سلسلة مقالات عن قوانين النهضة(غربلة أفكار المحتمع 4)

غربلة أفكار المحتمع (4)  الفساد .

بدأنا في الكلام عن غربلة أفكار المجتمع، وأكدنا أن المجتمع يصنع المعجزات في نهضة بلده إذا اعتنى أفكاره و طوّرها، وبيّنا أن سلوك المجتمع تتغير عندما تتغير أفكاره سلبا وإيجاباً.

وتكلمنا في الحلقات الماضية بعض الأفكار المدمرة كالقبلية المقيتة،  وفي هذه الحلقة سوف نسلط الضوء واحدة من أخطر الأفكار الهدامة التي جعلت الصومال في ذيل قائمة الدول الفاسدة، ألا وهو الفساد !!  ولا غرابة أن تكون  قضية  الفساد فكرة متأصلة ومتجذرة في عقول بعض الأمة، وعششت في عقول الأمة، حتى انتجت  سلوكيات خبيثة كالمحسوبية، وتعامل الرشاوي في أوساط  الحكومة.

إن الفساد  جوانبه متعددة، وفروعه متشعبة، ففيه فساد مالي، فساد، إداري،  فساد سياسي، ونحن اليوم في زمن توغل الفساد واستشرى في جسد الأمة، حتى اخترعوا له أسماءً براقة، فسموه فيتامين سي، إكرامية، خدمة ونحو ذلك.

وإذا نظرنا في محتمعنا نجد أن الفساد بكل أنواعه كبّل الأيادي البنّاءة، وشل قدرة العقول المفكرة، ولوّث ضمير الحيّ، ودمّر شحصية الانسان السياسي، وأعمى الأبصار المبصرة، حتى أصبح بلدنا كالشجرة الجوفاء التي نخرها السوس نخاعها، فلم يبق إلا اسمها ! فإذا كان هذا حال بلدنا فكيف ينهض ؟.

ومازلنا نتساءل ماالذي جعل بلدنا أفقر البلاد رغم أنه يملك معظم مقومات التقدم و النهوض ؟ إنه الفساد يا سادة ! . ماالذي جعل بعض أبناء الأمة يأخذون ويسيطرون المساعدات  والمعونات التي يقدمها المنظمات و الهيئات الخيرية  الى الفقراء و المحتاجين عبر صفقات مشبوهة ؟ أين الضمير  ؟ واحد يأخذ لقمة أخيه الجائع ويبيعه في السوق السوداء بأسعار مضاعفة ؟ أين الانسانية ؟  إنه الفساد الذي دمّر إنسانية الانسان وجعله يتدنى الى مستوى اللاانسانية .

ولكن من حقك أن تسأل أيها القارئ ما هي الأسباب التي تجعل الانسان يتعامل بالفساد ؟.

1-    قلة الورع و الزهد، أن لايبالي الشخص أين يأتيه المال الذي يدخله في جيبه، و أن يكون شعاره ” المهم الفلوس وليس المهم من أين يأتيه المال ؟ “.

2-    سوء الادارة في جميع مستويات الدولة، ووصول درجة يعتقد المسؤول أن البلد ملكه، وأنه يتصرف كيفما شاء، وإذا اعترض  عليه أحد هذا السلوك يعتبر أنه خائن.. عميل… ضعيف شخصية !!!.

3-    عدم تقديم الخدمات المجتمعية الا بالرشاوى، ويكون شعار الموظف “اعطني حلاوياتي  وإلا ؟ اعطني رشوة  وإلا ؟  “.

4-    قلة الأجور الموظفين في القطاعات الحكومية، هذه من الأسباب الرئيسية التي تجعل الموظف يتعامل بالرشاوى، لأن أجرته لا تكفّي متطلبات حياته الضرورية.

5-    عدم وجود منظمات أو جهات رقابية لديها القدرة على محاربة الفساد، سواء كانت مدنية أو حكومية.

بعض الأضرار الناتجة عن  الفساد :

1-    تدمير الكفاءات وعدم اسنادهم الى مناصب الدولة.

2-    الإحباط وقلة الإنتاج في صوفوف الموظفين.

3-    عدم إتقان العمل وكثرة الإهمال والمبالات، وقلة الأمانة و كثرة الشكوك وفقدان الثقة بين المجتمع.

عدم المساواة بين فئات المجتمع في فرص العمل، أن يكون التوظيف مبنياً على المحسوبية.

عبد الفتاح محمود دعالي

كاتب ومدرب معتمد ومحاضر دولي في التنمية البشرية
زر الذهاب إلى الأعلى