ما هي أوجه التعاون الممكنة بين الصومال والسودان؟

بعد الزيارة التاريخية التي قام بها رئيس الجمهورية إلي السودان والتي تكللت بالنجاح، ثمة حاجة ملحة إلي تحديد أوجه التعاون الممكنة بين الصومال والسودان اللذين تربط بينهما علاقات أخوية قوية امتدت لآلاف السنيين والتي كانت تتعمق وتترسخ في السنوات الأخيرة على خلفية دخول عدد كبير من خريجي الجامعات السودانية في الدوائر الحكومية ومراكز صنع القرار في الصومال.

قام الرئيس حسن شيخ محمود نهاية الأسبوع الماضي على رأس وفد كبير بزيارة تارخية للسودان استغرقت يومين وذلك تلبية لدعوة رسمية من نظيره السوداني الرئيس عمر حسن البشير . وكانت الزيارة هي الأولي من نوعها منذ سنوات نظرا لما كانت تشكل من أهمية قصوى لتطوير العلاقات بين البلدين وتعزيز تنسيقها فيما يتعلق بالتطورات الجارية في القرن الأفريقي ومنطقة الشرق الأوسط، ولتجسيدا العلاقة  المتينة بين الشعبين الشقيقين الممتدة منذ نشأة البلدين ولتترجم ما وقع البلدين في السنوات الماضية من اتفاقيات إلي حقائق ملموسة لا تخطؤها العين.

رافق رئيس الجمهورية حسن شيخ محمود في زيارته للسودان وفدا رفيع المستوى ضم معالي وزير الداخلية عبد الرحمن محمد حسين و مستشار الرئيس للشؤون السياسية  والناطق بإسم الرئيس السيد اويس حاج يوسف والسيد علي محمد عمر المدير العام لرئاسة الجمهورية و الجنرال عبد الرحمن محمد توريري قائد جهاز الأمن القومي و المخابرات و الجنرال عبد الرحمن عيسي مستشار الأمن القومي .

خلال الزيارة وقع البلدين اتفاقيات تعاون مشتركة في عدد من المجالات ولا سيما في المجال الأمني، والتجاري، والتعليمي، والصحة. وتم الاتفاق على تشكيل لجنة تنسيقية رفيعة المستوى تتولي مهام  التسيق السياسي والأمني بين البلدين.

كما تم الاتفاق بحسب ما نقلته وكالة السودان للانباء علي ضرورة وضع أسس راسخة للتعاون المشترك وتبادل الخبرات لـ”مواجهة المهددات الأمنية و المخاطر الناجمة عن انتشار التطرف و الإرهاب في الإقليم ودعم و تعزيز الجهود الإقليمية والدولية في هذا المجال” والتصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية و الاتجار بالبشر و الجريمة المنظمة،حيث عبر رئيس الجمهورية عن تقديره لجهود السودان في التعاون مع المجتمع الإقليمي والدولي لمواجهة هذه الظواهر.

ووفقا للوكالة، اتفق الرئيسان السوداني والصومالي علي تكثيف التعاون والتنسيق في كافة المنابر الإقليمية والدولية تجاه القضايا التي تهم البلدين حيث ثمنا المقررات الصادرة عن قمة الاتحاد الأفريقي الأخيرة بشأن الموقف الأفريقي الجماعي للتصدي لدعاوي المحكمة الجنائية الدولية و تأييد السودان في مطلبه العادل برفع العقوبات الاقتصادية الأحادية المفروضة علية.

وبعد هذه الزيارة الناحجة ينبغي للحكومة أن تضع أهتماما خاصا لهذه الاتفاقيات وأن تبذل جهدا كبيرا لانجاحها خدمة لمصلحة البلدين والشعبين الشقيقين. وفي هذه المرحلة المفصلية من تاريخ الوطن فالامة بحاجة إلي دعم ومساندة الاشقاء في السودان حكومة وشعبا وأن الظروف مواتية ومناسبة لتوثيق عرى التعاون بين البلدين في عدد من المجالات ولا سيما القطاعات التي تمثل أهمية خاصة لمسيرة السلام والتنمية في الصومال، لأننا مقبلون على مرحلة جديدة من البناء وطي صفحة الماضي الأليمة، وهذه المرحلة تتطلب إلي التكاتف الجهود والعمل من أجل الظفرة بدعم الأصدقاء والاشقاء وعدم التفريط بالفرص المتاحة.

تفتقر الصومال إلي تعاون وثيق مع السودان وخاصة في المجالات التالية:

أولا : في مجال السياسي ويجب أن نفتح صفحة جديدة للتعاون بين البلدين في التطورات الجارية في منطقة القرن الأفريقي والشرق الأوسط وخصوصا في ظل هيمنة اثيوبيا وكينيا على  قررات منظمة الإيغاد وهذا يساعدنا في تخفيف حدة الضغوط التي تأتي من دور الجوار من إثيوبيا على وجه الخصوص التي تربط بعلاقة جيدة مع السودان ووضع حد لدورها في البلاد والذي يصل احيانا إلي حد التدخل بالإضافة إلي ان تساعد السوادان في المنابر الاقليمية للمصالح الصومالية ومطالبها.  ولا نبالغ إذا قلنا أن تعاون وثيقا بين البلدين في هذا المجال سيخلق توزانا في دور دول الجوار التي ارسلت قواتها إلي الصومال ويعزز دور حكومتنا في القرارا المصيرية التي تتخذها منظمة الإيقاد، وفي هذا الإطار ينبغي أن تشكل لجنة سياسية خاصة يضم وزيري الخاجية البلدين للتنسيق في القرارات الاقليمية.

 ثانيا: المجال العسكري والأمني، في ظل استمرار جهود بناء مؤسسات الأمن الوطني نحن بحاجة إلي دولة صديقة يؤلمها انهيار قطاع الأمني والعسكري في بلادنا، ولا ترمي من خلال مساعدتها ودعمهما في هذا الجانب إلي تخقق أهداف سياسية تؤثر على استقلال القرار السياسي للصومال ومكانتها في المحافل الدولية.

صحيح أن قدرات السودان في هذا المجال لا ترقى إلي مستوى الدول المتقدمة، الا أن لديها باع طويل في هذا المجال واستفادت من خلال العقوبات التي تفرض عليها الولايات المتحدة والدول الأروبية ونجحت في نباء قطاع أمني قوى معتمدة على سواعد أنباء وخبرات رجالها، بل بلغ نجحها لحد بناء مصانع للأسلحة والدبابات، كما لها خبرة واسعة في مجال الاستخبارتي ومكافحة المتمردين والشبكات الاجرامية وطرق البحث الجنائي.

ثالثا: المجال الحيواني والزراعي: فالسودان، كالصومال بلد زراعي ولها ثروة حيوانية هائلة، فهذه الإمكانيات التي تتمتع بها السودان لعبت دورا كبيرا  في تطوير هذين القطاعين واقتربت السودان إلي حد تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الغذائي واحتلت صدراة الدول المصدرة للمواشي والمنتجة للسلع الغذائية، وعلى هذا ينبغي أن يتعاون البلدين السودان والصومال في هذا المجال ويتم اعداد مشاريع مشتركة لإعادة بناء القطاعات الانتاجية في الصومال.

رابعا: المجال التعليمي: يعتبر السودان من أهم الدول المساعدة للصومال في المجال التعليمي وتقدم منحا جامعية في كل عام تقدر بالمئآت لخريجي المدارس الصومالية وعشرات من الدراسات العليا للخرجي الجامعات المحلية، كما أن هناك برنامج مشتركة للجامعات الصومالية والسودانية وخاصة في مجال الدراسات العليا. وفي هذه المرحلة يجب أن يتطور الأمر إلي أبعد من ذلك وينبغي التركيز هذه المرة في مجال الابحاث والدراسات الحيوية وخاصة في مجالات الانتاج الزاعي والحيواني والسمكي.

زر الذهاب إلى الأعلى