مستقبل الجيش الصومالي… الفرص والتحديات

في ١٥ من شهر مايو الماضي أعلن رئيس الجمهورية حسن شيخ محمود عن بدء عملية بناء جيش صومالي موحد يضم كافة مكونات الشعب الصومالي، وأمر بدمج  التشكيلات المسلحة المتنشرة في مختلف مناطق البلاد  في  المؤسسات العسكرية، مشددا على ضرورة التأكد من ان الجيش يمثل كافة أطياف المجتمع الصومالي لزالة العقبات التي كانت تعترى أمام طريق عودة الثقة بالحكومة والجيش. 

وفي شهر مارس وافق مجلس الوزراء على تشكيل لجنة عسكرية فنية تضم مسؤولين عسكرين كبار وممثلين من الاتحاد الاوروبي وقوة بعثة الإتحاد الافريقي وبرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة برئاسة وزير الدولة لوزارة الدفاع محمد علي حغاي مكلفة بدراسة طرق دمج القوات القبيلية المنتشرة في الصومال في قطاعات الجيش المختلفة. وزارت هذه اللجنة الادارات الاقليمية، جنوب غرب الصومال،  وجوبالاند واجتمعت مع قيادات هذه الإدارات للتشاور حول سبل إنشاء قوة صومالية موحدة تشمل جميع العشائر الصومالية وعلى أساس معيار المحاصصة القبلية  4.5.

تتفق الإدارات الاقليمية في البلاد باستثاء صومالاند التي أعلنت انفصالها عن باقي الصومال على ضرورة وأهمية تشكيل جيش صومالي موحد وقوي لكن تختلف طبيعة القوات العسكرية في تلك المناطق وتتعدد انتماءاتهم، وخريطتها العسكرية هي كالتالي:

1- إدارة بونت لاند: غالبية العشائر القاطنة في تلك المنطقة من عشيرة طارود، ولا تتبع القوات العسكرية  في بونتلاند إداريا وتنظيميا للحكومة الاتحادية وليست جزاء من منظومتها العسكرية.

2- إدارة جلمد، وسط البلاد، فهي جزء من المنظومة العسكرية للحكومة الاتحادية وأن التشكيلات المسلحة الموجودة في تلك المنطقة تتسلم رواتبها من وزارة الدفاع الاتحادية ومقر قيادة الفرقة21 من الجيش الصومالي يقع في مدينة طوسمريب عاصمة اقليم جلجذود التابع لإدارة جلمدغ.

3- جوبالاند:  تتألف جوبالاند من ثلاثة اقاليم، جوبا السفلى عاصمتها كسمايو ، وجوبا الوسطى وعاصمتها بوالي وهي تحت سيطرة حركة الشباب، واقليم جذو وعاصمته جربهاري. وتنتشر قوات تابعة للحكومة الاتحادية في تلك الاقليم، وتعمل ضمن الفرقة 60 التي مقرها في مدينة بيدوة. أما القوات الموجودة  في الاقليمين الأخريين يتمتعان بوضع خاص فهي من حيث الشكل جزاء من المنظومة العسكرية  للحكومة الاتحادية وتتبع لقيادة  قاعدة  54،  لكن من حيث الحقيقة تعمل بشكل مستقل من وزارة الدفاع الاتحادية.

عقبات أمام توحيد التشكيلات المسلحة

واجهت اللجنة الفنية التي شكلتها الحكومة عقبات من هذه الإدارات التي تشترط  على تقاسم مناصب العسكرية العليا في البلاد التي تهيمن عليها عشائر هوية على أساس معيار 4.5. هذا الاشتراط تسبب الي تعثر جهود اللجنة وأصبحت أعمالها بطيئة ولم ترفع حتى الآن تقريرا مفصلا عن مساعيها لوضع إطار لبناء جيش صومال موحد إلي الجهات المختصة. 

 لا نبالغ إن قلنا ليست عملية توحيد المليشيات الصومالية  المنتشرة  في البلاد  ودمجها في قطاعات الجيش عملية سهلة، وذلك للأسباب التالية :

1- إن الثقة بين العشائر الصومالية مفقودة وان تجربة نظام سياد بري ماثلة أمامها في هذه المرحلة وأن 95٪ من المناصب العليا للقيادة العسكرية تسيطر عليها عشيرة واحدة.

2- إن عشيرتي هوية وطارود تتنافسان على مناصب العليا للدولة  ويحاول كل فريق افشال الفريق الأخر. فعلى سبيل المثال لا الحصر ينحدر وزير الدفاع عبد القادر أحمد دينه وقائد العام للقوات المسلحة اللواء محمد آدم أحمد من عشيرة طارود ورئيس الأكان  علي باشي من عشيرة هوية والأخير يحاول على ترقية ضباط من عشيرته وتعينهم مناصب عليا فيما الأخرين يعارضان هذه الخطوات.

