عبد الولي غاس يقود “بونت لاند” نحو الإزدهار

 ربما من السابق لأوانه أو من المبكر جدا الحديث عن تقيم شامل لأداء حكومة بونت لاند الحالية برئاسة رئيس الوزراء الصومالي السابق، والأستاذ الجامعي عبدالولي محمد غاس الا أن هناك مؤشرات مشجعة لا بد من لفت النظر اليها والتركيز عليها بشكل خاص؛ لأنها دليل قوي على انطلاق هذه الحكومة بخطى ثابتة نحو قمة النجاح الذي طالما رواد نفوس سكان تلك المناطق المتمتعة بهدوء أمني واستقرار سياسي مقارنة بباقي أجزاء الصومال.

فالخطوات التي يقوم بها الرئيس عبدالولي غاس منذ توليه مهام السلطة  في الثامن من شهر يناير الماضي تعكس عن استرايجية واضحة تبنتها حكومته من أجل النهوض بالبلد وبناء اقليم  بونت لاند على أسس حديثة ووفق رؤية وطنية صادقة تعطي الأولوية لتعزير الأمن والتعايش السلمي بين المجتمع وتطوير مؤسسات الدولة وفق مبدأ الشفافية وسيادة القانون وبناء البنية التحتية والفوقية للاقليم وبما يتماشى مع حاجيات وتطلعات شعوب تلك المناطق بالإضافة الي إرساء قواعد نظام اقتصادي متطور يعتمد على المعرفة والتعليم ومحاربة الجهل والفقر باعتبارهما المصدر الرئيسي للأوضاع المتوترة في مناطق وسط وجنوب الصومال. 

مؤشرات النجاح

فالمؤشرات الدالة على ان حكومة بنت لاند تسير نحو  تحقيق الانجاز ، يمكن ملاحظتها من خلال ثلاثة عناصر مهمة، وهي:

١- تشكيل حكومة توافقية تشمل كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي، لتنال رضى المكونات السياسية والعشائرية في بونت لاند، عكس الحكومات السابقة وهذا مالم يتحقق أيضا في الحكومة المركزية.

٢- تعزيز العلاقة بين الشعب والحكومة، والوقوف على احتياجات المواطنين وتلمس أحوالهم وقضاياهم عن كثب من خلال الزيارات واللقاء الشعبية والجماهيرية

٣- تنفيذ مشاريع تنموية من أجل النهوض بالبلد

ركائز النجاح

أعلن عبدالولي غاس رئيس بونت لاند ومنذ  تسلم مهامه بشكل رسمي وتشكيل مجلس وزرائه  في الرابع من شهر فبراير الماضي عن قرارت جرئية ومهمة ترمي الي وضع الرؤي والخطط المرسومة موضع التنفيذ. وكان أول ما استهل ببرنامجه الحكومي خلال السنوات الخمسة القامة،  ثلاثة أمور أساسية ، وهي: إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية المختلفة وضحها دماء شابة قادرة على العطاء والإنجاز، وتشكيل فريق رئاسي كفء يتماشى مع الرؤى والمبادئ التي يؤمن بها، والقيام بزيارات الي مختلف مقاطعات الاقليم ودول الجوار . 

وكان البند الأخير أمرا في غاية الأهمية لتوطيد العلاقات بين السلطة والشعب وتوثيق عرى الصلة بينهما وفتح قنوات اتصال دائم يتواصل عبرها المواطنون مع قيادتهم السياسية في الحكومة  والبرلمان . كما أن الزيارات التي قام  بها الرئيس عبدالولي غاس الي كل من جيبوتي واليمن وإيثوبيا وكينيا كانت تهدف الي تعزيز الروابط الأخوية وتطوير  آفاق التعاون التجارية والأمنية مع تلك الدول التي لها مصالح اقتصادية واخرى سياسية وأمنية في الصومال عموما واقليم بونت لاند على وجه الخصوص.

نتائج الزيارات الخارجية

 ومن خلال تلك الزيارات نجحت حكومة بوتت لاند في توقيع اتفاقيات مهمة في مجالات التعليم والتجارة والاستثمار مع سلطات الدول التي زارها الرئيس غاس ومع شركات دولية تعمل في مجالات التنمية والإعماروتهتم بالثروة النفظية الهائلة في بونت لاند التي لم تحظ من قبل بإهتمام لا ئق بالرغم من وجود محاولات سابقة، لأنها كانت تفشل كل مرة بسبب ضعف الرؤية السياسية للحكومات السابقة  تجاه هذا الموضوع وبسبب عراقل من قبل الحكومة المركزية في مقديشو التي  تنظر عادة بعين الشك والريبة  الي قضايا النفظ  والغاز في اقاليم بونت لاند وصوماللاند.

 لكن فيما يبدو فحكومة غاس أعطت موضوع الاستثمار أولوية خاصة ويحتل صدارة سلم أولوياتها، حيث باتت هذه الأيام تتناول كل ما يتعلق به وخصوصا موضوع استثمار “حقول النفظ”في الاقليم بشكل جدي ودقيق، وان الرئيس عبدالولي غاس  يبدو مستعد على دفع الثمن وبذل أقصى جهد ممكن من أجل تحقيق هذا المشروع الطموح . 

خلال زيارة الرئيس عبدالولي غاس الي صنعاء التقى علي حاج ورسمه، وزير التربية والتعليم نظيره اليمني  الدكتور عبد الرزاق الاشول وجرى خلال اللقاء البحث عن علاقات التعاون الثنائية في قطاع التعليم وسبل تعزيزها وتطويرها حيث تعهدت الوزارة التربية والتعليم اليمنية بتقديم الدعم الفني اللازم لبونت لاند في مختلف مجالات العملية التعليمية. كما تمت مناقشة الآليات الكفيلة لإعداد اتفاقية تعاون مشتركة في قطاع التعليم يتم التوقيع عليها مستقبلاً.

ووُقع أيضا خلال تلك الزيارة على مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الثروة السمكية بين وزارة الثروة السمكية ووزارة الأسماك والثروة البحرية اليمنية. تتضمن مذكرة التفاهم تنظيم أنشطة الثروة السمكية بين اليمن والصومال في مجالات الصيد التقليدي والتجاري والصناعات السمكية والتجارة البينية وإجراء الدراسات والبحوث السمكية وحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها وتبادل المعلومات والخبرات والزيارات بين المختصين في البلدين. 

كما تتضمن الاتفاقية العمل من أجل تشجيع الاستثمارات ودعوة القطاع الخاصة ورجال الأعمال في البلدين لإنشاء مشاريع استثمارية في مجالات الصيد وإعداد الصادرات والصناعات والاستزراع السمكي.

أثر الاتفاقيات على حياة المواطنيين

الاتفاقيات الموقعة بين بونت لاند ودول الجوار  و خصوصا الاتفاقيات المتعلقة بالتعليم والتجارة فتحت نافذة أمل واسعة ومستقبلا مشرقا  للأعداد الكيبرة من الشباب العاطلين عن العمل أوالراغيبين في استكمال تعليمهم الجامعي ودراساتهم العليا في خارج البلاد، لأن بموجب الاتفاقيات التي وقعتها حكومة بنت لاند مع الحكومات اليمنية والإيثوبية يحصل عشرات من طلاب بونت لاند  على منح دراسية في الجامعات والمعاهد العلمية في هذين البلدين.

يدرس حاليا ٣٦٠ طالب وطالبة من بونت لاند في ٣٠ جامعة في المقاطعات الإثيوبية المختلفة من أصل ١٧٦٠ عدد طلاب بونت لاند في أثيوبيا وأن هناك اتفاقية سابقة بين بونت لاند وإثيوبيا اعترفت الأخيرة بموجبها الشهادات الثانوية لاقليم بونت لاند واعتبرتها كالشهادات التي تمنحها المدارس الثانوية في إثيوبيا.  

كما انعشت الاتفاقيات التي ابرمتها بونت لاند مع الحكومة اليمنية وبعض الشركات الأجنبية،  الحركة التجارية  في أسواق الاقليم حيث بدأ الناس بالحديث عن امكانية  تدفق شركات الاستثمار الي الاقليم وعودة رجال المال والأعمال البونتلانديين  مع رؤوس أعمالهم الي وطنهم الأم،   وهو ما يؤدي الي خلق فرص عمل للعاطلين وخفض معدلات البطالة في الصومال التي تتجاوز  ٦٥ ٪  وخصوصا في أوساط  الشباب دون الثلاثين الذين  يشكلون ٧٠٪ من عدد سكان بونت لاند البالغ ١,٦  مليون  نسمة. 

مشاريع تطوير البنى التحتية 

وضعت حكومة بونت لاند بالفعل خططها الإنمائية موضع التنفيذ، وبدأت بانجاز مشاريع لبناء المنشآت الأساسية للنقل والمواصلات في الاقليم والمندرجة في إطار خطة بناء وتطوير المرافق الحيوية في بونت لاند التي أعلنها الرئيس عبدالولي غاس بعد توليه مقاليد السلطة، حيث وقعت الحكومة  اتفاقية مع شركة سي سي إي سي سي الصينية لبناء مطار مدينة بوصاصو .  وهذا المشروع له أهمية كبيرة في تحفيز النشاط الاقتصادي في بونت لاند وخلق فرص عمل جديدة بحسب ما ذكره  الرئيس عبدالولي غاس .

ومن المقرر أن تبدأ شركة سي سي إي سي سي أعمال بناء مطار مدينة بوصاصو خلال الشهر الجاري.

 كما وضع الرئيس غاس أمس حجر الأساس لمشروع بناء طريق رئيسي (١٠ كلم)يربط بين مطار جروي  بالمدينة عاصمة الاقليم تنفذه وزارة النقل والمواصلات بتمويل من دولة اليابان.

 وهذه الخطوات التي قامت بها حكومة عبدالولي غاس تعتبر مؤشرا قويا على انها تسير على خطى الحكومات الناجحة التي اخذ فعلها يسبق قولها في كل المجالات وانها عازمة على تحقيق  واقع جميل لا تخطئه العين  وانجازات كبيرة تبهر عيون الصومالين خلال السنوات القليلة القادمة وما ذلك على الله بعزيز وعلى كل من تتوفر له الإرادة القوية والرغبة المشتعلة.

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى