يسألونك عن الديموقراطية! (2.2)

 رسالة الي صديقي/ متمرد هرجيسا

المحتويات:

             * مقدمة قصيرة

            *ما هي الديموقرلطي؟

            * ما هي العلمانية؟

            * هل توجد دول ديموقراطية غير علمانية؟

            * هل توجد دول علمانية غير ديموقراطية؟

            * هل الديموقراطية والعلمانية حل لمشاكلنا الاجتماعية المعاصرة؟

            * فكرة مبسطة عن الديمقراطية الاجتماعية.

             

(2.1)

عزيزي الغالي/ شكراً جزيلاً على مرورك بمقال “حقائق ملموسة حول الفكر العلماني” واشكرك مرة اُخري على اسئلتك التنويرية الوجيهة،  كما اشجعك دوماً على طرح وابلُ  من الاسئلة في كل مجالات المعرفة  على نفسك أولاً  وعلى ألاخرين.

  وذلك  لان السؤال هو المصدر الوحيد للمعرفة، وبدونه لا يتطور عقل الفرد و بالتالي عقل  المجتمع الجمعي.

كما أرجو أن تدرك  ويدرك معك الشاب الصومالي الصاعد  ان هذا التطور العلمي والاجتماعي الهائل من حولنا ليس في حقيقة الامر سوي نتيجة لإجابات صحيحة على مجموعة من الاسئلة وضعها البشر على أنفسهم عبر الزمان والمكان.

 الي جوار ذلك أصبح من حسن حظ امثالك من شباب  هذا العصرتوافركل علوم العالم   بين يديكم بمجرد الضغط على مجموعة من الازرار في لوحة المفاتيح  او الأيفون! 

يعني الكلام أعلاه أن محرك جوجل  وموسوعة ويكيبيديا  وغيرهما الكثير يضع بين يديك  أجوبة شافية على معظم الاسئلة التي تدور في خلدك في جزء من الثانية.

   يحفز هذا الأمر لديك غريزة حب الاستطلاع – التى يجب ان يتصف بها كل باحث عن المعرفة والحقيقة – و تدفعك دون شك  لطرح مزيد من الاسئلة على الجهاز وكل من حولك بغرض تقوية مواضع أقدامك في مجال المعرفة!

تكتولوجيا الحصول على المعرفة التي بين يديك تسهل أيضاً فرز الغث عن السمين في فيض المعلومات بلإستخدام المستمر لمنهج الشك والنقد والمقارنة  وفصح المصادر الي أخر الوسائل المستخدمة للتيقن من صحة المعلومات.

كما ان اتقان اللغة الإنجليزية بمستوى أرقى من أهلها هي أسهل السبل للإطلاع على أخر ما توصلت اليه البحوث العلمية في كل مراكز البحث و جامعات  العالم.

 وعودة من تلك المقدمة المتواضعة ساُحاول في  هذه العجالة الإجابة على جميع اسئلتك المذكورة أعلاه على شكل مقال مطول قد يستمر نشره أكثر من يوم معتمداً في ذلك على مصادر المعرفة المتوفرة في الانترنت الي جوار خبرتي الشخصية.

 

1-      ما هي الديموقراطية؟

 

الديمقراطية هي شكل من أشكال الحكم يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين على قدم المساواة – إما مباشرة أو من خلال ممثلين عنهم منتخبين – في اقتراح، وتطوير، واستحداث القوانين. وهي تشمل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تمكن المواطنين من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي. ويطلق مصطلح الديمقراطية أحيانا على المعنى الضيق لوصف نظام الحكم في دولة ديمقراطيةٍ، أو بمعنى أوسع لوصف ثقافة مجتمع. والديمقراطيّة بهذا المعنَى الأوسع هي نظام اجتماعي مميز يؤمن به ويسير عليه المجتمع ويشير إلى ثقافةٍ سياسيّة وأخلاقية معيّنة تتجلى فيها مفاهيم تتعلق بضرورة تداول السلطة سلميا وبصورة دورية. http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A9

 

2-      ما هي العَلْمَانية؟

 

العلمانية هي حركة اجتماعية تسعي الي فصل مؤسسات الدولة والكادر القائم على تدوير دواليب الحكومة عن المؤسسات الدينية ورجال الدين القائمين عليها بغرض وقف  تاثيرهم على قرارت الدولة والقرارت السياسية على وجه الخصوص،

أو ما يعرف اختصاراً بفصل الدين عن الدولة. وليس فصل الدين عن المجتمع.

