أهمية نقل الواقع الصومالي إلى الإعلام المرئي العربي والعالمي

يقول د. عبدالعزيز المقالح الشاعر والأديب رئيس جامعة صنعاء لعقدين، في مقاله “درس إيجابي من الصومال”: (وإنما يهمني من صومال اليوم درس إيجابي جدير بالمحاكاة والاقتداء، وأن يأتي هذا الدرس من الصومال الممزق الجريح فإنه يدل على شيء كبير ومهم، ذلك الشيء هو أن الأحداث المؤلمة التي دمرت الدولة في تلك البلاد، ودمرت المباني لم تدمر عقل الإنسان الذي ظل حياً ينبض ويفكر ويبحث عن الحلول العاجلة لإيقاف امتداد المأساة إلى كل شيء في حياة الناس والدفع بهم إلى الوقوف في حالة من الحيرة الشاملة والإحباط التام).

يتفق معظم الصوماليين بكل أقاليمهم وانتماءاتهم، على أن عدم المعرفة بهم وببلدهم وتاريخهم هو القاعدة السائدة، حين يأتي الأمر للمثقف العربي، بعد أن أصبح معتادًا هذا الجهل من الفئات الشعبية العربية، ناهيك عن التنميط الذي رسّخه الإعلام في بحثه عن الخبر المثير، وحرصه على تغطية الأحداث الدموية، التي من السهل الحصول عليها بأقل كلفة، وأقصر السُّبُل، مؤديًا ذلك إلى إدخال الإنسان الصومالي في حالة “رقمية”، ترد في تعداد الضحايا والقتلى والمصابين، مقللة من قيمته ككائن إنساني، في ظل الحالة الإعلامية المزمنة المنحصرة في سرد جانب من حياته المتمثل بالمعاناة، من الوضع الأمني والصراع القلي المسلّح أو الأزمات البيئية والأزمات المصطنعة من قبل الجهات التي تعلنُ عن رغبتها في تقديم العون والمساعدة!

في حين أنّ هناك جوانب غاية في الأهمية من حياة ذلك الإنسان “الصومالي” تستحق إلقاء الضوء عليها، معبّرة عن عظمته وقدرته على الاستمرار بل والازدهار، بعد أن أظهر قدرًا كبيرًا من الإبداع والإصرار على تحسين أوضاعه، متجاوزًا كل العقبات التي تضعها الظروف في طريق استمراره، وعلى الرغم من تجدد المشاكل واتساع طيفها، فإنّ تجاوبه المبدع معها خلق بالمقابل واقعًا شديد التلوّن والغنى، قد يجعل ما يكاد الآخرون الغرباء عنه، يساهمون في تهميشه والاستسلام للركون إلى الصورة المعتادة “الطارئة” على وضع وتاريخ أرض عاش الإنسان فيها منذ آلاف السنين، تاركًا آثار رائعة وضاربًا المثل في حفاظه على صفاته وثقافته في عالم خضعت معظم شعوبه للإذابة بصورة أو أخرى في منظومات سياسية وثقافية دخيلة عليها، بقوة الهيمنة الاقتصادية والعسكرية، وهو ما يجعل الحالة الصومالية من مبتدئها إلى منتهاها حالة شاذة في النسق العام المحيط بها إقليميًا وعربيًا وإسلاميًا وعالميًا أيضًا.

ما الذي يستحق الرصد الإعلامي في الشأن الصومالي؟

الفكرة الأساسية التي قد تحملها التجربة الصومالية التي صنعها الإنسان الصومالي، هي أن الشعب الصومالي لم يكون بحاجة لطرف أجنبي يعيد إليه الأمل، بل أن الأمل ينبع منه ويُبنى بالعمل الدائم بشكل مداب ويومي، وعدم الاستسلام لمخاطر المراحل الطارئة، بل والاستمرار في البناء وتوفير مستلزمات الحياة جميعها، دون اعتماد على ما هو معتاد من من وجود مؤسسات الدولة التي غابت لفترات طويلة عن مساحة واسعة من البلاد.

وإنه من غير المنطقي نفي الأحداث الدامية التي مرّت بها البلاد، والتي تشتعل وتخبو بين الفينة والأخرى في بقاع متفرقة، إنّما من المهم أيضًا استعادة التفكير المنطقي والإيجابي الذي يحيط باستمرار الحياة، وتطورّها وارتفاع مستواها المستمر في البلاد، نتيجة لجهود أبنائها الذين يسعون لحل كل المشكلات القديمة والطارئة باستثمار عقولهم، وتسخير خبراتهم  ومواردهم التي كوّنوها في الداخل، أو عادوا بها من الخارج.

إن الحالة الصومالية بفسيفسائها السياسية على الأرض، وكمية العمل والبناء وإعادة الإعمار والتقدم وتوفّر الخدمات، تخلق حال انبهار حقيقي رصدناها فعليًا من قبل الإعلاميين القلائل الذين، كانوا على درجة كافية من الشجاعة، ليقوموا بالحضور إلى البلاد، سواءًا مناطقها المستقرة والامنة، وغيرها مما يحتاج لاحتياطات أمنية ممكنة التأمين بيسير جهد، وبنتائج مضمونة، ولم يخفِ أيٌّ منهم اندهاشه باختلاف ما لمسه على أرض الواقع عن الانطباع المسبق الذي راكمته التغطيات المجتزئة والسلبية والمائلة للاستسهال، أو التي تحركها حملات جمع التبرعات الغربية لصالح منظمات غير حكومية أجنبية ودولية ليس خفيًا ما يشوب عملها من ظلال الفساد وعدم الجدوى والجديّة!

معرفة يحب أن تصل إلى الجهات الإعلامية العربية والأجنبية

من المفيد دائمًا أن يدرك العاملون في القطاع الإعلامي العربي والأجنبي، معلومات بسيطة قلما تتوفر عبر المقالات والتقارير الإعلامية المقتضبة التي تركز على جزئية معينة من موضوع محدد أو تجربة فردية أو ذات حدود معينة، وتلك المعلومات التي يجب أن تصل إليهم لتسهيل وصولهم لقرار العمل على تغطية حياة الإنسان على أرضنا، سواءًا كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو بيئية أو حتى ترفيهية، وقد تكون تلك المعلومات من البدهية والبساطة للصومالي، أن يُفاجأ بأن غيابها قد يؤدي إلى إطفاء أي نزوة فكرية أو حماس آني لدى الإعلاميين العرب والأجانب حين يبحثون عن مناطق “بِكْرٍ” إعلاميًا، قد تساعدهم في تحقيق الـ”سبق” أو “إنجاز” قد يشكل إضافة لسيرتهم الذاتية، التي تضمن تطوّرهم المهني، وقد يكون من المفيد إدراك وجود كوادر صومالية، ذات خبرة في مجالات الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع، يمكنها أن تقدم الكثير من العون والمساندة، وتساهم في تأمين اللازم على الأرض من حيث القيام بمهام التنسيق والتنظيم والدعم والإمداد، ولتكتمل المعرفة بالبلاد.

دليل السفر إلى الصومال:

  • أن البلاد بمناطقها موصولة بالطيران مع العالم، من خلال رحلات طيران آتية من “أوروبا” و”آسيا” و”إفريقيا”، في رحلات يومية متوفرة في المطارين الدوليين الرئيسيين في “مقديشو” و””هرجيسا”.
  • يستوجب الدخول إلى البلاد الحصول مسبقًا على تأشيرة دخول صادرة من السفارات الصومالية العاملة في الخارج، كما يمكن الدخول بعد الحصول على دعوة من جهة رسمية أو أهلية مرخّصة.
  • أنه تم تجاوز تراجع جودة الطرق البرية بوجود شكة من المطارات المحلية المنتشرة في كل مناطق القرن الإفريقي، تضمن رحلات يومية ونصف أسبوعية وأسبوعية إلى معظم المدن الرئيسية في البلاد.
  • تحتوي معظم المدن الرئيسية على فنادق مقبولة الكلفة تؤمن الاتصال بالشبكة الدولية والتكييف والماء الساخن والوجبات.
  • يمكن بسهولة توفر خدمات الانتقال كالسيارات المستأجرة، والسيارات بسائقها بكلفة معقولة ودون تعقيدات.
  • يمكن تأمين ما تشترطه الجهات الحكومية من حيث “أمن الزائر” المتنقّل في البلاد، ممثلًا بالالتزام بعدم التحرك إلا بمرافقة أمنية المتراوحة بين سيارة مع أربعة حرس مسلحين في بعض المدن، أو مجرّد حارس مسلح واحد مرافق في حال التحرك خارج المدينة في مناطق أخرى.
  • من السهل الحصول على التصاريح والتراخيص الرسمية اللازمة للعمل على الأرض.
  • أن شبكات الاتصالات للهاتف النقّال تغطي معظم مناطق البلاد إن لم يكن كلها، وبجودة عالية بالغة الجيل الرابع G4، متفوقة على بلدان لم تعاني أي هزات في استقرارها.
  • أن كلفة الاتصالات الدولية والداخلية في البلاد من أرخص التعرفات في العالم، مع توفر الانترنت للهواتف الذكية بجودات متفاوتة حسب الشبكات.
  • وفرة مخدمات الانترنت بسرعات وجودة مناسبة، ووجود خدمات الانترنت المتنقل.
  • أن الدولار هو العملة الرديفة للعملتين المحليتين، ويمكن التعامل بها نقدًا.
  • يمكن أن يستغني الشخص عن حمل المبالغ المالية النقدية عبر تفعيل خدمات التحويل المالي باستخدام الهاتف النقال كخدمات ” زاد” و”EVC” و”E-Dahab”، متوفرة بالدولار غالبًا وبالعملة المحلية أحيانًا أخرى، متراوحة حدود الرصيد ما بين 300$ إلى 2000$.
  • أن البلاد وسبب جوها الجاف عمومًا، تخلو من الأمراض الاستوائية والعدوات المستوجبة للتطعيم، كما تخلو المناطق الحضرية من الأنوفليس.
زر الذهاب إلى الأعلى