مظاهرات ضد لجنة مراقبة الصومال وأريتريا( SEMG )

تتكرر في هذه الأيام مظاهرات مناهضة لمجموعة مراقبة الصومال وأريتريا التابعة للأمم المتحدة(SEMG )، وقد جرت مظاهرات في مقديشو العاصمة  وفي مدينة غالكعيو، في توقيت متقارب بينهما، وقد يتساءل المرؤ : ما الذي يجدد وقوع مثل هذه المظاهرات حالياً ، وخاصة في وقت قد شارفنا على  الانتخابات المزمع عقدها في شهر  أغسطس القادم، وما هي طبيعة التقارير التى صدرت عن  اللجنة ؟

ومن المعلوم  أن آخر تقرير صدر عن  هذه المجموعة كان في شهر أكتوبر من العام الماضي، لِم لم تحدث مثل هذه المظاهرات في ذاك الوقت ؟ وهل هناك جهة ما تحرّك المتظاهرين مخافة من تقارير قادمة؟ وهل صحيح أن هذه المجموعة تساهم في زعزعة الأمن والاستقرار في الصومال؟.

قبل أن نسلط الضوء على تلك التساؤلات أيها القارئ ،دعونا نعرف عن كثب ماهية هذه اللجنة وأعمالها، فقد تم تأسيس هذه اللجنة في 2010م بموجب ميثاق في الفصل السابع بقرار من مجلس الأمن الدولي (1916) 2010م [1]وقد وافق جميع أعضاء مجلس الأمن في اعتماد القرار، وفي البداية كانت اللجنة مكونة من 8 خبراء دوليين ويترأسها هات بروان ، والذي يعمل كمستشار لمجموعة الأزمات الدولية، كما يوجد ضمن أعضائها خبراء في الملاحة البحرية والشئون المالية، والجماعات المسلحة، ومن المهام التى أوكلت إلى اللجنة إصدار تقرير خاص لكل من الصومال وأرتيريا في كلّ ستة أشهر [2].

محتويات التقرير الأخير

أصدرت اللجنة (SEMG ) آخر تقرير لها في 19 أكتوير من العام الماضيّ، وقد أثار جدلا واسع في أوساط السياسيين، حيث وردت في التقرير  تهم صريحة لأعضاء من الحكومة الصومالية وإدارتيّ صومال لاند وبونتلاند، وقد كتب التقرير الذي كان يحتوى 322 صفحة بالتفصيل عن التجاوزات التى وقعت خلال العام الماضي، وشملت :

  • رصد الأفعال التى تهدد السلام والأمن والاستقرار في الصومال
  • معيقات المساعدات الانسانية في الصومال
  • انتهاكات القانون الدولي ،وتشمل استهداف المدنيين
  • حظر الأسلحة
  • انتهاكات الحظر على تصدير الفحم

شمل التقرير في كلّ هذه النقاط المذكورة، ولم يكتف بسرد واقع الفساد والمحسوبية في الصومال، بل يوجد مرفق ومستندات موثقة تدل على كل الجهات التى وردت أسمائهم في التقرير، فلماذا نتهم اللجنة (SEMG )بتشويه سمعة الصومال في الخارج والساسة الصوماليين ، اذا كنا نحن متورطين في هذه الجرائم ، وإذا كانت هذه الوثائق تحمل- كما يبدو- دليلا قاطعاً على الجهات المشتبهة بالفساد.

وقد تحدث بعض الجهات التى أشار التقرير  إليها بضلوعهم في الفساد من الحكومة الصومالية، وقد أعلنوا براءتهم من التهم الموجهة إليهم، ولم تعين الحكومة الصومالية حتّى الآن لجنة وطنية مستقلة لتقصى عن حقيقية التهم الموجه لأعضاء من الحكومة.

المظاهرات المناهضة للجنة ( SEMG)

وقعت مظاهرات حاشدة وسلمية في داخل العاصمة مقديشو ضد ما سموها “سلوك” مجموعة مراقبة الأمم المتحدة في الصومال وإرتيريا( SEMG) ،وناشدوا الحكومة الاتحادية  إلى اتخاد إجراءات جدية ضد هذه المجموعة، وقد ذكر أحد مشاركي هذه المظاهرات: ” آن الأوان لحكومتنا لمواجهة الأخطار التي تمثلها (SEMG ) للوطن والمواطنين الصوماليين”[3].

وقبل أيام، نظم عدد من منظمات المجتمع المدني في مدينة غالكعيو  مؤتمرا في فندق “إمبيسي – Embassy “، وقد اتهموا مجموعة(SEMG) بتلفيق أكاذيب وتهم زائفة ضد المسؤوليت الصومالين، وناشدوا الحكومة الصومالية لأخد الاجراءات اللازمة ضد كل من يسعى بتشويه  سمعة الوطن.

والجدير بالذكر ان المظاهرات المناهضة لمجموعة مراقبة الأمم المتحدة في الصومال وإرتيريا( SEMG)  لم تنحصر  في هاتين المدينتن، بل وقعت مظاهرات مماثلة في بلدوين وبيدوا، ومن المتوقع أن تستمر المظاهرات المناهضة في مدن آخرى في الصومال.

وقد ورد في البيان الختامي للمؤتمر التشاوري الوطني الذي اختتم أعماله في 12  أبريل ،إدانة ما سموه سلوك مجموعة( SEMG)، وقد كتب بالتحديد عن استهدافهم لمواطنين صوماليين، وعرقلتهم في سير العملية السياسية في الصومال.

هل ثمة من يحرك المتظاهرين؟

منذ تأسيس المجموعة في عام 2010م، أصدرت تقارير عديدة، ولم نجد من يشكك بصحة أو مصداقية هذه التقارير، وكذلك إذا نظرنا في توقيت اصدار آخر تقرير للمجموعة وتوقيت حدوث المظاهرات سنجد أن بينهم 8 شهور، لماذا لم نرى هذه المظاهرات في أكتوبر الماضي مثلا اذا كان هناك من يشتكى من عدم مصداقية المجموعة.

ومما لا شك فيه، أن هذه المظاهرات يوجد جهة ما حركت بعض أفراد المجتمع لإقامة مثل هذه الفعاليات المناهضة لمجموعة مراقبة الأمم المتحدة في الصومال وإرتيريا( SEMG )، واذا نظرنا حجة المتظاهرين فإنهم يشيرون بأن ثمة ” مؤامرة عالمية ” تحاك للصومال، لأجل ذلك يجب أن نتصدى للمؤامرة، وكعادة يستخدم ” نظرية المؤامرة ” الجانب الأضعف من المعادلة، وينسون أن التهم التى وجهت للمسؤولين الصومالين سواء أكانت حقيقية أو مزيفة، كان من المفروض أن تتقصى الحكومة الصومالية، وتخرج للمجتمع تقريرا آخر حول “زيف” هذا التقرير، وإن أصبح التقرير صحيحاً يجب حينها محاسبة الجهات المتورطة، ولكن من الغريب أن نجد بعض أفراد المجمتع تتدخل لـ ” تبرر” سلوك الحكومة.

ربما من السابق لأوانه اصدار أيّ أحكام مسبقة عن هوية من يحرّك المظاهرات الأخيرة التى وقعت في عدد من المدن في الصومال، ومع ذلك من البديهيّ أن نستنتج  من مضمون التقرير السابق للمجموعة الذي أدان عددا من السياسين بأن ثمة جهة ما تساهم في تحريك المتظاهرين لصالحها. ويبدوا  أن ( SEMG ) تخطط هذه الأيام لإصدار تقرير جديد حول سلوك كبار المسؤولين للحكومة الحاليّة، ومن المحتمل أن بعض كبار الأعضاء في الحكومة الصوماليّة شعروا بـ ” الخوف” من أن نتائج التقرير القادم ستؤثر  سلبا على مستقبلهم السياسيّ في الوطن.

إن المحافظة على سمعة وهيبة الدولة الصومالية أمر واجب ، ولا يمكن أن نتنازل عنه بتاتاً.

أما فيما يتعلق بالتقارير الأمميّة رغم موضوعيتها، إلا أنها غير خالية من أهداف وأجندات  سياسية  – كما نعلم –  وبالمقابل يوجد من بني جلدتنا من يمارسون الفساد والمحسوبية، فإن لم نجد جهة مستقلة صوماليّة تقوم بمراقبة أنشطتهم وفضحهم ثم محاكتهم  ،  فمن الأجدر أن نأخذ بالتقارير الأمميّة التى تدين بالأنشطة المحرمة، وذلك بعد تفحيص وتمحيص الحقائق التى أشار  إليها التقرير.

 

المراجع

[1] http://www.un.org/press/en/2010/sc9888.doc.htm

[2] http://awate.com/ تقرير عن أبعاد العقوبات الدولية وأثرها علي إرتريا

[3] http://www.mareeg.com/public-rally-against-un-monitoring-group-on-somalia-and-eritrea/

محمد سعيد مري

باحث بمركز مقديشو للبحوث والدراسات
زر الذهاب إلى الأعلى