3-  إن غالبية أفراد القوات المسلحة الصومالية ينتمون الي  عشيرة هوية. وهذا الأمر يقلق العشائر الأخرى وتبدي تخوافاتها من الإعتداء عليها كما حدث في اقليم شبيلي السفلى، وشبيلي الوسطى، وهيران بعد أن شاركت كتائب من الجيش الصومالي في معارك قبلية وقعت في تلك المحافظات.

4- غياب الإدارة الحقيقة لدى القيادات العليا الصومالية التي تنشغل بالسياسة والاستعداد للانتخابات الرئاسية المقبلة على حساب بناء المؤسسات الأمنية.

5- بعض العشائر ليس لديها تمثيل في تشكيلات المسلحة الصومالية الموجودة في البلاد أو تمثيلها صوري

6-  المشكلة الاقتصادية: لا تتوفر الامكانيات الاقتصادية المطلوبة لتنفيذ عملية الإندماج.

7- بعض القوى الاقليمية كإثيوبيا وكينيا مثلا لا يعجبها عودة الجيش الي المشهد السياسي الصومالي ولا تنظر بعين الرضا الي الجهود الجارية للاجراج جيش صومالي قوي وموحد الا اذا تم طمئنتها واعطائها دورا كبيرا في عملية البناء .

8- تحدى حركة الشباب التي تهاجم باستمرا على مراكز تجميع القوات الجديدة كما حدث لأكاديمية كسمايو التي تعرضت لهجمات متكررة على أيدي عناصر من الشباب.

9- يعيش الصوماليون على أساس عشائري وكل عشيرة تحكم منطقة معينة ولا تقبل أن تستضيف في منطقتها أفرادا من عشائر أخرى، حيث لا يتمتع الجندي الذي لا ينتمي الي هذه المنطقة بالقوة والنفوذ المطلوبة ويرى نفسه بين أقرانه غريبا.

ما المطلوب لتشكيل جيش صومالي موحد؟

1- توزيع المناصب العليا للدولة على أساس معيار المحاصصة 4.5 لطمأنة العشائر

2- وضع استراتيجة قصيرة المدى وبعيدة المدى لإحتواء وتأهيل المليشيات القبلية

3- اعطاء دور كبير للعشائر المهمشة كجرير ويني وشانشي وتعين أفراد منها للقيادات العليا للجيش باعتبارهما محل توافق للعشائر الكبري. ويعتبران أفراد هذه العشائر أكثر ولاء وحبا للوطن .

4- إضافة بند توافقي للدستور الصومالي ينص على توزيع عادل للمناصب العليا للجيش والمؤسسات الأمنية كما هو معمول حاليا في  جمهورية لبنان.

5- وضع اتفاقيات وتفاهمات بين الصومال والدول المجاورة لتبديد مخاوف هذه الدول وضمان عدم قيام الجيش الصومالي ما يهدد أمن وسلامة هذه الدول.

8- إعادة بناء الأكاديميات والمعاهد العسكرية في الصومال

9- إضافة بند قانوني الي الدستور الجديد ينص على حيادة الجيش وعدم تدخله في الشأن السياسي.

10- تتعدد الدول المهتمة بتدريب الجيش الصومالي وكل له أهدافه السياسية والعسكرية بالتالي يجب تنظيم اهتمامات هذه الدول وتحديد الجهة الأساسية التي تتولى مهمة تدريب الجيش.

الفرص:

  1. الرغبة الجامحة لدى المجتمع الصومالي لإعادة بناء الجيش وتسلم مهامه في  الدفاع عن شرف وكرامة البلاد
  2. التحول الذي طرأ في نظرة الشباب والطلاب للجيش وبدء عدد كبير منهم بالانضمام الي الجيش طواعية
  3. التوافق الدولي على إعادة بناء الجيش ودوره في القضاء في إعادة هيبة الدولة
  4. عروض من دول اقليمية ودولية محورية للمشاركة في عملية بناء الجيش الصومالي
  5. تحول قناعات العشائر ورؤساء الإدارات الاقليمية حيال أهمية بناء جيش موحد وضروة ايجاد مظلة عسكرية جامعة تحمي الجميع ويشعر كل منها تحتها بالدفء والأمان
  6. ارتفاع نسبة الشباب في الصومال وتوفر القوى البشرية الشابة التي تكون العمود الفقري للجيش الصومالي
  7. انتشار قوة بعثة الإتحاد الإفريقي  في البلاد والتي تتولى مسؤولية الأمن حتى يتقوى عود الجيش ويصبح قادرا على تسلم مهام الأمن في كافة المناطق الصومالية.
  8. توفر عدد كاف من القيادات الصومالية السابقة وعدد لا بأس به تتخرج من الأكاديميات  والمعاهد العسكرية في الدول الإفريقية والأروبية.
زر الذهاب إلى الأعلى