هل أصبحنا اليوم صراصير في نظر الأروبيين؟

كنت أتصفح مواقع الأخبار بحثا عن آخر الأخبار حول المأساة التي راح ضحيتها قرابة 700 مهاجراً في عرض البحر المتوسط في الأسبوع الماضي،  فوقع نظري مقالاً وصف الآجئين و المهاجرين بالصراصير، وكانت المفاجأة الكبيرة أن هذا المقال كتب  في جريدة (صن) البريطانية، فقلت في نفسي لعل كاتب هذا المقال من القلة القليلة التي خيمتها عقولهم الكراهية و البغض، ولا يعبر عن عقيدة الأروبين تجاه الآجئين، فواصلت القرآة التعليقات الأروبيين حول هذه  المأساة المروّعة، فرأيت عجب العجاب !!

 و من العجائب التي قرأتها أن دول الغربية تركزت في قممها حول الهجرة على الوسائل الدفاع والرعب في نفوس المهاجرين، بل ودعوا الى تسليح دول الحدود الجنوبية للاتحاد الأروبي لتلعب دور الحارس القلعة، و كأن هؤلاء المهاجرين الذين يعيشون واقع البطالة والفقر في بلادهم ويحلمون بالسفر لدول أوروبية والعيش حياة رغدة ويجمعون فتات من تملكه أسرة ممّا تبقى لديها من مال، عدواً يجب مواجهته،

 أين الضمير الأروبي الذي كان يتغنى بالرحمة ؟ .

وكان من الأفكار الغريبة أيضاً أنه تم تداوله في أوساط الأروبين بتقليص المساعدات والجهود المبذولة لإنقاذ هؤالاء، لأن هذه المساعدات تشجع الراغبين الى الهجرة، وأنه يجب تدمير القوارب المهربين … ومعنى هذا أنه في حالة التدمير القوارب سيستهدف المهرب واللاجئ  معاً وإلا كيف يميزون بينهم إذا كان الاستهداف في عرض البحر ؟ بل قال أحد  المسؤولين عن عمليات الاغاثة البحرية ( من الأفضل أن يموت اللاجئون في عرض البحر لأن ذلك يعد رادعاً أفضل من إنقاذهم، والتكاليف أقل سياسياً ومالياً ) ! بل وصل الأمر أن يتساْل رئيس البرلمان الأروبي مارتن شولتز .. كم عدد الناس الذين يجب أن يغرقوا قبل أن تتحرك أوربا ؟؟؟ 

فإذا كان هذا موقفهم نحوك فهل تعد أروبا الحلم المستقبل الذي يتمنى كل شاب وشابة  لكي يعيشوا في رغد من العيش ؟  أما آن الأوان لنراجع أفكارنا أولوياتنا تجاه مستقبلنا ؟ ألم يحن الوقت الذي يجب علينا أن نستعيد كرامتنا التي لوثتها الجاحة و الفقر المدقع الذي اضطررنا الهجرة الى بلدان يصفوننا بالصراصير ؟ أيعقل أن نستنجد من يقول ( من الأفضل أن يموت اللاجئون في عرض البحر لأن ذلك يعد رادعاً أفضل من إنقاذهم، والتكاليف أقل سياسياً ومالياً ) .

ألا يجدر بنا أن نٌرِي هؤلاء أننا لسنا صراصيراً تعيش فتات طعامهم ، وما يجمع منهم من الضرائب ؟ ألا يجدر بنا أن نستخرج خيرات أرضنا لأنه من لا يملك قوت يومه لا يملك قراره .

عبد الفتاح محمود دعالي

كاتب ومدرب معتمد ومحاضر دولي في التنمية البشرية
زر الذهاب إلى الأعلى