اسماعيل جيلي لـ «الحياة»: رفضنا «الإخوان».. ولا مكان لإيران على أرضنا..و«حزب الله» فتنة كبيرة

 باح الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر غيلي لـ«الحياة» بما في قلبه بمنتهى الصراحة، في كثير من القضايا الحيوية التي تشكل تحدياً كبيراً للمنطقة، خصوصاً العربية. وحين سألته عن طبيعة علاقة بلاده بالسعودية، قال بلا تردد إنه «عاطفي جداً» تجاه السعودية، لأنها كانت أول من بادر للأخذ بيد جيبوتي عند نيلها الاستقلال من فرنسا في عام 1977. وذكر أن العاهل السعودي الراحل الملك خالد بن عبدالعزيز منح جيبوتي 60 مليون دولار لتقف على أقدامها، بعدما أخذ الفرنسيون كل شيء معهم وغادروا البلاد. ووصف ثورات «الربيع العربي» بأنها نكبة. وقال إنه لولا وقوف السعودية مع الشعوب العربية لتعرضت دول عدة للدمار، خصوصاً مصر ولبنان. وكشف غيلي – في الحلقة الأولى من حواره المطول مع «الحياة» في العاصمة الفرنسية باريس – أن أول مكتب أنشأته جماعة «الإخوان المسلمين» خارج مصر أقيم في جيبوتي العام 1930.  وقال إنه ناشد القادة الخليجيين دعم بلاده لمواجهة «الإخوان» والجماعات المماثلة، وتزعم الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز جهوداً لتلبية طلب جيبوتي، أسفرت عن تخصيص منحة خليجية قدرها 200 مليون دولار. وأكد الرئيس الجيبوتي أن بلاده لن توافق على أية وساطة لفتح مكتب لتمثيل إسرائيل في جيبوتي. وشدد على أن تدخل «حزب الله» اللبناني في سورية والعراق واليمن «فتنة كبيرة». معتبراً «حزب الله» جنوداً لإيران، ووصف القنوات الفضائية المذهبية التي تمولها إيران بأنها «تبث الكراهية والحقد والضغائن».  وقال إن علاقة جيبوتي بإيران «سيئة، ونحاول أن نتجنب شرهم». وأضاف إن إيران تسعى إلى السيطرة على مضيق باب المندب، وأداتها لذلك تنظيم «أنصار الله» الحوثي. وأشار غيلي إلى أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أعاد إلى مصر الاهتمام بأفريقيا، ما أدى إلى تطور العلاقات الجيبوتية – المصرية إلى الأفضل. وكشف أن الأمم المتحدة أرسلت بعثة تفتيش لمعرفة أصول وأملاك الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح وأفراد عائلته فلم تجد شيئاً في جيبوتي، وكشف أن بلاده ستستضيف قاعدة عسكرية صينية، قال إنها ستبدأ عملها بعد أسبوعين. ودافع عن وجود قواعد فرنسية وأميركية ويابانية في بلاده. إلى مضابط الحوار:

> كيف تقوِّمون العلاقات بين المملكة وجيبوتي، خصوصاً على الصعيد السياسي والاقتصادي والتعاون الأمني، في ظل إعلان الرياض أخيراً أنها تتباحث معكم في شأن توقيع اتفاق أمني بين البلدين؟ – العلاقات الجيبوتية – السعودية أخوية حميمية مميزة ومزدهرة منذ أمد بعيد، فالمملكة العربية السعودية الشقيقة كانت داعماً أساسياً لنضال الشعب الجيبوتي من أجل الاستقلال. وبعد جلاء الاستعمار من أرض الوطن أصبحت سنداً يرتكز عليه اقتصاد جمهورية جيبوتي، من خلال الدعم المتواصل، سواء بشكل حكومي مباشر، أو عبر المؤسسات المانحة السعودية والعربية، وعلاوة على ذلك فإنه توجد بين البلدين الشقيقين علاقات سياسية متينة، تستند إلى رؤية مشتركة، وتسعى إلى تحقيق غاية مشتركة في شتى القضايا الثنائية أو العربية أو الإسلامية أو الدولية. ونحن نتبادل وجهات النظر السياسية، ونعمل على تنسيق المواقف، وتوحيد الجهود الديبلوماسية في مختلف المحافل الدولية والفعاليات الإقليمية. وكان لهذا الأمر انعكاس مباشر على صعيد التنسيق الأمني، وقريباً ستكلل جهودنا في هذا السياق بتوقيع اتفاق تعاون أمني. وأود أن أشيد بالقرار الذي اتخذه أخيراً مجلس الوزراء بالمملكة الذي فوّض بموجبه وزير الداخلية بتوقيع الاتفاق الأمني المذكور مع جيبوتي.

> حدثني عن خصوصيات العلاقات السعودية – الجيبوتية؟ – أنا عاطفي جداً جداً تجاه السعودية، لأنها أول من ساعد جيبوتي ودعمها، خصوصاً الملك خالد بن عبدالعزيز – رحمه الله. كان أول من بادر بمساعدة بلادنا، لأن الفرنسيين عندما خرجوا من البلد أخذوا كل شيء، وأغلقوا الإذاعة والتلفزيون، والذين أدخلوا البواخر كلهم ذهبوا. فكانت المملكة أول حكومة عربية إسلامية تساعدنا، وجعلت من هذا البلد نشطاً، بمنحه 60 مليون دولار، ما جعل جيبوتي تقف على أقدامها، وهذا فضل لن ننساه، ولن ينساه الجيبوتيون. لأننا آنذاك، وأنا صادق معك، لم نكن نعرف، ولا نتصور مستقبل جيبوتي في عام 1977، واندلعت حرب بين جارتينا إثيوبيا والصومال، والأوضاع في أفريقيا عموماً كانت متردية، فهو فضل لن ننساه مطلقاً للسعودية. علاقاتنا مع المملكة قوية وممتازة، وستبقى قوية. وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز رجل يعرفه العالم، وهو قائد نقدره، وعلاقتنا ممتازة معه، ومع المملكة. والمملكة فيها شباب قوي، مثل ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف الذي قاد حملات ناجحة ضد الإرهاب، وكذلك ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان الذي أثبت قوته بقيادته لقوات تحالف «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل».

> طالبتم مراراً دول الخليج العربية بتعزيز آليات التعاون مع جيبوتي في ضوء المتغيرات المتسارعة في القرن الأفريقي، كيف تنظرون إلى واقع ذلك التعاون؟ وما هي معوقاته بنظركم؟ – علاقات جيبوتي بدول الخليج العربي خاصة وتاريخية، ونحن نقدر الدعم الخليجي المستمر، الذي كان آخره مبلغ 200 مليون دولار قدمه أشقاؤنا الخليجيون لدعم عملية التنمية في بلادنا. وننظر بعين التفاؤل والثقة إلى مستقبل التعاون الوثيق القائم بيننا وبين أشقائنا في الخليج. وفي الواقع، فإن الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي، مستوعبون لأهمية العلاقات مع دول الشرق الأفريقي المجاور للجزيرة العربية؛ وبطبيعة الحال فإن جيبوتي تعتبر القنطرة الجغرافية والثقافية التي تربط العرب بشرق القارة السمراء، وعليه، فإنه توجد حاجة إلى تعزيز وتطوير آليات التعاون في ضوء المتغيرات المتسارعة في القرن الأفريقي، التي تتطلب سرعة الاستجابة على الصعيدين السياسي والأمني. ونحن في جمهورية جيبوتي نعمل على ترسيخ هذا الأمر لدى أشقائنا الخليجيين، فضلاً عن تقديم المقترحات المتصلة بسبل تطوير الآليات التي من شأنها أن تتيح تعميق التعاون المشترك.

