اتحاد جامعتي بيدم وشرق أفريقيا: مثال يجب أن يحتذى به

خطوة جريئة لا يتخذها إلّا من يتصف بالشهامة ويرعى المصالح العامة قبل المصالح الخاصة و قبل كل شيء  يرشده عقله وعلمه الى جادة الصواب ولا تمنعه الانفة من  أن يتنازل للمجتمع ليجد الافضل ويتطلع الى مستقبل أكثر ضمانا، وبجانبها ترحيب رحب واستقبال رائع من قبل اهل الكرم الذين يسعون الى تقديم أفضل خدمة لشعوبهم بطرق يفرضها وضعنا الحالي، وصدق الشاعر حين قال:

على قدر أهل العلم تأتي العزائم  وتأتي على قدر الكرام المكارم

انضمام جامعة بيدم إلى جامعة شرق أفريقيا- قبل شهر تقريبا- يمثل خطوة من آلاف الخطوات التي نحتاج اليها اليوم، ليس فقط في الجامعات وانما في كثير من المجالات لنجمع قوانا ونؤدي مهمامنا بأقل تكلفة وايسر جهد مع تقديم خدمة أفضل لشعبنا، متصفة  بالجودة لنساهم في تعافي المجتمع من ويلات الحروب الأهلية التي أنهكته لسنين، وفي تماسكه  من جديد لبناء الوطن.

ولنأخذ مثالا لشركة بيكو( BECO) عندما احتوت أكثرية شركات الكهرباء تحت اسمها استفاد المواطنون المستهلكون للكهرباء من ذلك بالحصول على خدمة كهربائية أفضل، وبتخفيض الأسعار بنسبة 34.2% .

مشهد يستحق منّا كل التقدير والاحترام، والتوقف عنده وقفة إشادة ، وخاصة عند من يهتم بأمر التعليم العالي في الصومال، وتهمه قضاياه؛ حيث يحدث هذا الإنضمام وسط وضع فوضوي عارم يحيط بالتعليم العالي في بلادنا، حيث افتتاح الجامعات الأهلية بأعداد هائلة تزيد عن حاجة المجتمع،  مع نعدام الجودة أو ضعفها بدرجة أنها لا تستحق أن تسمى جامعة.

أطلب المسامحة على تأخري عن تدوين مثل هذه الخطوة الجديرة بالتسارع إلى تسجيلها،  وما ذاك إلا لأني كنت مشغولاً طيلة هذه الفترة، مع أن هذا المشهد لم يغب عن ذهني يوماً، هذا من جانب، ومن جانب آخر كنت أتمنى أن يأخذ القلم من هو أحق مني وأكثر علماً لكي يسجل هذا الموقف ويعطيه ما يستحقه من حسن عرض.

ومما لا يختلف فيه إثنان أن الاتحاد قوة والتفرق ضعف، وهذا ينطبق على الجامعات كغيرها من المجالات الأخرى، وخاصة في زمن تندر فيه المقدرة المادية؛ حيث يعرف الجميع عجز أكثرية الجامعات الصومالية عن استيفاء أدنى المعايير التي يتطلبها إنشاء الجامعات، وهذا يحتم على الجامعات الصغيرة التي هي أشبه ما تكون بكناتين التكاتف والتعاون أن تقوي من مستواها الجامعي وترتقي به كي تؤدي مهمتها وتساهم في تنمية المجتمع، أضف إلى ذلك تفادي المشاكل التي يمكن أن تتسبب فيها تلك الكناتين من تخريج طلبة تحمل الشهادات العالية، مع أن مستواهم لا يصل حتى إلى مستوى المراحل التعليمية دون الجامعة، وخريجها بدوره يسبب المتاعب والمشاكل للشعب وللوطن، بدلاً من أن يساهم في تطوره وتقدمه، وذلك يأتي من كونه يظن نفسه عالماً مع أنه في  حقيقة الأمر جاهل، وهو أخطر من الجاهل الذي يعترف بجهله؛ لأنه جاهل يجهل جهالته، ولهذا قالوا: المتعالمون أخطر من الجهلاء.

فبإتحاد الجامعات وإجماع أمرها تحت جامعة واحدة وتجميع قواها يسهل لها الكثير والكثير، ويوفر لها الإمكانات البسيطة التي لديها من أن تتبدّد، لتتطلع إلى ما تتطلعه الجامعات اليوم في تطوير الأداء التعليمي والبحثي والخدمي ، ومن ثمّ تحقيق ضمان الجودة النوعية التي تحقق لها أن تكون في صف الجامعات.

وليس لنا إلا أن نشكر لإدارة الجامعتين ونرجو لهما الخير والتقدم، كما نتمنى لهم عاجلاً غير آجل أن يحققوا ما بسببه اتحدوا، ونراهم في المستقبل القريب أن تحوز جامعة شرق إفريقيا مكانة عالية في جميع المستويات المحلي والإقليمي والدولي، وبهذا أود أن أرسل إلى الكيانين الذين توحدا تحت إسم جامعة شرق إفريقيا جملة من التوصيات  ومن باب تذكرة العاقل:

  1. أن لا ينسوا الهدف الذي من أجله تم هذا العمل السامي وأن يكون هذا الهدف قيمة لا تمسّ، بل يضحّى من أجله بكل غال ونفيس.
  2. أن تتجنب الادارتان كل ما من شأنه أن يثير الاختلاف ويسبب الانشقاق، وأن يكونوا نجوما يهتدى بها وأسوة يقتدي بهم الآخرون.
  3. أن تضع الإدارة السابقة لجامعة بيدم نصب أعينها دائماً ذلك الهدف النبيل الذي أبى عليهم إلاّ أن ينضموا إلى جامعة شرق إفريقيا.
  4. أن تشارك الإدارة السابقة لجامعة بيدم في اتخاذ القرارات المصيرية لجامعة شرق إفريقيا، وأن يعطى لها أعضاء في مجلس أمناء الجامعة.

       كما أني أودّ أن أوصي وزارة التعليم العالي بالآتي:

  1. أن تضع معايير ثابتة وقوانين صارمة وضابطة لافتتاح أي جامعة جديدة أو للإبقاء على الجامعات الموجودة الآن. يتمّ بموجبها السماح بافتتاح الجامعات الجديدة أو حظر افتتاحها، وبموجبها يتم السماح في الاستمرار في الخدمة للجامعات القائمة أو وقف عملها.
  2. . أن يشترط في المناهج التي تدرّس في الجامعات وجود موادٍّ تضمن جعل الطالب الذي يتخرج منها مرتبطاً بانتمائه الديني والوطني والمجتمعي والثقافي، وذلك يتحقق عن طريق دراسة العلوم الإسلامية والتاريخ الوطني والأدب الصومالي.
  3. أن تضع في المناهج أيضاً ما يستجيب لحاجة المجتمع الصومالي حتى يكون الخريج قادراً على انتشال المجتمع من وهدته آخداً بيدهم إلى برّ الأمان.
  4. أن تعمل دورات تفتيشية تقويمية سنوية تستكشف فيها وضع الجامعات وتقييم أدائها الأكاديمي والإداري.

وأخيرا اتمنى أن تكون السلطات التعليمية جادّة في  تعاملها مع الجامعات،  راعية بعين اليقظة تسجيلها ومراقبتها في برامجها التعليمية. وان تكون الجامعات مثالا يحتذى به وألا تكون بيوتا خاوية على عروشها.

محمد عبدالقادر محمد

باحث صومالي حاصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية
زر الذهاب إلى الأعلى