ارتفاع أسعار الفحم يضر بسبل العيش في أرض الصومال

تضررت سبل عيش الأسر الضعيفة بشدة، بما في ذلك الفقراء والنازحون داخلياً، في جمهورية أرض الصومال التي أعلنت استقلالها الذاتي، وذلك جراء الارتفاع الحاد في أسعار الفحم الذي يعد الوقود الأساسي للطهي في المنطقة. 

وفي أكتوبر، وصل سعر كيس الفحم الذي يزن 25 كيلوغراماً إلى 90,000 شلن صومالي (13.84 دولار) بعدما كان سعره 60,000 شلن (9.23 دولار) في سبتمبر. وكان كيس الفحم نفسه يباع بسعر 18,000 شلن (2.76 دولار) في عام 2007. 

وفي حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قالت آشا أحمد وهي أم لخمسة أطفال: “كنا نشتري كيسين كاملين من الفحم كل شهر ولكن نتيجة لارتفاع الأسعار نشتري فقط (جقف) “مقدار علبة صفيح” من الفحم يومياً. ويساوي الجقف عُشْر كيس الفحم الذي يزن 25 كيلوغراماً”.

وبالنسبة لأسرة آشا، يمثل الفحم حوالي 64 بالمائة من الإنفاق اليومي، تاركاً قدراً قليلاً من المال لشراء الطعام.

وقالت آشا موضحة: “نقوم بإنفاق 9,000 شلن صومالي (1.3 دولار) على الفحم من حجم إنفاقنا اليومي الذي يبلغ 14,000 شلن (2.15 دولار). ولا تكفي الخمسة آلاف شلن المتبقية (76 سنتاً أمريكياً) لدفع ثمن ثلاث وجبات للعائلة يومياً”.

ووفقاً لبحث أجرته أكاديمية السلام والتنمية في 2007، كانت نحو 70,000 أسرة في هرجيسا تستخدم 105,000 كيس من الفحم شهرياً بتكلفة 1.89 مليار شلن (300,000 دولار).

وفي حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال عمر الدين يوسف الباحث في أكاديمية السلام والتنمية أنه “في أثناء البحوث التي أجريناها في 2007، وجدنا حقلاً للفحم في أودويني (عاصمة إقليم داد مديد) حيث كان يتم حرق أكثر من 3,000 شجرة يومياً للحصول على الفحم”.

وأضاف يوسف أن منطقتي سناج وبدان في شرق أرض الصومال كانتا الأكثر تضرراً حيث حدثت “أكثر أشكال التدهور البيئي سوءاً في سناج وبدان حيث يتم نقل الفحم بالشاحنات من هناك إلى بوساسو (على الساحل)، ومن هناك يتم تصديره إلى دول الخليج”.

وقد تزايد عدد الأسر في هرجيسا إلى أكثر من الضعف منذ 2007، وذلك وفقاً للتقديرات الحكومية، حيث تستخدم الأسر في المناطق الحضرية معدل كيسين من الفحم شهرياً بتكلفة حوالي 27.69 دولار.

ما سبب النقص؟

ويعود انخفاض إمدادات الفحم إلى التدهور البيئي وجهود الحكومة لوقف هذه التجارة. 

وأوضح الخبير البيئي أحمد عبد الله أن “السببين الذين أديا إلى زيادة أسعار الفحم هما: أن الحكومة تفرض غرامات على تجار الفحم، والسبب الثاني هو نقص الأشجار التي يمكن حرقها لإنتاج الفحم”.

ويتم فرض غرامة قدرها 2,500 شلن (38 سنتاً أمريكياً) لكل كيس من الفحم على كل شخص يقوم بقطع الأشجار لإنتاج الفحم، وذلك وفقاً لقانون البيئة لعام 1998 في أرض الصومال. ومع قطع المزيد من الأشجار الخضراء، تنوي الحكومة تشديد العقوبات. 

ويؤدي تناقص الأرباح إلى ترك تجار الفحم لهذه التجارة، مما يؤثر على مستويات العرض. ويقول يوسف محمد علي وهو تاجر فحم في هرجيسا: “لا نستطيع أن نستمر في تجارة الفحم بعد الآن لأننا إذا بعنا كل كيس اشتريناه بسعر 70,000 شلن (10.76 دولار) إلى الزبائن بسعر 80,000 شلن (12.30 دولار)، فإن سعره غداً سيصبح 88,000 شلن (13.56 دولار)”.

بدائل محدودة

ولم يبدأ بعد العمل بالاستراتيجيات الطويلة الأجل التي تهدف إلى تنويع عدد مصادر الطاقة المعقولة الأسعار في أرض الصومال. وفي 2011، كانت الحكومة تخطط للاستثمار في الفحم، ومصادر الطاقة الشمسية والغاز.

وقال شكري إسماعيل بونداري وزير تنمية البيئة والرعي في أرض الصومال أن “الحكومة تعمل على إيجاد بدائل للفحم لأنه قد تسبب بالفعل في إحداث أثر سلبي على البيئة في أرض الصومال وقد تحولت غاباتنا بالكامل الآن إلى صحاري. وقد وفرت حكومة أرض الصومال مواقد (غاز البترول المسال) والكيروسين من دون ضرائب لحل المشكلة”. 

وقال بونداري أن الحكومة تخطط لمنح تسهيلات ائتمانية لحصول مزيد من الناس على مواقد الكيروسين، مشيراً إلى إمكانية بيع الكيروسين معفىً من الضرائب.

وكان الإقبال على مصادر الطاقة الجديدة بطيئاً للغاية.

وقال أو إيسي أحمد وهو أب لسبعة أطفال من هرجيسا: “لقد قمت بشراء موقد كيروسين لأسرتي لأنه أرخص من الفحم. فعلى سبيل المثال، تستخدم أسرتي الآن لتراً واحداً من الوقود يومياً، بسعر 7,000 شلن (1.07 دولار)”. 

ولكن لايزال الفحم هو المفضل، حيث قال علي شه وهو طالب في جامعة هرجيسا: “لن يتوقف الناس في أرض الصومال عن استخدام مواقد الفحم في الطهي أبداً إلا إذا أجبرتهم الحياة على البحث عن بدائل لأنهم تعودوا على استخدام الفحم طيلة حياتهم”. 

ويشكل عدم التعرض لمصادر الطاقة البديلة مشكلة أيضاً حيث قالت أمينة عمر وهي أم مسنة تعيش في أكبر مراكز النازحين داخلياً في هرجيسا في دار الولاية: “نحن لا نعرف كيف نستخدم الكيروسين ولا غاز البترول المسال، ولكننا نعرف فقط كيف نستخدم الفحم”.

وتحث السلطات في أرض الصومال المجتمع الدولي على تقديم المساعدة.

وقال الوزير بونداري: “نحن ندعو المجتمع الدولي لمساعدتنا للحصول على طاقة بديلة للطهي، مثل تعزيز استخدام الكيروسين، وغاز البترول المسال وكذلك الطاقة الشمسية”.

شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)

زر الذهاب إلى الأعلى