علاقاتنا مع دول مجلس التعاون قوية

> هل أثرت ثورات «الربيع العربي» في علاقات جيبوتي مع دول مجلس التعاون الخليجي؟ – علاقاتنا معها قوية، وبعد «الربيع العربي» كتبت رسالة صادقة إلى جميع قادة دول مجلس التعاون، أشرنا لهم فيها إلى أنه يوجد خطر يداهمنا في هذه المنطقة، لأن «الإخوان المسلمين» وجماعات إسلامية متطرفة يحاولون اختراقها، ونحتاج إلى مساعدتكم.  وكما تعرف فإن أول مكتب لـ«الإخوان المسلمين» خارج مصر أقيم في جيبوتي العام 1930، لكنه لم يستمر لأسباب عدة، من بينها عدم قبول الناس لهم. في الرسالة شرحت للقادة الخليجيين أن الفقر يزداد، ولا بد من أن نحصل من الإخوة في الخليج على دعم مستعجل لمواجهة تلك الجماعات. وبالفعل أعطى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – يرحمه الله – الموافقة، ونشط وزير الخارجية السابق الأمير سعود الفيصل في طرح الموضوع، وتم الدعم من دول مجلس التعاون بتخصيص 200 مليون دولار لدعم جيبوتي، من السعودية والإمارات وقطر والكويت.

> أفهم من ذلك أن عُمان لم تشارك في هذا الدعم، ولماذا ليست لديكم سفارة للسلطنة في جيبوتي؟ – عُمان لم تدعم بالفعل، وليست لديها سفارة في جيبوتي، وسياستها كما يقولون: «نحن لا نتدخل، ولا ندعم، لا سنة ولا شيعة».

 روابط نسب مع اليمنيين

> ما هي انعكاسات الأزمة اليمنية الراهنة على بلادكم؟ وما هو حجم مشكلة اللاجئين اليمنيين لديكم؟ وهل تلقيتم تمويلات دولية وإقليمية كافية لتحمل هذه الأعباء؟ – كما تعلمون لا تفصلنا عن اليمن سوى مسافة صغيرة، لا تتعدى 18 كيلومتراً، وهذا القرب الجغرافي خلق بطبيعة الحال وشائج قربى، وروابط نسب، وعلاقات ثقافية وإنسانية، وعادات مشتركة. وبالتالي، فإن أي أحداث تقع في اليمن تنعكس بشكل مباشر على جيبوتي. وكما كانت الحال إبان وقوع أحداث كانون الثاني (يناير) 1986 في عدن، وحرب صيف 1994، فإننا فتحنا أبوابنا لأشقائنا اليمنيين الفارين من الأوضاع المتردية، نتيجة الصراع الدائر حالياً هناك، وقدمنا لهم ما كان باستطاعتنا أن نقدمه. وبما أن إمكاناتنا محدودة، فإننا أطلقنا نداء إلى الجهات المانحة لتساعدنا في توفير المتطلبات كافة للاجئين اليمنيين. لكننا لم نتلق بعد تمويلات دولية وإقليمية كافية لتحمل هذه الأعباء. ومهما يكن، فإن اللاجئين اليمنيين في جيبوتي موجودون لدى أهلهم وإخوتهم، ولن نبخل عليهم بشيء في حدود طاقاتنا وإمكاناتنا.

> كم وصل عدد اللاجئين اليمنيين في جيبوتي؟ وكيف ترون جهود المنظمات والهيئات الدولية لمساعدتهم؟ وما هي أكثر دولة تقدم مساعدات إليهم؟ – وصل عدد الإخوة اليمنيين الذين لجأوا إلى جمهورية جيبوتي إلى عشرة آلاف شخص. بعضهم موجودون في المخيمات التي أنشأناها في إقليم أبخ (شمال البلاد). وبعضهم يعيشون في جيبوتي العاصمة. وهناك آخرون غادروا البلاد إلى دول أخرى. وإلى جانب الجهود التي تبذلها الحكومة، توجد منظمات دولية وهيئات خيرية عربية تسهم في إغاثة اللاجئين اليمنيين، كما توجد أيضاً دول أسهمت في العملية، ومنها المملكة العربية السعودية التي وقعت اتفاقاً مع منظمة اليونيسيف لإغاثة اللاجئين اليمنيين، وقطر واليابان والأردن التي قدمت مساعدات إنسانية. وعلى رغم هذه المبادرات التي تستحق الإشادة والتنويه، فإنه لا تزال هناك حاجة إلى المزيد والمزيد. ومع تواصل توافد اللاجئين اليمنيين بشكل شبه يومي، فإننا نتوقع أن يرتفع عددهم ارتفاعاً كبيراً إذا استمرت الأوضاع المتردية في اليمن.

