هل عجزت أمريكا عن ملاحقة حركة “الشباب” في الصومال؟

منذ سنوات والولايات المتحدة الأمريكية تقوم بتوجيه ضربات جوية بشكل شبه يومي ضد حركة الشباب الصومالية المصنفة “إرهابية”، والتي أعلنت سابقا مبايعتها لتنظيم القاعدة “الإرهابي”.

ورغم ذلك لم تعلن واشنطن التي تقود القوات الأممية في إفريقيا “أفريكوم” أنها قضت على التنظيم أو أوقفت عملياته ضد حكومة مقديشو، فمازال التنظيم ينفذ عملياته ومازالت قوات أفريكوم تعلن مقتل أفراد أو قادة من التنظيم في كل غارة جوية.

الأمر الذي يثير الكثير من علامات الاستفهام، هل الولايات المتحدة عاجزة عن مجابهة الحركة، رغم أن هناك اتفاقات ضمنية وعبر طرق غير رسمية بين تلك الحركات والولايات المتحدة.

شنت القوات الأمريكية منذ بداية العام 2020 ما يقرب 20 غارة جوية على مواقع للحركة، آخرها يوم 9 مارس/آذار الجاري، حيث أعلنت واشنطن عن مقتل قيادي كبير بالحركة، والملقب بـ””بشير قرقب” الذي يشتبه تورطه في تدبير الهجوم الذي استهدف قاعدة أمريكية في جنوب شرق كينيا، بداية يناير/كانون ثان الماضي، وأدى إلى مقتل ثلاثة أمريكيين.

المشاة الأمريكية

وشن الجيش الأمريكي 64 ضربة ضد الحركة في العام 2019، 43 ضربة في العام 2018، وقال قائد قوات المشاة الأمريكية في أفريقيا الجنرال روجر كلوتير، في جلسة للبنتاغون، الاثنين 9 مارس/آذار الجاري، إن حركة الشباب تمثل أحد أكبر التهديدات في القارة الأفريقية، مضيفا أنها تسعى إلى مهاجمة الولايات المتحدة، ويجب التعامل بشكل فيه أكثر جدية مع الخطر الذي تمثله الجماعة التابعة لتنظيم القاعدة، فيما أكد وزير الدفاع، مارك إسبر، خلال الجلسة ذاتها، أن ضربات “جز العشب”، تأتي للحفاظ على السيطرة وضمان ألّا يزيد الخطر ويعاود الظهور.

ووفقا للبيانات الأمريكية التي أصدرتها قوات “أفريكوم”، يتراوح عدد مسلحي حركة الشباب بين 5 و9 آلاف، وإذا تمسكت الولايات المتحدة بهذا النهج، أي القضاء على مقاتل أو اثنين يوميا، سيتطلب التغلب على الحركة 13 عاما على الأقل، أي أنها ستتحول إلى “حرب بلا نهاية”.

وقال عبد الرحمن إبراهيم عبدي، الباحث في مركز مقديشو للدراسات في الصومال لـ”سبوتنيك”، إن “الولايات المتحدة كثفت وبالتعاون مع الجيش الصومالي هجماتها خلال السنوات الاخيرة على مقاتلي حركة الشباب في جنوب الصومال، ولاسيما مواقعهم بمناطق شبيلي السفلى وجوبا السفلى وجوبا الوسطى عبر الطائرات دون الطيار، وتلك الضربات أدت إلى مقتل عشرات من مقاتلي حركة الشباب بينهم قيادات بارزة – وطبعا إلى جانب ضحايا مدنيين- ويبدو أنها ساهمت في تقويض قدرات حركة الشباب على التحرك وتخطيط هجمات على العاصمة مقديشو القريبة من تلك المناطق.

تساهل ومماطلة أمريكية

وأضاف الباحث في مركز مقديشيو، إنه في المقابل لا بد من الاشارة إلى أن الولايات المتحدة قادرة في القضاء على نفوذ مقاتلي حركة الشباب في غضون شهور لأن النيران تنشط في مناطق مكشوفة وليست جبلية، وهو الأمر الذي يدفع البعض إلى اتهام الولايات المتحدة بالتساهل والمماطلة فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب في الصومال أو على الأقل يتهمونها بالامتناع عن بدء حملات عسكرية ضد الحركة.

وأضاف عبدي، أنه أحيانا يتحدث عناصر من الجيش الصومالي عن أوامر من القوات الأمريكية لعدم شن هجوم شامل على مناطق الحركة في إقليم شبيلي السفلى، فعلى سبيل المثال، استولى أمس الإثنين، الجيش الصومالى على بلدة جنالي الاستراتيجية في إقليم شبيلي السفلى، غير أن خطة الهجوم وضعت قبل عام تقريبا، وكانت تنتظر الضوء الأخضر من القوات الأمريكية في قاعدة بلي دوغي، بإقليم شبيلي السفلى.

إضعاف الحركة

قال المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية “جلين فاين” في فبراير/شباط الماضي، إن مهمة “أفريكوم”، مع إطلالة 2021 هو إضعاف حركة الشباب وتنظيم داعش في الصومال، والجماعات الإرهابية الأخرى في شرق أفريقيا، بحيث تصير عاجزة عن الإضرار بمصالح الولايات المتحدة. مضيفا أنه رغم الضربات الأمريكية المتواصلة ودعم القوات الشريكة في منطقة القرن الأفريقي، يبدو أن حركة الشباب تمثل تهديدا متصاعدا، وتسعى إلى استهداف الأراضي الأمريكية.

وقال عبد الناصر معلم المحلل السياسي الصومالي لـ”سبوتنيك”، إن “الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد القضاء على حركة الشباب الصومالية، نظرا لأن الحركة تمثل مبررا لتدخل واشنطن في الشأن الصومالي بحجة مكافحة الإرهاب، بعد أن ساهمت الولايات المتحدة في إنشاء الحركات المتطرفة في العالم وتقوم برعايتها، لتتخذ منها وسيلة للتدخل الدائم والمستمر في البلاد، لذا هي لا تريد القضاء عليها نهائيا حتى لا تفقد مبرر التدخل وتنفيذ أجندتها في هذه البلاد”.

الأمر ليس سهلا

وأضاف المحلل السياسي، أنه هناك الكثير من الصوماليين يتهمون الولايات المتحدة بعدم الجدية في محاربة الحركة أكثر من التساؤلات، والبعض الآخر يرى أن القضاء على الحركة ليس بالسهولة التي يظنها البعض، لأن الحركة تتبع أسلوبا قتاليا غير نظامي يتمثل في عملية الكر والفر، وليس هناك مراكز محددة للحركة يمكن استهدافها، عناصر الحركة متفرقون في الأدغال ومتخفين بين المدنيين، لذا ليس من السهولة القضاء عليهم، وربما يبطىء هذا الأمر من استراتيجية واشنطن للقضاء على الحركة وفق ما يراه البعض.

كثرت التشكيكات بمدى فاعلية التحركات الأمريكية للقضاء على حركة الشباب، خاصة بعدما دأب البنتاغون بشكل شبه يومي على الإعلان عن شنّ ضربات جديدة ضد الحركة، دون أن يظهر ذلك تأثيرا على خفض قدرة الجماعة على زعزعة أمن البلاد فيما يبدو أنه «حرب بلا جدوى» تخوضها الولايات المتحدة، في الوقت الذي تعتزم واشنطن تقليص حضورها في أفريقيا، لتركيز جهودها على منافسيها الاستراتيجيين -الصين وروسيا- لا تبدو الحرب ضد حركة الشباب معنية بهذه النية، كما أنه لدى بعض النواب الأمريكيين مخاوف من غياب نتائج ملموسة لهذه الحرب التي تتم عبر الطائرات المسيّرة ومجموعة صغيرة من قوات النخبة في الميدان.

مواقع حركة الشباب

ويذكر أن القوات الأمريكية، تتمركز في قاعدة بلي دوجلي الجوية الصومالية الواقعة في إقليم شبيلي السفلي المجاور للعاصمة مقديشو، وتنطلق من تلك القاعدة الطائرات الأمريكية دون طيار، لضرب مواقع حركة الشباب وسط وجنوب البلاد.

كما تتواجد في قاعدة صغيرة بمطار كسمايو، والتي تبعد نحو 500 كم جنوب العاصمة الصومالية مقديشو، ويوجد في القاعدة نحو 40 عسكريًّا أمريكيًّا، يقومون بتشغيل الطائرات دون طيار، وكذلك في مجمع حلني بمقديشو، والذي يضم القاعدة الرئيسية لقوة بعثة الاتحاد الأفريقي.

 المصدر – سبوتنيك

زر الذهاب إلى الأعلى