الدور المفقود والمنشود لثقافتنا… ركن إسبوعي

في بادئ الأمر…استجابة من إخوة أحبهم وأعتز بهم في مركز مقديشو للبحوث والدراسات في الصومال أودّ أن أسهم بقدر الإمكان حجز زاية خاصة وثابتة تحوم حول حمى الثقافة والعلم التي يحلم بها المرء في مختلف مراحل العمر بشكل أسبوعي وسوف أحاول ضرب أمثلة متفرقة هنا وهناك في داخل بيتنا الصومالي، وإن شاء الله سوف نتناول الهموم العلمية والثقافية التي يدور في مخيلة أهلنا ولاسيما شريحة أهل العلم.

أحــلام خطــها قلم..

نبدأ بأحلامنا الثقافية …..لأنّ المرء يعيش بحلمه، ويقال إنّ الطيور تطير بجناحيها والإنسان يطير بأحلامه سواء في النوم أو اليقظة. وكل واحد منا له أحلام يتمناها أن تتحقق اليوم قبل الغد وهذه الأحلام والتمنيات يعيشها الإنسان آملا ومرجوا لعله يأتي يوم يتحقق حلمه ويكون في أرض الواقع، ولا أحد يتمنى أن تتبدد أحلامه فتسير بأضغاث أحلام يصعب تفسيرها وتأويلها.

وأتذكر يوماً وجه إلينا أحد مدرسينا ونحن في الفصل السادس الاعدادي في مدرسة عبد العزيز بمقديشو حيث طلب منا ذكر الوظيفة التي نريد أن نعمل بها في المستقبل، وجلّ التلاميذ والتلميذات اختاروا تخصصات الطب والهندسة والطيران، وقد استغرب الأستاذ بأن أحدا منا لم يتجرأ باختيار الوظائف العامة والمهن العادية التي لا يستغني أي مجتمع، ثم بعد ذلك سألنا لماذا تركتم هذه المهن التي يحتاج بها المجتمع  وهل يمكن أن يكون كل المجتمع مهندسين وأطباء وطيارين، وكنت الوحيد من التلاميذ الذي اختار أن يكون معلما يعمل في المدارس ولم أكن أعرف في تلك المرحلة بأنّ هناك معلمين وأساتذة يعملون في المعاهد والجامعات، وها أنا اليوم تحققت امنياتي في هذا الاتحاه-  ولله الحمد والشكر – فأصبحتٌ مدرسا سواء في المدراس أو المعاهد أو في الكليات والجامعات في داخل بلاد الصومال وخارجها، غير أنّ حلمي لم ينته بَعدٌ رغم تحقيق الحلم الذي كان يراودني وأتمناه تحقيقه وأنا في بداية الدرج ، وعرفتٌ أنّ الأحلام لا تنتهي بل أنه ليس لها حدود ، ونحن معشر البشر نعيش بأحلامنا في المستقبل ونستأنس بها في الحياة حتى الوصول إلى تحقيق ذلك وتطلع إلى أخرى، وقد تتعدد الأحلام وتكثر كلما يتقدم العمر ويصل الشخص في مرحلة النضج.

وكم منا كان يحلم تأسيس صرح من صروح العلم والمعرفة وقد تحققت أمنيته أو لم يتحقق… وما أكثر من كافح وجاهد في تحقيق حلمه بإتجاز أنتاج علمي وثقافي حتى يرى ذلك اليوم الذي يخرج إلى النور بذلك الجهد … أو فعلاً رآها بأم عينيه.

د/ محمد حسين معلم علي

من مواليد مدينة مقديشو عام 1964، أكمل تعليمه في الصومال، ثم رحل إلي المملكة العربية السعودية ليواصل رحلته العلمية حيث التحق بجامعة أم القرى قسم التاريخ الإسلامي حيث تخرج في عام 1991م، ونال الماجستير بنفس الجامعة في عام 1998م ،كما واصل دراسته في كل من السودان والنرويج، حيث نال درجة الدكتوراة بجامعة النيلين عام 2006م، أما في مملكة النرويج فقد تخصص بالدراسات التربوية وكذا الثقافات واللغات المتعددة في جامعة همر بالنرويج. وعمل أستاد التاريخ والحضارة الإسلامية في الجامعة الإسلامية في مقديشو - الصومال، وهو عضو في عدد من المنظمات المحلية والإقليمية والدولية، أصدر "ديوان الشاعر بعدلي" عام 2002م ، و"الثقافة العربية وروّادها في الصومال" عام 2010م، وله عدة بحوث أخرى، يقيم الآن بالنرويج .
زر الذهاب إلى الأعلى