> كيف كانت علاقتكم بالرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح؟ وماذا كان موقفكم من المبادرة الخليجية التي أقصته عن السلطة؟ – عندما كان علي عبد الله صالح رئيساً لليمن، فإن شأنه كان شأن غيره من القادة العرب الذين كانت تربطنا بهم علاقات تعاون طيبة على الصعيد الثنائي، وفي إطار العمل العربي المشترك. وعندما ترك السلطة، لم تعد هنالك أية علاقة تربطنا به. أما المبادرة الخليجية فدعمناها بقوة لأنها شكلت مرجعاً مهماً لتسوية الأزمة اليمنية، ونجحت في إيجاد إجماع وطني في شأن السلطة الشرعية في البلد قبل وقوع الانقلاب الأخير.

> يقال إن لعلي عبدالله صالح استثماراتٍ وأملاكاً في جيبوتي. ما نصيب ذلك من الصحة؟ – لا توجد في جيبوتي استثمارات أو أملاك لعلي عبدالله صالح، وما تردد من أقاويل في هذا السياق لا أساس له من الصحة إطلاقاً.

> على رغم أنك نفيت في هذه المقابلة وجود استثمارات للمخلوع علي عبدالله صالح في بلادكم، إلا أن الإشاعات تتردد بكثرة في هذا الخصوص، اسمح لي أن أسألك مرة أخرى عن حجم أملاك الرئيس المخلوع في جيبوتي…

– صفر.

> ولا أحد من عائلته؟

– صفر أيضاً، ولا أحد من عائلته. الأمم المتحدة أرسلت بعثة للتفتيش لمعرفة الأصول والأملاك له ولعائلته ولم تجد شيئاً.

> تردد حديث منذ سنوات عن جسر يربط جيبوتي باليمن، هل تلاشى ذلك الحلم؟ – تبلور هذا المشروع الطموح بمبادرة من مستثمر عربي، ونحن كنا رحبنا به في جيبوتي واليمن، ولأسباب تعود لصاحبه في المقام الأول، فإن المشروع لم ير النور. وربما أسهمت في ذلك أيضاً بشكل أو آخر بعض الأحداث التي شهدتها المنطقة.

> توجد لديكم قاعدة أميركية، وأخرى فرنسية، وقاعدة يابانية. وأعتقد أن هناك قاعدة صينية ستفتتح قريباً، ماذا لو عرضت عليكم إيران فتح قاعدة لها في جيبوتي؟

– مقدماً سنقول لا.

> القواعد العسكرية هل أفادت جيبوتي؟ – نعم كثيراً، أولاً لأن الفرنسيين مُنذ السبعينات كانوا موجودين، وأميركا جاءت بعد العام 2001 لمكافحة الإرهاب في المنطقة، وسمحنا لهم بذلك لتكون هذه مساهمتنا، لأننا ليست لدينا إمكانات أخرى. ثم جاءت قضية القرصنة البحرية والميناء الذي نعيش فيه أصبح مغلقاً، نسبة إلى استشراء للقرصنة في البحر الأحمر، وإلا أصبحنا معزولين، فسمحنا لليابان بعد أن طلبوا أن يؤمنوا بواخرهم في المنطقة، سمحنا لهم بقاعدة لتقوم بجولة في المحيط الهندي. والآن سنوقع اتفاقاً مع الصين وستفتتح قاعدة قريباً، وتربطنا معهم علاقات قوية.

> متى ستبدأ القاعدة الصينية عملها؟

– ربما نوقع الاتفاق رسمياً بعد أسبوعين.

> والهند إذا طلبت قاعدة لها؟ – ليست لدينا نية الموافقة على فتح قواعد أخرى. يكفي ذلك.

تأييد جيبوتي لـ«عاصفة الحزم»

> كيف كنتم ترصدون التطورات في اليمن قبل وبعد الانقلاب الحوثي على شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي؟ وكيف تنظرون إلى جهود السعودية لدعم الاستقرار والشرعية في اليمن؟

– كنا نتابع بقلق بالغ التطورات في الجمهورية اليمنية الشقيقة، وظللنا نؤكد ضرورة وضع المصالح العليا لليمن فوق كل الاعتبارات، واحتكام الأطراف والقوى السياسية اليمنية كافة إلى الحوار الوطني، والوسائل السلمية لحل الخلافات السياسية، وتنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، واتفاق السلم والشراكة، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، التي تشكل كلها الأساس الحقيقي لضمان أمن واستقرار اليمن. وبعد الانقلاب الذي قامت به الميليشيات الحوثية ضد الشرعية، قمنا بإدانة هذا الانقلاب، وأكدنا مجدداً مساندتنا للرئيس الشرعي عبده ربه منصور هادي، كما دعونا المجتمع الدولي إلى الانخراط بشكل أكثر فاعلية في عملية استعادة الشرعية، وسيادة القانون في اليمن. وفي ما يتعلق بمواقف المملكة العربية السعودية لدعم الاستقرار والشرعية في اليمن، فإننا أيدنا هذه المواقف التي اتخذتها المملكة من منطلق حرصها على حماية سيادة اليمن، ووحدة أراضيه. وفي هذا السياق، عبّرنا عن مساندتنا لعملية «عاصفة الحزم»، التي أطلقها التحالف العربي بقيادة السعودية ضد ميليشيات الحوثي، تلبية لطلب الرئيس عبدربه منصور هادي لحماية اليمن وشعبه. كما دعمنا عملية «إعادة الأمل» التي أعقبت «عاصفة الحزم». ونأمل بأن تفضي الإجراءات المتخذة في نهاية المطاف إلى حل سياسي من شأنه أن يضع حداً للأزمة.

> كيف تنظرون إلى إمكانات تسوية الأزمة في اليمن الذي لا تفصلكم عنه سوى 18 كيلومتراً عبر خليج عدن؟

– دعونا منذ بداية الأزمة اليمنية إلى وضع الخلافات جانباً، والانخراط في حوار جاد وبناء. ولا نزال ندعو الأطراف كافة إلى الجلوس على طاولة المفاوضات من جديد، وفق مرجعيات المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، ومقررات مؤتمر الرياض الأخير، فضلاً عن تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الداعم لشرعية الحكومة اليمنية. وإذا توافر التزام جاد بهذه المرجعيات، فإنني أعتقد أنه يوجد إمكان كبير، وفرصة مهمة لتسوية الأزمة.

> معروف أن هناك علاقة تاريخية بين فرنسا وجيبوتي. من هم الشركاء التجاريون الرئيسيون لبلادكم في الوقت الراهن من دول الخليج؟ – صحيح أنه توجد علاقات تاريخية بين جيبوتي وفرنسا، ومع ذلك، فإنه يوجد لدينا شركاء آخرون عدة، ومن أبرز وأقدم الشركاء التجاريين لجيبوتي من دول الخليج المملكة العربية السعودية الشقيقة، التي تعتبر شريكاً استراتيجياً لبلادنا في مختلف المجالات، ونسعى حالياً إلى تعزيز ورفع مستوى التبادل التجاري معها. وفي الوقت الراهن، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة تتصدر مشهد المبادلات التجارية التي تتم بين جيبوتي ودول الخليج. وعلى رغم الفتور الذي شاب العلاقات الثنائية أخيراً وانعكس على مجالات التعاون بين البلدين الشقيقين، بما في ذلك المجال التجاري، فإن الأمل يحدونا بأن تعود الأمور إلى نصابها قريباً، ونحن واثقون من ذلك في ضوء ما تتسم به القيادة الإماراتية الكريمة من حكمة وحرص على لمّ الشمل ورص الصفوف، وتنقية الأجواء العربية.

