المناظر الخلابة في صومالاند

 ما أجملك أيتها الطبيعة، وما ابهاك…

ما أجمل آثار أقدام الربيع بين الفجاج، وفوق أعالي الجبال… 

وما أمتع أسراب ذاك الفراش الأنيق فوق الربى وبين الخمائل…

وما أجمل جبال (دالو) في سناغ، عندما ترمقها من بعيد، تكسوها الخضرة، وتشقشق الطيور فوق أشجارها فرحانة بالنور… ما أجمل الضياء ما أجمل السماء .

وما أجمل الشمس حين تغيب من وراء الأفق، تاركة على صفحات (دالو) بقايا أشعتها الذهبية التي تنسحب رويدا رويدا، لتخلف الكون من وراءها مسحورا مفتونا .

لقد انتاب الجمال في عيني، والشوق في قلبي ، والخلود في روحي، حين وطأت قدماي أيام الربيع على أرض (دالو) العطرة، ورأيتها تكتسي ابها الحلل، وتتنفس اعطر الأبخرة…فقالت لي نفسي: عليك ان تعترف هذه الحقيقة، أن الطبيعة لم تبخل بجمالها على صومالاند.

ما أجمل تلك المناظر الخلابة !

انه جمال الطبيعة، وسحر الجمال. لم نعهد نحن أهل الجنوب مثلها في جوهر وجلب. هناك، لا جبال، ولا هضباب سوى بورهكبه، لكن بالطبع جنات عالية قطوفها دانية تجري من تحتها انهار دافئة، تعشق قلوب أهل الشمال.

….

في جامعة برعو، جسر التواصل بين الجنوب والشمال، تلتقي بالأديب المفوه، وصاحب الفكر المتوقد، الاستاذ محمد ابراهيم هدراوي بشوش الوجه، ذليق اللسان، يردد مقولة خالدة، لا تكاد تمحو من  الذاكرة : ” الأدب جزء من هوية الأمة،  فان ضاع نفقد البوصلة “

من هذه الكلمات، تبدأ تتعرف جمال الطبيعة في صومالاند وحضارة شعبها…

هذا الشعب الذي ودعّ الحرب تحت أظلال الأشجار بحكمة الشيوخ، ونباهة الأخيار- عكس أقرانه في البلاد بين النهرين وفي محافظة الانبار( مقديشو). 

هذا الشعب الذي القى السلاح وحمل القلم، وبدأ صناعة الحياة بعرق الجبين، واثار الأرض وعمرها بصدق الحنين، وسهر الليالي لحماية أمن بلده بثاقبة العيون.

الحالم هو أول من يرى بزوغ الفجر، مقولة يجسدها العائدون من المهجر الي أرض الصومال. وهرجيسا الجديدة شاهدة على بصمة العائدين. 

بنوا العمارات وما أعلاها، وشيدوا الفنادق وما أجملها، واضافوا لنمط الحياة رونقا وبريقا، وفتحوا للأمة آفاقا رحبة نحو الإزدهار  والرخاء.

لكن مشكلة واحدة تخل هذا الجمال، وتدعو الي التفكير..

فلنعد الي الوراء قليلا…الي الطريق بين بربرة وهرجيسا…

هناك، تنكشف حقائق مؤلمة تبوح أسرارا كبرى.

عند مدخل مدينة بربرة، ينطفئ السحر، سحر الربيع وجمال الطبيعة، وينكفئ النور، ويلوح في الأفق ما تتأفف منه النفوس، وتشمئز منه القلوب، وتدلك كيف يعبث العبد سيب الماجد.

صارت الأرض قاحلة، والأشجار عارية، وجدبت الحقول اوكادت، ونضب الجداول او أوشكت. وكل ذلك كان بفعل  الانسان.

أما الطريق بين بربرة وهرجيسا في حالة ثرثرة، لأنه لم يحظ الإهتمام الكافي منذ انهيار دولة الاعادي… وهكذا يقوله البوادي.

انها مشاهد مؤلمة تعكر صفوة الفؤاد. تسائل أحدنا، أهكذا يكون حال طريق هرجيسا – بربرة، شريان حياة أهل الأمجاد، وخط إمدادات المؤن لأهل البادية ومناطق صومالاند المترامية؟. هل يكلف اصلاح هذا الطريق أموالا طائلة أم  أن هناك أسباب اخرى ؟

زر الذهاب إلى الأعلى