أحداث إقليم هيران: انتفاضة شعبية سلمية أم تمرد جبهة مسلحة؟

تعيش محافظة هيران وسط الصومال حالة من الترقب والتوتّر السياسي والأمني نتيجة الخلافات الناجمة عن طريقة إدارة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة لولاية هيرشبيلي.

وقد تمت إجراءات هذه الانتخابات وسط مطالبات سياسيي قبائل هيران بتوسيع دائرة المشاورات والمشاركين في عمليات بناء الإدارة الجديدة للولاية، وعدم تهميش الدور السياسي لقبائل هيران في تشكيلة الإدارة الجديدة للولاية، مبدين عدم قناعاتهم بعمليات بناء هيرشبيلي التي استضافتها مدينة جوهر عاصمة هيرشبيلي.

وشهدت مدن هيرانية خلال تشكيل الإدارة الجديدة في جوهر تظاهرات واحتجاجات شعبية للتعبير عن موقفهم الرافض لما كان يجري في جوهر من تنظيم للانتخابات وإدارتها.

وكما يبدو، لم يعطي القائمون على إدارة انتخابات هيرشبيلي اهتماما كبيرا للحراك السياسي في هيران، فواصلوا جهودهم التأسيسية للإدارة الثانية من إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية دون الالتفات لمطالب سكان هيران.

وفي 11/نوفمبر/2020م، صوّت برلمان هيرشبيلي الجديد بأغلبية ساحقة للسيد علي حسين غودلاوي ليكون رئيسا لهيرشبيلي، مما زاد الطين بلة، إذ إن سياسيي هيران كانوا ينادون بأهمية تولّي منصب رئيس هيرشبيلي لشخص ينحدر من قبيلة تنتمي إلى محافظة هيران، وفقا لنظام المحاصصة القبلية المتعارف عليه في تقاسم السلطة بالبلاد، واستنادا لذلك فلم يكن غودلاوي منحدرا من هيران وإنما من شبيلي الوسطى، مما أثار غضب سكان هيران!

124923922_1004871033351719_8176511494580258587_n

في الــ 23/نوفمبر/2020م، أجّل علي غودلاوي لزيارة مرتقبة له كان من المقرر أن يصل بها إلى مدينة بلدويني لإقامة مراسم تنصيبه هناك، إلاّ أنه قوبل بمعارضة شديدة من قبل سكّان هيران.

وتوعّدت جبهة مسلحة يتزعمها الجنرال أبوبكر حاج ورسمي حود، أطلقت على نفسها، الجبهة المسلحة لمجلس إنقاذ هيران، بمهاجمة المدينة في حال وصول الرئيس إليها معلنة عدم اعترافها به.

وتتخذ هذه الجبهة من منطقة عيل غال خارج بلدويني مقرّا لها ويقودها الجنرال حود أحد المنسحبين من السباق الرئاسي لولاية هيرشبيلي احتجاجا على طريقة سير الإجراءات الانتخابية.

خاضت الجبهة مناوشات ومعارك مسلحة ضد قوات حكومية في هيران لفترات مختلفة، كانت آخرها الجمعة الماضية مما خلّف قتلى وجرحى في صفوف المدنيين وأطراف الصراع.

لم تستمر المعارك المسلحة داخل المدينة طويلا، إذ تدخل وجهاء المدينة وأعيانها لوقف إطلاق النار وإنهاء الأزمة عبر طاولة الحوار والمفاوضات.

maleeshiya

ويقود كل من عبدالحكيم لقمان رئيس برلمان هيرشبيلي والجنرال مختار حسين أفرح وزير الداخلية الصومالي جهود إنهاء الخلافات السياسية الناجمة عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في هيرشبيلي، إلى جانب مجموعة من وجهاء المدينة وأعيانها الّذين يستمعون إلى مطالب المحتجين من سكّان هيران.

من جانبه وصف السياسي عبدالرحمن عبدالشكور ورسمي زعيم حزب ودجر المعارض أحداث إقليم هيران بانتفاضة شعبية ضد الممارسات الخاطئة التي ارتكبت أثناء بناء الإدارة الجديدة لهيرشبيلي.

وقال السيد عبدالشكور في منشور له على صفحته في الفيس بوك: “إن الانتفاضة الشعبية في هيران هي نتاج إهمال السلطات وتجاهلها لدعواتنا بإجراء مصالحة حقيقية بين أبناء المنطقة قبل البدء في عملية بناء الإدارة الجديدة، كما أنها تكون مثالا حيا للوجهة التي تتجه إليها البلاد، ولذا أدعو  إدارة هيرشبيلي وسياسييها ووجهاءها إلى حل الأزمة ومواجهتها على قدر من المسؤولية، والابتعاد عن كلّ ما يصعّد الأوضاع هناك”.

وغير بعيد عن ذلك يرى النائب عبدالله سنبلوشي الرئيس السابق لجهاز المخابرات والأمن الوطني أن أحداث إقليم هيران “انتفاضة شعبية يعبّر فيها سكّان هيران عن معاناتهم وشكاواهم من الإدارة الجديدة لهيرشبيلي التي لم يشاركوا في بنائها و لم تتم المشاورة معهم حولها”، كما قال في مقابلة تلفزيونية مع قناة دلسن الصومالية.

إن مواجهة أحداث إقليم هيران والوصول إلى حلّ لأزمتها تتطلب من كافة الأطراف التحلي بالصبر، وتقديم التنازلات الكبيرة، والعمل معا من أجل إنهاء الأزمة سلميا، تجنيبا لسكان المنطقة من العودة إلى الوراء.

arrinta-beledweyne

 

زر الذهاب إلى الأعلى