اللواء حسن مونغاب … رجل المرحلة

أخيرا، حسم الرئيس حسن شيخ موقفه، وعينّ اللواء حسن محمد مونغاب رئيس المحكمة العسكرية السابق محافظا لاقليم بنادر خلفا للناشط السياسي محمد محمود ترسن. رغم مجيء القرار متأخرا الا أنه خطوة مهمة نحو الإتجاه الصحيح؛ لأن العاصمة مقديشو التي تقع ضمن حدود محافظة بنادر بحاجة ماسة الي رجل قوي مثل حسن مونغاب الذي له باع طويل وكاريزما في محاربة الخارجين على القانون والمفسدين في حياة وأمن سكان مقديشو.

اللواء حسن مونغاب كان له  دورا كبيرا في محاربة عناصر القوات المسلحة التي اعتادت ايذاء المواطنين وتهديد سلامة وأمن العاصمة مقديشو. في ظل رئاسته للمحكمة العسكرية شهدت معدلات الجريمة التي ترتكبها أفراد من القوات الصومالية ضد المواطنين العاديين في مختلف المناطق التي تخضع لسيطرة الحكومة انخفاضا ملحوظا ووصلت حوادث (البلطجة العسكرية) الي أدنى مستوياتها وذلك بعد أصدار المحكمة احكاما مغلظة تصل بعضها الي حد الإعدام بحق العناصر الاجرامية داخل القوات المسلحة. وهذا الأمر هو الذي اكسب الرجل سمعة طيبة في أوساط المتضررين جراء الانتهاكات اليومية من قبل تلك العناصر، وجعله بطلا قوميا جرى عليه التوافق رسميا وشعبيا بأنه شخصية جديرة بالقيام بدور فعال في انهاء المشكلة الأمنية في العاصمة التي باتت مصدر قلق كبير يقض مضاجع الحكومة والدول المعنية بالشؤون الصومالية.

فقد شهدت مقديشو خلال السنوات الماضية منذ أيام المحاكم الشرعية الي اليوم عدة محاولات دولية ومحلية بهدف إعادة الأمن والاستقرار في العاصمة الا أنها للأسف باءت تلك المحاولات بالفشل الذريع، بل تحول الوضع من سيئ الي أسوء حتى وصل الأمر الي مهاجمة القصر الرئاسي في وضح النهار والشمس على كبد السماء ما أدى الي توجيه إنتقادات لاذعة الي الحكومة الصومالية ولاسيما الرئيس حسن شيخ محمود الذي يمثل هرم السلطة .

وعلى ضوء تلك المستجدات والتطورات المتلاحقة في الساحة الصومالية، كان لازما- فيما يبدو- على الرئيس والحكومة اتخاذ قرارات جريئة لإستصال جذور مشكلة العاصمة وايجاد شخصية صلبة قادرة على رد الاعتبار للعاصمة مقديشو. وعندما قام الرئيس ورئيس الحكومة بفرز أرقامهما الصعبة وجدا اللواء حسن مونغاب، ذلك الشاب الجريء الذي درس في السودان وتربى في احضان منظمات المجتمع المدني بأنه الرجل المناسب في هذه المرحلة الصعبة. فالرجل  هو ابن البلد وعارف خبايا مشاكله ومنابعها ومن يقف وراءها ويمولها كما أن لديه استعداد وراثي في التعامل مثل تلك القضايا المعقدة وتحقيق الأهداف التي رسمت له المرحلة وعلى رأسها محاربة المليشيات القبلية في مقديشو التي عاثت الأرض ظلما وفسادا. ولا يخفى على أحد أن تلك العناصر هي التي تشكل البيئة الخصبة والحذيقة الخلفية للجماعات الاسلامية المقاتلة ضد الحكومة. فهي (أي الجماعات الاسلامية) بالحقيقة مصدر تمويل مالي ودعم لوجستي كبير لحركة الشباب التي تسعى الي قلب النظام الحالي في الصومال، وبالتالي اذا نجح محافظ العاصمة الجديد في كبح جماح تلك المليشيات -لاشك- أن مشكلة العاصمة التي كانت عصية للحلول التقليدية ستجد طريقها الي حل دائم وشامل.

وإنطلاقا من هذا المبدأ قرر اللواء مونغاب على مهاجمة الخارجين على القانون بالسيف والنطع حيث اشار في جميع خطبه التي القاها عقب تعينه للمنصب الي مواجهة الجريمة المنظمة والاشخاص التي تملولها بكل قوة حزم وأنه مستعد على قتالهم في عقر دارهم مهما كان الثمن. فقد تعهد بتشيكل غرفة عمليات متنقلية واتخاذ مقرات دائمة له في أحياء المعرفة بوقوعها الحوادث الإجرامية التي تروع سكان العاصمة الآمنيين.

فهذا القرار لم يجرؤ أحد من أسلافه، لأن تلك الأحياء معروفة بولائها السياسي والديني المعادي للسياسات الحكومة المركزية، لذلك كان المحافظون السابقون حذرين في هذا الشأن وذلك تفاديا للمواجهة المباشرة مع يقف وراء تلك التحركات المشبوه حتى صارت تلك الأحياء اليوم من أخطر المناطق في مقديشو والتي تنطلق منها الخلايا الاجرامية وعناصر الحركات الاسلامية المسلحة التي تهاجم ليل نهار على مواقع الحكومة وبعثة الاتحاد الأفريقي في مقديشو، وبالتالي فاذا صدق اللواء مونغاب وعده وجعل أولى خطوات مهامه اقامة غرف عمليات فرعية في مختلف مقاطعات العاصمة ليست لها مهام سوى ضرب بؤر الإجرام في تلك المناطق فان ذلك ستعتبر لا محالة مؤشرا قويا على استعداد المحافظ وارادته القوية في ضبط أمن العاصمة -وأول الغيث قطرة – وسينعكس ذلك ايضا بشكل ايجابي على باقي المشاكل الأمنية فى الاقاليم التي تقع ضمن حدود إدارة الحكومة .

ووفق بعض المصادر المقربة للحكومة فأن هدف تعين اللواء موغاب ليس من أجل التعامل مع مشاكل القمامة والمرور والغلاء في العاصمة وانما هو بالدرجة الأولى محاربة الإرهاب الداخلي الذي يفرخ الارهاب الجارجي ( الجماعات الاسلامية المسلحة) حيث تعهدت الحكومة من جانبها للمحافظ الجديد بتوفير كل ما يتطلب الأمر من دعم سياسي ومالي وعسكري. وفي سابقة الأولى من نوعها أمر الرئيس حسن شيخ في قرار التعين جميع القيادات العسكرية والاستخباراتية للعاصمة مساعدة المحافظ الجديد على اداء مهامه بل ذكر لي المصدر المشار اليه آنفا أنه اي الرئيس جعل قيادات المخابرات والشرطة في العاصمة تحت إمرة وقيادة اللواء حسن مونغاب وذلك بهذف تعزيز العلاقات بين ادارة العاصمة والاجهزة الأمنية المكلفة بحماية المدينة وهذا أمر ضروري على نجاح العلميات التي ينوى المحافط الجديد تنفيذها قريبا.

تعتبر التوازنات القبلية والكتل السياسية المعتمدة على دعم عشائر مقديشو من أهم العقبات التي يمكن أن تكون حجرة عثرة  أمام مهمة المحافظ الجديد اللواء حسن مونغاب. والسبب في ذلك هي التركيبة السكانية لمدينة مقديشو التي يسكنها حوالي مليوني نسمة تتوزع على اساس قبلي في 17 ناحية التي تتكون منها المدينة وكل ناحية من تلك النواحي يسكنها عشيرة ملسحة لا تعطي ولائها كاملة للحكومة الصومالية ولذلك فالتكل السياسية تستفيذ من هذا الواقع  وتستخدم تلك العشائر كحصان طرواة للوصول الي مآرب سياسية ضيقة وبالتالي فعلى المحافظ الجديد أن يكون حذرا من تلك الألغام الجاهزة للإنفجار في كل لحظة والقادرة على افشال جهوده وجعلها لاأرضا قطع ولا ظهرا أبقى.

اللواء حسن مونغاب هو رجل المرحلة والمسار التأسيسي والآمال المعقود عليه كبيرة جدا ونرجوا له التوفيق والسداد.

حفظ الصومال وشعبه من كل سوء.

زر الذهاب إلى الأعلى