“الأفريكوم” والصومال واليمن

بسبب (التخوف) من (الإرهاب)، كان الرئيس الأمريكي السابق “جورج دبليو بوش” قد قرر في 6 فبراير/ فيفري 2007، إنشاء قيادة موحدة لإفريقيا، أُطلق عليها اختصاراً “أفريكوم” AFRICOM، وذلك بهدف إدارة وتنسيق مجموعة كبيرة من البرامج والمهام المدنية والعسكرية داخل القارة، وعلى رأسها تدريب قوات الأمن الإفريقية.

وكانت القارة الإفريقية قبل إنشاء هذه القيادة الأمريكية الجديدة، تتبع ثلاث قيادات أمريكية هي:

1- القيادة المركزية.

2- القيادة الأوروبية.

3- قيادة المحيط الهادئ.

    ولعل قرار الرئيس الأمريكي، إنشاء قيادة موحدة تشمل كل دول القارة، باستثناء مصر والتي مازالت تتبع القيادة المركزية، يعكس تنامي أهمية القارة الإفريقية لدى الولايات المتحدة، وفي مطلع أكتوبر 2008، تم الإعلان رسمياً عن بدء القيادة الجديدة “أفريكوم” في ممارسة مهامها من “شتوغارت” بألمانيا، مؤقتاً، حتى يتم نقل مقرها بشكل دائم إلى إحدى الدول الإفريقية، وقد تكون إحدى دول القرن الإفريقي هي المقر الدائم لهذه القيادة. وأعتقد أنها الصومال، وما اعتراف الولايات المتحدة بنظام الرئيس الصومالي الحالي “حسن شيخ محمود” إلا دليل على ذلك، كي تكون هناك حكومة صومالية معترف بها دولياً، تشرعن للتواجد الأمريكي في الصومال بحجة حرب حركة شباب المجاهدين الإرهابية.

 أيضاً خلق الاضطرابات والإرهاب في اليمن، سيجعل من “الأفريكوم” ضرورة ملحة لتقديم العون للحكومة اليمنية من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب. الذي يمتد من غرب إفريقيا إلى شرقها من خلال ساحل إفريقيا الصحراوي، ومنه عبر باب المندب والبحر الأحمر إلى اليمن والخليج العربي، وهذا الحزام يمثل مصلحة حيوية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. بسبب الثروات الهائلة الكامنة فيه.

  وفي هذا الإطار، يقول المحلل الاستراتيجي الأمريكي “كريستيان دهيمر”، أن <<أكثر من 1800 جندي أمريكي يجوبون قبالة السواحل الصومالية، ليس للتنزه وإنما لحراسة بلايين البراميل النفطية التي تسبح تحت الصومال، مؤكداً في الوقت ذاته على مخاوف أمريكية من سيطرة إسلاميين متشددين كالقاعدة على بلد يحتوي على احتياطي نفط هائل، يقوم الجهاز الاستخباراتي الأمريكي CIA التعميم عليه>>.

لكن شخصياً، اعتقد أن القراصنة والقاعدة وداعش، وهم صناعة أمريكية، ذريعة فقط للتواجد الأمريكي في خليج عدن وفي عموم القارة الإفريقية، من القرن الإفريقي إلى منطقة الساحل إلى البحيرات العظمى إلى.. الحقيقة من التواجد هي حصار العملاق الصيني ومنعه من الوصول إلى الموارد الإفريقية، التي تحتاجها المركبات الصناعية والعسكرية للولايات المتحدة الأمريكية.

 وبالتالي، فـــ”الأفريكوم” تعتبر إحدى ثمار تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001، التي قررت الإدارة الأمريكية في أعقابها شن حرب وقائية ضد (الإرهاب)، على بعد آلاف الكيلومترات عن أراضيها. وبالتالي فإن إنشاء القيادة العسكرية في إفريقيا، يشكل ترجمة للرؤى والخطط إلى هيئات نافذة على أرض الواقع، بعدما بقيت فترات طويلة في رفوف مراكز الأبحاث السياسية والأكاديمية الأمريكية.

    وتحت عنوان “خطط حرب لإفريقيا”، أشار “كنوت ملينثون” من صحيفة “يونغا فيلت” الألمانية، تعليقاً حول إعلان الرئيس الأمريكي “جورج بوش” الابن، عن تأسيس قوة عسكرية جديدة خاصة بالقارة الإفريقية، <<أن قوة أفريكوم هي سادس قوة أمريكية للتدخل الإقليمي السريع في العالم وجاء تأسيسها، تنفيذاً لخطة وضعها “المعهد الإسرائيلي-الأمريكي للدراسات السياسية والاستراتيجيات المتقدمة”، التابع للمحافظين الجدد>>.

 

*علي حسن الخولاني… باحث دكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بجامعة الجزائر، مختص في الشؤون الإفريقية،

 

علي حسن الخولاني

باحث دكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بجامعة الجزائر، مختص في الشؤون الإفريقي
زر الذهاب إلى الأعلى