دفاعا عن المرأة الصومالية

في ٢١ اغسطس الجاري، نشرت صحيفة الأهرام المصرية مقالا بعنوان : أغـرب عـادات الـزواج فى الـعالم للكاتبة منى الشرقاوي تتحدث فيه غرائب وطرائف عادات الزواج في العالم ، وأوردت الكاتبة ضمن مقالها فيما قالت إنها عادة غريبة من عادات الزاوج في المجتمع الصومالي، وذكرت أن العريس الصومالي يقوم بإهانة زوجته أمام جمهور المشاركين في حفل عرسه ويقوم   بضربها  ليبرهن  قوته وهيبته وأنه هو الشخص الوحيد الذي له الكلمة المسموعة في البيت .

 ونقلت منى الشرقاوي ما نصه :” من أصعب وأطرف العادات التى تحدث فى الصومال هى أن يقوم العريس بضرب عروسه علقة ساخنة يوم الزفاف أمام الحاضرين ليعلن للجميع أنه صاحب الكلمة المسموعة فى البيت، فإذا تحملت العروس ضربه لها فهى بذلك ستكون زوجة صالحة تتحمل مسئوليات الحياة الزوجية وتستحق أن تنال لقب زوجة “ .  

فهذا أمر لا يصدق، والمعلومة غير صحيحة ، ولا تمت لعادات وتقاليد الصوماليين بصلة وإن روجها باحثوا الإثارة والدعابة والسخرية. ومن مساوئ الصدف انها جاءت من بلد عريق له علاقة تاريخية مع الصومال .

 للمجتمع الصومالي عادات وتقاليد كثيرة وان معظم تلك التقاليد مستوحاة من علاقاته بجاره العربي الشمالي  وليس من الدول الأفريقية من الجنوب، وأنها تقاليد  لا تتعارض مع الأخلاق النبيلة وتعاليم الدين  الإسلامي الذي أكرم المرأة في اطار قوله تعالي ولقد كرمنا  بني آدم وحملناهم … و اعطاها  مكانة رفيعة  بين المجتمع.

 لذلك لا يمكن في  أي حال من الأحوال ان  يتعامل المجتمع  الصومالي البدوي أو  المدني المرأة بهذه الصورة البشعة التي تتنافى مع ما يعتقده من مباديء الدين والأخلاق وحتى وان افترضنا جدلا ان هناك عادات غريبة في الزواج  لدى المجتمع الصومالي كالتي ذكرتها مني الشرقاوي في مقالها لماذا لم نعرفها نحن ولم ينقل لنا أباؤنا وأجددنا؟ وكان من المفروض ان  تتم تناقلها عبر أفواه الأمهات في الصومال التي ظلت ولا تزال الحصن الحصين للأسرة، في البادية هي التي تذهب الي السوق وتبيع الحليب وتشتري الأطعمة وتقف الي جانب الزوج في الحرث والزرع ، بل احيانا تقوم بأعمال شاقة كان الزوج اجدر بها أن يقوم بها، كالرعي و الحراسة؛ لأنها هي عضوة  فعالة في الأسرة ولا يمكن الإستغناء عنها مهما بلغ كبرياء الرجل الصومالي، وفي المدن تشترك المرأة مع الرجل في كل الأمور تقريبا، بل تمثل اليوم صاحبة الكلمة والقول الفصل في البيوت تقديرا واحتراما لدورها الكبير في اعالة الأسرة وحل مشاكلها اليومية. 

لا اعرف  من اين وجدت كاتبة المقال او ناقلة الخبر  تلك المعلومة التي لا تليق بمكانة المرأة في الصومال، ولا تتناسب مع عادات الصومالين التي قل ان يوجد فيها ما ينافي تماما مع تعاليم الدين الأسلامي وان كان هناك اختلاف بين العلماء الصوماليين في هذا الشأن ، اختلاف يعود الي  تنوع في الرؤى والأفكار وبناء على المذاهب الفقهية التي ينتمون اليها. 

لكن فيما يبدو، ناقل المعلومة قد أخطأ وتشاكل عليه الأمر وأختلط عليه العادات، وبالتالي إتهم الصومالين بما تفعله بعض قبائل الأفريقية في شرق أفريقيا كالمساي التي يروى عنها عادات وتقاليد لا يصدقها البشر العادي حتى حمّل وزر تلك القبائل على الصوماليين وهم منها براء.

 ربما يوجد في الصومال اشخاص يقومون بأمور  تتقزز منها الضمائر ويرتكبون أعمالا تتعارض مع عادات وتقاليد الأمة الصومالية لكن هؤلاء الأشخاص لا يمثلون الا أنفسهم وانهم لشرذمة قليلون وافعالهم تبقى في اطار الشواذ. ولهذا ليس من العدل، بل من الإجحاف ان يقال ما يقوم به هؤلاء انها عادة صومالية في الزواج وتتهم الصوماليين بما ليس لهم  علاقة  به لا من قريب أو بعيد وتحملهم وزر  فئة شاذة زروا وبهتانا.

 بالرغم من تدعيات الحرب الأهلية والإقتتال الداخلي وتأثراتها علي المرأة الصومالية الا ان المرأة في جميع المدن والقرى  الصومالية  تتمتع بمكانة افضل حالا من بلدان  كثير ة  في العالم عموما والعالم العربي على وجه الخصوص. 

ففي دارسة أجرتها “مؤسسة تومسون رويترز، احتلت مصر أسوأ مكان بالعالم العربي يمكن أن تعيش فيه المرأة متقدمة عن الصومال التي احتلت عن المركز التاسع.  وتوصلت اليه الدراسة التي استعانتها رويترز فيها بخبراء متخصصين في مجال قضايا المرأة ان التحرش الجنسي.. ارتفاع معدلات ختان الإناث.. زيادة العنف .. كلها عوامل جعلت من مصر أسوأ مكان بالعالم العربي يمكن أن تعيش فيه المرأة. 

زر الذهاب إلى الأعلى