الصومال وتركيا … نحو بناء علاقة شراكة طويلة الأمد

اعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في الخامس والعشرين من شهر يناير الجاري عن بناء واحدة من أكبر السفارات التركية في العالم بمقديشو والتي تكون ضمن مشاريع تعتزم تركيا تنفيذها في الصومال خلال العامين المقبلين، مقللا من شأن السفارات الأجنبية الأخرى في مقديشو.

وقال أردوغان في هذا الصدد «توجد في الصومال سفارات مكاتبها داخل حاويات ويجرون اجتماعات يومية من دون معنى، بينما نحن نعمل على انشاء أكبر سفارة تركية في العالم بمقديشيو».

يحسب أوردوغان سيتم تنفيذ مشروع مبنى السفارة التركية الجديدة والذي سيشغل على مساحة واسعة تقدر بــ80 الف كلم٢ منحتها الحكومة الصومالية لتركيا في غضون عامين. 

وان تبني تركيا واحدة من اكبر سفاراتها في العالم بمقديشو ليس أمرا طبعيا، ويشكل حدثا هاما يحمل في طياته اشارات واضحة تدل على ان تركيا تتجه نحو بناء علاقة استراتيجية طويلة مع الصومال. واليكم  الأدلة:

اتفاقيات تعاون مشترك

وجاء هذا الاعلان  أثناء توقيع الرئيس التركي مع نظيره الصومالي حسن شيخ ثلاث مذكرات تعاون لدعم مشروعات في قطاعات حيوية، كالموصلات البحرية والطاقة والصحة والتي من المتوقع ان تغيّر وجه  الصومال أمام العالم.

بعد انجاز مشروعي توسعة المطار وترميم الشوارع الرئيسية في مقديشو، تعهد أرودغان بمضاعفة المساعدات التركية لاستمرار دفع التنمية في الصومال، معلنا عن تدشين مشروع سكني يستهدف الي بناء 10 وحدة سكنية للبسطاء وللطبقة  المتوسطة في مقديشو والذي سيتم انجازه خلال عامين وتصميم شكل عمراني جديد لمقديشو والذي سيغيير شكل المدينة.

 كما وعد أردوغان توسيع ميناء مقديشو الدولي وتزيدها بمعدات واجهزة حديثة يمكنها من استقبال السفن العملاقة وشحن وتفريغ الحاويات منها بشكل سريع، وزيادة الرحلات الجوية لخطوط الطيران التركية إلى الصومال، من 3 رحلات في الأسبوع، إلى رحلة يوميا.

وأكد أردوغان على أهمية تلك القطاعات التي وصفها بالواعدة، مطالبا المجتمع الدولي إلى «الوفاء بتعهداته وإعطاء القضية الصومالية مجالا واسعا في المؤتمرات الدولية».

طبيعة المساعدات التركية 

لهذه الاتفاقيات دلالات مهمة على مدى التقارب التركي والمصري على الصعيدين الرسمي والشعبي وعمق الاستراتيجة التركية تجاه الصومال هذا البلد الذي يحاول الخروج من دوامة عنف استمرت اكثر من ٢٥ عاما. 

لم تتركز اهتمامات تركيا كغيرها من الدول الشقيقة والصديقة على المساعدات الانسانية والمشاريع القصيرة الأمد والتي لا تترك اثرا كبيرا على حياة الصوماليين لكنها اختارت ان تساهم وبشكل قوي وفعال في اعادة صياغة مستقبل الصومال وتحديد  علاقاته المستقبلية مع العالم. 

وقفت تركيا أمس الوقوف الي جانب الصومالين في محنة المجاعة وقدمت اليهم كل اشكال الدعم والمواساة، وتحاول اليوم ان ترك بصمة واضحة في مجال حياة الصومالين في حين ينشغل غيرها في اطلاق وعود ليس لها أثر على أرض الواقع.

فالقطات التي تعتزم الحكومة التركية استثمارها في هذه المرحلة لها طابع اقتصادي يستفيد منها الجابنين على المدى الطويل ولا سيما الصومال التي ترى الدور التركي ايضا فرصة لجذب انظار العالم والاستثمار الخارجي الذي بيدي مخاوفه من الوضع الأمني في البلاد الذي يخوض حربا شرسا مع حركة الشباب المرتبطة بتظيم القاعدة.

وتتزكز المشاريع  التركية في مقديشو على ثلاث قطاعات حيوية مهمة  وهي الميناء والمطار والصحة والتي بدأت تدر عائدات تزيد عن ١٠٠ مليون دولار سنوايا. وهذه العائدات تغطي نسبة كبرة من ميزانية الدولة التي تقدر بأكثر من ٢٠٠ مليون دولار سنويا. 

تعزيز دور تركيا في منطقة القرن الأفريقي

إن اهتمام تركيا الي القطاعات الاقتصادية في الصومال ليس الا جزا من استراتيجة عامة تجاه منطقة القرن الافريقي  في ظل سباق دولي محموم نحو الثروات الطبيعية في تلك المنطقة باعتبار ان الصومال بلد خام غني بموارد طبيعية هائلة لم تم الاستفاذة منها خلال  العقود الثلاثة الماضية وبالتالي تسعى تركيا من خلال  الاتفاقيات التي تبرمها مع الحكومة الصومالية  إلى بناء علاقة استراتيجة طويلة  الأمد مع الصومال سواء على المستوى السياسي والاقتصادي ليكون «الحليف الاسترايجي» لتركيا في المنطقة.

 

أ.حسن محمد علي

كاتب وباحث في علم الإجتماع
زر الذهاب إلى الأعلى