مقابلة حصرية مع السفير المصري الجديد لدى الصومال

DSC03434 اجرى مركز مقديشو للبحوث والدراسات أول مقابلة حصرية مع سعادة السفير وليد اسماعيل منذ توليه مهام عمله رسميا كسفير لمصر لدى الصومال تناول فيها الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية لتطوير أواصر العلاقة الثنائية بين البلدين التي وصفها  السفير بأنها الأقدم في التاريخ بالنسبة لمصر.

واليكم نص الحوار كاملا :

مركز مقديشو: في البداية نشكر لسيادتكم على اللقاء وإتاحة الفرصة لنا لإجراء هذه المقابلة الخاصة. كما نقدم لكم التهنئة على تعيينكم في  هذا المنصب الجديد، سفير مصر الشقيق لدى الصومال ونتمنى لك التوفيق والسداد ، سعادة السفير… نود اولاً ان تعرف القراء ، السفير وليد اسماعيل وتاريخه في الدبلوماسية المصرية.

السفير: أنا السفير وليد إسماعيل، عمري 46 عاماً، حاصل على درجة الماجستير في القانون العمل الدولي، بدأت العمل في الوزارة الخارجية منذ 24 عاماً، عملت في عدة دول بدأت في سوريا ثم نيجيريا كنائبا للسفير وبعد ذلك توجهت إلي هونغ كونغ مدة أربعة سنوات نائباً للقنصل العام ثم قنصلا عاماً في زنجبار … الحمد لله هذة هي المرة ثانية لي كرئيس البعثة الدبلوماسية، وتعييني للصومال كان حلم وإختيار، لأن الخارجية المصرية تعتبر بعثة الصومال من أهم البعثات الخارجية لمصر، وإن شا ء الله أرجو أن أتمكن  ما أحلم به من تطوير العلاقات المصرية الصومالية في جميع المجالات.

مركز مقديشو: كيف تقيمون العلاقة بين الصومال ومصر في ضوء تحسن الأوضاع الأمنية والاستقرار السياسي الذي يشهده الصومال في السنوات الأخيرة؟

السفير وليد إسماعيل: بداية العلاقات المصرية الصومالية أعتقد انها الأقدم في التاريخ بالنسبة لمصر، ربما كانت هناك علاقة مع بعض دول الجوار  لكنها كانت علاقة التنافس وكان يشوبها بعض التوتر، لكن مع الصومال كانت العلاقة بالتاريخ الطويل تتسم بالود والمحبة ولم تتضمن أي  نوع من النزاع أو الخلاف، وتطورت العلاقة بين البلدين وأن تاريخها معروف لدى  الصوماليين أكثر من المصريين، أيضا كيف كانت العلاقة بين البلدين خلال فترة عبداللناصر، وكيف أنه أصر وأعلن أن لوكان لدينا رغيف واحد لتقاسمناه مع الصومال.

عندما بدات الحرب الاهلية في الصومال لم تتخل مصر عن الصومال بل بالعكس أنا أذكر أن السفارة المصرية كانت آخر سفارة غادرت مقديشو، ولم تعد إلى القاهرة وإنما أبقيناها على بلد قريب للصومال وهو كينيا، لحين تحسن الأوضاع الأمنية،  وأستمرت العلاقة كماهي، المنح الدراسية إستمرت كماهي، حاولنا قدر الامكان إبقاء العلاقات بين البلدين قوية.

الفترة الحالية إحنا بدينا كل الفرص المتاحة لوصول العلاقات بين البلدين إلى أعلى مستوى من ممكن، أولا الحمد الله الوضع الأمني في الصومال بدا يتحسن وهو ما يتيح الفرصة في التواجد ولعب دور الفعال، بالنسبة لمصر نفسها تحت القيادة الرشيدة للرئيس عبدالفتاح السيسي أعلنا عدة مرات أن العلاقات المصرية الخارجية ستتغير وستكون أكثر نشاطا، أعتقد أن الصومال تحديدا تحتل حيزا كبيرا من إهتمام فخامة الرئيس، لأنه عندما كنا نتحدث  معه في زيادة المنح الدراسية، فوجئنا به يصدر قرارين أحدهما بزيادة المنح الدراسية إلى مأتين منحة دراسية سنويا في الجامعات المصرية، بخلاف جامعة الأزهر طبعا، الأمر الثاني كان بإعتبار الطلاب الصوماليين ومعاملتهم معاملة المصريين، بالبساطة ان هذه المعاملة عادة لا تمنح لأحد لأنها تعني إلغاء الرسوم الدراسية على الطالب نهائيا، أنا أعتقد انها كانت أهم من عدد المنح الدراسية

بالاضافة إلى ذلك هناك تطلعات كبيرة لدى مصر لزيادة العلاقة مع الصومال ودعمها وتعاون معها في مجالات جديدة ربما، مثلا كانت هناك علاقات تجارية قديمة بين البلدين الشقيقين، لكننا نرغب بزيادتها وإحيائها بشكل كبير إن شاء الله، بإذن الله خلال الأيام القليلة القادمة ستسمعون أخبارا مفرحة للجانبين في هذا الشأن.

