الأجهزة الأمنية في الصومال.. التحديات وطرق المواجهة

بعد هجوم القصر الرئاسي في العاصمة الصومالية مقديشو نهاية الأسبوع الماضي والذي تبنته حركة  الشباب المجاهدين، وتجدد الإشتباكات والهجمات المباشرة بين القوات الحكومة الصومالية وحركة الشباب المعارضة المسلحة علي أحياء من العاصمة، وما يرافقها من قصف عشوائي علي  أجزاء من أحياء المدينة رأى كثير من المحللين ضرورة  تناول تلك المستجدات بشكل عميق بغية الحصول على حلول غير تقليدية يضمن للأجهزة الأمنية أداء مهامها بشكل متطور يحقق الأمن والأمان للمواطنين.

أهم التحديات الأمنية أمام الأجهزة

تعتبر المشكلة الأمنية في الصومال وخاصة في الأقاليم الجنوبية والوسطي من أعقد وأصعب المشكلات التي يعاني منها الشعب الصومالي، وإذا عملنا مسحا على  أهم التحديات التي توجهها الأجهزة الأمنية كما يراها المحللون في الشؤون العسكرية، هي:

1- ضعف الأجهزة الأمنية الصومالية

رغم المحاولة الجادة و السعي الحثيث من قبل  الحكومة الصومالية لتأسيس وتطوير الأجهزة الأمنية الفعالة القادرة علي أداء مهامها المنوطة علي اكمل وجه، فإن المؤسسات الأمنية القائمة لم تحظ بعد العناية الكافية ولم يتم إعادة بنائها بطريقة فعالة ومتطورة لتتمكن في تحقيق الإستقرار وإعادة الأمن في البلاد

2- حركة الشباب

هذه الحركة منذ سنوات لا تفتأ تحارب الحكومة الصومالية التي تراها أنها صناعة أمريكية وتشن عليها بشكل دائم هجمات نوعية لزعزعة الإستقرار وإفشال الخطط الأمنية التي تحاول الحكومة الصومالية تنفيدها علي أرض الواقع. كما أنها تستفيذ من المعارضة غير المسلحة التي ظهرت في الأوانة الأخيرة تشمل سياسيين ومسؤولين سابقبين في الحكومة. رغم فشل هؤلاء في تحقيق مآربهم الا أنهم ينجحون في تشتيت جهود الحكومة في بناء مؤسسات أمنية قادرة على تحمل مسؤولياتها تجاه الوطن والمواطن.

3- انتشار السلاح عير الشرعي

السلاح بكل أونواعه وأشكاله في ايدي المواطنين، حيث أن لكل فصيل سياسي أوكل قبيلة تمتلك أسلحة نوعية ، وهناك اسواق  داخل مقديشو يباع الأسلحة، ويمكن أن تحصل عليها مختلف أنواع الاسحلة الخفيفة والثقيلة كما أن كثيار من المؤسسسات الحكومية ومسؤولي الإدارات لها حراسة شبه مستقلة من الأجهزة الأمنية وهو الأمر الذي اعتبره البعض مظاهر مخلة بالأ من والأستقرار، ويخلق للخارجين على القانون بيئة صالحة لتنفيذ أهدافهم وتحميهم من المحاسبة. لكن الغير الذي ألقى ظلال من الشك على نزاهة الأجهزة الأمنية هو انتشار الأزياء العسكرية في الأسواق حتى بات في متنال الجميع  الصالح والطالح. اليس هذا دليل واضح على تورط بعض المسؤولين الحكوميين في الحوادث الأمنية التي تقع في العاصمة مقديشو.

4-  الإنقسام والتناحر السياسي داخل الحكومة

إن حالة الإنقسام السياسي والصراعات داخل الحكومة الصومالية لعبت ولا تزال تلعب دورا كبيرا في زيادة حدة المشكلات الأمنية وتفاقمها وشكلت حالة من الرعب وعدم الشعور بالأمان لدى المواطن العادي والمسؤول على حد سواء. فانشغال المسؤولين بحل الصراعات والخلافات السياسية وتغيير المسؤولين بشكل دائم بدلا من متابعة ومراقبة ادء أعمالهم واجباتهم حلقت فراغا أمنيا واعطت فرصة لحركة الشباب في تخطيط وتنفيذ هجمات نوعية كالذي حدث يوم الجمعة الماضية.

5- الإعتماد الكامل علي القوات الأجنبية (أميصوم):

إن غالبية تحركات القوات الصومالية تشارك معها القوات الأفريقية ولديها أسلحة وتقنيات متطورة لا تتوفر لدي قواتنا  البواسل ما أدي  ضعف ثقة قدراتها. وهناك من يري أن سبب زيادة التوترات الأمنية في الأوانة الأخيرة تعود الي التغيرات العسكرية التي طالت بعض قيادات الأجهزة الأمنية وطرد عدد من عناصر القوات المسلحة  بالاضافة الي انضمام القوات الإيثوبية التي يكن لها كثير من الشعب العداء تجاهها الي بعثة القوة الأفريقية لحفظ السلام في الصومال.

6- دولة القبيلة

إن النظام القبلي في الصومال أقوي حاليا من حهاز الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية الأخري كما أشار الرئيس الصومالي في خطابه عقب الهجوم الذي تعرض للقصر الرئاسي، حيث دعا زعماء العشائر واعيان مكونات المجتمع وقف وساطاتهم للإفراج  بطريقة غير قانونية من السجناء المتهمين بأ عمال إجرامية. في هذا الاطار تشير بعض التقارير الي مشاركة عناصر من القوات المسلحة بزيها العسكري وعتادها في الإستباكات المسلحة  التي دارت بين القبائل الصومالية في إقليمي شبيلي السفلي والوسطي وهو الأمر الذي أستدل عليه كثير من المحللبين أن مصلحة القبلية لا تزال فوق كل المصالح الوطنية لذلك يجب نزع الأسلحة من أيدي المليشيات القبلية وإعادته علي أيدي القوات الحكومية وتدريب القوات الحكومية بعقيدة الإنتماء الي الوطن.

طرق مواجهة المشكلات الأمنية

أما فيما يتعلق بمواجهة المشكلات الأمنية، تعتمد علي تطوير قدرات وكفاءة القوات الصومالية وتمكينها علي إستخدام تقنيات وعمل قواعد بيانات لجميع الخارجين عن القانون، ومن ثم توقيع الأحكام عليهم بصورة عادلة وأيضًا ينبفي توعية المجتمع بالتعاون مع الأجهزة الأمنية مما يساعد في تحد انماط الأفعال الأجرامية  وللحيلولة قبل حدوث تلك الأعمال الإجرامية، وكذلك تعزيز العلاقة بين المجتمعات المحلية (أوما يسمي با مؤسسات المجتمع المدني) والقوات الأمنية لتكون حلقة الوصل بينهم قوية.

إن مواجهة المشكلات الأمنية عموما وبصفة خاصة الأعمال الإجرامية التي تقومها بعض الشبكات تحتاج الي عمليات استخباراتية عالية تحول دون وقوع مثل هجوم القصر الرئاسي  الذي حقق نصر معنويا للعدو. ولا ينبغي الإكتفاء بإتباع الأساليب التقليدية للقضاء علي الشبكات الإجرامية .

ويري البعض أن استنفار وحدات الجيش والشرطة وغيرها من الوحدات العسكرية وحشدها وإغلاق الطرق بشبه يومي وإعتقال مئات من ابناء الوطن لن يكون وحدها استراتيجية ناجحة ولا عملية كافية لمواجهة التحديات الأمنية في الصومال بل يري هذا الفريق ضرورة التعرف علي بصمات ومراقبة التنظيمات الإجرامية التي تسعي الي زعزة الإستفرار أيا كان نوعها ورصد تحركاتهم من وإلي داخل البلاد، وتوفير الوسائل والإجرءات القانونية المتاحة للقوات الأمنية والإستخباراتية المحلية التي يمكن أن تكون لها اليد العليا في مثل هذالنوع من العمل الإستخباراتي المضاد وهذا لا شك سيسهم في انجاح العمليات الأمنية واعادة المياه إلي مجارها الطبيعية.

 

أ.حسن محمد علي

كاتب وباحث في علم الإجتماع
زر الذهاب إلى الأعلى