المصور التلفزيوني الذي قتل في فندق (شامو)

xasuus 002

 صباح يوم الخميس، الثالث من شهر ديسمبر عام 2009م، رحل عن عالمنا المصور التلفزيوني حسن زبير الذي كان واحدا  من شباب الصحافة الصومالية المتميزين، ومن أبر وجوهها في زمن الحرب. قتل حسن مع كوكبة من علية القوم في انفجار وقع في قاعة الحفلات بفندق (شامو).

تعرفت حسن زبير عام 2006 خلال اجتماع لاستقبال موفد قناة العربية آنذاك الي الصومال، الزميل وائل عصام، وتوطدت علاقتي به حين  بدأت العمل في مكتب قناة العربية بمقديشو حتى صرنا زملاء في العمل، نتقاسم لقمة العيش وعناء العمل في الحل والترحال، وفي الفرح والترح.g[1]

 حسن زبير… المولد والنشأة

 ولد الزميل حسن زبير حاج حسن عام 1979م في حي حمرجب جب شرق مقديشو، وينحذر من أسرة عريقة ذات أصول عربية. بدأ مشواره التعليمي في مدرسة تحفيظ القرآن، وتلقي تعليمه الأساسي والثانوي بمدرسة ياقشيد في مقديشو، ولكن بسبب ضائقة مالية توقف حسن عن الدراسة النظامية، ووجه بوصلته نحو العمل، وبناء المستقبل من خلال عالم الصحافة، والتمس الي ذلك كل السبل. فكان له ما أراد. في مطلع القرن الواحد والعشرين، استطاع حسن في فترة وجيزة أن يصبح أحد الوجوه الشابة المتميزة في الاذاعات المحلية بعد ان أظهر موهبة ناذرة، تفوق بها على زملائه في حقل الصحافة، ربما كانت موهبة ورثها أبا عن جد، وينطبق عليه المثل العربي، ذاك الشبل من ذاك الأسد. كان أبوه زبير حاج حسن مديرا فنيا ذائع الصيت في اذاعة وتلفزيون الصومال قبل وبعد انهيار الحكومة المركزية في البلاد عام 1991م .

 شذرات من أعمال الزميل

 بدأ الزميل حسن عمله الصحفي في إذاعة شرق افريقيا، ثم سيمبا، ثم شبيلي… وكلها إذاعات محلية، لكن عمله في مكتب قناة العربية بمقديشو، كان نقطة تحول مهمة في حياة الزميل، وبداية رحلة عمل صحفي شاقة، فتحت له آفاق المعرفة والنجاح.13_4505_2107

انطلقت رحلة الزميل حسن مع قناة العربية في فندق شامو الذي قتل فيه، وتدرب على أيدي المصور العراقي خالد، والاعلامي وائل عصام، وتعلم منهما مهارات التصوير التلفزيوني وفنون المونتاج، وكانت دورة تدريبة استغرقت عشرة أيام فقط، كافية للزميل لاتقان مهنة التصوير، وتعلم أسرار كاميرة العربية التي حملها على الأكتاف بثقة وإخلاص وعيناه على الميدان يغطي الأحداث، ويبرز مأساة الشعب الصومالي.

 معركة دينوناي

معركة دينوناي -التي دارت بين القوات الصومالية ومليشيات المحاكم الاسلامية عام 2006م – كانت أول اختبار ميداني للمصور التلفزيوني حسن، لأنه لم يكن متوقعا آنذاك باسناده الي مهمة تصوير بحجم هذا الحدث الذي كان محل اهتمام  لدى الصحافة العالمية والمحلية الا أنه اجتاز هذا الاختبار بشكل رائع، وقام بتغطية الحدث بكل جراة ومهنية، واستطاعت عدسة كاميرته الصغيرة أن تلتقط  صورا خاصة عالية الجودة، نالت تقدير واعجاب مسؤولي قناة العربية.

