الحدث الساخن في البحر الاحمر والقرن الأفريقي

فكرة توقيع أثيوبيا مذكرة تفاهم مع منطقة هي جزء من الصومال رغم اعلان هذه المنطقة انفصالها عن الصومال  من طرف واحد دون الحصول علي اي اعتراف من المجتمع الدولي ، تعد تحدي صارخ للقانون الدولي والسيادة الصومالية، رغم ان كثيرين يعتقدون ان أثيوبيا ستحصل علي موطئ قدم في ميناء بربرة الا أنّ العارفين ببواطن الأمور يؤكدون ان الميناء الذي تفضله أثيوبيا كائن في منطقة اسمها   زيلع  قريبة جداً من من جيبوتي وباب المندب علي البحر الأحمر مباشرة  ويمنح الاحلام الأثيوبية   البحر ية ذات الطبيعة العسكرية متنفسا علي منفذ للبحر الأحمر وعلي ضوء هذه المناسبة  استقال وزير الدفاع في صومال لاند هو الوزير الوحيد في حكومة موسي بيحي والممثل لمدينة  زيلع احتجاجا لمذكرة التفاهم حيث ان اهالي تلك المنطقة يرفضون هذا التحرك ، والجدير بالذكر أيضاً ان الرئيس الصومالي وقع قانون إلغاء الاتفاقية بين حكومة أثيوبيا وإدارة ارض الصومال بعدما وافق عليه اعضاء مجلسي الشعب والشيوخ  في البرلمان الصومالي ، واشار الرئيس الصومالي الي ان هذا القانون هو الموقف الرسمي لجمهورية الصومال الفيدرالية ورسالة واضحة لكل من يريد نهب ممتلكات الشعب الصومالي برا وبحرا وجوا ، كما اشاد الرئيس بممثلي الشعب الصومالي في مجلسي البرلمان الفيدرالي للدور التأريخي الذي لعبوه في الدفاع عن ارث الأجيال الصومالية واستقلال البلاد.

ويجب التنويه ان لدي أثيوبيا قوة عسكرية بحرية دربتها فرنسا وآنّ أثيوبيا بشكل أساسي لاتبحث عن منفذ بحري تجاري بل تبحث متنفس بحري عسكري وتمخض عن هذه الترتيبات الأثيوبية أعلان  قبل بضعة أسابيع  سابقة عن عزمها علي انتزاع منفذ علي البحر الاحمر  وسط قلق الدول المطلة على البحر الأحمر ومن يومها دخلت المنطقة في منعطف خطير وبدأت تدقّ طبول الحرب والتوتر في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر.

كماهو معلوم للجميع انه يوجد في العالم 49 دولة حبيسة ليس لديها منفذ بحري وفي قارة افريقيا لوحدها يوجد  17 دولة حبيسة (Landlocked) ليس لديها منفذ بحري كحالة اثيوبيا.

وعلي العموم الاتفاق الأثيوبي مع صوماليلاند قوبل باستنكار حاد من الحكومة الصومالية الذي اعتبرته اعلانا للحرب علي سيادتها ووعدت بالرد المزلزل ، وسارعت بعض الدول في المنطقة وعلي رأسها مصر  الشقيقة الي تنديد  هذه الاتفاقية وبينت مصر الي عدم مساس وحدة تراب الصومال ووعدت ان تساند الحكومة الصومالية بكل امكاناتها للحفاظ علي سيادة الصومال.

وباختصار ان هذا الاتفاق قوبل باستنكار إقليمي وعالمي رغم بعض الجهات مسكت العصي من الوسط واستخدمت عبارات دبلوماسية المعروفة عالمياً كقولها ندعو إلي  ضبط النفس واللجوء إلى الجلوس بمائدة المفاوضات وغيرها من الألوان الرمادية.

والجدير بالذكر  وبعد الاعلان عن هذا الاتفاق  بدأت  الدول المطلة على البحر الأحمر تتأهب وتعد العدة للخطر القادم التي ربما قد يترتب علي هذا التحرك والمغامرة التي قامت بها أثيوبيا في منطقة القرن الإفريقي ،  وغني عن القول ان كل دول المنطقة سواء المطلة على البحر الاحمر أو دول منطقة القرن الأفريقي والتي تفهم الأغراض العسكرية تتوجس لهذه الخطوة وتشعر بقلق عميق من طموحات دولة أثيوبيا ذات كثافة سكانية هائلة وتتمتع بمساحة جغرافية واسعة ان كانت تبحث موانئ بحرية تجارية لمعيشة سكانها يكون هذا شأنه مفتوحا بالنسبة للدول ولكن الشيء المريب والغامض هو لماذا تبحث منفذ عسكري وانشاء قاعدة وأسطول عسكرية في البحر الأحمر رغم انه كان  في الماضي القريب قوبل  بالرفض عندما طلبت أثيوبيا لانضمام مجموعة الدول المطلة على البحر ألأحمر  ،   ومن المرجح أن هذه الدول المطلة على البحر الأحمر ستسعى وتتحرك لإجهاض هذا المشروع الأثيوبي ،  ولان هذه المغامرة الأثيوبية تحمل في ثناياها بسمة الفشل لأنها ولدت ميته ولانها تتسم بضيق الأفق وعقيمة الرؤية.

الافتراض القائل بان الصومال ممزق ولن يقدر على إحباط هذا المشروع افتراض غبّي جداً لأن مقديشو اليوم ليست مقديشو الأمس لقد أصبحت أكثر مناعة و عملت علي السنوات الماضية بصمت ولملمة أجزاءها المبعثرة والان يتوفر اجماع صومالي علي الوحدة واجماع علي تضميد جراح الامس ،  ولقد نبتت للدولة الصومالية أسنان جديدة وحدثت تطورات كثيرة وعلي سبيل المثال للحصر نجحت الحكومة الصومالية الحالية في الشهور القليلة الماضية برفع العقوبات علي تسليح الجيش الصومالي وأصبح الآن بمقدورها تسليح جيش الصومال وكما نجحت الحكومة باعفاء ديون الصومال وتسني لها في شروع خطط اقتصادية واعدة،  واليوم الصومال لديها علاقات مميزة من دول العالم حلفاء أقوياء علي سبيل المثال جمهورية تركيا لها وجود قوي في الصومال رغم ان تركيا لها علاقات اقتصادية جيدة مع أثيوبيا الا ان مصالحها الحيوية مع مقديشو تجعلها ملزمة بدعم الحكومة الصومالية .

وخلاصة القول في تقديري أخطأ أبي احمد  في توقيع هذا الاتفاق  مع صوماليلاند ، وقد يسبب له متاعب كثيرة تجاه الصومال وكل العالم يعرفون وبدون مبالغة ان الصوماليون اشداء في القتال ولقد وجدو الآن فرصة  وهدف أعلي يعزز وحدتهم وخاصة عندما يتعلق الامر بالعدوان الأثيوبي  علي  مس شبر من أراضي الصومال يضعون الصوماليين كل خلافاتهم جانباً وسيخوضون الحرب للدفاع عن وحدة أراضيهم لوضع حد اطماع اثيوبيا التوسعية  وستتحرك حكومة مقديشو مستخدمة ثقل السيادة ولن تنعم أثيوبيا بسلام فضلاً عن ذلك أثيوبيا لاتمتلك القدرة الاقتصادية للانفاق علي هذا المشروع  التي وقعت بها وستدفع ثمنا باهظاً اذا قامت هذه المغامرة ولأن أثيوبيا تمر حالياً بازمة وضائقة مالية حادةً حتي انه قد تم اسقاط أثيوبيا تصنيفها في الديون الي ادني المراتب بعد إخفاقها فى دفع مبلغ 30 مليون دولار فقط وهذا يمنحكم فكرة عن الضائقة الاقتصادية التى تمر لاثيوبيا حاليا وعلي ضوء ذلك الان حرمت من أثيوبيا من حق الاقتراض  حيث اصبح (Credit Score) متدني للغاية ومعروف أيضاً  أثيوبيا تعاني من فقر مدقع وتعاني من المجاعات نصف شعبها تقريبا  كما ان لديها في ظروفها الداخلية  معارضة قوية ومسلح تتربص حكومةً أبي احمد وإذا اندلعت الحرب مع الصومال ربما ستتمزق أثيوبيا وتتفكك نتيجة بتحرك  تلك  الجبهات المعارضة  في داخلها مثل الأمهرة واورميا  وتيجراي .

وبوجود كل هذه الأزمات المتراكمة تسأل دول المنطقة فما الذي يحرك  أبي احمد ويقدم علي مثل  هذه المخاطر والمغامرة لتوقيع اتفاقية التي لا تنهض علي أسس متينة وربما هذه احلام أكبر من حجمه ، واللغز الاكبر هنا كوننا كشعوب في منطقة القرن الأفريقي قد لا نجد تفسيرا منطقيا  وواقعيا ماهو الهدف ولماذا  تريد أثيوبيا انشاء اسطول عسكري بحري رغم أنها تعتبر دولة حبيسة لاتمتلك سواحل بحرية في حدودها الجغرافية الطبيعية اللهم إلا اذا كانت تريد نهب سواحل وأراضي من قبل دول الجوار . وهذا لا ولن يمكن أن يحدث في أي شبر من مياه الشواطئ الصومالية.

زر الذهاب إلى الأعلى