أحلام ثقافية : الموسوعات العلمية والثقافية

فيما يتعلق بالموسوعات العلمية والثقافية:

ذكرت أكثر من مرة بأن لديّ مشروع إعداد ” معجم المؤلفين الصوماليين في العربية ” ولم أزل جاهدا في إنجازه منذ أكثر من 16 عاما، وهو على غرار معجم مؤلفين العرب لعمر رضا حكالة، أو على غرار كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون لحاجي خليفة في العصور الماضية، ومعجمنا يسلط الضوء علي المؤلفين وإنتاجهم العلمي والثقافي على اختلاف تخصصاتهم ومواضيعهموسيكون حجم المعجم ضخما ويحمل أخبارا عديدة لها علاقة بالإنتاج العلمي والثقافي، كما يبرهن المعجم الوجه الحقيقي لثقافة أمتنا ليس أؤلئاء القاطنين في منطقة القرن الإفريقي فحسب، وإنما غالبية من سكان منطقة إفريقيا شرقية بحيث لم يعرف هؤلاء غير القلم العربي في القديم كما ذكر ذلك بعض الباحثين، ولطبع هذا المعجم هناك أكثر من جهة تريد تحقيقه رغم أنه لم يصل الأمر حتى الآن إلى اتفاق نهائي أو في توافق رسمي، وحبذا لو تم ذلك في القريب العاجل عبر الجهات االمناسبة لمثل هذا المشروع. والحديث عن الموسوعات أو المعاجم العلمية والثقافية حديث مهم وينبغي أن يأخذ في طور جدي لأن المراحل القادمة نتمناها أن يتحقق في الأرض الواقع، وأتذكر عندما كنت في المرحلة الجامعية بقسم التاريخ والحضارة في جامعة أم القرى بمكة في أواخر الثمانينات كان يدور بيني وبين الزميل الأستاذ سليمان حاجي عبد الله ونحن في أولى المراحل التعليم العالي في كيفية التحقيق والانجاز لبعض معاجم لها صلة بالتاريخ والحضارة لبلاد الصومال مثل معجم البلدان الصومالية ، ومعجم القبائل الصومالية على غرار معجم البلدان ومعجم القبائل للعلامة ياقوت الحموي، وقد انتهى الأمر مجرد حديث الأحلام تم بين أحبة على أحلاس المقاهي دون أن نصل إلى نتيجة مرجوة في انجاز هذا الكتاب أو ذاك. وقبل مدة غير بعيدة استطاع الأخ الأستاذ أنور أحمد ميو إصدار كتاباً سماه “القبائل الصومالية .. النشاة والتكوين والتطور” وهو مطبوع يتناول أنساب وأسماء القبائل الصومالية وفروعها، كما يتناول العادات والتقاليد الصومالية ، وكذا اللهجات القبائل وطبائعهم ، وهو جهد مشكور يستحق الشكر والتقدير وخاصة أنه جهد لفرد يعيش في بلد غير مستقر، ومثل هذه المشاريع العلمية والثقافيةتحتاج إلى تكافئ وتعاون بين جهات مختلقة مع التمويل اللازم للانجاز معجم يحوي جميع القبائل والبطون والأفخاد حسب تسلسل حروف هجائي، أو انجاز معجم يشمل جميع البقاع والأماكن في المدنوالحضر وكذلك في القرى والبدو على تسلسل الحروف الهجائية كما هو معروف عند أهل الاختصاص والدراية.ومن ناحية أخرى كم كنتٌ مسرورا بقرآءة معجم الكشاف لجذور اللغة الصومالية في العربية لمعالي شريف صالح محمد علي رحمه الله وقد كان ينوي المؤلف إصدار الجزء الثاني للمعجم غير أنّه توفي قبل ذلك.

وفيما يتعلق بالمعاجم والقواميس اللغوية ظهر لي خلال تتبعي الإنتاج الثقافي والعلمي الذي خلفه أهل العلم في الصومال ظهر لي – حسب قراءتي –  أن مجال تأليف المعاجم ، ووضع القواميس اللغوية ، يُعدّ شبه نادر أو معدوم ، وليس له أثر كبير ملموس يذكر . وأعتقد أن ذلك كان يتطلب مجهوداً كبيراً ، حتى يتمّ إنجازه وتحقيقه ، ولم يكن من السهل أن يحقق ذلك عند أهل العلم في الصومال الذين كانوا مشغولين في الجوانب الأخرى من نشر الإسلام ورفع راية التوحيد ، ليس في بلاد الصومال فحسب ، بل إنما في جميع ربوع منطقتي القرن الإفريقي وشرق إفريقيا ، حيث كان ينصب أغلب جهود علماء المسلمين في المنطقة – سواء من أهل البلاد الأصليين أو هؤلاء الذين وفدوا إليها من أقطار إسلامية أخرى –  على انتشار الدعوة الإسلامية وإرساء قواعدها في المنطقة .

ومع هذا فنجد معجم يخدم اللغة العربية ومناحيها المعروفة وهو القاموس النشيط المبني على القاموس المحيط للعلامة الشيخ علي بن عبد الرحمن فقيه، والمعجم عبارة عن شرح للقاموس المحيط للعلامة الفيروز أبادى، ومن سوء الحظ أنّ هذا الكتاب ضاع وليس له أثر حتى الآن رغم أنه موجود في قائمة مؤلفات الشيخ، وقد أكد لي الشيخ محمد محمود المشهور بشيخ أبا أن الكتاب ضاع، وكذا ذكر الشيخ جامع عمر عيسى، ومن المفيد أن نبحث في مناطق شمال الشرق الذي كان يقطن الشيخ وخاصة عند ورثته. أوليس في مجال الموسوعات والمعاجم مفقود وفي الوقت نفسه منشود في انجازه وابداعه لنصل إلى منازل العلى في الحضارة والثقافة ؟

د/ محمد حسين معلم علي

من مواليد مدينة مقديشو عام 1964، أكمل تعليمه في الصومال، ثم رحل إلي المملكة العربية السعودية ليواصل رحلته العلمية حيث التحق بجامعة أم القرى قسم التاريخ الإسلامي حيث تخرج في عام 1991م، ونال الماجستير بنفس الجامعة في عام 1998م ،كما واصل دراسته في كل من السودان والنرويج، حيث نال درجة الدكتوراة بجامعة النيلين عام 2006م، أما في مملكة النرويج فقد تخصص بالدراسات التربوية وكذا الثقافات واللغات المتعددة في جامعة همر بالنرويج. وعمل أستاد التاريخ والحضارة الإسلامية في الجامعة الإسلامية في مقديشو - الصومال، وهو عضو في عدد من المنظمات المحلية والإقليمية والدولية، أصدر "ديوان الشاعر بعدلي" عام 2002م ، و"الثقافة العربية وروّادها في الصومال" عام 2010م، وله عدة بحوث أخرى، يقيم الآن بالنرويج .
زر الذهاب إلى الأعلى