العلاقة في مجال الثقافة والتعليم أيضا تحتل إهتماما كبيرا، هناك في مجال التدريب عموما في كافة التخصصات ، وأحب هنا أن اوضح أن مصر لديها الرغبة في نقل المعرفة التي لديها الى الصومال، ونرغب أيضا في الاستفادة من الجانب الصومالي، لأننى لا حظت -ما شاء الله- مستوى الثقافة والتعليم لدى الصوماليين مرتفع جدا، لا حظنا كذلك وجود إمكانيات كبيرة للكوادر الصومالية على الامور الجديدة وخصوصا في مجال الطب والهندسة.

مركز مقديشو: ماهي أوجه التعاون المشترك بين الصومال ومصر بعد اعادة افتتاح السفارة المصرية في العاصمة مقديشو  ؟

السفير وليد إسماعيل:  التعليم والصحة والعلاقات التجارية والتدريب، والعلاقات العسكرية، فمصر عرضت من قبل على الحكومة الصومال أكثر من مرة، تدريب ضباط القوات المسلحة الصومالية في القاهرة وهذا ليس بالامر الجديد، فالكلية الحربية والأكاديمية البحرية والجوية المصرية تستقبل دائما طلاب من مختلف الاقطار العربية، وأعلنا أكثر من مرة إستعدادنا لتدريب الجيش الصومالي، وأيضا الرئيس عبدالفتاح السيسى  نحى جانبا كل الاشتراطات المفروضة وأمر بالتقديم أقصى قدر من الاستثناءات للجانب الصومالي والامر الآن  بيد الحكومة الصومالية هي من تقرر بماهو مطلوب.

مركز مقديشو: سعادة السفير … بتوجيه من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي وبرعاية مشيخة الأزهر  الدكتور أحمد الطيب تم الاعلان عن عودة بعثة الأرهز الشريف الي الصومال، وبدأنشاطاتها من جديد. هل ستعود قريبا؟ وماهي أوجه نشاطات البعثة الأزهرية.

السفير وليد إسماعيل:  إن شاء الله قريبا جدا  سنرى عدد معقول من علماء الازهر الشريف ياتي إلى مقديشو، والغرض من تواجدهم سيكون تدريب الأئمة والدعاة ونشر الوسطية والاعتدال والدين الاسلامي الصحيح في ربوع الصومال، دون التعصب أو مبالاه ، والدور الازهر في الصومال لم يتغير أبدا لأنه كان هناك منح، ولكن المشكلة الوحيدة كانت غياب البعثة عن مقديشو بسبب الأوضاع الأمنية، والآن تحسن الوضع الأمني في الصومال ولذلك سنراهم قريبا في مقديشو، هناك أيضا إمكانية لإنشاء المكتبة الأزهرية وإرسال أئمة من الصومال إلى القاهرة لدراسة دورات تدريب الأئمة في الأزهر الشريف.

مركز مقديشو: انهارت معظم المؤسسات الوطنية في الصومال خلال الحرب الأهلية ولا سيما قطاع التعليم والقضاء . ما طبيعة الدعم التي تنوي الحكومة المصرية تقديمها للصومال في هذا الخصوص؟

السفير وليد إسماعيل:  في مجال التعليم هناك جهود لإعادة التأهيل المدارس الأزهرية ، كذلك إن شا ءالله سنبدأ قريبا   بتدريب المدرسين الصوماليين حسب إحتياجات الحكومة الصومالية، أما في مجال القضاء  فهومجال شديد الأهمية، القضاء المصري كما هو قضاء الصومال قضاء قديم ومستقر، و لدينا إمكانية بدعم  القضاء الصومالي ، نبدأ بتدريب  قضاة المحكمة الدستورية العليا ، ورفع مستواهم لأداء دورهم  الأساسي، وهناك بالفعل برامج سيبدا قريبا ليس خاصا بقضاة الصومال فقظ بل كثير من الدول التي لها علا قة مع مصر ستشارك لكن عدد الصومالييين أكبر عدد مشارك في هذه البرامج، ونحن مستعدون أيضا تقديم دورات للقضاء الصومال في حد ذاته نظرا لظروفه الخاصة  ألتي مرت بالصومال

مركز مقديشو: في هذا الأسبوع تسلمت وزارة الدفاع من سيادتكم  أول مساعدت عسكرية تقدمها مصر بشكل مباشر للحكومة الصومالية منذ عام ١٩٩١ . وابدى وزير الدفاع العميد ركن محمد شيخ حسن حامد الذي تحدث في حفل التسليم تفاؤلا كبيرا بزيادة الدعم العسكري الذي تقدم مصر للصومال. ماهو أشكال الدعم الذي تقدمه مصر للقطاع الأمني في الصومال؟

السفير وليد إسماعيل: ربما  كان هذا الدعم ، الدعم المادي الملموس وكانت هذه الملابس أوالزي العسكري وأجهزة الكمبيوتر مقدمة فقط،  سبقها علاج مصابي الحرب من القوات المسلحة  في القاهرة ، وكما قلت سابقا عرضنا أيضا تدريب أعداداً كبيرة من ضباط الجيش الصومالي في القاهرة، أما با لنسبة للمستقبل هناك أيضا إمكانية إنشاء مستشفي عسكري ميداني وإرسا ل أطباء من الجيش المصري، مهنتهم تقديم العلاج أولا، وثانيا تدريب كوادرمحلية، ما عدا ذلك سأتركه لك مفتوحا… وأقول لك صراحة أن أي خدمة تطلبه  القوات المسلحة الصومالية من مصر سيكون متوفرا إن شاء الله.

مركز مقديشو: بحكم موقع الصومال الاستيراتيجي وفي ظل تزايد اهتمام الدولي والإقليمي بالصومال، يتمنى كثير من الصوماليين ان يكون للمصر دور كبير في الشان الصومالي وهو مايخلق توازنا في الوجود الأجنبي ويعزز مواقف الحكومة الصومالية  أمام أي مخطط  لاستضعافها من قبل محيطه الأفريقي. ماذ تقول ياسعادة السفير في هذا الشأن؟ 

السفير وليد إسماعيل: المصلحة الوحيدة لمصر بالتعاون مع الصومال هي الإبقاء علي وجود الصومال كدولة مستقلة حرة ذات حكومة قوية، وعلاقتنا مع الصومال علاقة أخوية تاريخية أصيلة، لا توجد خلافات  بيين مصر والصومال، لذلك نريد أن تكون الصومال دولة فعالة  قوية علي الصعيد الإفريقي والعالم العربي، وعلاقات مصر مع الدول العربية عموما هي علا قات قيمة .. لنكن صرحاء وجود الصومال كدولة قوية من مصلحة الجميع، ولذلك ينبغى على دول الجوار والدول العربية أن تتعامل وتتفاعل مع الصومال بطريقة إيجابية لأن ذلك هو من مصلحة للجميع .

مركز مقديشو: هل لديكم نية بزيارة المناطق الأخرى في الصومال كصومالاند وبونت لاند؟

السفير وليد إسماعيل:  اليوم كانت بداية هذه الزيارات، توجهنا اليوم بزيارة مدينة أفجوي بإقليم شبيلى السفلى، وأعتقد أن هذه ربما كانت أول زيارة لسفير مصري منذ عام 1991 أي أكثر من 24 عاما، وكنت حريصا على هذه الزيارة منذ الأسبوع الأول لي في مقديشو، والصومال هي دولة واحدة لذلك نحتاج أن نركز جهودها علي كافة المجالات وعلى كافة المناطق من دون إستثناء، لانركز فقط على مقديشو أوبونتلاند أو صومالاند أو جوبالاند، وإنما نتعامل مع الصومال كدولة واحدة، فقط نسعى معرفة إحتياجات كل قطاع أو منطقة لنظر في المجلات التي يمكننا التعاون معهم.

لدينا رغبة في التعاون مع الجانب الصومالي في مجال الزراعية والري سواء في تدريب المزارعين الصوماليين أو تقديم أنواع جديدة من البذور لإنتاج أنواع مختلفة من الأغذية الزراعية، كالرز المقاوم بالجفاف بحيث لا يحتاج إلى كميات كبيرة من الماء ، اليوم – الحمد لله- كان الله كريما معنا وأمطرت السماء وكانت هناك أمطار غزيرة في منطقة أفجوي، وأعتقد أن ما رأيناه هناك من تربة ما شاء الله رائعة وصالحة للزراعية، أعتقد أن هناك إمكانية كبيرة للإستفاذة منها.

مركز مقديشو: كيف تقيمون الإنجازات التي تحققها الحكومة الصومالية  وخصوصا على الصعيدين السياسي والأمني ؟ وماهي رسالتكم للشعب الصومالي ؟

السفير وليد إسماعيل:  طبعا الكل يجمع أن هناك إنجازات كبيرة على الصعيد الأمني، كما قلت أنا توجهت اليوم إلى إقليم شبيلى السفلى التي كانت منطقة محظورة على الجميع حتي وقت قريب، فالحكومة الصومالية بذلت جهدا كبيرا في إرساء الأمن، طبعا من المفترض هناك ما أفسدته الحروب الأهلية طوال 24 عاما، لايمكن إصلاحه في يوم وليلة، لكن بقدرات وإمكانيات الشعب الصومالي سيتمكن إن شاء الله من إستعادة دولته المستقرة قريبا.

أما الرسالة الوحيدة التي أستطيع أن أقدمها للشعب الصومالي، هي أن يضع القبلية والخلافات جانبا ويقدم مصلحة البلاد، لأن الصومال هي أساسا الدولة الوحيدة في العالم التي تنمني كلها لقبيلة واحدة ولغة واحدة ودين واحد، تتوافر فيها جميع عوامل الوحدة، وأن ذلك يكفي للتغب علي جميع العقبات التي تواجه الصوماليين، واكد أيضا أن هناك أصدقاء كثر للشعب الصومالي مستعدون لتقديم المساعدة.

DSC03454 DSC03455

 أجرى الحوار / الأستاذ: عبدالوهاب على مؤمن …. مدير المركز

زر الذهاب إلى الأعلى