لهذه الأسباب ينبغي دعم الحكومة الجديدة

تباينت الأراء حول الحكومة الجديدة، وتعددت وجهات نظر المحللين ازاء قدرة بعض الوزراء على تحمل مسؤولياتهم تجاه الوطن والمواطن. في حين تصف قطاعات عريضة من الشعب الصومالي الحكومة الجديدة بأنها حكومة توافق وطنية قادرة على إجتياز البلاد هذه المرحلة الصعبة والعبور به الي ما بعد 2016، يرى آخرون أنها حكومة ضعيفة  غير قادرة على تلبية مطالب الشعب الحقيقية، وتضم في صفوفها وجوها قديمة تحمل أجندات سياسية خارجية أثبتت فشلها ولا تتوافق مع طبيعة المرحلة وبالتالي من جرّب المجرّب كان عقله مخرب.

بعيدا عن المناكفات السياسية والجدل العقيم، فان الوزارة الجديدة التي يرأسها الخبير الاقتصادي عبدالولي شيخ أحمد، هي حكومة الأمر الواقع ولا بد أن ننحني جميعا لهذا الأمر، دعما للاستقرار السياسي والأمني في البلاد. فقد أعطى نواب البرلمان ثقتهم على برنامج الحكومة بأغلبية ساحقة وهذا- فيما يبدو- دليل واضح على حجم الموافقة التي تحظى به الحكومة وسعي رئيس الوزراء الجديد بعدم اقصاء أي فصيل سياسي ينبغي أن يشارك في بناء الصومال الجديد.

وبعيدا عن الخوض في تفاصيل المهام المتعددة والمتشعبة والتي تندرج في اطار عناوينها العريضة التي تضمنته برامج الحكومة الجديدة، وما يثارحول تشكيل الحكومة نفسها من أراء وتحليلات متباينة التي تعكس تنوع نبض الشارع السياسي، واختلاف مشارب المحلليين ومدارسهم الفكرية وتعارض مصالحهم، فإن غالبية الأصوات وآراء المحلليين السياسيين ذهبت الي ضرورة مساندة الحكومة الجديدة لهذه الأسباب:

أولا: إعطاء الفرصة للرئيس الوزراء الجديدة

فرئيس الوزراء الجديد عبد الولي شيخ أحمد شخصية جذيرة بالاحترام والثقة والجميع يقر ذلك وبالتالي ينبغي اعطاء الفرصة له وتوفير الدعم الكامل لبرنامج حكومته الذي يشمل ملفات صعبة ومهمة. ومن أبرز تلك الملفات :

1- هيكلة القوات الصومالية وبناء أجهزتها المختلفة بشكل متطور يرقى الي مستوى طموح المواطن الصومالي المتعطش الي الأمن والأستقرار، وإعادة النظام وهيبة الدولة.

2- تعزيز مسارات التنمية والإستثمارات بهدف إعادة بناء الوطن، وتحسين علاقات التعاون في شتى المجالات مع دول العالم عموما والدول المجاورة على وجه الخصوص لتحقيق المصالح المشتركة بين شعوب المنطقة.

3- الحفاظ على وحدة البلاد وترميم جسور الثقة بين شعبه. وفي هذا الإطار من الضرروي ان تواصل الحكومة مفاوضات السلام مع إدارة أرض الصومال التي بدأتها الحكومة السابقة وأن تفتح صفحة جديدة مع الإدارت الاخرى بغية تطبيق النظام الفيدرالي وتحقيق الوحدة واحلال السلام الدائم والشامل في ربوع البلاد وإجراء انتخابات عامة حرة نزية في البلاد عام 2016 وفقا لخارطة الطريق التي وقعتها الأطراف الصومالية في غرووي عام 2012.

4- اعادة بناء مؤسسات الدولة ورفع كفاءة العاملين فيها، وهو أمر ضروري في اجتياز الظرف الاستثنائي التي يمر به البلاد وتجاوز التحديات الأخرى التي تواجهها الحكومة بحيث تتطلب المرحلة العمل بوتيرة عالية وبجهود غير عادية وفق ءاليات جديدة وبرامج عصرية وخطط علمية واضحة ومدروسة تؤدي الي إنهاء معاناة الشعب الصومالي، والتخلص من كافة أشكال السلوكيات السلبية من خلافات وفساد بنوعيه الإداري والمالي الذي يعتبر عقبة كأداء أمام مسارات البناء والتنمية وتحسين أحوال المعيشية  للمواطن الصو مالي.

ثانيًا:ايجاد تعاون وثيق بين الحكومة والشعب

وعدم وجود هذا التعاون لاشك أنه يؤدي الي عدم تحقيق تلك الأهذاف السامية التي أوضحها رئيس الوزراء الصومالي في كلمته الأخيرة أمام مجلس البرلمان، وتبقي خططه وبرامجه السياسية مجرد أحلام جوفاء لا تسمن ولاتغني من جوع ، لذلك لابد أن نتحرك جميعًا ودون اقصاء اي طرف اوتهميشه نحو العمل والانجاز انطلاقا من قول الله تعالي(وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان)وايضًا (وقل اعملوا فسيرالله عملكم ورسوله—) وكذلك قوله تعالي(وأعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا–).

 فمن المعلوم أنه لا يمكن حل المشاكل الصومالية دون اصلاح المجتمع واحياء روح التسامح فيما بينهم، ولا تجتمع كلمتهم ولا يهاب عدوهم الا بالتعاون والتضامن ولاشك أن هذا من أهم القواعد التي بني عليها الإسلام وبالتالي علي الجميع السعي لما فيه صلاح البلاد والعباد.

ثالثًا: دعم الاستقرار السياسي 

 أن مسير البلاد لا يمكن أن يسيطرعليه فصيل دون الأخر أو قبيلة واحدة دون القبائل الأخري، هذا ما عرفناه خلال عقدين من الحرب الأهلية، وعلى ضوء تلك التجربة فقد تم تقسيم الحقائب الوزراة الجديدة علي القبائل الصومالية بالتساوي حتى لا تتكرر اخطاء الماضي ويتحقق توافق سياسي على الحكومة، لأن غياب هذا التوافق يمكن أن ينقص من شرعية الحكومة، ويفتح الباب لمصراعية التي صراع سياسي تعرقل مسيرة التنمية.

 في بلادنا لا يوجد أحزاب سياسية قوية تمارس الديمقراطية وتنافس علي السلطة بالأغلبية وانما هناك فصائل سياسية وشيوخ عشائر يجب اقناعها والحصول على تأييدها حتى النظام مثلا لكافة أطيف الشعب الصومالي. وهذا ما أكد الرئس الصومالي حسن شيخ محمود خلال مقابلة أجرت معه قناة (يونيفرسال) الصومالية مشيرا في ذات الوقت الي ضرورة أختيار باقي الموظفين في المناصب الحكومية علي اساس الكفاءة والخبرة تطبيقا لابجديات الادارة التي تدعو الي وضع لارجل المناسب في مكان المناسب.

رابعًا: الشعب يريد التغيير

لابد من تغيير الأوضاع المأساوية الراهنة في البلاد منذ انهيار الحكومة المركزية في عام1991م، وهذا التغيير لم ولن يتأتى دون ارادة قوية وتحرك حقيقي يبدأ الفرد ثم الي الجماعة ويتطور الي مشاركة المجتمع باسره، لأن بدون تكاتف الجميع لا يتحقق التغيير المنشود. ومعني التغيير الانتقال من مرحلة الي أخري إذن يتحتم علينا جميعا الانتقال من آفات الحرب الي نفحات السلام ومن التفرقة والخلافات الي الوحدة ومن الهدم الي البناء ومن التخلف الي التطور والإزدهار من النزوح والهجرة الي الإستقرار والعودة الي البلاد ومن المجاعة والبطالة الي الرخاء والعمل.

آن الأوان وحان وقت التغيير وبناء مستقبل أفضل، والتغيير الحقيقي يبدأ من دعم هذه الحكومة والوقوف الي جانبها حتي نعبر الي الشاطئ الآخر بسلام وأمان.

 

 

 

 

أ.حسن محمد علي

كاتب وباحث في علم الإجتماع
زر الذهاب إلى الأعلى