 من جانب أخر تنادي العلمانية  بالمواطنة الكاملة لجيمع فئات الشعب بصرف النظر عن معتقدهم الديني.

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9

 

3-      هل توجد دول ديموقراطية غير علمانية؟

 

نعم،  هناك دول ديموقراطية تتمتع بعضوية كاملة  في الاتحاد الاوربي ولكنها ليست علمانية  مثل اليونان و مالطا.

 

 تعتبر مالطا مثالاً لدولة ديموقراطية غير علمانية لأن دستورها ينص على أن المسحية  الكاثوليكية هي الدين الرسمي للدولة، وعليه فالإجهاض  محرم بقوة القانون في هذه الدولة مراعاة للعقيدة الكاثلوكية.

ومع ذلك  تضمن بنود هذا الدستور حرية العقيدة والضمير والمساوة بين مختلف الطوائف الدينية امام القانون، كما يضم هذا الدستور بين دفتيه النصوص الواردة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان.

 

كما تعتبر جمهورية تونس وفقاً لدستورها الجديد جمهورية ديموقراطية، تؤمن بالتعدد الحزبي والإنتقال السلمي للسلطة، وتنظر الي الشعب كمصدر للسلطات، كما ينص دستورها  على تقاسم مقاعد المجالس المنتخبة (البرلمان  ومجالس البلديات) بالمناصفة بين الرجل والمرأة.

 

ألي جوار ذلك ينص  الفصل الاول من الدستور التونسي  على ان الاسلام هو دين الدولة، كما يشترط على رئيس الدولة ان يكون مسلماً، وبذلك تعتبر تونس دولة ديموقراطية ولا تعتبر دولة علمانية صرفة.

 

4-      هل توجد دول علمانية غير ديموقراطية؟

 

نعم، تعتبر  الصين، كوبا، كوريا الشمالية  على سبيل المثال  دول علمانية صرفة تفصل الدولة عن الدين، ولا تؤثر الموسسات الدينية في صناعة القرار السياسي، ألا إن أنظمة هذه الدول تعتبر  دكتاتورية شمولية لا تقبل بالتعدد الحزبي والانتقال السلمي للسلطة بين الاحزاب، وعليه تصنف بأنها دول علمانية غير ديموقراطية.

 

يتضح لك مما سبق أن “العلمانية” شيء و ” الديموقراطية” شيء أخر تماماً، الا ان معظم المجتمعات الصناعية المتطورة تطبق الفكرتين جنباُ الي جنب.

 

لاحظ ايضاً ان مصدر  “العلمانية” والديموقراطية”  هو عقل الانسان، وبذلك يكون ألامرقابل دوماً للنقد والمناقشة  والتجديد والتطوير والاضافة والتحميل  والحذف.

 

 وعليه تحور المجتمعات هذه المفاهيم  وفقاً لخلفيتها الثقافية، وتاريخها الخاص، وتركيبة سكنها ووضعهم الاجتماعي ولاقتصادي والتعليمي وغير ذلك من المتغيرات الاجتماعية.

 

المثال على ما هو مكتوب اعلاه  هو الاختلاف الواضح  بين الديموقراطية الرئاسية  في أمريكا  حيث ينتحب الرئيس مباشرة من قبل الشعب، والديموقراطية البرلمانية في دول مثل بريطانيا، الهند واسرائيل حيث  تقع كل السلطات التنفيذية  في يد رئيس الوزراء وليس رئيس الجمهورية  وكذلك الديموقراطية الفرنسية حيث تكون السلطة التنفيذية موزعة بين رئيس الجمهورية و رئيس الوزراء، و الديموقراطية المباشرة في سويسرا حيث تعرض كل القرارت الهامة للاستفتاء المباشر على الشعب.  

