5 ملاحظات على انتخاب عبد الكريم جوليد رئيسا لإدارة جلمدغ

فاز عبد الكريم جوليد وزير الأمن السابق بالانتخابات الرئاسية في إدارة جلمدغ التي جرت، السبت الماضي في مدينة عذاذو وسط البلاد، وأصبح رئيسا لمحافظتي مدغ وجلجذود. هذا الانتصار له ما بعده، ويختلف عما قبله، ويشكل نقطة فاصلة في المستقبل السياسي للرجل، وأن هناك خمس ملاحظات مهمة على هذا الانتصار :

1- أنقذ فوز عبد الكريم جوليد لرئاسة إدارة جلمدغ التحالف الذي يقوده الرئيس حسن شيخ محمود من ضربة قوية كادت ان تقضي مشروعه السياسي، وسيعه الحثيث نحو البقاء على واجهة المشهد السياسي في الصومال لأطول فترة ممكنة، ورفع الحرج عن مؤيديه وداعميه في الحكومة الإتحادية الذين وقفوا الي جانبه طيلة مسيرته نحو هذا المنصب. وكان هذا الأمر باديا على وجوه المسؤولين الحكومين الذين أداروا مؤتمر عذاذو، والاحتفاء غير المسبوق الذي ساد أجواء برلمان الإدارة، وصفحات مناصري التحالف في مواقع التواصل الاجتماعي بعد اعلان نتائج الانتخابات.

لقد مرت يوم السبت الماضي ثقيلة على تحالف الرئيس، ولم يتنفس أعضاؤه الصعداء الا بعد اعلانه رئيسا لإدارة جلمدغ؛ لأن الانتخابات كانت بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت، وأقوي الأوراق المتبقية في ايديهم، وكانوا ينظرون الأمر بمنظور الربح والخسارة إما خسارة تطلق صافرة البداية لنهاية حكمهم الذي استمر لمدة ثلاث سنوات لم يدخروا خلالها جهدا في احكام سيطرتهم على مقدرات الدولة، ومراكز النفوذ في البلاد، وتمكين اعضائهم في الدوائر الحكومية والاقليمية، أو نجاحا يعزز لهم فرص الهيمنة، ويفتح لهم آفاقا جديدة لمشروعهم الكبير، ويمهد لهم الطريق للفوز برئاسة الإدارة المزمع تشكيلها لاقليمي هيران وشبيلي الوسطى حتى تكتمل صورة الكلية للمشرع.

2- أن تحكم محافظتي مدغ وجلجذود ليس بالأمر الهين، فهما يعدان من اكثر المناطق توترا، واعقدها من حيث التركيبة السكانية واختلاف مصالح السياسيين المنحدرين منها وحتى ان البعض يعتبر من يتربع على عرشها كالقابض على الجمرة ، وبالتالي يلزم على جوليد تجاوز عقبات كبيرة في تلك  المنطقة قبل ان يتفرغ ويشمر سواعده للقضايا التي تحص الحكومة الفدرالية في البلاد.

3- إن ملف تنظيم اهل السنة والجماعة الرافض لإدارته، والخلافات مع بونت لاند، وحركة الشباب التي لا تزال تسيطر  على مناطق شاسعة في اقليمي مدغ وجلجذود بالاضافة الي العضب المسيطر على المرشحين الخاسرين الذين يشككون نزاهة الانتخابات، تمثل أبرز العقبات التي تعتري طريق الرئيس عبد الكريم جوليد، وانها كافية لكبح جماحه أو قلب الطاولة عليه، وحتى منعه من انهاء  فترة حكمه وجره الي نفس الافخاخ التي وقع فيها عندما كان وزيرا للأمن وارغمته بالاستقالة والاستجابة لدعوات المطالبين برحليه رغم اصرار الرئيس على بقائه في منصبه. 

4- بالرغم من إشادة الأمم المتحدة بالأجواء التي جرت فيها الانتخابات الا ان آراء الصومالين تبايت واختلفت وجهات نظرهم حول نزاهتها، ورأي كثير من المراقبين ان فوز عبد الكريم  كان تحصيل حاصل وامرا متوقعا لأن الدور الحكومي كان منحازا منذ البداية، ولم يحصل المرشحين على فرص متكافئة، وكانت مقدرات الدولة مسخرة  في انجاح حملة عبد الكريم. وكذلك المال السياسي لعب دورا مهما في توجيه الناخبين وترجيح كفة جوليد في الجولة الأخيرة من المنافسة. وهذه الوسائل وغيرها مجتمعة هي التي ادت في نهاية المطاف الي فوز عبد الكريم جوليد وخروجه من السباق منتصرا.

5- إدارة جلمدغ ستكون مختلفة عن الإدارات الاقليمية الأخرى في وسط وجنوب البلاد باعتبارها إدارة ليس لها وجود حقيقي على الأرض وان عبد الكريم جوليد يختلف عن أحمد مدوي وشريف حسن ، فالرجل لا يتمتع بنفوذ قوي في المنطقة، ولا يسيطر على اي بقعة من مناطق مدغ وجلجذود التي يتقاسم فى إدارتها   كل من حركة الشباب وتنظيم أهل السنة والجماعة وإدارة حمن وحيب و العقيد عبد قيديد،  و لا تربطه علاقات قوية مع القوات الإثيوبية الموجودة  في المنطقة  كما هو  الأمر بالنسبة لنظرائه في كسمايو وبيدوة  اللذان يتمتعان بنفوذ قوي في  مناطقهما وعلاقة متينة مع القوات الكينية والإثيوبية التي تعمل في المناطق التي تخضع لسيطرتهما. 

في ضوء المعطيات على الأرض ، ونظرا لمجموعة الظروف المحيطة بإدارته يمكن القول سيواجه عبد الكريم جوليد صعوبات كبيرة في معالجة الأوضاع الراهنة في جلمدغ، وانشاء كيان سياسي قوي يحظى برضا الجميع.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى