بين الصومال والدنمارك

يقول الخبر «تواصل الدول العربية «تقدمها» في ترتيب منظمة الشفافية الدولية للبلدان الأكثر فسادا في العالم، حيث حلت (الصومال والسودان وليبيا والعراق وسوريا) ضمن الدول الأولى الأكثر فسادا في العالم وفقا لمؤشر الفساد التابع للمنظمة لعام 2013».
اما الاردن فقد حل في  المرتبة 66 في مؤشر الفساد لعام 2013، ليصبح أكثر فسادا من العام الماضي  بثمان  درجات بعد أن كان في المرتبة 58. الخبر في حد ذاته ليس محيرا وغريبا ولكن ان  يزداد مستوى الفساد في الاردن وهي الدولة التي تعج بالمؤسسات والهيئات التي انشأت لمحاربة الفساد منها هيئة مكافحة الفساد، وديوان المظالم، وديوان المحاسبة، ولجنة تعزيز النزاهة الوطنية، ناهيك عن مؤتمرات النزاهة الوطنية والشفافية.
لقد عرفت المنظمة الفساد ب «كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية للنفس أو للجماعة». فهذه المؤشرات تتناول فقط من يتولون المناصب العليا دون غيرهم، علما بأن مظاهر الفساد متعددة، وتبدأ بالمدير العام ولا تنتهي عنده بل تتعداه الى مدير الدائرة فرئيس القسم، فالموظف، حتى المراسل، فكل يمارس الفساد «الصغير» بسلوكيات عديدة وتتجلى في مخالفة الواجبات والمهام، وعدم الكفاءة وسوء ادارة الوقت ويوحدها النتيجة  التي تكمن في  تعطيل البناء والتنمية وبالتالي الضرر بالمصلحة العامة والخاصة.
اختزلت كلمة الفساد بالرشوة والمحسوبية ونهب المال العام، ونسينا بأن للفساد وجوه عديدة كعدم اتقان العمل، والمزاجية في العمل، واضاعة الوقت، وفي تعطيله حتى وان كان بقراءة القرآن، وغيرها من أعمال التي فيها تضيع حق العمل.
هذه ليست دعوة لتبرئة كبار المسؤولين ولكن محاسبة انفسنا كذلك على الفساد الذي نمارسه يوميا بأشكال مختلفة مهما صغر حجمه، والذي يؤدي الى هدر المال العام وتراجع الاقتصاد والاهم هروب رؤوس الأموال،  وغيرها من امور تنعكس على البلاد والعباد على حد سواء. فالعلاقة العكسية بين الفساد والتنمية والازدهار يؤكدها تقرير المنظمة السنوي، خاصة اذا علمنا بأن الدنمارك ونيوزيلندا كانتا في المركزين الأول والثاني بين 177 دولة في قائمة المؤشر أي أن نسب الفساد في القطاع الحكومي فيهما كانت الأقل. وتقاسمت فنلندا والسويد المركز الثالث بينما حلت النرويج في المركز الخامس لدول تعيش العدالة والرفاهية الاجتماعية على جميع المستويات.

نقلا عن جريدة الدستور الاردنية 

زر الذهاب إلى الأعلى