هل ينجح الصومال في نزع السلاح “غير الشرعي”؟

رغم إصرار السلطات الصومالية على مواصلة أجهزتها الأمنية مدعومة بقوات أفريقية (أميصوم) في حملة نزع السلاح “غير الشرعي” في العاصمة مقديشو، ووجود مؤيدين لهذه الحملة، إلا أن هناك من يعارضها ويعتبرها “استهدافا” لمنطقة بعينها.

وبدأت الحكومة الصومالية مؤخراً حملة أمنية فى العاصمة مقديشو لنزع سلاح المليشيات غير المرخص، وقالت في بيان لها، إن “هذه الحملة لا تستهدف مجموعة معينة وأشخاصاً محددين بقدر ما هي حملة شاملة ضد السلاح غير المرخص، لإعادة الأمن والاستقرار في البلاد”.وحظرت الحكومة “شراء الأسلحة الثقيلة والخفيفة، وحيازة أسلحة غير مرخصة”، داعية المسلحين إلى “تسليم أسلحتهم للأجهزة الأمنية الحكومية”.السلطات والمؤيدون لها يرون أن هذه الحملة من شأنها إعادة الأمن والاستقرار للعاصمة، غير أن بعضاً من القبائل القاطنة ترى في ذلك “استهدافا” لها، وتدعو إلى وقف هذه الحملة حتى تشمل كافة مناطق البلاد.

الحاج حسن حاد، رئيس مجلس عشيرة الهوية (من أكبر القبائل المتركزة في الجنوب والوسط)، قال في حديث مع وكالة الأناضول، إن “توقيت نزع السلاح خاطئ جداً، وقد يتسبب في مشاكل بين الحكومة والقبائل”.

ورأى حاد أن “وجود التنافس بين القبائل للسيطرة على مزيد من المناطق بغية الحصول على حصص كبيرة في الإدارات التي تشكل في الولايات تطبيقا للنظام الفيدرالي، يتطلب سلاحاً للمساومة”.

وأضاف “نزع سلاح زعماء لا يهددون الدولة ويحرسون أنفسهم من مقاتلي حركة الشباب المجاهدين، أمر غير مقبول بالنسبة لبعض القبائل، خاصة وأن نزع السلاح لا يشمل جميع مناطق البلاد ، ويستهدف مناطق معينة”.

الزعيم القبلي أعرب عن اعتقاده أيضاً، أن “انشغال الحكومة بنزع هذا السلاح قد يعطي فرصة لمقاتلي حركة الشباب في تنظيم صفوفها، وكسب مزيد من المناطق، مستغلة بذلك الصراع الحكومي القبلي”.

وفي هذا الصدد، وجد هذا الزعيم، فرصة لدعوة الحكومة إلى إجراء مصالحة شاملة بين القبائل قبل بدء نزع السلاح، لـ”بناء جسور الثقة بين الصوماليين جميعاً، وهي خطوة تمهد الطريق لتسليم السلاح إلى الدولة”، بحسب قوله.

من جهته،قال المحلل السياسي، أويس أحمد، للأناضول، إن” نسبة نجاح هذه الحملة ضئيلة جداً نظراً للنهج الذي اتبعته الحكومة الصومالية لنزع السلاح من المليشيات والشخصيات المسلحة داخل المناطق المأهولة بالسكان وبدون إشعار سابق، ما جعل الكثير من المواطنين يشعرون بخيبة أمل تجاه الحكومة”.

غير أن النائب في البرلمان، إبراهيم ضيف الله، رأى أن هذه الحملة سوف “تسهم في تثبيت الأمن، خاصة وأن الأسلحة المنتشرة في العاصمة أكثر من أي منطقة أخرى”.

وفي حديث مع وكالة الأناضول، قال ضيف الله “هذا أمر (انتشار الأسلحة) ليس في مصلحة الحكومة، وعليه فإن على الحكومة أن تصادر جميع هذه الأسلحة في العاصمة، لفرض هيبتها وسيطرتها على ربوع البلاد لمواجهة المليشيات المسلحة”.

وحول التداعيات التي قد تنتج عن هذه الحملة، قال ضيف الله، إن “المجتمع الصومالي بات يرحب بالحملة الأمنية، ولا يقدر على تحمل الكثير من المشاكل الأمنية بعد الآن، ويكفى لنا من التجارب المريرة والفوضى ما عشناه طيلة السنوات الماضية “.

وأشار إلى أن الحملة “سوف تحقق مكاسب أمنية، ولن تأتي بتداعيات سلبية”.

وبموازاة هذه الحملة، أعلنت القوات الأفريقية (أميصوم) دعمها اللامحدود لها، لاسيما وأن هذه الجماعات تهدد الأمن والاستقرار في البلاد.

بدوره، قال الخبير العسكري المتقاعد صلاد عبد الله، إن “مسألة تجريد المليشيات من الأسلحة قضية مصيرية لتحقيق الأمن والاستقرار، لكن في الوقت نفسه هي مسألة غير سهلة حيث أن تلك المليشيات لا تسعى إلى أن تسليم أسلحتها للجهات الأمنية طوعاً”.

وفي حديث مع الأناضول، أشار صلاد، إلى أن “التركيبة القبلية للمجتمع الصومالي تشكل حجر عثرة أمام تحقيق هذه المهمة الأمنية، حيث تنظر كل قبيلة لهذه الحملة على أنها هي المستهدفة”.

ولا يتوافر تقدير بعدد السلاح غير المرخص في الصومال الذي يعاني، منذ الإطاحة بالرئيس محمد سياد بري عام 1991، من تدهور أمني وحرب أهلية يحاول جاهدا الخروج منها بدعم من المجتمع الدولي.

( الأناضول )

زر الذهاب إلى الأعلى