كيف تحقق قرار مجلس الأمن حول رفع حظر الأسلحة عن الصومال ؟

قرر مجلس الأمن الدولي في 1 ديسمبر الجاري حظر الأسلحة المفروضة على الصومال منذ عام 1992 وذلك بهدف تمكين الحكومة الصومالية من الحصول على الإمدادات العسكرية المطلوبة لهزيمة حركة الشباب التي تقاتل ضد الجيش الصومالي والقوات الأفريقية لحفظ السلام في الصومال منذ عام 2006 .

كان هذا القرار بالنسبة للحكومة الصومالية خطوة في غاية الأهمية والتي طال انتظارها وأن جميع الرؤساء الذين مروا بالبلاد لم يألوا جهدا لتحقيق ذلك؛ لأنها كانت ضرورية في رفع معنوات الجيش الصومالي وقوات الأمن، وتمكينها من أداء واجباتها على على أكمل وجه، وتحقيق تفوق عسكري على مقاتلي حركة الشباب التي تتوفر لديهم ما يتوفر لدى الحكومة من أسلحة وعتاد وبالتالي كان لزاما أن يحصل الجيش الصومالي قدرات عسكرية تفوق على قدرات التنظيم كما ونوعا، وأن كل مرة يطرح هذا القرار على مجلس الأمن الدولي يصطدم بعقبات من بعض الدول المجاور وقوى اقليمية أخرى تبدى هاجسها ازاء قدرات  الجيش الصومالي وقوات الأمن الصومالية ومخاوفها من أن يتم استخدام هذه الأسلحة في تهديد مصالحها سواء في داخل الصومال أو في بلدانها وكانت هذه القوى تتذرع بأن الحكومة الصومالية غير قادرة على تحمل مسؤولية حفظ هذه الأسلحة وعدم استخدامها في أهداف لا تمت لمحاربة حركة الشباب بصلة، ومنعها من وقوعها في أيدي المليشيات القبلية، وتجيج الصراعات القبلية في البلاد،  بل كانت تلك  القوى تؤكد على أن الحكومة الصومالية تفتقر إلى الأمانة والشفيافية للحيلولة دون وقوع تلك الأسلحة في إيدي حركة الشباب كما حدثت في سنوات مضت، حيث تمكن مقاتلوا الشباب من مهاجمة قواعد أو منشآت عسكرية تابعة للقوات الصومالية والاستيلاء على أسلحة كبيرة مقدمة من قبل بعض الدول الصديقة للصومال.

لكن فيما يبدو هذه المرة، كان الوضع مختلفا؛ لأن الرئيس الصومالي الحالي ، الرئيس حسن شيخ محمود استطاع خلال رئاسته على بناء جسر تواصل مع الدول والقوى  الاقليمية  التي كانت حجر عثرة أمام رفع حظر الاسلحة المفروضة على الصومال من 30 عاما وتبديد مخاوفها وهواجسهما وإقناعها بأن تأييدها لمسعى الحكومة الصومالية تصب في صالحها؛ لأن تنظيم الشباب لا يشكل تهديدا على الصومال فقط وانما الدول المجاورة أيضا ومصالح القوى الدولية والاقليمية في الصومال و منطقة القرن الإفريقي، وأن حكومة الصومال مصممة  وصادقة هذه المرة على القضاء على هذا التنظيم .

لم تقتصر جهود الرئيس وحكومته برئاسة رئيس الوزراء حمرة بري على الصعيد الاقليمي والدولي وانما برهنت بأنها جديرة بالثقة والشفافية والاعتماد عليها فيما يتعلق بإرساء دولة القانون واصلاح الهيكل النظامي لقطاعي الأمني والعسكري من خلال محاربة الفساد والمحسوبة وتعيين شخصيات مشهودة لها بالنزاهة ونظافة اليد، كما أنها برهنت قدرتها على  إجراء المصالحة بين القبائل الصومالية ومنع أي صراع قبلي بين مليشياتها في المستقبل وبدلا من ذلك استطاع الرئيس حسن شيح توجيه مقدرات القبائل نحو محاربة الشباب وما حدث في اقليم هيران خير دليل على ذلك . بالاضافة إلى ذلك تمكن الرئيس حسن شيخ من تقوية العلاقات بين الحكومة المركزية والحكومات الاقليمية،  بإستنثاء بونت لاند، وتحقيق انسجام  تام فيما يتعلق بالمجال السياسي والعسكري ، وكانت مشاركة الحكومة الاقليمية في مساعي الصومال لرفع حظر الاسلحة عن البلاد دورا لافتا، وأن بدون هذا التعاون لما تحقق بالفعل من رفع حظر الأسلحة عن الصومال، وأن جهود الرئيس لذهب أدارج الرياح وهذا ما افتقدته حكومة الرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو؛ لأن دور الحكومات الاقليمية ضرورة للتأكيد على أن الصوماليين متفقون على مثل هذه القضايا الحساسة والمهة لتماسك الشعب ووحدته وطمأنتهم بأن الأمدادات العسكرية التي يحصل عليها الصومال لن يتم استخدامها لصالح طرف وعلى حساب الطرف الآخر.

وهناك يجب التأكيد أن الحكومة الحالية تقع على عاتقها  مسؤولية كبيرة وأنها أمام إمتحان صعب لإيفاء وعدها وإثباتها أن ما ستحصل عليه من أسلحة وعتاد ستيم إدارتها من قبل أيادي نظيفة وآمنة وأنها لن تسمح بإستخدامها في الصراعات القبلية والا ستكون النتيجة كارثية وأن مجلس الأمن سيعيد فرض الحظر من جديد ولن يتم رفعها بسهولة في قادم الأعوام.

زر الذهاب إلى الأعلى