ما أشبه الليلة بالبارحة… الصومال العربي والأخوة العربية

منذ سنوات، ومنذ نجاح ثورة الرئيس سياد بري على وجه التحديد، يحاول الصومال العربي المسلم ان يحقق تعاونا مع اشقائه العرب والمسلمين على كل صعيد. وكان، ومازال، يحاول اقامة زواج شرعي بين مصادر ثرواته الطبيعية الهائلة والغنية، وبين رأس المال العربي، فيكون وليد هذا الزواح أمنا عربيا غذائيا يكفي الأمة العربية عشرات السنيين وربما قرونا بأكملها.

 لم تتجاوز الاستجابة لهذه المحاولة حدود الشقيقة  ليبيا، ثم الإمارات العربية، وكذلك جمهورية مصر العربية التي أوفدت البعثات التعليمية والازهرية للمساهمة بعملية التعريب التي تجري على قدم وساق في الصومال. 

ولكن « اصحاب الوزن .. والحل والربط»، حسب تعبير الرئيس الصومالي محمد سياد بري، مصرون على تجاهل نداءات الصومال المتكررة، ويقول الرئيس بري إن هناك من يسمم افكارهم بمعلومات كاذبة عن الصومال وشعبه وقدراته. فاذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا يحاول القادة العرب التعرف على الحقيقة مباشرة ؟

هل اغلقت أبواب الصومال في وجههم ؟

هل حاولوا معرفة الحقائق ومنعهم الصومال من ذلك ؟! 

إذا لماذا هذا التجاهل لنداءات بلد يعتز بعروبته واسلامه اعتزازه بوجوده واستقلاله ؟  

هل إن هؤلاء العرب يصدقون ما تقوله أمريكا عن الصومال؟ ويمتنعون عن الاستثمار والمساعدة وتلبية لرغبتها؟

هل يريد هؤلاء العرب ان يعزلوا الصومال عن عروبته واسلامه ؟! 

من المؤكد ان انتماء شعب الصومال العربي والاسلامي ليس عرضة للبيع والشراء . ولم يطلب شعب  الصومال يوما ثمنا لإنتمائه العربي والاسلامي . وهو شعب يصل الليل بالنهار طلبا للرزق والتطور والتقدم… 

ولكنه شعب يرى بأم عينيه صينيين وايطاليين والمانا غربيين وحتى بريطانيين يأتون الي بلاده للمساهمة في تطوير اقتصاده، وتنمية موارده، وتحسين وزيادة إنتاجه، واستئصال الامراض والاوبئة المستعصية من اجسام أبنائه ومن مواطنها في ارض الصومال، ولبناء الطرقات والجسور والمؤسسات والمستشفيات وغيرها ثم إنه لا يرى بينهم عربيا واحدا.

فما هو السبب؟

 ولما تمتنع أموال الخليج العربي بالذات عن دخول الصومال؟

ان ٧٠٠ الف كيلو متر مربعا من الأرض المعطاه و٣٣٣٣ كيلو مترا من السواحل البحرية، ومئات من الآلاف من العمال الزراعيين الصوماليين، والرعبة العارمة في التعامل الذي يعود بالنفع والربح على مصدر الانتاج ورأس المال، يمكن ان تحلق ثروة عربية  لا  تقل اهمية عن الثروة النفط.

ولم يخضع التعامل الاقتصادي والتجاري، حتى بين المعسكر الشيوعي والمعسكر الرأسمالي، للاعتبارات السياسية البحتة في يوم من الأيام، هذا اذا افترضنا ان هناك اعتبارات سياسية تحول دون تدفق راس المال العربي على الصومال .

ونعود فنسأل: لماذا كل هذا الإمتناع الإحجام ؟ وهل نلوم شعب الصومال ان شعر اليوم  بأن  اخوانه العرب يتخلون عنه؟ّ

ان الذكرى تنفع المؤمنين، ولذلك نذكر ان شعب الصومال لا ينتمي الي العروبة طمعا بأموال العرب، ولم يعتنق الاسلام طلبا لعطاءات المسلمين الآخرين.

ولكننا نذكر أيضا، والذكر تنفع المؤمنين  الصادقين، ان حركات التبشير الاستعمارية التي حققت نجاحات لا يمكن تجاهلها  في اندونيسيا وجنوب شرق آسيا عموما وجنوب السودان، وبعض مناطق افريقيا قد ركزت جهودها على الفقراء هناك وأقتعتهم بعد عناء طويل – أن صداقتها لهم تأتي بالغذاء والكساء والمسكن ، وان صداقة المسلمين والإنتماء الي الإسلام لم يغن ولم يسمن من جوع.

نحن لا نقول إن الصوماليين سيصلون الي هذه القناعة، ولوكان هذا ممكنا لحدث في أيام الحكم الاستعماري الإيطالي والبريطاني لبلادهم. ولكننا نقول ان العرب الاغنياء لا يقدوم المثل الصالح لإخوانهم في الصومال. 

مرحى لليبيا وقائدها… الذي كسر طوق العزلة المفروض – عربيا- على الصومال.

مرحى للإمارات العربية المتحدة … التي لبت النداء.. وما يزال الصومال ينتظر منها الكثير 

ومرحى لمصر العربية المسلمة التي لبت نداء الواجب العربي الاسلامي تجاه شعب الصومال..

هل نضيف قريبا: مرحى … ومرحى… مرحى لكل العرب.

*مقال “الصومال العربي والأخوة العربية” لكاتب لم اعثر على اسمه. نشر في جريدة العرب عام ١٩٨٩ احببت اعادة نشره كاملا لأهميته وتطابقه مع واقع العلاقة بين الصومال والدول العربية.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى