إشكالية انتخابات عام 2016 ومسارات الحل

الحكومة الصومالية، الأحزاب السياسية، الأمم المتحدة، الإتحاد الأفريقي، الدول والمنظمات الدولية الأخرى، الجميع متفقون على شيئ واحد اجراء انتخابات عامة  في الصومال نهاية عام ٢٠١٦، بل وحذر البعض منهم في اكثر من مناسبة من انزلاق البلاد الي الفوضى والاقتتال الداخلي ما لم يتم اجراء الانتخابات في موعدها المحدد.  لكن الإشكالية تكمن في التفاصيل ويدور الخلاف حول شكل الانتخابات وكيفية اجراءها. فهل يتم العودة الي النظام القبلي الذي انتخب على اساسه النظام الحالي أم ستكون هناك صيغة اخرى توافقية؟ 

رؤية الأحزاب السياسية:

ترى الأحزاب السياسية امكانية اجراء انتخابات رئاسية مباشرة على اساس نظام القائمة النسبية الذي يقوم على تقديم كل حزب سياسي لقائمة من المرشحين في كل واحدة من الدوائر الانتخابية متعددة التمثيل، حيث يقوم الناخبون بالاقتراع لصالح الأحزاب، ويفوز كل حزب سياسي بحصة من مقاعد الدائرة الانتخابية تتناسب مع حصته من أصوات الناخبين، والحزب الذي يحوز الأغلية يشكل الحكومة المقبلة.

سلبيات رؤية الأحزاب

 هذه الرؤية غير قابلة للتطيق في ظل الظروف الأمنية والسياسية الراهنة في البلاد، وفي ظل غياب البنية التحتية القانونية والإجرائية اللازمة لإجراء الانتخابات الديمقراطية ومراقبتها. 

وكذلك رؤية  الاحزاب السياسية تفتقد الي الواقعية ولا تجيب عن اسئلة مهمة لتطبيق تلك الرؤية،أهمها : 

كيف يتم تحديد الأحزاب المشاركة في الانتخابات في ظل غياب قانون الاحزاب  الاسياسية والتشريعات الأخرى المنظمة لها؟ 

وهل يمكن استكمال مشروع قوانين الاحزاب والانتخابات خلال عام ونصف؟ 

هل يمكن اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مباشرة في ظل غياب آليات واضحة لتنظيم مثل تلك الانتخابات ونحن نعرف ما حدث في صومالاند وبونت لاند ؟ 

من  يقوم بالإشراف على الانتخابات في ظل الاستقطاب السياسي الحاد في البلاد وغياب الثقة بين الفرقاء السياسيين ؟ 

ومن يضمن نزاهة الانتخابات ؟

 وماذا عن  المسائل الامنية المعروفة وتهديدات حركة الشباب؟. 

رؤية الحكومة والمجتمع الدولي

 قلل مسؤولون في الحكومة والمنظمات الداعمة للصومال من امكانية اجراء انتخابات مباشرة في الصومال  في البلاد  خلال العام ونصف العام المتبقية من فترة حكم الرئيس حسن شيخ محمود في رد صريح للأحزاب التي طرحت فكرة اجراء الإنتخابات على اساس نظام القائمة النسبية وبالتالي اشاروا الي صيغة بديلة التي هي: «نظام المحاصة القبلية مع توسيع دائرة المشاركة». 

هذا الخيار يدعو الي الاعتماد على نظام المحاصصة القبلية لكن بشكل اكثر تطورا من صيغة عام ٢٠١٢  وذلك من خلال تحقيق مشاركة واسعة  لممثلين من المجتمع المدني والاحزاب السياسية، حيث لا يترك الأمر بيد شيوخ العشائر والزعماء السياسين كما كان الأمر في المرحلة السابقة. 

صيغة هذا الخيار :

يتمثل هذا الخيار في ان تتوافق لجنة الانتخابات ممثلة الحكومة الاتحادية والحكومات الاقليمية وزعماء العشائر ومنظمات المجتمع المدني على صيغة انتخاب اعضاء البرلمان الذي سينتخب بدوره رئيسا للبلاد مع تخصيص نسبة معينة للمرأة والشباب وممثلين من المؤسسات المدنية. 

ايجابياته 

هذا الخيار هو الأمثل في ضوء المعطيات على الأرض والاسهل بالنسبة للسياسين والدول الدعمة للعملية السياسية في الصومال، حيث اشار الرئيس الصومالي حسن شيخ وممثل الأمم المتحدة نكولاس كي وسفير بريطانيا في مقديشو في اكثر من مناسبة الي اعجابهم وميلهم لهذا الخيار، لانه الاقراب الي الواقعية في ظل الوضع السياسي والأمني الراهن في البلاد. 

سلبياته

يكرس النظام القبلي ويوسع هوة الخلافات بين العشائر  ويمثل نكسة للمسار الديمقراطي في الصومال

خيارات أخرى

 الي جانب هذين الخيارين فهناك خيارات وصيغ اخرى بديلة ابرزها:

ا-  ان تختار الإدارات الاقليمية اعضاء البرلمان 

يدعو هذا الخيار  الي الاسراع في استكمال تشكيل الإدارات الاقليمية الخمسة في البلاد، بونت لاند، جوبالاند، ومناطق الوسطى، جنوب غرب الصومال، شبيلي الوسطى وهيران ،وان تقوم تلك الإدارات  بالتعاون مع الحكومة الاتحادية  باختيار اعضاء غرفتي مجلس البرلمان والرئيس.

ايجابياته 

هذا الخيار ممكن وقابل للتطبيق وتكلفته غير باهظة، لأن الإدارات الاقليمية المشكلة حاليا هي التي تسطر على الأرض وهي قادرة على اختيار ممثليها في البرلمان بعيدا عن تدخلات الحكومة المركزية.

 سلبياته

لكن هذا الخيار يوسع دائرة سلطات الحكومات الاقليمية ويضعف دور البرلمان الاتحادي ويكون  أعضاؤه عبارة عن كنتونات لا تعطى الولاء  للحكومة الفدرالية ولا تراعي مصالح الشعب، وانما أداة طائعة بيد رؤساء الإدارات  الإقليمية. 

٣-  المجالس المحلية تختار البرلمان الفدرالي 

هذه الصيغة تنص على تنظيم انتخابات المجالس النيابية المحلية  قبل ان ينتهي العام الحالي وخلال مطلع العام المقبل وستنتخب المجالس بدورها اعضاء للبرلمان الاتحادي. هذه الخيار صعب لأنه سيواجه مشاكل سياسية وقانونية ولوجستية .

٤- عقد مؤتمر عام لتقرير مصير  النظام السياسي 

 يدعو هذا الحيار الي عقد مؤتمر وطني عام يشارك فيه مختلف الأطياف السياسية في البلاد، وزعماء العشائر وممثلون من المجتمع المدني لتقرير مصير النظام السياسي في البلاد والإتفاق على صيغة لانتخاب البرلمان  والرئيس والمؤسسات الحكومية الأخرى.

هذا الخيار لا يحظى بقبول لدى شرائح كبيرة من المجتمع الصومالي، لأنه يمثل عودة الي المربع الأول وادخال البلاد في فراغ سياسي وأمني يعطي الفرصة للمتربصين واصحاب المصالحة الضيقة، وبالتالي فإنه مستبعد ويحتل ذيل قائمة الخيارات المطروحة.  

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى