الشعب يعلق آمالا عريضة على وزير العدل

لا أحد ينكر أن الأزمة الصومالية معقدة وأسبابها متعددة، لكن لا نستطيع أيضا إنكار دور غياب العدالة في تأجيج الصراعات بين الصوماليين. فإن الواقع الأليم الذي يمر به البلاد ما هو الا نتاج عن غياب العدالة وقانون الاستبداد الذي وضعه الإستعمار ومارسته السلطات التي تسلمت الحكم من بعده. فلم تكن يوما قوانيين العدالة في بلادنا الا سفيا مسلطا على رقاب المواطنين، وآلة ردع في يد السلطة تشهر على وجه كل من تسول نفسه معارضة سياساتها أو يحاول توجيه النصح والنقد بسبب ما يبادر منها من تصرفات لا تتناسب مع تطلعاته ولا تتوافق مع مستوى طموحاته المتقدمة. فكان لايفتأ أحد يذكر شيئا عن أخطاء الحكومة أو النظام الحاكم حتى تلفق له التهم وترفع ضده دعاوى باطلة دون أن تتوفر له حق الدفاع عن النفس والحصول على أدنى ما تضمنه المواثيق الدوالية بشأن حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، ولهذا كانت قاعات المحاكم وعنبرات السجون في الحكومات التي مرت البلاد مليئة بالنشطاء السياسين ودعاة الحقوق والعدالة.

لم يكن هذا التضييق والظلم غير الانساني مقتصرا فقط على الذي يريدون ممارسة حقوقهم السياسية وانما كانت آثاره بادية للعيان بشكل أكبر في المجالات التي لا علاقة لها بالسياسية والحكم. وكان المواطن العادي الذي ليس له هم وطمع في السياسة أو الحكم يشعر بالظلم والقهر بل كان يتعرض أحيانا بشتى أنواع الضغط من قبل السلطة أو الأفراد الذين لهم نفوذ في تلك السلطة من أجل التنازل عن حقوقه الذي كفلته الشرائع السماوية والقوانين الوضعية. فكم من مواطن تعرض للقتل أو للسجن أو التضيق في أحسن الأحوال بهدف التنازل عن ممتلكاته من أراض و عقارات وتجارة  حصلها بعرق جبينه أو أجبر تخليه عن حقه في الحصول على وظيفة يستاهلها دون أن يحرك القضاء ساكنا بل كان نفسه أحيانا أداة لتبرير اغتصاب تلك الحقوق أو المنع من ممارسة حقه في اللجوء اليه.  فهذه السكلويات الشنيعة والتصرفات غير القانونية التي تمارسها الحكومات منذ الاستقلال الي اليوم أدت الي شيئين: الأول فقدان الثقة على الأنظمة في البلاد سواء جاءت تحت عباءة الإسلام أو بدعم من المجتمع الدولي ولم يبق أمامه سوى الهجرة عن بلده وركوب البحر والأخطار يشق طريقه نحو بلدان أخرى أملا في الحصول على حياة انسب لتطلعاته وظرف أحسن حالا من تلك التي كانت سائدة في بلده الذي ولد وترعرع فيه دون أبه على خطورة ذلك في حياته ومستقبله ومصير وطنه.

أما الثاني هو اللجوء الي القوة وحمل السلاح للحصول على حقوقه كمواطن له حق العيش والعمل والامتلاك وممارسة الحكم وذلك بعد أن إربدت السبل وباتت جميع الوسائل الأخرى أمامه مسدودة نتجة تصرافات أفراد أوجهات تحاول الانتهاك على حقوق الأخرين والاستحواذ على خيرات وثروات البلاد دون أن تعير أي إهتمام على حق الغير. فهذه الجهات هي التي تحتكر السلطة لنفسها ولأفراد عشيرتها لا تسمح لغيرها حتى الفتات وهي التي تتحكم على مصادر الدخل في البلاد حيث لايمكن للمواطن العادي أن يجد عملا أو وظيفة دون أن يحصل على دعم أو وسيط من أفراد تلك الجهات الذي أن شاء أعطاه أو أن شاء منعه وسط غياب تام من القضاء النزيه. وفي مثل هذه الحالة  حسب الأعراف والقانوانين يحق للمرء أن يدافع عن نفسه بكل الوسائل بما فيها اللجوء الي القوة وسلاح ليرفع الظلم عن نفسه مادم لا تتوفر لدية الوسائل السلمية الأخرى كالقضاء  المسؤول عن محاسبة الجناة وردع الظالمين ومناصرة المظلومين.

في هذه المرحلة الانتقالية والمهمة في تاريح شعبنا العظيم تقع مسؤولية كبيرة على عاتق الحكومة الصومالية التي يجب عليها العمل بكل ما أوتي من قوة على إعادة هيبة القضاء في البلاد وبناء مؤسسات قضائية بعيدة عن الولاءات القبيلية والسياسية حتى تكون نموذجا يحتذى به في المجتمع و في سلطات الدولة الأخرى والحكومة. فهذا الأمر فيما يبدو صعب وليس باليسير، لكن الإرادة القوية قادرة على تحقيق المعجزات وأن الشعب يعلق آمالا عريضة على وزير العدل الحالي الاستاذ فارح الشيخ عبد القادر المعروف بمواقفه المعادة للظلم والفساد المستشري في البلاد.

 

زر الذهاب إلى الأعلى