 

 يعني هذا مرة اُخري  أن ألامر في كل من العلمانية والديموقراطية أمر نسبي وليس مطلق وتتحكم فيه متغيرت اجتماعية كثيرة مثل نسبة الامية وبالتالي الجهل في المجتمع، الحالة الاقتصادية، وهل هو مجتمع فقير يبيع فيه المواطن صوته مقابل وجبة ساخنة (كما هو الحال في البرلمان الصومالي اليوم، حيث يبيع عضو البرلمان صوته لمن يدفع اكثر)  ام ان دخل الفرد في المجتمع جيد بحيث لا يحتاج المواطن الي بيع صوته بدراهم معدودة الي غير ذلك من العوامل الاجتماعية المؤثرة في عملية بناء مجتمع علماني وديموقراطي.

 

اضيف الي ذلك نقطة هامة جداً بالنسبة للمجتمع الصومالي المتخلف حضارياً وهو فقدان انتماء الفرد المباشر للدولة.

 

 فولاء الانسان الصومالي – الذي ما زال رعويا – يتمركز حولة عشيرته التي تحمية، وتفر له قدر من الضمان الاجتماعي أي على عكس  المجتمعات المتسقرة  في دول شمال امريكا واروبا حيث يشعر الفرد بالانتماء المباشر الي الدولة،  وبقدرته على التاثير فيها، فيسعي لنيل حقوقه منها بوصفة مواطن صالح ملتزم بدفع الضرائب التي بدونها لا يكون للدولة أدني وجود.

 

المسئولية الملقاة على عاتق الشباب الصاعد ورجال الحكم في الغد القريب هو التفكير من الآن في كيفية بناء جسر ينقل الانسان الصومالي الرعوي من مرحلة الانتماء والولاء للعشيرة (البدائية)  الي مرحلة الانتماء والولاء للدولة وشريكة في الوطن المختلف عنه في الانتماء العشائري.

 

5-      هل الديموقراطية والعلمانية هما الحل لكل مشاكلنا الاجتماعية المعاصرة؟

 

الجواب الصريح على السؤال أعلاه  هو النفي الي درجة بعيدة، وذلك لأن رفع  الشاعرات البراقة  وحدها لا يحل  مشاكل التخلف الحضاري الذي تعيشة مجتمعات العالم الثالث الذي يصطف المجتمع الصومالي في أدني مراتبه.

 

 الدليل صدق المقولة أعلاه  هو رفع حركة الاخوان المسلمين في السودان عالياً شعارات براقة الهبت بها مشاعر الملايين المحرومة من العدالة الاجتماعية ولقمة العيش الكريمة مثل شعار: ” الإٍسلام هو الحل” وشعار تطبيق الشريعة الاسلامية السمحاء لفترة طويلة من الزمن.

 

 وعقب نجاح هذه الحركة  في الوصول الي الحكم  عن طريق الانقلاب على الشرعية الدستورية والحكومة المنتخبة، قبل  حوالي ربع القرن من اليوم ، لم تستطع تحقيق -ولو قدر ضئيل- من آمال وطموحات الشعب السوداني التنمية والعدالة الاجتماعية ، مما دفع الناس الي الترحم على أيام حكم  جعفر النميري والهجرة الي الخارج ولو الي اسرائيل!

 

يتبن لك من المعلومات اعلاه أن الغاية والهدف  من رفع تلك  الشعارات البراقة  لم يكن سوي الوثوب الي كرسي الحكم  بأي وسيلة بما في ذلك الانقلاب العسكري،  ثم الاستبداد بالسلطة الى يوم يبعثون  بحجة الحكم بكتاب الله وسنة رسوله الكريم.

