دلالات البيان الصادر إثر إعتقال صحفيي يونيفرسال

يعتبر الأمن الوطني في أي بلد من العالم أحد الأعمدة الأساسية التي يعتمد عليها بغرض الدفاع عن أمنه الإجتماعي والسياسي والإقتصادي وهذا يتطلب مواجهة المؤسسات والكيانات المسلحة وغير المسلحة التي تعبث بأمن البلاد وتسيئ لسمعته.

إن مفهوم الأمن الوطني والذي نتحدث عنه الآن يرتبط بصورة وثيقة مع  دينامية هيئات الدولة الصومالية وتطورها وتقدمها نحو الأفضل وتوسعها الأفقي بتوصيل أنشطتها ومشاريعها وبرامجها إلى جميع محافظات البلاد – رغم شح الإمكانيات المادية- تنفيذا لإستراتيجية الحكومة الصومالية القائمة على تحرير العدو من الوطن وإعادة بناء مؤسسات الدولة المنهارة، وترسيخا وتعميقا لروح الولاء والإنتماء للوطن في نفوس المواطنيين جميعا.

إن مفهوم الأمن الوطني مسؤولية تقع على الجميع وهذا يتطلب مشاركة مختلف مكونات الشعب  خدمة للوطن لدفع ضريبته ودفاعا عن الدولة ومصالحها الحيوية والمكتسبات الإستراتيجية التي تحققت منذ إسدال الستار على  الفترة الإنتقالية في سبتمبر 2012م ومن هنا نرى نضوج فلسفة جهاز الأمن والمخابرات الصومالي من التصريح الإعلامي الذي أصدره إثر إعتقال صحفيي تلفزيون ينوفيرسل.

الكرامة الوطنية

وعندما تتحول وسائلنا الإعلامية الخاصة إلى موقع ومركز لإبتزاز مؤسسات الدولة الصومالية، وإهدار كرامة وسمعة الشخصيات السيادية، وإثارة اٌلإضطرابات السياسية والقلاقل الأمنية، وإلقاء تطلعات الشعب وآماله في بئر عميق، وعندما يدرك المواطن الصومالي كل هذا بل واكثر فلا تسأل نفسك عن أسباب إتخاذ الحكومة إجراءات عقابية- حسابية- وفقا للدستور والقوانين الشرعية ضد مالكي المؤسسات الإعلامية، ولكن إسأل نفسك  عن دوافع هؤلاء التي رمتهم بارتكاب هذه الأفعال الإرهابية ضد الدولة الصومالية.

ومن الأهمية بمكان أن نسمي الأشياء بمسمياتها  حيث أن الإرهاب لايستثني شيئا في الصومال، وهو يزهق الأرواح ويدمر ممتلكات المواطنين وينهب أموالهم، كما أن الإرهاب الفكري يعمل على إماتة العقول والأفكار بينما يمتهن البعض أيضا تشويه سمعة بلدهم، والجهات المعنية من الدولة الصومالية تسهر ليل نهار لحماية الوطن والمواطن  من جميع تلك الأصناف الإرهابية.

أشكال الإرهاب

إن الإرهاب بمفهومه المتعارف عليه لدى الجميع ليس وحده هو الذي يهدد أمن الدولة الصومالية  ولكن توجد أشكال إرهابية أخرى والتي لا تقل قساوة وفتكا من الإرهاب العسكري والأمني ورغم ذلك فإن الشعب الصومالي لم يدرك ولم يستوعب حتى الآن أن أشكال الإرهاب غير التقليدية هي أعلى درجات الإرهاب واخطرها على الدولة ومن صور الإرهاب :-

بعض وسائل الإعلام الخاصة المملوكة لجهات خاصة حيث أن هدفها هو الربح السريع وذلك عبر قبض الأموال من جهات معادية للدولة مقابل بثها ونشرها موادا إعلامية رديئة المضمون والشكل.

الطابور الخامس وهم العملاء السريون المنخرطون داخل مؤسسات الدولة حيث يعملون لمصلحة العدو.

الصنف الثاني يتجلى في الذين يوفرون للعدو فرصة لإطالة بقائه وتمديد عمره عبر تقديم المعلومات الحساسة إليه عن مصالح البلاد العليا،

أما الصنف الثالث فهم الذين ينفذون عمليات عسكرية وأمنية بطرق مباشرة أو غير مباشرة لصالحه

ويتحدد الصنف الرابع في الذين يتعاونون مع العدو في المجالات التجارية عبر فتح شركات تجارية باسماء وهمية غير حقيقية، أو فتح دكاكين له ايضا في الأسواق المحلية بغرض توفير السيولة له.

والصنف الخامس هم الذين يترددون في مقرات السفارات والهيئات الأجنبية في البلد دون صفة رسمية بغرض تقديم معلومات مشوهة عن البلد إليهم بغرض  توشيش الدول الصديقة المستعدة للوقوف مع الصومال والمشاركة في إعادة إعمار البلاد.

وهناك صنف آخر وهم الذين يعدون تقارير كاذبة عن الدولة الصومالية ويرفعون إلى جهات معادية والتي تتعيش على المعلومات الكاذبة المسيئة للبلد وتهدر سمعته.

والصنف الثامن هم الكيانات المسلحة المدعيّة أنها موالية للدولة الصومالية غير أن أفعالها يؤكد عكس ذلك حيث تستخدم القوة العسكرية لتحقيق أغراض غير وطنية خدمة لأعداء الوطن.

إجراءات ضرورية

ويشكل جميع أصناف الإرهاب سالفة الذكر تهديدا وجوديا يعرقل إرساء دعائم الدولة الصومالية وفي هذا السياق نكرر تأكيد شيئ واحد ألا وهو ” أن الإرهاب الذي يعرفه المواطن الصومالي – وهو إستخدام السلاح ضد الدولة الصومالية ” تأثيره محدود في أماكن جغرافية معينة، كما يستهدف هذا الإرهاب على أفراد قليلة بيد أن الإرهاب الآخر الذي نحن الآن بصدد الحديث عنه هو الذي يترك آثارا سلبية على الدولة وسيادتها وكرامة البلد، والحكومة الصومالية ترصد تحركات هؤلاء وأنشطتهم التخريبية مثل رصدها ومتابعتها بالإرهاب المسلح المعروف ومن أخطر أشكال الإرهاب  بعض وسائل الإعلام التي إعتادت بث مواد مشوهة ومخربة  تتصادم مع ما يجري في أرض الواقع.

وبالتالي فإن إتخاذ إجراءات وخطوات رادعة ضد بعض وسائل الإعلامية الحالية ومنها – تلفزيون يونيفرسال – تطبيقا للقانون ضروري للغاية، والسبب في ذلك ليس لأن أصحاب التلفزيون أنتجوا برنامجا واحدا  ولكنهم أعتادوا بث سلسلة برامج غير مهنية وبطريقة غير مقبولة وهو ما يتعارض مع وجود الدولة الصومالية وسيادتها، كما أن الجهة الرسمية المسؤولة عن حماية الدولة تبلغ – بضم التاء –  أصحاب وسائل الإعلام تحذيرات وبصورة مستمرة وما يترتب عليه من عواقب واجراءات قانونية في حال المضي قدما نحو مواصلة هذا النهج الإعلامي الإنتهازي ضد الدولة الصومالية ومن البرامج الإعلامية المرفوضة ما يلي:-

نشر أخبار كاذبة  عن هيئات الدولة الصومالية المرتبطة مع الشخصيات السيادية والتي تعتبر رموزا للدولة ، ووزارة الدفاع ، ووزاة الأمن الوطني، وهيئات القضاء،  وترويج أخبار الجبهات المسلحة التي تستخدم الأسلحة ضد الدولة  لتقويض  مؤسساتها الوطنية.

نشر الدعايات الرخيصة للمتطرفين والإرهابيين الذين يعارضون حق الشعب الصومالي في وجوده وحقوقه ودولته وسيادة بلده.

إن الدولة تملك سعة الصدر حيث تتحمل الصبر، وفي نفس الوقت تحذر لمن يخرق القانون ولايلتزم به، وترصد أنشطته وبرامجه ريثما يتجاوز الخطوط الحمر، وكل من لا يعتبر ولا ينقاذ لدستور البلاد وقوانينه  فإن الدولة قادرة على إتخاذ إجراءات عقابية حاسمة  ضد الإرهابيين وبكل قوة وحسم وشجاعة حفظا للنظام وصونا لكرامة الأمة، ودفاعا لهيبة الدولة.

إن وطننا ليس وطنا يولد الآن ولكن له تاريخ مديد وعريق وقد إستعاد اليوم عافيته محليا وإقليميا ودوليا، ومن هنا نشجع أصحاب الهيئات والمؤسسات خاصة وسائل الإعلام أن يطلعوا ويقروا قانون العقوبات للدولة الصومالية تفاديا من إرتكابهم جرائم والتي ستؤثر عملهم ومستقبلهم.

واعتقد أن النقد البناء والدراسات والبحوث الموضوعية الهادفة هي المطلوبة في الصومال لترشيد السفينة الصومالية المتجهة نحو بر الأمان، ووسائل الإعلام الصومالية خاصة مراكز البحوث قادرة على ملؤ هذا الفراغ.

إنجازات وحقائق

لقد أحرز الصومال تقدما كبيرا في شتى الأصعدة والمرتبطة مؤسسات الدولة سواءا كانت في إنشاء الإدارات الإقليمية، وتحقيق المصالحة، واجراء إصلاحات في القضاء لرد المظالم، وتحسين العلاقات الخارجية، وتكوين اللجان القومية بغية إرساء دعائم الدولة، وتعميق الحوار بين الحكومة الفدرالية وبين الإدارات الإقليمية، وانتهاج سياسة حل الخلافات عبر الحوار وصناديق الاقتراع وهو ما لم يكن ممكنا قبل بضعة سنوات، ونلخص الإنجاز الأمنية خاصة والتي قام بها جهاز المخابرات والأمن الوطني الصومالي في النقاط التالية:-

إنخفاض معدل العمليات الإرهابية المدبرة والمخططة من قبل حركة الشباب الإرهابية داخل العاصمة وخارجها ( حركة تدمير الأمة الصومالي ) بنسبة 60%

هبوط معدلات إستخدام العدو السيارات في وضح النهار لتنفيذ الإغتيالات المستهدفة على موظفي الدولة بنسبة 70%

تنفيذ الحكومة الصومالية عمليات أمنية خاصة داخل حركة الشباب المتطرفة خلال النصف الأول من العام الحالي لردعها ونقل المعركة داخل صفوفها.

تفكيك وتدمير 11 شبكة أمنية تابعة للحركة الإرهابية حيث تقدر عدد أفراد أصغر شبكة منها بخمسة أفراد.

تمكنت الأجهزة المختصة بإفشال 121 عملية إرهابية تشمل سيارات مفخخة، هجمات استهدفت على بعض أطراف أحياء العاصمة، إغتيالات ، هجمات بقنابل يدوية، وزرع ألغام في الشوارع العامة.

إلقاء القبض على 201 شخصا من بينهم عناصر منتمية للحركة التكفيرية، وقد صدرت بحق بعضهم أحكاما وفق القانون بينما تجري التحقيقات حول البقية وسيتم إصدار الأحكام عقب اكتمال الإجراءات القانونية

ضبط الأجهزة المختصة على 206 قطعة سلاح في مقديشو العاصمة والتي تشمل الألغام والكلاشنكوف والقنابل، ومواد صنع المتفجرات

ضبط حاوية عقب وصولها إلى ميناء مقديشو الدولي مليئة بأربعين طن من المتفجرات والزي العسكري حيث سلمها الجهاز إلى الشرطة الصومالية.

تصفية 7 من قيادات الحركة الإرهابية عبر تنفيذ هجمات نوعية استهدفت أوكارهم ومن بينهم مسؤول الأمنيات للحركة الإرهابية.

تسليم 1376 عنصرا من الحركة إلى الحكومة الصومالية إستجابة للعفو العام الذي أصدره فخامة الرئيس الصومالي حسن الشيخ محمود ومن بينهم سبعة من قيادات الحركة المتطرفة.

إنحصار رقعة الحركة التكفيرية جنوب ووسط البلاد وتراجع نفوذها الميداني بسبب زحف الجيش الصومالي المدعوم من قوات حفظ السلام الإفريقية نحو معاقل الحركة بغية تحريرها وطردها من عناصر الحركة التكفيرية وتقدر المناطق المحررة من الإرهابيين 98% من مجمل المدن الرئيسية الواقعة جنوب وسط البلاد

إنهاء العمليات الإرهابية من العدو في وقت قياسي رغم إستخدامه وسائل غير أخلاقية باستهدافه المدنيين والأسواق والشوارع المكتظة بالمارة القوات الأمنية الصومالية تملك مهارات وفنونا قتالية عالية

إن بناء الصومال الجديد عملية شاقة نتيجة إنهيار مؤسسات الدولة قبل عقدين من الزمن، ووجود جيلين من الشباب والذين ترعرعا أثناء غياب الدولة  الصومالية المنهارة في 1991م، حيث لا يدركان  معنى الدولة ومفهومها وسيادتها، وكذلك وجود كيانات مسلحة تتحالف مع أمراء الحرب السابقين رغم إعلان ولائها للشرعية بيد أنها تحمل السلام ضد الدولة، ووجود مؤسسات وشركات تجارية وإقتصادية ترفض الإنتقال من مرحلة الفوضى السابقة إلى مرحلة الدولة الحالية، والتنافس الإقليمي والدولي في الصومال حيث أن بعض الدول تعمل على تقويض الجهود الرامية إلى ‘ادة إعمار الصومال، وإصلاح مؤسساته، وخلق أزمات بين الحكومة الصومالية الفدرالية وبين الإدارات الإقليمية ولا ريب أن هذا التحرك بارز في الساحة الصومالية

ويتمثل التحدي الأخير شح الموارد وهو الأهم ورغم أن الصومال غني بموارده المتنوعة إلا أن أستغلال تلك الموارد تتطلب بسن القوانيين أولا، وابرام إتفاقيات مع الدول والشركات المهمتة في هذا القطاع الحيوي، وفتح الأسواق الإقليمية والدولية أمام الثرة الحيوانية والزراعية والسمكية، الحكومة الصومالية مشغولة بجذب المستثمرين إلى الوطن سواء من الدول أو الشركات.

ومهما يكن من أمر فإن الصومال يحرز تقدما في المجالات كافة وأنه قادر على مواجهة تلك التحديات سالفة الذكر بروح وطنية كما يدافع عن أمنه وكرامته وشعبه من التهدديات الداخلية والخارجية.

ومن الإنجازات الكبيرة إنخراط  جيل الشباب في مؤسسات الدولة الصومالية، ولجوء الشعب إلى هيئات القضاء لحل منازعاتهم وهو ما لم يكن ممكنا قبل خمس سنوات من الآن، الإنجازت الأمنية هو الجانب المشرق للصومال والذي تتجاهل وسائل الإعلام نشره وبثه وكتابته، وعليه فإن زمن الحديث عن الفوضى الأمنية، والكوارث قد تراجع  وأن عهد الحديث عن السلام والإستقرار والتنمية قد إنطلق في الصومال>

الكاتب: عبدالخالق محمد أحمد

زر الذهاب إلى الأعلى