التغيير ومقاومة التغيير في الصومال

بينما يعمل البعض جاهدين على مقاومة التغيير الحقيقي في الصومال، يعمل آخرون على تكريسه. في البداية، دعونا نعترف ولو سراً  أن المرء لا يمكنه العمل ضد مبدأ لا يؤمن به، ولو كان قانوناً، ولو كان فاسداً. مثال بسيط ومن تراثنا: لا يؤمن الصومالي عادة أن سرقة الإبل عمل حرام، وأشعارهم وقصصهم وحكاويهم تدّل على ذلك. مع أننا نعرف أن السرقة حرام.. ولكنها مسألة إيمان بمسألة عدم اعتبار سرقة الإبل عملاً مستهجناً.

 وحين وصل الرئيس حسن شيخ محمود لسدة الحكم ممثلا لحزبة الذي اختفى لاحقاً، لم يكونوا يؤمنون بالنّظام الفيدرالي، وكما أخبرني أحد أعضائه في مقابلة أنّهم سيعملون على مناهضة الفيدرالية، ويرون أنّها تجزئ للمجزء وتقسيم للمقسم. وكون ممثلي الشعب قد أقّروا دستوراً ينص بالبنط العريض بأن الصومال جمهورية فيدرالية، وذلك لحين الاستفتاء الشعبي عليه، لم يمنعهم من المضي قدما في مشروعهم المناهض للفيدرالية، فقد حصر الرئيس سياسته في ستة مبادئ لا تعبر في مجملها عن رؤية عميقة للواقع, ولم يكم لديه مع الأسف طاقم يتمتع بالحصافة، بل كانت كفاءاته تتلخص في كونه ثرثاراً ومنافقاً، واستجداء غير مستحب لفائدة ما أو مصلحة ما.

 في بداية العام الأول من ولايته، ظهرت قضية جوبا لاند، وأصر أعيان من قبائل دغل ومرفلي على التكرار بصوت عال أن وزير الداخلية أمضى لهم مذكرة تنص على حقهم في تأسيس ست ولايات. لم ينحج المخطط رغم ذلك، وتأسست جوبا، وبفضيحة سميت بإتفاقية أديس أبابا.

وقبل أيام، انتخب الحالمون بالولايات الست المتحدة مذوبي نونو رئيساً، لهم تحت سمع وبصر الحكومة الصومالية، تركتهم يجتمعون ويقررون، جنباً إلى جنب مع داعين لولايات ثلاث هي ( شبيلي السفلى، وباي، وبكول)!

استنكرت المؤثرون على السياسة الصومالية من القوى الخارجية إعلان الولايات الست, وأصدرت الحكومة بيانا ًبرفض ذلك.

كان بإمكان الحكومة الصومالية ممثلة بالرئيس وحزبه تفادي هذه الأخطاء التي تضعف مشروعهم الأعلى وهو دولة مركزية شديدة المركزية، قوية ومهابة، وتفرض نفسها على الصوماليين كلهم. فهم لم يظهروا حسن نواياهم حتى  مع مرور ما يقارب العامين!!

البرلمان المشلول أيضاً لم يفعل شيئاً.. لم يصدر بعد شروطاً تحكم تأسيس الولايات الفيدرالية، ووضع معايير لمشروعية أي ولاية. ولم يطالب رئيس الحكومة ولا رئيس البرلمان، ولا حتى الرئيس نفسه بأن يقدّم لهم أعضاء اللجنة ذات الاختصاص بوضع تصورها أمامهم!!

هذا الإهمال غير المبرر دفع البعض للقيام بمبادارت قد لا تتكلل بالنجاح، ويؤسسوا ولايات لهم كيفما اتفق، ويتصرفوا بالخيرات والثروات الوطنية، دون اعتبار لهذه الحكومة، ما يعني الانزلاق لفوضى تزيد من سنواتنا الضائعة!!

 

نقلا عن مدونة شئوننا وشجوننا

 

 

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى