تحليل: دلالات طلب كينيا سحب قضية النزاع البحري مع الصومال من المحكمة الدولية

 جذور الأزمة:

 تعود جذور الأزمة الحدودية البحرية بين الصومال وكينيا إلى حقبة التسعينيات من القرن الماضي بعد تزايد احتمال وجود احتياطات من النفط ومعادن نفيسة، وأعطت الحكومة الكينية عقود امتياز  عن تنقيب النفط في ثمانية مواقع تقع واحدة منها ضمن الأراضي الواقعة تحت سيادتها البحرية بينما المواقع السبعة الأخري تقع في داخل حدود المياه الصومالية.

  وقد برز هذا الخلاف إلى الواجهة بعد توقيع مذكرة التفاهم فى نيروبي بشأن إعادة ترسيم  الحدود البحرية بين البلدين  في أبريل من عام 2009م التي أثارت ردور أفعال غاضبة فى أوساط الشعب الصومالي وانتقادات واسعة فيما عرفت بـ”قضية بيع بحر الصومال”،والتى ارتبطت باسم عبد الرحمن عبد الشكور وزير التخطيط والتعاون الدولي فى حكومة عمر عبد الرشيد الأولى في ظل رئاسة شيخ شريف شيخ أحمد ولم يتم حل المشكلة بطرق ودية، وبالتالي قرر الصومال إلغاء مذكرة التفاهم في الأول من أغسطس 2009، واعتبرها “فاسدة”؛ وزيادة على ذلك فقد اعتمد البرلمان الصومالي على قانون البحر الصادر 1989م.

 وبعد تقديم الصومال شكوى إلى المحكمة الدولية ضد كينيا في نهاية أغسطس 2014م، ودعوة الحكومة شركات التنقيب عن البترول الأجنبية إلى الخروج عن هذه المنطقة قررت الحكومة الصومالية رسميا في 13يوليو/تموز من هذا العام التقاضي أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا حيث رفع الدعوى وفد من المحامين وخبراء قانونيين برئاسة المدعي العام للصومال السيد أحمد على طاهر، وحددت المحكمة فى الفترة أنها ستبدأ النظر في القضية في مارس 2016م.

 وتصر كينيا على رفض فكرة التقاضي أمام المحكمة الدولية جملة وتفصيلا متذرّعة إلى أن تقديم مثل هذا الملف إلى المحكمة يقع خارج اختصاص المحكمة وهو غير مقبول  لأنه “يتعارض مع التزامات الصومال الدولية بموجب مذكرة التفاهم في عام 2009م”.

الدلالات:

إن تكرار كينيا طلبها من الصومال سحب ملف النزاع الحدودي البحري بينها وبين الصومال له دلالات تتمحور ما يلي:

1- تقلُّص الأطماع الكينية تجاه الصومال:

بحسب مصدر كبير في الحكومة الصومالية فإن الأطماع الكينية تجاه الصومال بدأ يتقلص تدريجيا من النواحي التالية:

  • خلق حزام أمني داخل الصومال بهدف حماية كينيا من الهجمات المسلحة، وإقامة كيان صومالي موالٍ لها فى منطقة وادي جوبا، لم يتحقق هذا الطمع، وبدلا من ذلك عزمت الحكومة الكينية على بناء جدار عازل على الحدود الصومالية الكينية وذلك بعد هجمات مميتة في غاريسا ومنديرا ونيروبي.
  • التودد إلى الصومال من خلال مساعداتها للصومال كما صرح بذلك المدعي العام الكيني غيثو مويغاي قائلا أن كينيا قد قدمت تضحيات استثنائية للصومال، وخاض جنودها حروبا ضد حركة الشباب، وقدمت المواطنين الكينيين كضحايا الهجمات الإرهابية من الصومال، كما تم استضافة أكثر من نصف مليون لاجئ صومالي لمدة تقترب من 25 عاما.

2- خسارة ملف القضية:

 وبحسب المصدر الحكومي في الصومال فإن كينيا تعلم بأنها ستخسر ملف الحدَّ البحري المتنازع عليها بعد صدور قرار المحكمة في القضية التي من المنتظر أن تصدر في عام 2017م نظرا لقوة الوثائق التي أعدها محامون صوماليون محترفون، وتبدو كينيا أنها حريصة على عودة الصومال إلى طاولة المفاوضات والتفاهم حول هذا الملف ولو بطريقة مختلفة عن مذكرة تفاهم عام 2009م إذا اقتضى الأمر، الأمر الذي يرفع من وزن الصومال كدولة منهارة التي لم تكن لها القوة الكافية لفصل حدودها البحرية بشكل مستقل عن كينيا، ولم يكن لها -أيضًا- ما يُؤَهِّلها للتفاوض مع كينيا من موقع مفاوض قوي.

مراجع:

[1] http://citizentv.co.ke/news/kenya-challenges-somalias-case-on-indian-ocean-boundaries-102623/

[2]مقال ” العوائق التي تمنع الصومال من تطوير قانون مكافحة القرصنة (1) مركز الجزيرة للدراسات، http://studies.aljazeera.net/reports/2014/12/20141286214768679.htm

زر الذهاب إلى الأعلى