 

 أما تطبيق الشريعة الاسلامية التي الهبت مشاعرنا فلم تكن اكثر مما هو متوفر في اليوتيوب من إهدار كرامة بنات العائلات الفقيرة بجلدهن  في ميادين الخرطوم العامة امام جمهورغفير من المارة ، او استرقاق وبيع أطفال ونساء الجنوبين في اسواق النخاسة بوصفهم غنائم حرب عقب اعلان الجهاد الاسلامي على سكان جنوب السودان الغير مسلم، مما أدي في نهاية المطاف الي تجزئة الوطن الواحد الي قطرين منفصلين.

 

وكما ان رفع شعارات دينية براقة لم يُجْدِ نفعاً في السودان،  كذلك لا يُجْدِي نفعاً  رفع شعارات براقة اخري مثل ” الديموقراطية والعلمانية في أي بلد اخر من بلدان العالم الثالث المتخلف حضارياً.

 

نضيف إلي ذلك أنه في حالة تطبيق  العلمانية  في نظام حكم بلد ما فإن اقصى ما توفره هو حماية المجتمع   من استبداد طبقة رجال الدين كما هو الحال في السودان إلا  أن تطبيق العلمانية وحدها لا يكفي لحماية  المجتمع من سُوء عدالة توزيع الثروة بين المواطنين أي أن العمانية لا تحمي افراد المجتمع من الفقر وتوابعه مثل  الجهل، المرض والفساد الاداري الي أخر قائمة الامراض الاجتماعية الناتجة عن سوء توزيع ثروة الوطن بين المواطنين.

 

كما ان رفع  شعار الديموقراطية والعلمانية معاً، دون الالتزام بالتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية في المقام الاول، لا يؤدي الى اكثر من  انتقال سلمي للسلطة من حزب حاكم الي حزب أخر منافس له الحكم الى جوارقدر ضئيل من المساواة أمام القانون، وعدم استبداد رجال الدين في الحكم و قدر من  حرية القول والتعبير والنشر وانتقاد النظام علناً والكشف عن مساوئه بكل السبل.

 

 إلا أن أهمال التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، مع الالتزام بالديموقراطية والعلمانية لا ينجم عنها ألا فساد جهاز الدولة انتشار الفقر وتوابعه أي  الأؤبة الاجتماعية ألتي تأتي على الأخضر واليابس.

 

 أضف الى ذلك  أن  حسنات  مثل الانتقال السلمي للسلطة، منع فئة ما من الإستبداد بالجكم، حرية القول الى أخر حسنات النظام الديموقراطي العلماني  فلا تكون أكثر من ذر الرمال في العيون بالنسبة للبطن الجائعة.

 

 فحفظ كرامة الإنسان – أي الهدف الأول المفترض لكل نظام سياسي-  لا يكون له أي معني ما لم يتحرر الفرد أولاً عن  البحث اليومي عن لقمة العيش وهذا بدوره لايتحقق الا بضمان تنمية اقتصادية مستديمة وتوزيع عادل لثروة الوطن بين المواطنين.

 

 

أما خير مثال لنظام الحكم  الديموقراطي العلماني الفاسد الذي تتفشي فيه سوء العدالة الاجتماعية  فهو نظام الحكم في الهند الذي فشل حتى الأن في تقديم حلول شافية لمشاكل الفقر، والجهل والبؤس الاجتماعي للغالبية السحيقة من الشعب الهندي من يوم استقلال الهند من التاج البريطاني في 1947 وحتي يومنا هذا!

 

السؤال الوجيه هو: ماذا استفادت الطبقات الفقيرة والمعدمة من المجتمع الهندي من تطبيق النظام الديموقراطي العلماني في بلادها؟

 

والجواب الصريح على ذلك هو: “لا شيء اطلاقاً”!

 مجرد ذر الرمال في عيون الفقراء. ولهذا السبب تنشط الحركة الماوية بنجاح  بين ابناء الطبقة الفقيرة في الكثير من الولايات الهند، وأن كان هنام تعتيم اعلامي مقصود على هذه الحركة الماوية.

 

نظام الحكم الديموقراطي العلماني الفاسد ليس بظاهرة اجتماعية تفرد بها المجتمع الهندي  وإنما يشاركه في ذلك مجتمع الولايات المتحدة  الذي لا يقل سُوءً عن مثيله الهندي، من حيث العدالة الاجتماعية.

 

 صحيحٌ  أن الحالة الاقتصادية  للطبقة الفقيرة في المجتمع الامريكي أفضل بكثير عن مثيلتها في الهند، ومواصفات الفقير الهندي  في لا تنطبق على  الفقير ألأمريكي،إلا أن  ذلك لا يعود الي بأي حال من الأحوال الي ميزة في نظام العدالة الإجتماعية الأمريكي بقدر ما يعود الي تفوق الإقتصاد الأمريكي الرأسمالي الصناعي على  الإقتصاد الهندي الإقطاعي الزراعي.  

 

  يعتبر النظام الديموقراطي العلماني الرأسمالي في امريكا  جائراً ومجرد ذر الرمال في عيون الطبقة الفقيرة اذا نظرنا اليه بمنظور العدالة الاجتماعية ؟

 

لماذا؟

 

نستطيع ان نقول  انه على الرغم من  الانتخابات الشفافة الي درجة ما، والانتقال السلمي للسلطة من حزب الي اخر لأكثر من عشرين عقداً، فان السلطة والثروة في هذا المجتمع ترتكز اليوم  في يد شريحة صغيرة جداً من المجتمع لا تتجاوز نسبتها 1% من تعداد سكان الولايات المتحدة.

 

 بكلامات اخري، اثبتت الاحصائيات الدورية مراراً  ان جميع النواب الممثلين للمجتمع الأمريكي في الكونجريس أي البرلمان الامريكي ، وكذلك كل الرؤساء  المنتخبين في العقود القليلة الماضية ينتمون جميعاً بإستثناء الرئيسين بيل كلينتو وباراك اوباما الي هذه الطبقة المترفة الثراء أي طبقة الـ 1% من المجتمع الامريكي.

 

يعني هذا الكلام بكل وضوح  أن كل القرارت السياسية والاقتصادية والاجتماعية  التي يصدرها الكونجريس  والبيت الابيض لا تصب في صالح الطبقة الفقيرة، او المتوسطة، وانما تصب فقط في صالح الطبقة العليا، أي الشريحة المترفة  الثراء التي لا يزيد تعدادها عن 1% من مجموع الشعب الامريكي.

 

يعني هذا الكلام  ان هذه الطبقة الغنية والمسيطرة على ثروة المجتمع استولت أيضاً على السلطة منذ عقود مضت وبذلك أصبحت كل سلطات  الحكومة تأتمر بأوامر هذه الطبقة المترفة  وحدها ودون غيرها جموع الشعب الامريكي.

 

لهذا السبب دون غيره تظهر استطلاعات الرأي في امريكا مرارا وتكراراً ان اكثر من 90% من افراد المجتمع الامريكي لا يثقون في القرارت التي يصدرها الكونجريس الامريكي، مما يعني بكل وضوح ان الشعب الامريكي سحب ثقته في الكونجريس وبذلك يكون فاقداً للشرعية الدستورية على الاقل نظرياً.

 

ولهذا السبب دون غيره ايضاً برزت في الولايات المتحدة في السنوات الثلاثة الماضية   حركة ” احتلوا وول ستريت Occupy  Wall street  ” الثورية    صاحبة شعار ” نحن الـ 99% أو  We are the 99% ”  والساعية الى التغيير بغرض تحقيق نظام أكثر عدلاً في توزيع ثروة الوطن بين المواطنين.

 

خلاصة القول هو ان رفع شعار الديموقراطية والعلمانية لن تحل مشكلة التخلف الحضاري في بلادنا ما لم تكن مقرنونة بسعي حثيث نحو تنمية اقتصادية مستديمة تخلق فرص عمل مجدية للشباب، ألى جوارعدالة اجتماعة في توزيع ثروة الوطن بين المواطنين.

 

                          6-    لمحة بسيطة عن  النظام الديمقراطي الاجتماعي

Social Democratic system                       

 

يزدهرهذا النظام الذي يرى نفسه بديلاً ا للنظام الأمريكي الرأسمالي الشرس، يزدهر في دول شمال اوربا ويسعي الى الوصول الى مجتمع اشتراكي تدريجياً وباسلوب سلمي أي  تحقيق العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع ثروة الوطن بين المواطنين ومن ثم القضاء التدريجي على الفوارق الطبقية في المجتمع.

 

يكون  النظام الاقتصادي في دول الديموقراطية الاجتماعية رأسمالياً يقدس الملكية الفردية ، الا انه يسمح بملكية الدولة او المشاركة في ملكية  رأسمال القطاعات الحساسة في الإقنتصاد الوطني مثل الصناعات الاستراتيجية، وهو ما يعرف بمصطلح Mixed economy

 

ومن ملامح هذا النظام أيضاً  النقابات العمالية  والاتحادات المهنية القوية والفعالة التي تسعى دوماً الي تحسين بيئة العمل، ورفع اجور ومرتبات الطبقة العاملة، ومن ملامحه ايضاً الضريبة التصاعدية التي ترتفع كلما ارتفع دخل الفدر أو زادت أرباح الشركات.

 

توفر الدولة في النظام الديموقراطي الاجتماعي للشعب  التعليم الاجباري لجميع تلاميذ المدارس  في السنوات الدراسية العشرة الاولي، ثم التعليم المجاني الي مستوي شهادة الدكتوراه لطلاب الجامعات.

 

  كما توفر أيضاً خدمات صحية مجانية، واعانات مالية متنوعة  وتدريب مهني للعاطلين عن العمل، الي جوار مستحقات المعاش الجيد عند بلوغ سن التقاعد ، وغير ذلك من الخدمات الاجتماعية التي تسمي في مجموعها Universal well fare مما يعني في نهاية الامر تمتع المجتمع على درجة عالية في العدل الاجتماعي واعادة توزيع  ثروة الوطن بين المواطنين مقارنة بما هو الحال بالمجتمع الامريكي او الهندي الديموقراطيين.

 

يعتبر هذا النظام في نهاية الأمر أرقي ما وصلت اليه البشرية  حتي الآن في سعيها نحو عدالة اقتصادية واجتماعية تحفظ للانسان حياة كريمة  فوق كوب الارض.

 

 عقل الانسان – يا عزيزي- رغم قدراته التنظيمة الهائلة لم يصل بعد الي مرتبة  العصا سحرية، ولا يعمل بمقولة “كن فيكون” وانما يجرب ويحاول ان يتعلم من أخطائة في سعية  نحو حياة أفضل في هذا الكون.

 

لمزيد من المعلومات في نظام الديموقراطية الاجتماعية  اقترح عليك قرأة محتوى الرابط أدناه http://en.wikipedia.org/wiki/Social_democracy

 

تحياتي.

 

                                  تعليق على المقال

 

لا يكون للبحث أي مصداقية، ولا يكون الباحث أميناً في توصيل رسالته  التنويرية ما لم يلتزم المنهج العلمي الصارم في بحثة عن الحقيقة.

 

وصاحب هذا المقال ككاتب تقدمى يسارى يرى أن لا عودة من النظام الديموقراطي العلماني كافضل وسيلة لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية في المجتمعات المتخلفة حضارياً ومن ضمنها المجتمع الصومالي الذي ينتمي اليه كاتب هذه الاسطر.

 

أنا معك بنسبة 100% أن حاجيات الإنسان لا تنتهي عند اشباع الضروريات البيولوجية فقط، فنحن لا نعيش لنأكل، ولكن نأكل لنعيش، وضمان حرية القول والتعبير والفكر والنشر هي ألف باء تاء حقوق الانسان التي يجب تقديسها عند كل مجتمع و كاتب هذا المقال يفضل الفناء والموت من التحول الي حيوان ياكل ويشرب وغير قادر على النطق والنقد خوفاً من  التكفير، والتهديد بالقتل وكل اسلحة الترويع والتخويف التي تستخدمها قوي الإستبداد الديني ضد اقلام التنوير التي لا تكف من الكشف عن  بدائية بضاعتهم في سوق عالم ما بعد الحداثة.

