المال السياسي رهان المرشحين في انتخابات المناطق الوسطى

يوم 4 يوليو المقبل سيكون يوما مشهودا للمناطق الوسطى، ويوما تبلغ القلوب الحناجر للمرشحين بالرئاسة ومناصريهم، فيه تتم إختيار أحد المرشحين لرئاسة إدارة المناطق الوسطى( مدغ وجلجذود) والمعلوم أن قائمة المرشحين كثيرة وتضم شخصيات بارزة في الساحة السياسية الصومالية بعضها تقلدت مناصب رفيعة في الحكومات الصومالية من بينهم رئيس الاستخبارات السابق أحمد معلم عبد الرحمن فقيه الذي تقلد خلال السنوات الماضية مناصب سياسية وأمنية رفيعة في الحكومات التي مرت بالبلاد، حيث كان السكرتير الخاص للرئيس السابق شيخ شريف حين كان زعيم المحاكم الإسلامية ثم اصبح في عام ٢٠١١ سفير الصومال بالسودان قبل ان يم تعينه في نفس العام رئيسا للمخابرات الصومالية. 

ومن ضمن من اعلنوا ترشحهم لإنتخابات المناطق الوسطى سفير الصومال لدى جنوب السودان الوزير السابق عبد الرحمن ديناري والعقيد عبد عوالي قيبديد قائد قوات الشرطة الصومالية السابق والرئيس الحالي لإدارة جلمدغ وشخصيات أخرى ليست مشهورة في الأوساط السياسية الصومالية. لكن فيما يبدو فحظوظ  هؤلاء في الفوز برئاسة حكومة المناطق الوسطى المرتقبة ضئلة ما لم تحدث مفاجئات من العيار الثقيل وان هناك لاعبين آخرين. 

ومن أبرز الشخصيات المتوقعة فوزها في رئاسة حكومة المناطق الوسطى، السفير الصومالي لدى إثيوبيا السيد أحمد عبد السلام والسيد عبد الكريم جوليد وزير الداخلية السابق. 

فأحمد عبد السلام رجل اعمال معروف كان مالك إذاعة وتلفزيون القرن الأفريقي قبل ان ينضم الي عالم السياسية عام ٢٠٠٨ حيث عينّ وزيرا للإعلام في حكومة عبد الله يوسف ثم عين فيما بعد وزيرا للأمن في حكومة شيخ شريف عام ٢٠١٠ وهو يشغل حاليا منصب سفير الصومال لدى إثيوبيا. ويعد أحمد عبد السلام من الشخصيات الصومالية القليلة التي تحتفظ بعلاقات جيدة مع معظم الأطراف السياسية في الصومال. 

ويرى كثير من المحللين بانه سيكون الأوفر حظا  والأقدر من بين المرشحين على ازاحة العوائق التي تعترض الطريق نحو هذا الهدف والمتمثلة بنيل ثقة اضلاع مثلث المهتمة بالقضية، الحكومة الاتحادية وإثيوبيا وتنظيم أهل السنة والجماعة وذلك لعلاقته الجيدة بتلك الأطراف الثلاثة ولا سيما إثيوبيا وتنظيم أهل السنة .

وبخصوص وزير الداخلية السابق عبد الكريم جوليد يرى كثيرون بانه الرجل الذي يعده رئيس الجمهورية حسن شيخ محمود لقيادة مدغ وجلجذود وانه مشغول في الآونة الأخيرة بوضع اللمسات الأخيرة لتحقيق فوز سهل أمام منافسيه في انتخابات الرئاسية للاقليم، وأن ملامح سيناريو فوز عبدالكريم جوليد بدأ بالفعل.

وهذا السيناريو ثمثل في راي المحللين الذين اتوافق معهم بتشكيل البرلمان اولا قبل إختيار الرئيس، لأنه إن دل هذا الأمر على شيء فإنه يدل على لعبة سياسية ستهدف في التأثير علي أعضاء البرلمان وتوجيههم من خلال المادة المعروفة ( المال السياسى).

فعبد الكريم جوليد ناشط اجتماعي معروف وأحد أهم القيادات البارزة لحركة الإخوان المسلمين في الصومال وأحد السياسين المقربين من الرئيس حسن شيخ محمود، وكان من أبرز الشخصيات التي ساهمت في احياء قطاع التعليم في الصومال بعد انهيار النظام المركزي عام ١٩٩١. واصبح مرتين رئيسا لرابطة التعليم الأهلي في الصومال (FPNS). ولد عبد الكريم في مدينة «مستحيل» بالمنطقة الصومالية في اثيوبيا. وتلقى تعليميه الأساسي في بلدوين ومقديشو، ودرس العلوم الإدارية بجامعة العلوم والتكنولوجيا في اليمن بالإنتساب، وشغل منصب وزير الداخلية والأمن في حكومتي شرون وعبد الولي شيخ أحمد. 

صحيح ان الرجل يطارده شبح استقالته من وزارة الأمن بعد فشل وزارته في مواجه التهديدات التي تشكله حركة الشباب ضد الحكومة، لكن المؤكد انه تتوفر لديه عوامل عدة تمكنه من الفوز في الانتخابات أهمها، علاقته مع رئيس الجمهورية وبعض شيوخ عشائر «هوية» البارزين بالاضافة الي دوره في اللجان المكلفة بتنظيم مؤتمر العام لتشكيل حكومة المناطق الوسطى وعلى البرلمان أيضاً.

وأعتقد ان الرئيس حسن شيخ ومحمود وحلفاؤه يرون ان إدارة المناطق الوسطى تشكل اهمية خاصة لمستقبلهم السياسي لما بعد عام ٢٠١٦، بل أنهم يؤمنون ان قيادة هذا الاقليم أمر لا محيص به للعودة الي السلطة بعد انتهاء فترة ولاية الرئيس، لأن فقدانهم لهذا المنصب سيقوي شوكته معارضيه وتكون لصالح إدارة جوبا لاند وبونت لاند اللذان يحاولان هذه الأيام تشكيل جبهة خفية معارضة لحلفاء الرئيس لتقليل فرص نحاجه في انتخابات عام ٢٠١٦وبالتالي ليس امرا مستبعدا ان يبدي حلفاء الرئيس شراسة قوية لفوز عبدالكريم بانتخابات المناطق الوسطى في يوم 4 يوليو المقبل.

د/عبدالوهاب على مؤمن

باحث متخصص في علم الاجتماع info@Mogadishucenter.com
زر الذهاب إلى الأعلى