الصومال: أين تذهب المساعدات الدولية ؟

 

لندن

 عشية إنعقاد مؤتمر بروكسل، لإعادة إعمار الصومال، يتسائل كثيرون، ما الجدوى من هذا المؤتمر، في حين لم يف المجتمع الدولي بما عاهد عليه؟ فقد استضافت عدة عواصم أوروبية مؤتمرات لدعم الصومال، عقدت في اسطنبول مرتين. وفي لندن كذلك، وفي روما… وتعهد المشاركون في تلك المؤتمرات بمبالغ طائلة. لكن لا أحد يسأل ماذا حل بهذه الأموال؟ وكيف أدارت الحكومة ماوصل اليها؟

ما بين عامي 2012م- 2013م، حصل الصومال على تعهدات مالية كبيرة، خصص العدد الأكبر منها لمشروعات البنية التحتية، وتطوير المؤسسات الإدارية، ودعم جهود السلام وإعادة الأمن. فقد وعد المجتمع الدولي خلال تلك الفترة ما يقارب نصف مليار دولار. ففي مؤتمر أصدقاء الصومال المنعقد في لندن مطلع شهر مايو الماضي وحده، تعهد المانحون بدفع أكثر من 200 مليون دولار للمساعدة في إعادة الإعمار، ودعم السلام ، كما قدمت عدة دول أخرى وعودا لتقديم حزمة مساعدات الي الحكومة الصومالية، وقوات حفظ السلام الأفريقية في البلاد.

فهذه وعود سخية، ما من شك في ذلك. لكن الشعب الصومالي لم يذق بعد طعم هذه الأموال، ولا يعرف أين ذهبت؟ هل أوفى المجتمع الدولي بتعهداته أم صارت حبرا على ورق؟

طبيعة المساعدات الدولية

فالحكومات التي مرب بالبلاد منذ 2006م، كانت تحصل كل عام تقريبا على جزء من هذه المساعدات،  فالدول الخليجية والإتحاد الأروبي والولايات المتحدة كانت أكثر الدول المساهمة في مساعدة الصومال، سواء كانت على شكل منح أو معونات إنسانية

يمكن تقسيم المساعدات التي تحصل عليها الصومال الي ثلاثة أشكال:

1-                      مساهمات دولية في  جهود المنظمات الإنسانية العاملة في البلاد

2-                      مساعدات تقدم للقوة الأفريقية الموجودة في البلاد

3-                      المشاريع التنموية

وهناك منح مالية تقدمها بعض الدول الي الإدارات الصومالية مباشرة، الا أن هذه الإدارات تبتعد عادة الكشف عن حقيقة وحجم هذه الأموال.  ولا نعرف هل تصل الي مستحقيها أم تقع في غياهب الجيوب؟.

 المساعدات التي وعد بها المجتمع الدولي

 

الدولة

نوع المساعدة

قيمة المساعدة

التاريخ

ملاحظة

الإمارات

تنموية وإنسانية

283 مليون درهم( 72 دولار تقريبا)

مابين عامي 2012-2013

ذكرها وزير الخارجية الإمارتية

قطر

مشروعات البنية التحتية

18 مليون دولار

2013م

مؤتمر لندن

الكويت

تنموية

13 مليون دولار

2013م

مؤتمر لندن

الكويت

تنموية(تحسين مطارين)

10 ملايين

2012م

مؤتمر اسطنبول

الكويت

إنسانية

10 ملايين دولار

2012

الهئية الخيرية الإسلامية العالمية

البحرين

تنموية وإنسانية

2 مليون دولار

2013

مؤتمر لندن

السعودية

تنموية وإنسانية

72 مليون دولار

2012

 

السعودية

لمكافحة القرصنة

300 الف دولار

2013

 

البنك الإسلامي للتمية

حفر آبار

100 مليون ريال

2013

إتفاقية تمويل وقع في جدة

بريطانيا

تطوير مؤسسات الأمن

38 مليون دولار

2013

مؤتمر لندن

بريطانيا

إنسانية

11 مليار جنيه استرليني

ستصل المساعدا ت بحلول 2015م

 

الاتحاد الأوروبي

انسانية وتنموية

58 مليون دولار

2013

مؤتمر لندن

الاتحاد الاوروبي

انسانية وتنمية

517 مليون يورو

من 2008م -2013

بيان أصدرته بعثة الاتحاد الاوروبي بأديس أبابا 20 مارس 2013م

الإتحاد الأوروبي

أميصوم

33 مليون دولار

2013

 

الإتحاد الأوروبي

أميصوم

82 مليون يورو

سبتمبر 2012م

مساعدات اضافية( وكالة بانا)

الاتحاد الأوروبي

منحة

20 مليون يورو

2012

أرض الصومال

امريكا

انسانية

40 مليون دولار

2013

مؤتمر لندن

امريكا

انسانية

1.5 مليار دولار

منذ 2009م

 

اليابان

تنموية وانسانية

55.4 مليون دولار

2013

بيان السفار اليابانية، نيروبي

العراق

تنموية

 أكثر من 15 مليون دولار

2013

بيان لأمانة مجلس الوزراء

روسيا

أميصوم

2 مليون دولار

2013

ذكرها لافروف

تركيا

أميصوم

مليون دولار

2013

نائب مساعد وزير الخارجية التركي

تركيا

تنموية وإنسانية

358 مليون دولار

مابين2012-2013م

مكتب تابع لرئاسة الوزراء التركية

 

لا تشمل بالطبع، هذا الأموال ما تحصله السلطات الصومالية مباشرة من الدول الصديقة والشقيقة وهذه لا تعرف الا دائرة ضيقة من الإدارات الصومالية.

اين ذهبت هذه الأموال؟ واين إختفت المساعدات التي جمعها مواطنوا هذه الدول خلال المجاعة التي ضربت الصومال عام 2011م؟!

المشاريع التي أنجزت في الصومال

أما المشاريع التي تم تنفيذها في الصومال ما بين عامي 2012-2013م لا ترقى إطلاقا الي مستوى حجم الأموال التي تعهد بها المجتمع الدولي. وأمن أهم الدول التي نفذت وعدها وأصبح مشاريعها بادبة للعيان تركيا، فمنذ عام المجاعة 2011م. نشر في موقع الجزيرة نت تصريحات لوزير الخارجية التركية أوغلو أمام البرلمان الصومالي في 15\11\12م  ’’سخرت تركيا كل طاقاتها للمساهمة في مشاريع إعادة الإعمار، ومشاريع تنموية في الصومال’’.  وأضاف الوزير: ’’بدأنا فعلا تنفيذ مشاريع بناء في مقديشو ونقوم خلالها تطوير المطار الدولي في العاصمة والشارع الذي يربط المطار بقلب المدينة، بالإضافة الي إعادة بناء مقر رئيس الوزراء ومقر البرلمان الصومالي ’’ . وقد صدق وعد تركيا، وبدأت فعلا تنفذ هذه المشاريع التي تهدف الي تطوير البنية التحتية في البلاد.

فالمساعدات التركية لم تقتصر على المشاريع ذات الطابع الخدمي وإنما أيضا ساهمت في إعادة تاهيل أفراد الأجهزة الأمنية الصومالية، كما وعد بها  بكر بوزداج، نائب رئيس الوزراء التركي, عندما زار مقديشو في الثالث والعشرين من شهر  فبراير 2013 م

بعض المشاريع التركية

المشروع

المكان

التاريح

بناء معهد فني ومركز تجاري

بوصاصو

9\04\12

بناء معهد تمريض

مقديشو

13\02\12

إنشاء جامعة

طركيلي (مقديشو)

14\08\12

دارحضانة ومدرسة مهنية

مقديشو

07\ 03\12

إصلاح شارع المطار

 

مقديشو

29\05\13

ترميم مستشفي دغفير

مقديشو

14\07\13

المشاريع البحرينية

ذكر وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة  خلال مؤتمر لندن الثاني، ” أن البحرين وضعت حجر الأساس لبناء مستشفى البحرين التخصصي في الصومال بكلفة 2 مليون دولار أميركي، وكذلك بناء معهد مملكة البحرين لتدريب المعلمين في مقديشيو، وحفر عشرة آبار مياه في المناطق المتضررة من الجفاف، وإجراء 4000 عملية جراحية لإعادة البصر وتصحيح النظر، وتوصيل 240 طنّاً من المواد الإغاثية والطبية” نشره موقع جريدة الوسط البحرينية، الأربعاء 08 مايو 2013م

 

مشاريع الإمارت العربية المتحدة

دولة الإمارات العربية المتحدة هي من أكثر الدول التي كانت ولاتزال، تقدم المساعدات الإنسانية والتنموية الي لصومال. ، فقد قدمت خلال السنوات الأربع الأخيرة، مساعدات بقيمة 60 مليون دولار أميركي، وفقا لتقرير صادر عن مكتب المساعدات الخارجية بوزارة التنمية والتعاون الدولي الإمارتي، وشملت هذه المساعدات في قطاعات الصحة والتعليم، والقضاء، و المواد الغذائية، وبالإضافة الي ومواد الإيواء وإمدادات مياه الشرب الأساسية”.  كما ساهمت أيضا في جهود الدولية الرامية الي دعم الإستقرار في الصومال.

يتولي مسؤولية تنفذ هذه المعونات وفقا للتقرير، ” أكثر من 15 جهة حكومية وإنسانية منها، هيئة الهلال الأحمر ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية ومؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية ومؤسسة سلطان بن خليفة آل نهيان الإنسانية والعلمية وصندوق أبوظبي للتنمية وصندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية ومؤسسة نور دبي وجمعية بيت الشارقة الخيرية وجمعية الرحمة للأعمال الخيرية، بالإضافة إلى الفرق الإماراتة الإغاثية التي زارت مقديشو”.

مشاريع المملكة العربية  السعودية

بعد إنتها الحملة التي أطلقها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز عام 2011م لإغاثة الشعب الصومالي، أمرت الحكومة السعوية بتفيذ مشاريع تنموية بقيمة 72 مليون دولار في الصومال. وستنفذ على عدة مراحل. فقد ذكر المدير الإقليمي لمنظمة مؤتمر التعاون الإسلامي أحمد محمد آدم خلال خفل لتدشين الحزمة الأولى، حسبما نقله موقع قناة الجزيرة العربية ’’أن تكاليف المرحلة المرحلة الأولى تبلغ 24 مليون دولار تشمل على الجوانب التعليمية والصحية والرعاية الإجتماعية والحالات الطوارئة،،. وسيكون حجم التمويل لهذه القطاعات حسبما ذكرها المدير كالتالي:

1-                      التعليم 45%،

2-                      الصحة 20%

3-                      الرعاية الإجتماعية 22%

4-                      الزراعة 5%

5-                      الحالات الطارئة 8%

وتعهدت  المملكة السعودية  بإنجاز هذه المشاريع خلال  18 شهرا  وبإشراف من منظمة التعاون الاسلامي .

 المشاريع القطرية

’’ بلغ عدد المشاريع التي نفذتها منظمة الدعوة الإسلامية (مكتب قطر) في الصومال خلال عام 2012م أكثر من 200 مشروع خيري بتكلفة إجمالية تبلغ حوالي 11 مليون ريال قطري، وتشتمل هذه المشاريع على حفر 92 بئرًا إرتوازية، وتشييد 4 سدود، وبناء مجمع إسلامي، وثلاثة مدارس قرآنية، وأربعة مراكز صحية، و92 مسجدًا، وأربعة مشاريع كبيرة للأسر المنتجة، ومبنيين للأوقاف. كما تم خلال نفس العام  كفالة 801 يتيماً، و15 أسرة متعففة، وتنفيذ 20 مشروعًا صغيرًا للأسر الفقيرة، إضافة إلى المشاريع الموسمية التي بلغت تكلفتها 1,5 مليون ريال قطري’’ هذا هو وفق ما نشره موقع مكتب منظمة الدعوة الإسلامية في قطر .

وأعلنت قطر أيضا على لسان وزير الخارجية القطري، خالد بن محمد العطية خلال مشاركته مؤتمر لندن الثاني عن مساهمة بلاده بمبلغ 18 مليون دولار للمساعدات التي تقدم الي الحكومة الصومالية .

المشاريع  الكويتية

تستفيد الصومال من صندوق الحياة الكريمة الذي أنشأته الكويت، لمساعدة الدول الفقيرة على مواجهة الفقر. وقدمت الكويت من خلال هذا الصندوق تبرعات بقيمة عشرة ملايين دولار لتمويل مشروع تحسين مطارين في البلاد.كما ان الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية واللجان الخيرية الكويتية قدمت أيضا عشرات الملايين من الدولارات مساهمة من الشعب الكويتي لمساعدة المنكوبين في الصومال.

مشاريع الدول الغربية

لا يوجد بصمة واضحة تتركه المساعدات الغربية في نفوس الصومالين في الداخل، بستثاء مساهماتها الواضحة في القوات الأفريقية لحفظ السلام في الصومال. في حين تعد هذه الدول من أكثر الدول التي تعهدت بمساعدة للصومال في إعادة الإعمار.

أخير، لا نستطيع إنكار حصول الصومال على مساعدات إنسانية من دول كثيرة في أصقاع العالم غير أن ما يعلن من هذه المعونات وما يمكن رؤيته على أرض الواقع لا يتناسبان، وبينهما بون كبير. كما تختلف بعضها عن بعض من حيث الوجودة، والتأثر. فمساعدات الدول الخليجة هي الأفضل جودة، والأكثر نفعا للمواطنين الذين يعتمدون على هذه المساعدات، ويليها من حيث الجودة والتأثير المساعدات التي تقدمها تركيا. فهي تتركز على مشاريع التنمية كبناء المدارس والمستشفيات والجامعات فهي تتميز ايضا بالجهات التي تقوم بتنفذ مشروعاتها، وتشرف عليها، فهي جهات تركية، وليست أشخاص ماجورة من بلدان بعيدة، كما تفعل المنظمات التابعة للأمم المتحدة. وهذا يساهم في تحسين الأداء، وإنجاز المطلوب بشكل كامل .

أما الوعود المساعدات الغربية هي الأكثر عددا، وأقلها تأثيرا بالنسبة للمواطن العادي، فما يحصل عليه من المنظمات الغربية ليس الا موادا غذائة غير جيدة، وبعضها غير صالحة للأكل. وتستفذ غالبا من هذه المساعدات رجال الأعمال والشخصيات التي تتولى إعداها وتوزيعها سواء من الأجانب أو الصوماليين. فقد تحدث ذلك الأمر مسؤول من الأمم المتحدة زار العاصمة مقديشو عام 2005م، لمتابعة المساعدات الدولية التي تقدم الي البلاد. وخلال القائه كلمة حول الفساد داخل منظمات الإنسانية التابعة للامم المتحدة في جامعة مقدشو، ذكر المسؤول أن الفساد في هذه المنظمات يبدأ من المكاتب التي تأمر بإرسال المساعدت الي النقطة النهائية المسؤولة على توزيها للمحتاجين.

ومن هنا يجب مرة ثانية أن نتسائل، أين تذهب الأموال التي يتعهد بها المجتمع الدولي؟! وقد رئينا الفرق الهائل بين حجم المساعدات المالية الممنوحة ونسبة المشاريع التي أنجزت في البلاد.

في الحقيقة، ليس مسموحا أن نعرف الحقيقة كاملة، لكننا سنحاول في التقارير المقبلة تسليط الضوء على الفساد في البلاد، لنتعرف أكثر فيما يتعلق بالمساعدات الدولية.

 

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى