مصر وأهمية دورها في القضية الصومالية

safiirka maar

في خضم الوضع الراهن في الصومال وزيادة اهتمام التحالفات الاقليمية ولاسيما التي تتشكل في القرن الأفريقي خاصة من بعض دول حوض النيل، اثيوبيا وكينيا وأوغندا لاحتكار ملف الصومال والتحكم على مصير شعبه، تتعالي الأصوات الصومالية المطالبة باعادة احياء دور مصر، الشقيقة الكبرى التي كانت دائما سندا قويا لقضايا العادلة للأمم الإفريقية عموما والأمة الصومالية على وجه الخصوص، إبتداء من حقبة الفراعنة مرورا بعهد الخلافة والمماليك الي أيام جمال عبد الناصر الذي ساعد الصومالين في نضالهم ضد الإستعمار، والجهل.

مصر في قلب الأمة الصومالية، كما هي دائما في قلب الأمة العربية والإسلامية. ولا يمكن لأحد انكار دورها في مساعدة الصومالين في مجالات التعليم والسياسة، مادامت مدرسة جمال عبد الناصر في قلب العاصمة مقديشو، والتي كان خريجوها النواة ألأولى للنخبة المثقفة في الصومال، وما بقيت جذوة العلوم الأزهرية متقدة في صدور هذه النخبة ومن تعلم على أيديهم. 

فالصومال، هذا البلد الذي يعانى أكثر من عشرين عاما من ويلات الحرب والمجاعة ينتظر من مصر أن تملء دورها المفقود؛ لأن وجود مصر في الساحة الصومالية أمر يمكن من شأنه أن يخلق توازانا في ميزان القوى الدولية والإقليمية التي تقود العملية السياسة في البلاد منذ إنهيار الحكومة المركزية عام 1991م. هذه القوى لا تلعب دورا غير مساعد في إيجاد حلول ناجعة للمشكلة الصومالية ووضع العصي في دواليب مسيرة السلام وجهود إعادة الأمن والإستقرار فحسب، بل تسعى وبشكل كبير الي تهديد الوجود العربي في القرن الأفريقي الذي يمثل العمق الاستراتيجي للدول العربية.

إن الصومال بلد عربي حتى النخاح، والصوماليون أقحاح، وهذا أمر لا يخفى على من آنس الصومالين أو جاورهم، ومن وقف-من العرب- إلي جانبهم في المحن والشدائد، وكثيرة ماهي! لذلك، ليس من العدل والإنصاف غياب او تغييب مشكلة هذا البلد الأصيل، المهم جغرافيا وتاريخيا، من أجندات  مصر الشقيقة الكبرى للعرب جميعا.

وبعد الحرب والمجاعة، وشتى صنوف الويل التي عانى منها الشعب الصومالي ألم يحن بعد الوقت الذي تدق فيه مصر ممثلة الدول العربية أبواب الدول الكبري وترفع أصواتها عالية في المحافل الدولية من أجل انتشال هذا البلد المنكوب من أوحال المحن والامتحان؟

ان الصومال بلد استراتيجي، وأرض خام، وشعب شاب، تخطفه القارة العجوز، وتتسارع الأمم إلى خيراته وثرواته الطبيعية سوى الأشقاء العرب، وهم أولى بها، تربطهم وشائج القربى، وصلة الدم، وعروة لا تنفصم بالجفاء. ليس من المبالغ القول أن الصومال يمثل رغم الحرب والمجاعة، سلة غذائية استراتيجية للدول العربية كافة، ومنطقة صالحة للاستثمار، وتجارة لن تبور، تعيش فيها قوة بشرية، قادرة على المساهمة في إعادة الحضارة العربية العريقة. هل هذا الشعب يستحق أن يترك هملا، ويفارَق في مفترق الطرق؟

لا، وأعتقد ذلك، لكن المشكلة ربما تعود إلى الصوماليين أنفسهم، وخاصة رؤساء البلاد الأولين منهم والآخرين الذين فيما يبدو فشلوا في إقامة علاقات استرايجية مع الدول العربية وعلى راسها مصر أو قصروا في بناء تحالفات قوية معها والابتعاد بما يمكن من شأنه أن يعكر صفوة العلاقات بين الجانبين، لأن السياسة لا ترحم، كما قالها كاتب عربي مشهور.

لم تقم الحكومة الحالية بخطوات جريئة نحو ترميم العلاقات الأخوية مع الدول العربية الكبري، ورأب ما صدع، خاصة في وقت يتحدث فيه بعض المراقبين عن وجود ملفات عالقة تمسك بأطرافها دول عربية وأفريقية، من بينها ملف المصالحة، تحول دون عودة أجندة الصومال بقوة إلى أولويات الدول العربية. كما تفتقر الحكومة إلى برامج سياسية واجتماعية جذّابة، جيدة الإعداد تعرضها في أروقة هذه الدول، في حين يشير البعض إلى توفر فرص عديدة يمكن للحكومة الصومالية أن تحصل من خلالها على مساعدات بعض الدول العربية في مجالات مختلفة مثل، تدريب قوات الشرطة، وبناء وترميم مباني المؤسسات الحكومية التي دمرت خلال الحرب الأهلية، وتأهيل المطار والميناء

أين مصر مما يحدث في الصومال ؟! أظن أن القراءة الواعية لما يحدث في الصومال وجواره الأفريقي لا سيما ما يرتبط بملف مياه النيل تكفي ان تعيد مصر النظر في سياسياتها الخارجية تجاه الصومال.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى