الوزراء في ترف العمرة وموظفو الدولة يجابهون الفقر في الرمضان

يزور هذا الأيام وزراء في الحكومة الإتحادية ونواب في البرلمان وافراد من أسرة الرئيس حسن شيخ ومسؤولون من الإدارات الاقليمة المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة، وقضاء أيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك في بلاد الحرمين. 

وبحسب معلومات مؤكدة يضم هؤلاء المسؤولون وزراء الشباب والرياضة مع أسرته، والزراعة، والشؤون الدينية ونائبه وعدد من نواب البرلمان ورئيس بلدية مقديشو حسن حسين مونغاب بالإضافة الي رئيس ولاية جنوب غرب الصومال شريف حسن وثمانية من أفراد أسرة الرئيس حسن شيخ محمود، بالإضافة إلى حماته. 

واضافت المعلومات أن هؤلاء المسؤولين يسكنون في فنادق راقية بالمملكة العربية السعودية، ويعتقد ان الحكومة هي التي تغطي نفقاتهم  وتأمن راحتهم خلال وجودهم في المملكة والتي قد تمتد الي نهاية أيام عيد الفطر المبارك.  

لاشك إن الوزراء والمسؤولين يقضون أيامهم في  أجواء روحانية يتنمى كل مسلم ان ينال شرفها ، بل وكلنا يتمنى ان يكون ضمن ضيوف الرحمن في بيته الحرام في مثل هذه الأيام المباركة الا ان المشكلة تكمن في توقيت الزيارة التي جاءت في ظل ازمة اقتصادية خانقة وفي وقت يعاني منه موظفوا الدولة ولا سيما افراد القوات المسلحة من عدم صرف رواتهم منذ أكثر من خمسة أشهر. وبالتالي هل يعد أمرا مصوغا ان يذهب الوزراء والمسؤولون الي العمرة ويتمتعوا في رغد العيش وتحت ظلال الفنادق الوارفة في وقت لم يتقاضى موظفوا الدولة روايتهم منذ أكثرمن ٥ اشهر؟ لماذا لم توجه الحكومة هذه الأموال الي القطاعات التي تعتبر ضرورية في تعزيز الامن والاستقرار في البلاد؟ 

وقد عزا كثير من المراقبين ما تشهده البلاد الأيام الاخيرة من حوادث وهجمات زعزت الامن والاستقرار واخلاء وحدات من الجيش مواقعها في الخطوط المواجهة مع حركة الشباب وخصوصا في منطقة شبيلي السفلى وقيام افراد اخرى من الجيش  ببيع بنادقهم مقابل حزمة من القات أو حفنة من المال الي تأخر مستحقات  افراد القوات المسلحة ورواتبهم الشهرية. بل أن البعض منهم يحذر من انتكاسات خطيرة قد تحدث في الأيام المقبلة ما لم يتم صرف رواتب الجنود في أسرع وقت ممكن.

وقال احد الجنود الذي رفض الكشف عن اسمه متحدثا عن معاناته وكيف تعمدت الحكومة على إذلالهم إنه أصيب خلال أداء واجبه الوطني بخمس طلقات نارية ولم يتقاضى راتبه منذ خمسة أشهر، وهي معادلة صعبة،  وحذر الجندي عن العواقب الوخيمة التي قد يترتب من الاستمرار في نهج اللامبالاة وعدم الاهتمام بمطالب واحتياجات الجيش وقوات الأمن الاخرى التي تسهر ليل نهار من اجل تأمين سلامة وراحة المواطنين والذود عن حياض البلاد من الاعداء الخارجية والداخلية.

وكذلك يعاني وزراء إدارة جنوب غرب الصومال من مشاكل اقتصادية واجهتهم خلال الفترة الأخيرة بحيث عجز كثير منهم دفع تكاليف ايجار الفنادق في مقديشو التي يسكنون فيها  ولا يقدرون حتى تامين وقود سياراتهم، لأنهم لم يتقاضوا رواتبهم منذ اعلان الإدارة نهاية عام ٢٠١٤ في حين لا يضع رئيسهم شريف حسن العصا عن كتفة لكثرة سفره وتنقلاته بين بلدان المنطقة،  ويتحدث البعض انه يستخدم في تنقلاته طائرة خاصة تكلف آلاف الدولارات من خزينة الإدارة. ويتواجد شريف حسن حاليا في المملكة العربية السعودية لأداء العمرة وللإلتقاء مع المسؤولين السعودين وممثلي المنظمات الاسلامية في المملكة بعد زيارات طويلة قام بها كل من كينيا وإثيوبيا. 

هذه الحالات غيض من فيض  من الآثار السيئة التي تتركها قرارات الحكومة  السياسية والاقتصادية السيئة على حياة مسؤوليها والمواطنيين العادين. وبالتالي عندما نرى مثل هذه المشاهد الأليمية الا ينبغي ان نتسائل من اين تأتي الحكومة هذه الأموال التي تستخدمها في تغطية نفقات سفريات مسؤوليها؟ ولماذا لا تصرفها على مستحقيها من المدينين والعسكريين أم ليس لديها مأرب في ذلك؟ ولماذا لا تتحمل المجالس المستقلة المكلفة بمراقبة المال العام مسؤوليتها تجاه الكشف عن جرائم  الفساد الذي يعشعش في الدائر الحكومية ويهدد تدمير التقدم البسيط الذي تحقق خلال الفترة الماضية.

قد يقول البعض ان الوزراء يؤدون واجباتهم الدينية بنفقاتهم الخاص فان ذلك لا يغير من الأمر شيئا، بل يبعث مزيد من التساؤل ويضع أمام المسؤول مساءلة قانونية، لأن الامر يتعلق بمسؤول حكومي كان الجميع يعرف ما كان يملكه  قبل ان يتولي المسؤولية، وكيف كان يجهد في  الحصول على  قوته اليومي. لماذا تتكاثر أمواله فجأة عندما يتم تعينه للمنصب وتبلغه النصاب وتجعله من الذين يستطيعون الي الحج سبيلا.

د/عبدالوهاب على مؤمن

باحث متخصص في علم الاجتماع info@Mogadishucenter.com
زر الذهاب إلى الأعلى