 

والديموقراطية مثلها مثل أي وسيلة اخري مادية او فكرية تحتاج الي Updating  اي التطوير والتعديل والتحسين لكي لا تتحجر  ثم  تتحول الي عقبة في تطور المجتمع، بعد أن كانت وسيلة من وسائل تطويره ودفعه ألي الأمام.

 

والمدافع الحقيقي عن الديموقراطية هو من يستعمل الوسائل الديموقراطية لنقدها وكشف عيوبها، عوراتها،  ونواقصها  بغية علاجها، تحسينها وتطويرها وضمان تعددية المشاركين في تكوين اطرها حتي لا تستغلها فئة متنفذة من أجل الفقز على كرسي السطلة ومن ثم احتكار الثروة كما فعلت الشريحة المترفة في المجتمع الامريكي.

 

وكما قال صديقي خالد يوسف: ” الديموقراطية تعالج  بمزيد من الديموقراطية” فأن القوي التقدمية اليسارية المحبة للديموقراطية والعدل الاجتماعي هي التي درست واكتشفت ان السلطة والثروة اصبحت تتمركز في يد شريحة من المجتمع لا تزيد عن الـ 1% من سكان الولايات المتحدة.

 

 هذه القوى التقدمية اليسارية هي التي  تسعي اليوم  الي معالجة الخخل الذي أدي الى  انحراف الديموقراطية الأمريكية عن مسارها الصحيح.

 

 يكون علاج الخلل كما تدعي هذه القوي عن طريق  إجراء تعديلات دستورية  تشل يد الشركات الراسمالية الكبري من التأثير على مسار ألانتخابات الأمريكية في كل مراحلها.

 

 ذلك لأن العيب الأول في النظام الإنتخابي الامريكي هو  إعتبار الشركات الرأسمالية الكبري شخصيات اعتبارية لها حق المشاركة في الانتخابات عن طريق  الإنفاق على برامج الدعاية للمرشحين لمقاعد  الكونجريس والسباق نحو البيت الأبيض.

 وكما تعلم  فكل رئيس متربع على كرسي  البيت ألأبيض، وكل نائب في الكونجريس انما وصل الي هذا المنصب عن طريق أموال الدعاية الضخمة التي تضخها الشركات الراسمالية الكبرى في برامج انتخابات الكونجريس والسباق نحو الرأسة، ومن ثم تأثر بل تتحكم في كل القرارت الصادرة من الكونجريس والبيت الأبيض.

 

 وبشل يد هذه الشركات بقوة القانون  ومنعها من المشاركة في الانتخابات بوصفها شخصيات اعتبارية لها مصالح في المشاركة في الانتخابات يعود النظام الديموقراطي الامريكي الي مساره الصحيح وتفقد الشركات الضخمة ومن ورائها الطبقة الثرية قوة  التأثيرها على مسار الانتخابات.

 

 أي ان الانتخابات الامريكية سوف تكون شبيه بانتخابات دول شمال اوربا التي تمولها الحكومة وليس الافراد  والشركات.

 

 وعليه ستكون الطبقة الوسطي والدنيا ممثلتين في الكونجريس بنواب يسعون الي تحقيق مصالح هذه الطبقات، مما سيعني أن قرارات الكونجريس الامريكي ستعكس أمال وطموعات الشعب الأمريكي  المجتمع الامريكي بعدالة اجتماعية لائقة بكل انسان يعيش في دولة يقال أنها تتمتع بأقوى اقتصاد في العالم حتي اليوم.

 

أما فيما يتعلق ببلادنا الصومال ومجموعة دول العالم الثالث فأن التنمية الإقتصادية المستديمة الي جوار العدالة الاجتماعية في توزيع ثروة الوطن على المواطنين يجب ان تسير جنب الي جنب مع التطور الديموقراطي والانتخابات الشفافة.

 

 

 

      

  

 

 

احمد عثمان

كاتب صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى