عباقرة لهم أصول في المنطقة (26) الأديب والشاعر علي بن عبد الله صواخروني الصومالي (4)

وقد أشرنا إلى علو كعب الشاعر علي بن عبد الله صواخرون عبر أشعاره وإبداعاته الأدبية والفنية في سلطنة عمان، وأنّه شهرته فاقت إلى خارج الوطن، ومع هذا كله كان أحياناً يستغرب الشاعر بنفسه بأنّ البعض لا يظن إنّه عماني الجنسيه بل من دوله أخرى {بإشارة إلى الصومال بسبب لقبه الصومالي} وقال في ذلك ” وهذا التقصير ليس مني على كل حال هذا أنا بإختصار….” .

ومن حق القارئ بهذه السطور وغيرها مما سبق عند حديثنا في تكريم الشاعر علي الصومالي يستشف بأن شاعرنا لم يكن متملقاً يهرول إلي بلاط السلطان  كما كان دأب الشعراء عند بلاط الخلفاء والأمراء أو كعادة أهل المهن والترزق، بل كان كريم الوجه واللسان، وعفيف اليد والقلم مهما كانت طروفه ، وأكثر من ذلك لم يكن يخاف في الله لومة لائم كما اشتهر بيت آل صواخرون ورجالاته الفذة في وسط المجتمع العماني عموماً والظفاري خصوصاً. وصدق عندما قال: 

       ” عزيز النفس ما وطيت قدري *** ولا قد هان بين الناس اسمي”.

مسك الختام: 

من الصعب أن نشير إلى جميع الحلقات المعدودة موهبة شاعرنا علي بن عبد الله صواخرون المشهور بعلي الصومالي  رغم أننا ذكرنا بعضا منها ، وقد أشرنا في الحقلة الماضية خاتمة قصائده قبل رحيله رحمه الله ، بحيث كانت قصيدته الحوت الطويلة خاتمة قصائده وحياته الأدبية والشعرية .

وفاته:

لا أحد منا يشك بأنّ البقاء لله وحده سبحانه وتعالى والإنسان مهما عاش فإّنه يأتي عليه يوم على آلة الحدباء محمول، كما قال كعب بن زهير رضى الله عنه في قصيدته ” بانت سعادة”: 

وكل ابن أثنى وإن طالت سلامته *** يوم على آلة الحدباء محمول

وقد توفى شاعر عمان وأدبيبها علي بن عبد الله صواخرون المشهور بعلي صومالي في يوم الأثنين 10 من ربيع الثاني الموافق 6 أبريل من عام 2009م، وذلك بعدما أصابته بجلطة مميتة وأحضر إلى مستشفى قابوس ، ولم يجدوا له سريراً في غرفة  العناية المركزة فوضع في غرفة عادية في جناح الباطنية ، ولم يعيروه الاهتمام الذي ربما كان ينقذه من ما آلت إليه حالته من تردي، بل ولم ينقل للعناية المركزة إلا بعد يوم آخر والرجل بحاجة لكل دقيقة تمر عليه نظراً لحالته السيئة والحرجة ولم يأتي إلا بعد أن أتت الأوامر من العاصمة مسقط للبحث العاجل وإيجاد سرير في العناية المركزة لشاعر الوطن كما يقول ذلك أحد أصدقائه الكاتب أحمد البرعمي الذي اندهش هذه التصرفات.

ووري جثمان الفقيد تحت الثرى بمقبرة الزاوية بصلالة ، وقد حضرت جمع من الجماهير العمانية الغفيرة من المشيعين في موقف مهيب في لهب الظهيرة الحارقة ، فلا مجال للشعور بتلك اللهيب الحارق الكل كان حزيناً.

وقالوا عن الشاعر علي بن عبد الله صواخرون

كل من يهتم الأدب العماني يتفق على أن الشاعر علي بن عبد الله صواخرون من أهم الشعراء العمان في العصر الحديث ، ولا أحد يشك من إبداعاته ولمساته السحرية وتأثيره في الحركة الأدبية ليس في سلطنة عمان فحسب ، وإنما في كافة منطقة الخليج وفي الأندية الأدبية للوطن العربي. 

الشاعر أحمد الجحفلي

ولما ظهر خبر وفاة الشاعر علي بن عبد الله صواخرون أحدث في أوساط أهل الفن والأدب في داخل السطنة وخارجها الحزن والأسى ، وتناول نخبة من المهتمين بأدبه الحديث عنه، مثل شاعر محافظة ظفار أحمد الجحفلي حيث ذكر : ” يُعدّ علي الصومالي رحمة الله عليه من رواد الكلمة الغنائية العمانية فمنذ عقود وهو صاحب الكلمة الصادقة ذات النكهة الحزائنيه إذ تعكس غنائياته حياته ووحدته وتصوفه في محراب الشعر ، حفظنا له ونحن صغار معظم ما تغنى له وحين تعاون مع فنانين خليجين وضع بصمة عمانية رصعت جبين الكلمة المغناة ورسمت مساراً جديداً وهيبة لكتاب الأغنية في عمان، فهو الوحيد الذي خدم الشعر العماني المغنى وتربع بذلك على الكلمة المهاجرة إذ كون علاقات مع فنانين كبار في الخليج وأصبح المطلوب رقم واحد من عمان».

 واسترسل  الشاعر أحمد الجحفلي حديثه حتى قال ” أذكر حين نزلت أغنية ” الخبر نفس الخبر … ما طرى علم ٍ جديد .. نفس همي والسهر .. ومواجع ٍ فيني تزيد ” اتصل فيني وقال أحمد أريدك أن تسمع ألبوم أصيل أبو بكر الآن في الأسواق وأعطني رأيك في أغنية الخبر ، فعرفت أنها له ، وأعطيته رأيي».

الشاعر أحمد المعشني

ووصف الشاعر أحمد المعشني الراحل بأنّه ” من أهم شعراء ظفار بدأ الحديث عن الصومالي قائلاً : رحيل أخي وصديقي الشاعر الكبير علي عبدالله الصومالي خسارة كبيرة للساحة الأدبية العمانية والعربية ، بدون شك رحمه الله قدم الكثير وبدون ضجيج أو صراع أو خلافات مع أحد .. رحيل علي بالنسبة لي أولا ً فقدت صديق عزيز ورجل أصيل بكل هذا المعنى الجميل .. كنا نتناقش بشرف وضمير وأخلاق كان رحمه الله واسع القلب ويحب الجميع” . 

الشاعر سعيد الشحي

بدأ الشاعر سعيد الشحي حديثه بـ :” إنا لله وإنا إليه راجعون ، فاجعة كبيرة ، خسر الشعر العماني أحد ركائزه الكبيرة والكبيرة جداً .. شاعر صعب تعويضه لأنه يكتب المفرده البسيطة المنتقاه والتي تحرك الأحاسيس والمشاعر .. شاعر يعني الكثير للكثير من الشعراء ، تتلمذ على يده الكثيرين .. تغمد الله برحمته وأسكنه فسيح جناته «.

الشاعر سالم البدوي

حكى الشاعر سالم البدوي عن الراحل قائلاً : ” لم ألتقي بعلي الصومالي رحمة الله عليه، وسبحان الله أتصل بي هاتفيا قبل  أسابيع بالضبط وقال أبحث عن رقمك وبالصدفه كان عنده أحد الفنانين العمانيين ….وطلب المرحوم الصومالي رقمي من ذلك الفنان واتصل بي وهو معه ، وطلب أن نلتقي عندما يأتي إلى مسقط .. ولكن قال أنا لا أستطيع السفر بالطائرة بسبب اختناق يحدث له في الجو ، وقال سـ أحاول الحضور بالسيارة وأنا بانتظار ذلك اللقاء ، حيث أوفى وعدته بإستضافة في برنامج باب القصيد ، ولكن القدر حال بين ذلك ، فلا أقول إلا أن الساحة الفنية خسرت عملاق كتابة الأغنية العمانية الذي تغنى بكلماته كبار الفنانين بالخليج أتمنى له الرحمة والمغفرة”. 

الشاعر عبدالعزيز السعدي

وقال الشاعر عبدالعزيز السعدي فإنّه: ” الحمد لله على كل حال، تلقيت الخبر بوافر الحزن والأسى ،فـ شاعر كهذا أعطى للكلمة الكثير من نبضه وابداعه و تجلياته الجميلة ، الله يرحمه و يدخله فسيح جناته».

الشاعر رضوان الهاشمي 

قال الشاعر رضوان الهاشمي : ” كل شاعر يعني الكثير فهو قد سخر حرفه للشعر وهو ماسيجعله في قلوبنا ينبض بالحياه وإنا لله وإنا إليه راجعون”. 

الشاعر علي العمري

أما الشاعر علي العمري فكانت ردة فعله كالتالي: “يا له من خبر مفجع رحمك الله يا أستاذي العزيز وأسكنك الله فسيح جناته سبحان الله قبل يومين فقط كنت أحدث أحد الزملاء عن هذا الشاعر الرائع والخلوق والمتواضع جدا وكنت أحدثه بأني متابع لهذا الشاعر منذ فترة بعيده ولكني فوجئت بأن البعض لايعرف بأن شاعرنا عماني ،رحمك الله يا أستاذي العزيز».

الشاعر إبراهيم الشكيلي

 وقال الشاعر إبراهيم الشكيلي: ” إنا لله و|إنا إليه راجعون رحمك الله شاعرنا خبر محزن بصراحه ولكن هذه سنة الحياة هم السابقون ونحن اللاحقون اللهم تغمد روحه فسيح جناتك برحمتك يا أرحم الراحمين …الخبر نفس الخبر… ما طرى علم جديد لن يأتيك خبر جديد مستقبلا يا شاعرنا… رحمك الله ولكن.. سندير دفة الأخبار الجديدة… ونأمل أن نوفق فيها.. لكي نحيي قلمك وأقلام من هم في مقامك إنا لله وإنا إليه راجعون». 

الشاعر كامل البطحري

 أما الشاعر كامل البطحري فاختصر كل ما يجب أن يقال في البيتين التاليين:

مات الذي مـن موت شخصه بكينا  ***  من بعد ما قـــدّم دروساً كثيره

من شعـر راقي من شفـاه ارتوينا       *** علي ومثلــه مانجبت اي ديـره 

ومما سبق يظهر لنا ونستشف علو كعب الشاعر علي بن عبد الله صواخرون ومكانته  العظيمة لدى أهل الثقافة والأدب والفن في سلطنة عمان وخارجها، والاحترام الذي يكنونه لتلك الشخصية المرموقة وهذه القامة المتميزة . 

رحم الله الشاعر علي بن عبد الله صواخرون وجزاه الله ما قدم لوطنه وللامة العربية خير الجزاء.

 

د/ محمد حسين معلم علي

من مواليد مدينة مقديشو عام 1964، أكمل تعليمه في الصومال، ثم رحل إلي المملكة العربية السعودية ليواصل رحلته العلمية حيث التحق بجامعة أم القرى قسم التاريخ الإسلامي حيث تخرج في عام 1991م، ونال الماجستير بنفس الجامعة في عام 1998م ،كما واصل دراسته في كل من السودان والنرويج، حيث نال درجة الدكتوراة بجامعة النيلين عام 2006م، أما في مملكة النرويج فقد تخصص بالدراسات التربوية وكذا الثقافات واللغات المتعددة في جامعة همر بالنرويج. وعمل أستاد التاريخ والحضارة الإسلامية في الجامعة الإسلامية في مقديشو - الصومال، وهو عضو في عدد من المنظمات المحلية والإقليمية والدولية، أصدر "ديوان الشاعر بعدلي" عام 2002م ، و"الثقافة العربية وروّادها في الصومال" عام 2010م، وله عدة بحوث أخرى، يقيم الآن بالنرويج .
زر الذهاب إلى الأعلى