أحمد موبي” رئيس إدارة جوبا .

وعقد المؤتمر خلف أبواب موصدة، لم تشارك فيه الأحزاب السياسية ولا منظمات المجتمع المدني،كما لم يسمح للصحافة تغطية أعمال المؤتمر.

عن ذلك يقول رئيس حزب المؤتمر الصومالي(كلن) عبد القادر محمد عثمان برنامج” ان هذا السلوك الذي تنفرد به مجموعة من الأفراد بالقضايا المصيرية وإبعاد القوى الوطنية الأخرى عن دائرة صنع القرار السياسي في البلاد سلوك مرفوض”وأضاف “إننا ندعوا رئاسة الجمهورية الى توسيع دائرة المشاركة،وإعطاء الأحزاب السياسية وقادة منظمات المجتمع المدني والقوى الوطنية الفاعلة فرصة مشاركة اللقاء التشاوري المزمع إنعقاده فى السابع من شهر أكتوبر/ تشرين الأول القادم”.

إنعقاد المؤتمر فى موعده المقرر،ومشاركة كل قادة الإدارات الإقليمية أثار ت عدة تساؤلات لدى المراقبين للشأن الصومالي،ومن أكثر هذه التسؤلات ماالعوامل التي أدت الى تقارب وجهاء النظر بين السياسيين وافتتاح المؤتمر دون عقبات يذكر،وإنتهاء جلسة الأمس بسلاسة، هل هو بسبب النضج السياسي للساسة الصوماليين،؟أم بسسب التحضير الجيد للمؤتمر؟ أم هي نتيجة لعوامل خارجية؟.وهناك عدة عوامل أدت الى تسريع عملية إنتقال السلطة عن طريق انتخبات مهما كان شكلها  و من هذه العوامل:

1– الضغوط الخارجية:

يمارس المجتمع الدولي ضغوطا متزايدة على الحكومة الفيدرالية والإدارات الإقليمية بضرورة إجراء الإنتخابات فى موعدها المقررة مهما كانت الظروف،كما أبدى المجتمع الدولي للقيادة الحالية رفضه القاطع لمبدء تمديد فترة المؤسسات الحالية الأمر الذى  أجبر ها  على تسريع وتسهيل إجراء الإنتخابات المزمعة اجر0624ها فى العام المقبل.

2- المؤثرات الداخلية:

وهناك عدة مؤثرات داخلية أثرت على مجريات الأحداث فى الآونة الأخيرة فى الصومال،وهذه المؤثرات القت بظلالها القاتمة على المشهد السياسي،مما يضطر القيادات  السياسية فى البلاد من الخروج من حالة الإنقسام السياسي ونقاذ البلاد من مخاطر الإنزالاق نحو الهاوية.

إدرات على مفترق الطرق:

فكل الإدات الإقليمية التى تم تشكيلها تواجه تحديا حقيقيا،فعلى سبيل المثال تعانى بنتلاند من مشاكل إقتصادية وأمنية فلم تستطع دفع رواتب  الأجهزة الأمنية الأمر الذى أدي الى تكرار تمرد الجنود فى الولاية،وقل مثل ذلك عن إدارة جوبا المؤقتة،رفض معظم القبائل الصومالية الساكنة فى الأقاليم بالاسلوب التى يديرها أحمد مدوبي  دفة إدارة الولاية،إضافة الى تنامي العمليات العسكرية لحركة الشباب ضد أحمد مدوبى وحلفائه  الكينيين

أما إدارة جلمدغ آخر الولايات التى تشكلت فى البلاد،فقد ولدت بعد عملية  قيصرية عصيبة رافقتها جروح غائرة لم تندمل بعد،ولا تزال تتعرض لمخاطر جمة،أخطرها الصراع مع أهل السنة،والذي قد يتطور الى صدام مسلح بين الطرفين فى اي وقت من الأقات.

ولاية جنوب غرب الصومال،الحلقة الأضعف فى مسلسل الإدارات الفديرالية،فهي رئيسها شريف حسن وهو هي،لايوجد هناك مؤسسات حقيقية، لا مصالحة ولا برلمان ولا نائب للرئيس وإنما هي أسامي وأختام ،كل المنتمين الى هذه الإدارة يقيمون بفنادق فى مقديشوا،فا الامن يتدهور يوما بعد يوم،والشباب تسيطر على مناطق جديدة كل يوم ،كل هذا من العومل المؤثرة على مجريات الأحداث.

تباين وجهات النظر  بين المشاركين

هناك تباين وجهات النظر بين القيادات القُطرية والوطينية المشاركة للمؤتمر التشاوري،وان هناك عدة قضايا تثار حولها الخلاف،و من أكثر تلك القضايا سخونة:

أ)قضية جلمدج

يعود أصل الخلاف فى مسألة جلمدغ الى ماقبل تشكيل الإدارة الفيدرالية  فى الإ قليم،فمنطقة جلمدغ لم تستكمل مواصفات وشروط تشكيل الإدارة الفدرالية وفق الدستور الوطني،ذلك ان الأجزاءالشمالية من إقليم مدغ خاضعة لسطة بونتلاند،وهنا تبر ز إشكالية تشكيل إدارات فيدرالية على أسس قبلية،وخاصة فى المناطق المتنازعة عليها بين القبائل المختلفة،ولذات السبب رفضت بنتلاندالإعترف بإدارة جلمدغ جملة وتفصيلا،متهمة بالحكومة الصومالية بمخالفة الدستور وخلق أجواء من التوتر فى جنوب مدغ قد يتطور الى نزاع مسلح.

إدارة بنتلاند لا تزال متمسكة بموقفها تجاه إدارة جلمدغ،وهذا الخلاف قد يؤثر على المؤتمر التشاوري،إذا ما تمسكت بنتلاند بموقفها الراهن.

الحقيقة أن أساليب إدراة الحكومة لملف جلمدغ يعتريها ضحالة فى الرؤية  وضعف فى الإرادة اديا الى استمرار أزمة الخلاف بين الحكومة الفدرالية وإدارة بنتلاند.

ب)وضعيىة الإدارات الفيدرالية

ومن النقاط المثيرة للخلاف بين المشاركين فى المؤتمر التشاوري وضعية الإدارات الفيدرالية،بنتلاند على سبيل المثال من أقدم الإدارات الفديرالية فى البلاد فقد كانت تتمتع بإدارة إقليمية مستقرة منذ تأسيسها على يد الرئيس الصومالي الراحل عبد الله يوسف أحمد فى عام 1998م،وقد درجت منذ ذلك الحين على إجراء إنتخابات رئاسية وبرلمانية فى الأقليم، وتري لنفسها أنها تستحق مكانة فو ق الإدارات الإقليمية الأخرى،وهذا ما يكسبها -حسب نظرتها-مكاسبة سياسية، وقوة تفاوضية على طاولة المشاورات.

يضاف الى ذلك الخلاف المتعلق بإدارة جوبا،هل لاتزال إدارة مؤقة أم هي إدارة دائمة وهو ما أثار حفيظة زعيم الإدارة أحمد محمد إسلان “أحمد مدوبى” الحليف الأقوى لبنتلاند،وهذأ الخلاف بالنسبة الى نقاط الخلاف السابقة بسيط ويمكن تجاوزه بسهولة.

ج) خلاف حول لجنتي الحدود والإنتخابات

وخلاف آخر يدور حول اللجان الوطنية التى عينتها الحكومة الفيدرالية و صادق عليها مجلس النواب،خاصة لجنتى الحدود والإنتخابات،حيث عارض تعين وتصديق هذه اللجان من مجلس النواب إدارتي بنتلاند و”جوبا” وهو ما يطعن على شرعية هذه اللجان،ويلغيها،والخلاف هنا يتركز حول نقطتين رئيستين:

*- النقطة الأولى: تتعلق بكيفية أختيار هذه اللجان،حيث إنفردت الحكومة الصومالية متمثلة بوزارة الداخلية والشؤون الفدرالية بإختيار أعضائها،وكان من المفترض ان تتشاور الوزارة مع با قي الأقاليم الفيدرالية لإبدائ الرأي والمشورة،ولكن هذا لم يحدث الأمر الذي أغاظ إدارتي بنتلاند و”جو با”.

*- النقطة الثانية: هي كيفية تقاسم المناصب فى هذه اللجان،بحيث لم ترعي الوزارة الإنتماء القبلية والجهوية للمتقدمين  لعضوية هذه اللجان،وهذه خطوة إيجابية يحسب للوزارة،ولكن الخطوات المعلنة غالبا ما تكون للإستهلاك المحلي،والحقيقة التى لا مرية فيها ان المحسوبية والقبلية والمحابات منتشرة فى جميع أجهزة الدولة.

نقطة أخرى ينبغىي الإشارة إليها وهي أنه لايوجد من بين القيادة السياسية فى البلاد من يلتزم على الدستور أويتبع القوانين البلاد.

مجلس النواب أعتبر برلمان جوبا الإقليمي ملغيا وباطلا،ولكن برلمان جوبا أعاد إنتخاب أحمد مدوبى بعد الغائه دون ان يلتفت الى قرار مجلس النواب الفيدرالي.

والكل شارك فى مراسيم تنصيب أحمد مدوبى دون ان يتسائل عن شرعية إعادة إنتخابه وقانونيتها،وكأن شيئا لم يحدث.

تراجع دور قوات حفظ السلام:

إنسحبت قوات حفظ السلام الإفريقية من مناطق متفرقة من البلاد فى فترة زمنية وجيزة لأسباب يكتنفها كثير من الغموض،ويرى بعض المحللين فى الشؤون العسكرية الى ان قوات الإفريقية تعاني هي الأخرى من مشاكل إقتصادية،خاصة وأنها لم تحصل على رواتبها لعدة شهور مضت،وهذا يؤثر سلبا على معنوياتها وقدراتها القتالية.

يضاف الى ذلك عودة حركة الشباب كنتيجة طبيعة  لتراجع وانحصار دور قوات حفظ السلام الإفريقية، خاصة فى المناطق الجنوبية من البلاد.

الحكومة بجانبها تلقت سيلا من الإنتقادات من قبل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمثقفين بسبب بطء أجراءتها تجاه  عملية الإنتخابات المقبلة حسب ماصرح لمركز مقديشو أكاديمي فضل عدم  الكشف عن هويته،فهي لاتصمد أمام تلك الأنتقادات والتحديات لذا اتجهت نحو الحل.

هذا ويتوقع ان  يستمرالمؤتمر الى السابع من أكتوبر/تشرين الأول القادم، ويصدر عنه قرارات مصيرية حول انتخابات المزمع إجراؤها فى النصف الثانى من عام 2016م، رغم كل التحديات الماثلة أمامه.

زر الذهاب إلى الأعلى