منذ ذلك الحين، ظلت كاميرة العربية على أكتاف الزميل حسن حتي صارت شاهدة على أحداث كثيرة وقعت في البلاد. قام الزميل بتغطية الأحداث في جنوب الصومال حيث القتال والعنف، وفي الشرق (بونت لاند) حيث القراصنة وقوارب الموت، وفي الشمال ( صومال لاند) حيث الأمن والآثار التاريحية بالاضافة الي معسكرات اللاجئيين الصوماليين، المنتشرة في الحدود مع كينيا وإثيوبيا، وعاش مع أفراح وأتراح تلك المعسكرات، ينقل اخبارهم ويروي قصص معاناتهم.

معركة إيدالي

معركة ايذالي، تمثل نقطة تحول أخرى للزميل، لما تحمل له من ذكريات أليمة، ووقائع لم تفارقه حتى يوم مماته، كما أنني لست مستعدا اليوم أن أكشف هذه الأسرار، لكن أرجوا أن نجد يوما نبوح بما تبقي في ذاكرتنا من تلك الأسرار والوقائع بكل حرية وأمان.  c[1]

نهاية عام 2007م، كانت كامرة العربية أول من دخل مدينة دينسور على بعد 300كم غرب العاصمة مقديشو التي كانت في محاصرة من قبل جنود إيثوبيين وقوات من الحكومة الصومالية، في وقت كان الدخول في هذه المدينة أمرا بالغ الصعوبة. كانت الرحلة الي مدينة دينسور بالنسبة للزميل حسن رحلة الي المجهول، وكان يقول دائما إنها صقلت مواهبي وعلمتني الصبر والجلد.

 الجوائز التي فاز بها الزميل

 كان المصور حسن روح فريق العمل في مكتب قناة العربية بمقديشو، وعموده الفقري. وكان القلب، ذاك العضو الخفي الذي ينبض ولا يتوقف، وبدونه لما تمتع مشاهدي قناة العربية في مشارق الأرض ومغاربها التقارير الجميلة التي كانت تأتي من قلب الصومال.. وكما يقال وراء كل تقرير جميل مصور بارع..DSC00884

كان المصور حسن هذا الفضولي الذي يدخل المواقع الخطيرة، ويصور الجوانب الحساسة وفق ما تقتضيه مهنة الصحافة وتنص قاعدة الحيادية، لا يبتغي من رواء ذلك سوى كشف الحقيقة، وتبيان المستور. ولهذا السبب نالت تقاريره وصوره اعجاب واحترام  كثير من زملاء ومسؤولين في أسرة قناة العربية، حيث منحته إدارة القناة جائزتين ضمن جوائز أحسن التقارير في هذا الشهر، وهما تقريري :

1- جمل المعصرة

2- الوجبات السريعة تتنافس المطاعم الفخمة في مقديشو.

 حسن زبير… عزيزا بين أقرانه

كان الزميل حسن زير شبابا متميرا داخل المجتمع الصومالي سيما بين أقرانه في الحي الذي عاش فيه، وكان من أوائل من يهب لنصرة الملهوفين، وإغاثة المحتاجين، لا فرق بالنسبة له بين من يعرفه ومن لا يعرفه .f[1]

هوايات حسن زبير

وكانت من أفضل هوايات المصور حسن كرة القدم والفن الثميلي. بدأ حسن حياته الكروية في المدرسة وملاعب الأحياء وهو في السادسة من عمرة. وتدرج  في السلم الكروى حتى أنضم في نهاية المطاف الي أحد أندية الدرجة الثانية في البلاد، وفاز معه بالقاب كروية كثيرة.

وخلال عمله في الإذاعات المحلية كان  حسن أحد نجوم المسرح والقصص الإذاعية، وكان بطل مسرحية (طلاب الشيطان) التي صارت من أروع المسرحيات التي عرضت خلال الحرب الأهلية في الصومال.

رحمه الله الزميل وجزاه الله عما قدم للوطن وللمواطن خيرا .

عبد الرحمن عبدي

كاتب وصحفي صومالي
زر الذهاب إلى الأعلى