> ما هي الجهود التي تبذلها حكومتكم لتهيئة بيئة قانونية ملائمة لتشجيع المستثمرين الخليجيين؟ وأين تتركز الفرص الاستثمارية في جيبوتي؟ – في ظل الامتيازات التي يوفرها الموقع الاستراتيجي المهم الذي تحتله، وكونها واحة أمن واستقرار في منطقة مضطربة، وطبيعتها البكر، فإن جمهورية جيبوتي تتمتع بكل مقومات جذب الاستثمارات، وعملت الحكومة جاهدة على استغلال هذه المميزات الفريدة أمثل استغلال، وعمدت إلى توفير بيئة مواتية لتنمية الاستثمارات من خلال تبني التشريعات والقوانين اللازمة، فضلاً عن تسهيل وتبسيط الإجراءات ذات الصلة، وتقديم الضمانات المطلوبة.  ويحظى المستثمرون الخليجيون بمكانة خاصة لدينا، وتوجد خدمات وتسهيلات استثنائية لهم. وفي ما يتصل بالفرص الاستثمارية المتاحة، فإنني أحب أن أشير إلى أن فرص الاستثمارات المتاحة في جيبوتي تعتبر مغرية متنوعة تشمل مجالات وميادين عدة، أبرزها السياحة، والفندقة، والعقارات، والطاقة، والصناعة، والموارد الطبيعة، والأنشطة المصرفية.

لا وجود لإيران في بلادنا

> هل هناك أي وجود إيراني في جيبوتي؟ وهل تخشون ذلك؟

– ليس هناك أي وجود إيراني في جيبوتي، ولا توجد لدينا خشية من ذلك.

> كيف تصفون علاقة بلادكم مع إيران؟ – سيئة، نحاول أن نتجنب شرهم، لأنهم عندما يحضرون إلى جارتنا إريتريا لا يحضرون بخير، كما أن تدخلهم في اليمن ودعمهم للحوثيين بالأسلحة التي يوردونها لهم، ويبذلون جهدهم ليسيطروا على المنفذ البحري، وهو مضيق باب المندب.  ومن وجهة نظري أنهم انتدبوا الحوثي لمحاربة اليمنيين لهذا السبب، لأن كل هذه الحرب جاءت من اليوم الذي جاء فيه الحوار اليمني الذي أتى بالخريطة الجديدة لليمن، في ستة أقاليم فيديرالية، والحوثيون أصبحوا من دون منفذ بحري. وأعتقد أن الحرب اندلعت بعد ذلك لهذا السبب، لا يوجد سبب آخر، ولماذا يريدون المنفذ البحري؟ لأن إيران تريده، وهم مطية لها، وتريدهم هم المسيطرون وحدهم عليه، لتستفيد منه، وعلاقتنا مع إيران الآن ليست جيدة، بل تبدو سيئة.

> في شأن علاقة جيبوتي مع لبنان، كيف ترون تدخلات «حزب الله» في سورية والعراق واليمن؟ – فتنة، وفتنة كبيرة، ومحاولة نشر التشيع في المنطقة بدأت منذ فترة، وللمرة الأولى نشاهد محطات تلفزيونية في لندن وغيرها تحاول أن تُشيع الناس، وتسب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا ليس ديناً، إنها مصيبة عظيمة، هذه المحطات تبث الكراهية والحقد والضغائن بين الناس، وما تقوم به سيئ وغير مسؤول.

> هل يمكن أن تصف «حزب الله» اللبناني في كلمة؟

– هم فتنة وجنود لإيران فقط.

> هل تقوم جيبوتي بتفتيش السفن والطائرات الإيرانية التي تتجه إليها بعد رفض دخولها لليمن، أم أنها تصل إليها «استراحة محارب»؟! – الأمم المتحدة هي الجهة التي تشرف على عملية استقبال وتسلم المساعدات الإيرانية، ومن ثم إيصالها إلى اليمن. ووصلت إلى جيبوتي حتى الآن سفينة وطائرة إيرانيتان تحملان مساعدات إنسانية، وقام برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة بتسلم هذه المساعدات، وعادت السفينة والطائرة أدراجهما فارغتين بعد تفريغ شحنتهما، في حين شرع برنامج الغذاء العالمي في إيصال المساعدات إلى اليمن على متن بواخر.

زر الذهاب إلى الأعلى