الصومال ووحدة القرار

إذا نظرنا الي التطورات الأخيرة  التي شهدتها الساحة السياسة الصومالية في الأسبوعين الماضيين، وخاصة مؤتمر جروي واللقاءات التي تمت في مطار مقديشو بين وزيرالخارجية الامريكية والقادة الصوماليين، نجد أن هناك تغيرات جوهرية بدأت تطل على الصوماليين، وأن هناك شمساً تشرق على الصوماليين من جديد تبدد الظلام والصورة القاتمة التي كانت تطارد كل الصوماليين أينما باتوا وحلوا ……. 

  ونوجز هذه التطورات ما يلي:

 أولاً:  القرار الصومالي بدأ ينحصر شيئاً فشيئاً حتى وصلنا هذه اللحظة أن نرى في مؤتمرات القادة الصوماليين، تكفيهم طاولة تسع أربع أو خمس أفراد،  كما رأينا في مؤتمر جروي وقبله مؤتمر  مقديشوالذي جرى  بين الحكومة الفدرالية و حكومات الاقاليم، وهذه الصورة مختلفة تماماً عن الصورة التي تعودنا في مؤتمرات المصالحة الصومالية التي كانت تجرى في دول الجوار بغية لم شمل الصوماليين، فعلى سبيل المثال كم ممثلين شاركوا في مؤتمر إلدورايت الكينية ؟ وقل فيها مؤتمر عرتا في جيبوتي، كلهم كانوا يدّعون أنهم رؤساء أقاليم الصومال.. وكأن للصومال لديها أكثر من ألفي إقليم ! كنا في هذه المذلة ما يقرب في ربع القرن، لكن الآن يبدوا أننا تخطينا هذه المرحلة ولو بنسبة قليلة.

ثانياً : تتبعت كلمات القادة الذين اجتمعوا في جروي، فلاحظت أن هناك أشياء شبه متفقة عليها، ومنها قضية المنح والمساعدات التي تحصل باسم الصومال، فكلهم رفضوا أن تتقاسم المافيا هذه المعونات في عاصمة كينيا بأي وجه من الوجوه، فاذا سمعت مثل هذه الأفكار، سواء كانت من قبيل الصدفة أو عمداً، وكذلك بغض النظر هل يطبقون هذه الأشياء أو لا، فهذا ليس محل نقاشها، فإن دل على شئ فإنما يدل  أن خطاب القادة الصوماليين طرأ عليه تطور،  وبدأ يعبر ولو بنسب قليلة عن طموح وتطلعات آمال الشعب، كم تمنينا أن نرى من يجرأ مثل هذه المواقف ؟؟

ثالثاً : إذا أراد دبلوماسي أو مسؤول كبير من احدى الدول أن يجتمع قادة صوماليين، كان يصعب عليه أن يعثرمراده لأنه بكل بساطة هناك مائة شخص كل يدعي أنه ريئس فكيف يقابل كل هؤالاء ؟ كيف يجد مكاناً يسع كل هؤلاء ؟ أم أنه يلتقي بهم في قاعات المحاضرات ؟ … ولكن يبدوا أننا تخطينا هذه المهزلة ، وخير دليل ما جرى بين وزير الخارجية الأمريكية وبين قادة الصوماليين في مطار مقديشو في أول الأمس، فكان اللقاء بين الوزير وأربع رؤساء بالاضافة الى رئيس الوزراء الصومالي، هذه شئ جيد لأننا وصلنا عدد محدود جداً من الرؤساء إذا قارنا في الأعوام الماضية، وأتمنى أن يأتي يوم يكون للصومال رئيس واحد يمثل جميع الصوماليين، وان يستمر العدّ التنازلي لهؤلاء الرؤساء .

عبد الفتاح محمود دعالي

كاتب ومدرب معتمد ومحاضر دولي في التنمية البشرية
زر الذهاب إلى الأعلى