الصومال.. وربيعها مع رئيس جديد

جمهورية الصومال الواقعة في منطقة القرن الأفريقي الاستراتيجية شرق أفريقيا، هي دولة عربية عضو في الجامعة العربية وفي المنظمات العربية والإسلامية، وشعبها ذو أغلبية إسلامية، وعانت الصومال الحديثة من الاستعمار الإيطالي والفرنسي، ولكن حال الصومال انهار بعد زوال الحكم العسكري الشمولي في تسعينات القرن الماضي، ودخلت البلاد في حرب وفوضى أمنية منذ نحو 27 عاماً، والصورة النمطية الحاضرة لدى الرأي العام عن ذلك البلد هي صورة التفجيرات والمجاعات، وصور الجنود الأميركيين وهم يحملون أشلاء في شوارع العاصمة مقديشو عندما حاولت أميركا التدخل.

طبيعي مع هذه الفوضى أن تكون الصومال مرتعاً وأرضاً خصبةً للتنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها «حركة الشباب» فرع تنظيم القاعدة، التي مازالت فاعلة وقوية، ومثلت ولا تزال تمثل تحدياً كبيراً للحكومات الصومالية المتعاقبة، التي كانت سيطرتها تقتصر في بعض الأحيان على أجزاء من العاصمة مقديشو. هذه الاضطرابات الأمنية دفعت ببعض الدول الأفريقية إلى إرسال قوات عسكرية يصل قوامها إلى 20 ألف جندي تعمل تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، والصومال هي أحد أعضائه، ومهمة تلك القوة الأفريقية هي منع سقوط الصومال في يد تنظيم «حركة الشباب»، ولكن تلك القوة العسكرية أصبحت لها أدوار سياسية في الصومال، خصوصاً من قبل إثيوبيا. القبائل هي جزء من المشكلة والحل هناك، فهناك حروب تندلع بين تلك القبائل، بسبب مصالح ضيقة مزقت البلد على مر تلك السنوات، وأدت إلى انفصال بعض أجزائه عن الدولة، كما هي حال «إقليم الصومال لاند».

الأسبوع الماضي انتخب البرلمان الصومالي رئيساً جديداً هو محمد عبدالله محمد، الملقب بـ«فرماجو» الذي يعني «جبن» باللغة الإيطالية، وذلك لحبه للجبن الإيطالي في فترة الاستعمار، الرئيس الجديد عمل ديبلوماسياً، وسافر إلى الولايات المتحدة وعمل فيها واستقر هناك، وهو حاصل على جنسيتها، وتولى رئاسة وزراء بلاده في 2010 لفترة قصيرة لم تتعدَّ الأشهر، وحقق إنجازات جيدة، خصوصاً في ما يخص دفع رواتب قوات الجيش والأمن بشكل منتظم.

تابعت خروج أبناء الشعب الصومالي الشقيق في احتفالات غداة انتخاب الرئيس «فرماجو»، فهل يحقق لهم طموحاتهم ويعيد الأمن إلى هذا البلد الممزق؟ المركز الصومالي للدراسات وصف الرئيس الجديد بأنه مرشح «شعبوي» طموح، وله شعبية قوية في الطبقات المتوسطة والفقيرة، ويؤمن ببناء المؤسسات الأمنية، ومكافحة الفساد.

البعض يرى أن ما جرى هو بمثابة ربيع صومالي، بسبب العلاقات المميزة للرئيس السابق حسن شيخ شريف مع بعض الأطراف العربية والإقليمية ومع بعض شخصيات من تيار الإخوان المسلمين، بعكس الرئيس المنتخب ذي التوجه الليبرالي، وإيمانه بخروج قوات الاتحاد الأفريقي العسكرية لمحاربة وملاحقة «حركة الشباب» الإرهابية.

في تقرير لصحيفة «الفايننشال تايمز» البريطانية ذكرت فيه أن أمام الرئيس الجديد مهمات «هائلة»، يأتي على رأسها توفير الأمن، ومكافحة الفساد، وتقوية الحكومة المركزية، وأشار التقرير إلى أنه لا يوجد نظام قضائي ونظام ضرائب، وهذا من أسباب ضعف الحكومة، إذ لا توجد لديها مداخيل.

الموقف العربي غير فعّال وضعيف تجاه الوقوف مع الصومال في أزمتها المستمرة منذ سنوات، ولا يكفي أن تحضر الصومال مؤتمرات القمة العربية، ولكن على الدول العربية وخصوصاً المستقرة منها، وهي دول الخليج ومصر، أن تقدم مساعدات مالية ولوجستية، لاسيما في ملف مكافحة الإرهاب، الذي أرى أنه هو السبب الرئيس في تمزق ذلك البلد العربي.

المصدر- الحياة

 

زر الذهاب إلى الأعلى